«الرئاسي» الليبي يدفع بمحافظ جديد لـ«المركزي»... والكبير يرفض التسليم  

وسط مخاوف من اندلاع معارك بين المؤيدين والمعترضين على قرار عزله

صورة بثتها وسائل إعلام ليبية محلية لوصول لجنة «الرئاسي» إلى مقر المصرف المركزي
صورة بثتها وسائل إعلام ليبية محلية لوصول لجنة «الرئاسي» إلى مقر المصرف المركزي
TT

«الرئاسي» الليبي يدفع بمحافظ جديد لـ«المركزي»... والكبير يرفض التسليم  

صورة بثتها وسائل إعلام ليبية محلية لوصول لجنة «الرئاسي» إلى مقر المصرف المركزي
صورة بثتها وسائل إعلام ليبية محلية لوصول لجنة «الرئاسي» إلى مقر المصرف المركزي

أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي أن مجلس الإدارة الجديد لـ«المصرف المركزي» في طرابلس سيباشر مهامه بداية من الأربعاء، فيما تمسك الصديق الكبير، المحافظ الحالي بمنصبه ورفض في تحد جديد، محاولات الإطاحة به، أو التعاون مع لجنة تسليم وتسلم موقعه، إلى محمد الشكري الذي «عيّن بدلاً منه».

وقالت نجوى وهيبة، الناطقة باسم الرئاسي لـ«الشرق الأوسط» إن الشكري، الذى أعلن المجلس رسمياً تعيينه محافظاً، بدلاً من الكبير، سيتسلم عمله هذا الأسبوع، لكنها امتنعت عن التعليق على مخاوف ترددت، بشأن احتمال اندلاع معارك عنيفة فى العاصمة طرابلس، بين الميليشيات المسلحة المؤيدة والمعارضة لقرار عزله.

وطمأن الكبير، ونائبه، «المواطنين وكل الأطراف المحلية والدولية، بأن المصرف والقطاع المصرفي مستمران في أداء أعمالهما بشكل اعتيادي»، وقال، في بيان له الثلاثاء، إنه «أوضح للجنة المكلفة من المجلس الرئاسي، بتسلم المصرف المركزي، أن القرارين اللذين بني عليهما تكليف اللجنة، مخالفان للقانون ومنعدمان لصدورهما عن غير مختص».

وعدّ، أن تعيين المحافظ ونائبه ومجلس إدارته، «يتم وفقاً للاتفاق السياسي، والقانون رقم 1 لسنة 2005 بشأن المصارف وتعديلاته، تتبع السلطة التشريعية»، مشيراً إلى أنه سلم اللجنة البيانين الصادرين عن مجلسي «النواب» و«الدولة»، وفيهما تأكيد «أن المجلس الرئاسي غير مختص بإجراء مثل هذه التغييرات».

ومع ذلك، فقد أبلغ «الرئاسي»، عبر وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»، البعثات والسفارات الأجنبية، أنه يواجه «تحديات أمنية في طرابلس، بسبب العرقلة والتأزيم، والقرارات الأحادية التي يتخذها مجلس النواب»، واتهم المحافظ الحالي «بتعقيد الأزمة وعدم الاستجابة لحلول وسط، ترتكز على مجلس إدارة مكتمل والانصياع للجنة مالية مشتركة وترتيبات مالية موحدة».

وكانت نجوى وهيبة، قد أوضحت فى تصريحات لوسائل إعلام محلية، مساء الاثنين، أن قرار «الرئاسي»، تسمية الشكري، وإعادة تشكيل مجلس إدارة المصرف، اتخذ من قبل البرلمان منذ فترة في جلسة مكتملة النصاب، مشيرة إلى أن «الرئاسي رأى ضرورة تنفيذ هذا القرار لكونه يؤثر على الجانب الاقتصادي والسياسي والمعيشي خاصة في هذا التوقيت، الذي يشهد جموداً سياسياً وانحرافاً لبعض الأطراف عن الاتفاق السياسي الحاكم والمنظم للمرحلة».

صورة أرشيفية للقاء المجلس الرئاسي ومحافظ المصرف المركزي

وفى غياب الشكري، أعلنت لجنة تسلم وتسليم إدارة المركزي التابعة للرئاسي، أنها «استكملت إجراءات التسليم الإداري، بعد امتناع الكبير عن الاستجابة ورفضه التعاون معها»، مشيرة إلى أن المجلس الجديد لإدارة المصرف «سيباشر عمله ابتداء من الأربعاء».

وفي الإطار، قال عبد الله بليحق، الناطق باسم مجلس النواب، أنه أكد في ختام جلسته الرسمية، مساء الاثنين بمقره في مدينة بنغازي بشرق البلاد، أنه «ليس من اختصاص المجلس الرئاسي إقالة أو تغيير محافظ المصرف... وأن تغيير المناصب السيادية يتم من مجلس النواب بالتوافق مع مجلس الدولة».

