بورتسودان توافق على إيصال المساعدات عبر معبر حدودي مع تشاد

عائلة سودانية نازحة في كسلا (أ.ف.ب)
عائلة سودانية نازحة في كسلا (أ.ف.ب)
TT

بورتسودان توافق على إيصال المساعدات عبر معبر حدودي مع تشاد

عائلة سودانية نازحة في كسلا (أ.ف.ب)
عائلة سودانية نازحة في كسلا (أ.ف.ب)

منحت الحكومة السودانية في بورتسودان، الخميس، موافقة على استخدام «معبر أدري» الحدودي مع تشاد، لإدخال المساعدات الإنسانية وفق إجراءات معينة «لم تكشف عنها»، مشيرة إلى أنها اتخذت هذا الأجراء من أجل المدنيين المتأثرين بالحرب وليس تحت أي «ضغط أو إكراه».

ووجه رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، مفوضية «العون الإنساني» بالتنسيق مع منسق «العون الإنساني» القطري، بفتح «معبر أدري» الحدودي لمدة 3 أشهر. وقال: «إن هذا الإجراء يأتي حسب الضوابط المتعارف والمتفق عليها لضمان وصول المساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين».

نازحون في منطقة كسلا (أ.ف.ب)

وقال نائب مفوض «العون الإنساني»، عثمان عبد الرحمن، في مؤتمر صحافي بمدينة بورتسودان، إن المانحين التقليديين قدموا مساعدات «ضئيلة جداً، بنسبة 33 في المائة من جملة الحاجة الكلية البالغة مليار و700 مليون دولار».

وأضاف أن بعض المنظمات امتنعت عن تقديم المساعدات الإنسانية لـ«أغراض سياسية»، رغم أن الحكومة السودانية منحت تسهيلات وإعفاءات جمركية للمنظمات والجهات الراغبة في تقديم المساعدات بمبلغ 360 مليون دولار.

وذكر أن المفوضية عقدت اجتماعات مع المنظمات وتواصلت مع بعض الدول الشقيقة والصديقة، وطلبت منهم تقديم مساعدات للمحتاجين.

ونفى عبد الرحمن وجود مجاعة في «مخيم زمزم» بولاية شمال دارفور، وقال: «يوجد نقص في المواد الغذائية والدواء بسبب اعتراض (قوات الدعم السريع) دخول شاحنات المساعدات الإنسانية».

لاجئون فرّوا من منطقة في دارفور تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في مخيم بتشاد (نيويورك تايمز)

وعدَّ المسؤول السوداني أن «الحديث عن المجاعة في البلاد هو لدواعٍ وأغراض سياسية لاستباحة حدود السودان». وقال إن عدد النازحين في «مخيم زمزم» 214 ألف نازح، من جملة 970 ألفاً في ولاية شمال دارفور، فيما بلغ عدد النازحين في «مخيم أبوشوك» 35 ألف نازح، وفي «مخيم السلام» 28 ألف نازح وتسيطر عليه «قوات الدعم السريع».

وأضاف أن عدد النازحين بسبب الحرب في السودان 9 ملايين مواطن، في حين بلغ عدد اللاجئين نحو مليونين، توزعوا على كل من مصر، تشاد، إثيوبيا، أوغندا، كينيا، وجنوب السودان.

وقال نائب المفروض الإنساني إن عدد الأسر المتضررة من السيول بلغ 112 ألف أسرة، في سبع ولايات، فيما بلغ عدد الوفيات 65 حالة، مشيراً إلى أن ولايتي الشمالية ونهر النيل الأكثر تأثراً بالسيول والأمطار.

واتهم المسؤول السوداني، «بعض المواطنين ببيع مواد الإغاثة في الأسواق للحصول على النقود لشراء أغراض أخرى»، على حد قوله.

وكان فريق من كبار خبراء الأمم المتحدة المستقلين ووكالتها، أعلن في الأسبوع الثالث من أغسطس (آب) الماضي، حالة المجاعة رسمياً في «مخيم زمزم» الذي يؤوي أكثر من 500 ألف نازح.

لاجئون بـ«مخيم زمزم» خارج مدينة الفاشر في دارفور (أرشيفية - أ.ب)

وحذر الفريق الأممي «من تفشي المجاعة الحادة في معظم ولايات السودان التي تشهد قتالاً بين الجيش و(قوات الدعم السريع)».

وأفاد تحليل «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي»، الصادر في يونيو (حزيران) الماضي، بأن السودان «يواجه أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد في تاريخه، حيث يعاني أكثر من نصف سكانه، أي حوالي 25.6 مليون شخص، من الجوع الحاد».