وكرر المجلس تحذير رئيسه عقيلة صالح، من أن «العبث والتغيير بالمصرف» في هذه المرحلة ستترتب عليهما مخاطر كبيرة على البلاد واقتصادها، وأكد على «استمرار توحيد المصرف مُمثلاً في محافظه الحالي»، لافتاً إلى أن مجلس النواب «لم يُلغ الاتفاق السياسي وإنما أنهى عمل السلطة التنفيذية».

في المقابل، حذرت ستيفاني خوري، القائمة بأعمال البعثة الأممية، عقب مناقشتها هاتفياً، مع المحافظ الحالي، آخر التطورات المتعلقة بالمصرف، من أن «الإجراءات الأحادية الجانب، قد يكون لها تأثير خطير محتمل على مكانة ليبيا، في النظام المالي العالمي، مع عواقب سلبية».

https://x.com/stephaniekoury1/status/1825819899148599318

وشدّدت على ضرورة «اتخاذ خطوات لاستعادة الثقة في المصرف وخاصة المساءلة المالية، والشفافية، وتنفيذ توصيات المراجعة كتعيين مجلس إدارة»، مشيرة الى أنها تدعم الجهود الرامية إلى «تحقيق حل سلمي يصون سبل عيش الليبيين، ويضمن آلية متفقاً عليها لتوفير الشفافية في الميزانية والمساءلة بشأن توزيع أموال الدولة».

بدوره، نقل الصديق، عن خوري، إعرابها، في اتصال هاتفي، بينهما في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، عن «دعم الأمم المتحدة الكامل للمصرف، واستمرار قيامه بدوره في الحفاظ على الاستقرار المالي والاقتصادي، والحفاظ على مقدرات البلاد»، مشيراً إلى ترحيب خورى «بدعم مجلسي النواب والدولة ورفضهما الإجراءات الأحادية الجانب، المتخذة من قبل المجلس الرئاسي والخارجة عن اختصاصاته».

وقال الصديق إنه «بحث مع خوري، مُتابعة عمل المصرف، وسط ما وصفه بالتهديدات والضغوطات، التي تطول المصرف وموظفيه وأنظمته وعلاقاته الدولية».

وكانت خورى، أكدت خلال اجتماعها مع أعضاء المجتمع الدبلوماسي في ليبيا، الذي خُصص لمناقشة آخر التطورات في البلاد، على التزام البعثة الأممية، «بقيادة جهود منع الصراع، وتيسير عملية سياسية شاملة بقيادة ليبية، بهدف إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، في ظل حكومة توافقية موحدة».

https://x.com/stephaniekoury1/status/1825894306864943165

وأوضحت أنها التقت الثلاثاء القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة جيريمي برنت، و«ناقشنا التحديات الراهنة التي تواجه ليبيا، بما في ذلك الانقسام المؤسسي»، وقالت إنها «شدّدت على أهمية نزاهة المؤسسات ومساءلتها، وعلى ضرورة الالتزام بالحوار في حل جميع القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية».


مقالات ذات صلة

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

شمال افريقيا الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

عضو مجلس النواب الليبي جبريل أوحيدة لـ«الشرق الأوسط» تعليقاً على تقرير ديوان المحاسبة: «ما نتوقعه من فساد وهدر للمال العام أكبر مما ورد بتقرير ديوان المحاسبة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)

رئيس «النواب» يُشدد من روما على «حاجة ليبيا لحكومة موحدة»

دافع عقيلة صالح عن مجلسه خلال زيارته إلى روما، وقال إن «الجمود في العملية السياسية ليس بسبب البرلمان؛ بل نتيجة القوة القاهرة التي ذكرتها مفوضية الانتخابات».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا مسؤولون ليبيون خلال عملية إنقاذ عدد من المهاجرين بعد تعطل مركبهم أثناء محاولتهم الهجرة السرية نحو أوروبا (الشرق الأوسط)

شبح «توطين المهاجرين» في ليبيا يستحضر نظام «الكفيل الخاص»

إلى جانب المخاطر الدستورية المحتملة، يخشى مراقبون من تهديدات «التوطين» للأمن القومي في ليبيا؛ إذ قد ينذر «باختراقات أمنية خطيرة وارتفاع معدلات الجريمة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع الوفد الأممي مع القيادات المحلية في سبها جنوب ليبيا (البعثة الأممية)

خوري: حان الوقت ليمسك الليبيون بزمام أمورهم

ناقش وفد أممي بقيادة خوري، خلال زيارته مدينة سبها بجنوب ليبيا مع كبار المسؤولين العسكريين، تحسن الوضع الأمني في الجنوب وتحديات أمن الحدود.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة لسيف القذافي تداولها أنصاره على صفحاتهم الشخصية

تصريحات منسوبة لسيف القذافي تعيده للساحة السياسية الليبية

يُبقي أنصار سيف الإسلام القذافي عليه حاضراً في المشهد السياسي الراهن بتصريحات غير موثقة للتأكيد على قربه من الحياة العامة رغم أنه لم يظهر في مكان عام منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)

قال محامون في الجزائر إن المحكمة العليا قبلت طعناً بالنقض في قضية أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، تمثلت في إصدار محكمة الجنايات بالعاصمة حكماً بإعدام 38 شخصاً، بتهمة «إشعال النار في منطقة القبائل، بناءً على توجيهات من تنظيم إرهابي»، يُسمى «حركة الحكم الذاتي في القبائل».

صورة لنيران منطقة القبائل صيف 2021 (الشرق الأوسط)

وأكد المحامي والحقوقي الشهير، مصطفى بوشاشي، الذي ترافع لصالح بعض المتهمين، لصحافيين، أن أعلى غرفة الجنايات بأعلى هيئة في القضاء المدني نقضت، مساء أمس الخميس، الأحكام التي صدرت فيما بات يعرف بـ«قضية الأربعاء ناث إراثن»، وهي قرية ناطقة بالأمازيغية (110 كيلومترات شرق)، شهدت في صيف 2021 حرائق مستعرة مدمرة، خلفت قتلى وجرحى، وإتلافاً للمحاصيل الزراعية ومساحات غابات كبيرة، وعقارات ومبانٍ على غرار قرى أخرى مجاورة.

مبنى المحكمة العليا بأعالي العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

غير أن الحرائق ليست أخطر ما حدث يومها في نظر القضاء، فعندما كان سكان القرية يواجهون النيران بوسائلهم الخاصة البسيطة، تناهى إليهم أن شخصاً بصدد إضرام النار في بلدتهم عمداً، وفعلاً ألقت الشرطة بهذه الشبهة على ثلاثيني من منطقة بوسط البلاد، يُدعى جمال بن سماعين، فتوجهوا وهم في قمة الغضب إلى مقر الأمن، وكان الشاب في تلك الأثناء داخل سيارة الشرطة فأخرجوه منها، غير عابئين بالعيارات النارية، التي أطلقها رجال شرطة لثنيهم عن قتله، وأخذوه إلى الساحة العامة، فنكّلوا به وأحرقوا جثته، بينما كان يتوسل إليهم أن يخلوا سبيله، وبأنه حضر إلى القرية للمساعدة وليس لإشعال النار.

وجرى تصوير مشاهد التنكيل المروعة بكاميرات الهواتف النقالة، واعتقل الأمن لاحقاً كل الذين ظهروا في الصور.

جمال بن سماعين قُتل على أيدي سكان قرية التهمتها النيران (متداولة)

على أثر ذلك، طالبت قطاعات واسعة في المجتمع بـ«القصاص»، ورفع التجميد عن عقوبة الإعدام، التي تصدرها المحاكم دون أن تنفذ، وذلك منذ تطبيقه بحق 3 إسلاميين عام 1993، بتهمة تفجير مطار العاصمة صيف 1992 (42 قتيلاً). لكن أثبت التحقيق بأن بن سماعين لا يد له في الأحداث المأساوية.

وبثّ الأمن الجزائري «اعترافات» لعدد كبير من المعتقلين بعد الأحداث، أكدوا كلهم أنهم وراء النيران المستعرة، وبأنهم ارتكبوا الجريمة بأوامر من رئيس تنظيم «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، فرحات مهني، الذي يتحدر من المنطقة، ويقيم منذ سنوات طويلة بفرنسا بصفته لاجئاً سياسياً.

فرحات مهني المتهم بإشعال النار في منطقة القبائل (الشرق الأوسط)

وقال محامو المتهمين بعد تداول هذه «الاعترافات» إن القضاء «يبحث عن مسوّغ لإنزال عقوبة ثقيلة في حقهم»، وهو ما حدث بالفعل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بإدانتهم بالإعدام. علماً بأن التهم وجهت لمائة شخص في هذه القضية، وحُكم على بعضهم بالسجن بين عام و5 سنوات مع التنفيذ، في حين نال آخرون البراءة.

وتمثلت التهم أساساً في «نشر الرعب في أوساط السكان بإشعال النيران»، و«الانتماء إلى منظمة إرهابية» تُدعى «ماك»، و«قتل شخص عن سبق إصرار والتنكيل بجثته»، و«القيام بأفعال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، عن طريق بث الرعب في أوساط السكان، وخلق جو انعدام الأمن»، وتم تثبيت الأحكام بعد استئنافها.

أما فرحات مهني فكذّب، في فيديو نشره بالإعلام الاجتماعي، التهمة المنسوبة إليه، وطالب بفتح تحقيق مستقل في الأحداث «من طرف جهة أجنبية».

وفي نظر عدد كبير من المحامين على صلة بهذا الملف، فإن القضاء يبحث من خلال نقض الأحكام عن «إصلاح أخطاء تسبب فيها بإصدار قرارات متسرعة»، وبأن القضاة «كانوا تحت ضغط رأي عام طالب بالقصاص». ووفق ما ينص عليه القانون، ستعاد محاكمة المتهمين في محكمة الجنايات بتشكيل قضاة غير الذين أدانوهم في المرة السابقة.