وأطلقت الأمم المتحدة نداءً لتمويل العمليات الإنسانية في السودان بنحو 2.7 مليار دولار، لسد الفجوات بنسبة 32 في المائة.


مقالات ذات صلة

مفاوضات جنيف السودانية على وتيرتها

شمال افريقيا 
من مؤتمر صحافي للمبعوث الأميركي إلى السودان عقده في مقر البعثة الأميركية بجنيف (إ.ب.أ)

مفاوضات جنيف السودانية على وتيرتها

تواصلت في جنيف، أمس، مفاوضات وقف الحرب السودانية، بمشاركة وفد «الدعم السريع»، بينما لم يحصل الوسطاء على ردّ قاطع من الجيش بالمشاركة.

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان) ) «الشرق الأوسط» (جنيف - واشنطن )
الخليج مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)

السعودية ترحب بفتح معبر لإيصال المساعدات لـ«الفاشر»

رحّبت السعودية بقرار رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، تكليف مفوضية العون الإنساني بفتح معبر أدري لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفاشر.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي (رويترز)

واشنطن: نسعى لإعادة طرفي الصراع في السودان إلى طاولة المفاوضات

قال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض إن إدارة الرئيس جو بايدن تركز على دفع طرفي الصراع في السودان إلى عقد محادثات سلام.

شمال افريقيا سودانيات تجمعن أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف دعماً لمفاوضات وقف الحرب (أ.ف.ب)

استمرار مفاوضات جنيف رغم غياب الجيش السوداني

قالت مسؤولة أميركية في لقاءات مع مجموعات محددة من النشطاء السودانيين: «لدينا شركاء يعملون بكل جدية على إقناع قادة الجيش السوداني للحاق بالمفاوضات في جنيف».

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني في القضارف الأربعاء (أ.ف.ب)

مقتل وإصابة عشرات في الأبيض السودانية

تعرّضت مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان (وسط غربي السودان)، الأربعاء، لقصف مدفعي مكثّف، أدّى إلى وقوع قتلى وجرحى، غالبيتهم من المدنيين.

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))

لماذا طلبت مصر المشاركة في قوات حفظ السلام «الأفريقية» بالصومال؟

وزير الخارجية المصري خلال لقاء نظيره الصومالي في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء نظيره الصومالي في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

لماذا طلبت مصر المشاركة في قوات حفظ السلام «الأفريقية» بالصومال؟

وزير الخارجية المصري خلال لقاء نظيره الصومالي في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء نظيره الصومالي في القاهرة (الخارجية المصرية)

أثار طلب مصر المشاركة في بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة لدعم الأمن والاستقرار في الصومال، تساؤلات حول دلالات التحرك المصري، خصوصاً بعد الاتفاق العسكري الذي وقعته القاهرة ومقديشو، الأربعاء، على هامش زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى مصر. في حين رأى خبراء أن «القاهرة تُعزز حضورها بمنطقة القرن الأفريقي، حماية لمصالحها الاستراتيجية والأمنية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد استقبل نظيره الصومالي، الأربعاء، بالقاهرة (للمرة الثانية هذا العام)، وأكد «موقف مصر الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأي تدخل في شؤونه الداخلية».

وعارضت مصر توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) الماضي، اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة. وعدّت القاهرة حينها الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية».

وخلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الصومالي، قال السيسي إن «مصر ستتقدم باعتبارها عضواً في الاتحاد الأفريقي بطلب المشاركة في بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال، والتي سيتم إرسالها بداية العام المقبل». وربط «مشاركة القوات المصرية بموافقة الدولة المضيفة (الصومال)»، مشيراً إلى أن «بلاده سترأس مجلس السلم والأمن الأفريقي أكتوبر (تشرين الأول) المقبل». وعدّ ذلك «فرصة للعمل على دعم الأمن والاستقرار بالصومال ودعمه في مواجهة خطر الإرهاب».

من جانبه، رحب سفير الصومال بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، السفير علي عبدي، بإعلان مصر المشاركة في قوات حفظ السلام بالصومال. وقال في إفادة، مساء الأربعاء: «ممتنون لتعهد مصر أن تكون من أوائل الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية». واعتبر أن اتفاقية الدفاع المشترك التي تم توقيعها بين البلدين، «ستمنع الفراغ الأمني في الصومال»، مشيراً إلى أن الاتفاقية «تتضمن التدريب ودعم المعدات والعمليات المشتركة بين قوات البلدين».

مباحثات مصرية - صومالية في القاهرة (الخارجية المصرية)

في سياق ذلك، أكد وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، خلال لقائه نظيره الصومالي، أحمد مُعلم فقي، في القاهرة، الخميس، «حرص مصر على المشاركة في بعثة حفظ السلام في الصومال بناء على رغبة الأشقاء الصوماليين»، مشيداً بـ«خطوة التوقيع على بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين». وكان الرئيسان المصري والصومالي شهدا، الأربعاء، التوقيع على بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين.

وقرر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في يونيو (حزيران) الماضي، إرسال بعثة جديدة لحفظ السلم في الصومال باسم «بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال»، اعتباراً من يناير 2025.

وقالت مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية الأسبق، السفيرة منى عمر، إن «إرسال مصر قوات لحفظ السلام في الصومال، ليس موجهاً لأحد». وأضافت أن «التحرك المصري يأتي لدعم الصومال في الدفاع عن أراضيه ومواجهة خطر التنظيمات الإرهابية، والتصدي لأي مساس بالسيادة الصومالية». وأوضحت أن «القاهرة سبق أن شاركت في بعثات حفظ سلام بالأراضي الصومالية»، مشيرة إلى أن أهمية المشاركة الجديدة تأتي «بعد إنهاء مشاركة قوات إثيوبية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال».

وذكرت عمر لـ«الشرق الأوسط» أن «الموقع الجيوسياسي للصومال على ساحل البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وارتباطه بحركة الملاحة بمضيق باب المندب وصولاً لقناة السويس، يبرر التدخل المصري لدعم مصالحها الاستراتيجية والأمنية بتلك المنطقة»، مشيرة إلى أن «مصر لا تتحرك لدعم أي دولة عسكرياً، إلا بناءً على طلب هذه الدولة».

الرئيس المصري خلال استقبال نظيره الصومالي في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)

وكان الرئيس المصري قد أكد عقب لقائه نظيره الصومالي في يناير الماضي، أن بلاده «لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو المساس بأمنه»، وخاصة لو كان أشقاؤها طلبوا منها «الوقوف معهم».

الباحث السياسي الصومالي، نعمان حسن، رأى أن «مصر تريد تعزيز حضورها داخل منطقة القرن الأفريقي». وقال إن التعاون الدفاعي بين القاهرة ومقديشو يأتي لـ«الرد على التحركات الإثيوبية داخل الصومال»، إلى جانب «دعم الجيش الصومالي في التصدي للتهديدات الأمنية، بما يمكنه من مواجهة حالة الفراغ الأمني داخل الصومال». وأوضح حسن لـ«الشرق الأوسط» أن «وجود قوات من دول جوار الصومال، مثل إثيوبيا وكينيا، ضمن بعثات حفظ السلام، لم يكن مرحباً به، في ظل خلافات تاريخية ونزاعات حدودية مع تلك الدول». وعدّ أن المشاركة المصرية في بعثة حفظ السلام «ستكون مختلفة عن مشاركات دول أخرى». وفسر ذلك بأن «القاهرة ليس لها مصلحة سوى حفظ الأمن والاستقرار في داخل الصومال».

وفي يوليو (تموز) الماضي، وافقت الحكومة الصومالية على اتفاقية دفاعية بين مصر والصومال، تم توقيعها بين البلدين في يناير الماضي، خلال زيارة الرئيس الصومالي لمصر.

ويتوقف الباحث بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية»، صلاح خليل، مع توقيت إعلان مصر إرسال قوات ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة للصومال. وقال إن «القاهرة تتخذ إجراءات استباقية لحماية أمنها القومي، ودعم السيادة الصومالية، وللرد على تدخلات إثيوبيا»، مشيراً إلى أن «التحرك المصري يأتي في توقيت تقوم فيه الحكومة الإثيوبية بإجراء تدريبات شرطية لإقليم (أرض الصومال)». وأضاف خليل لـ«الشرق الأوسط» أن تعزيز التعاون العسكري والأمني بين القاهرة ومقديشو يستهدف «حماية المصالح الاستراتيجية المصرية بمنطقة القرن الأفريقي، ودعم الحكومة الصومالية لردع أي تدخلات خارجية بداخلها»، مشيراً إلى أهمية «تحمل الحكومة المصرية دعم بعثة قواتها المشاركة في حفظ السلام بالصومال». وعدّ ذلك «يعالج الخلل الذي واجهته بعثات الاتحاد لحفظ السلام بسبب غياب التمويل الكافي من المانحين الدوليين».