القاهرة تعزّز دعمها لمقديشو ببروتوكول عسكري «محوري»

السيسي يشدّد على دعم وحدة وسيادة الصومال

السيسي يستقبل شيخ محمود في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي يستقبل شيخ محمود في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

القاهرة تعزّز دعمها لمقديشو ببروتوكول عسكري «محوري»

السيسي يستقبل شيخ محمود في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي يستقبل شيخ محمود في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وقّعت مصر والصومال، الأربعاء، بروتوكول تعاون عسكري، وصفه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بـ«المحوري»، بينما عَدَّه خبراء «تعزيزاً للحضور المصري في منطقة القرن الأفريقي»، التي تشهد توترات متنامية، على خلفية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا، بشأن مساعي الأخيرة إقامة ميناء بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وهو ما رفضته حكومة مقديشو.

وجدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، الذي يزور القاهرة لعدة أيام، موقف بلاده «الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، ورفض التدخل في شؤونه».

وتُعدّ هذه هي الزيارة الثانية للرئيس الصومالي إلى القاهرة هذا العام؛ حيث كانت الأولى نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، في أعقاب توقيع الحكومة الإثيوبية مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفَذ بحري يتضمن ميناءً تجارياً وقاعدة عسكرية، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة، وهي المذكرة التي قُوبِلت برفض دولي واسع.

وإقليم «أرض الصومال» هو محمية بريطانية سابقة، أعلن استقلاله عام 1991، لكن لم يعترف به المجتمع الدولي.

ووفق بيان للرئاسة المصرية، الأربعاء، فإن السيسي وشيخ محمود عقدا جلسة مباحثات تم خلالها «تأكيد قوة ومتانة العلاقات بين مصر والصومال، والحرص المشترك على تدعيمها على مختلف الأصعدة»، أعقبها مراسم توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين البلدين.

السيسي ونظيره الصومالي يشهدان مراسم التوقيع على بروتوكول التعاون العسكري (الرئاسة المصرية)

وجدّد السيسي خلال اللقاء موقف مصر «الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأي تدخل في شؤونه الداخلية»، كما رحّب بالخطوات المتبادلة بين الدولتين لتعميق التعاون الثنائي، ومن بينها إطلاق خط طيران مباشر بين القاهرة ومقديشو، وافتتاح مقر جديد للسفارة المصرية في مقديشو، فضلاً عن توقيع بروتوكول التعاون العسكري بين الدولتين.

ونقل البيان المصري عن الرئيس الصومالي «تقديره لدعم مصر المتواصل لبلاده على مدار العقود الماضية»، مشدّداً على «حرص الصومال على المزيد من تعزيز الروابط الاقتصادية والأمنية والسياسية مع مصر خلال الفترة المقبلة»، وثمّن دور الهيئات المصرية المختلفة في بناء قدرات الكوادر الصومالية في مختلف المجالات.

كما توافق الرئيسان، حسب البيان، على «تكثيف التشاور والتنسيق خلال الفترة المُقبلة، لمواصلة العمل على إرساء الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي».

وقال الرئيس الصومالي إنه أجرى محادثات مثمرة مع الرئيس السيسي في القاهرة، أدّت إلى «توقيع اتفاقية دفاعية محورية بين الصومال ومصر؛ لتعزيز التعاون الأمني بين البلدين»، وأعرب شيخ محمود، في تدوينة له عبر موقع «إكس»، عن «امتنانه لدعم مصر الثابت لسيادة الصومال وسلامة أراضيه».

وعارضت مصر بقوة توقيع «الاتفاق الإثيوبي» مع «أرض الصومال»، وسبق أن أكّد السيسي أن «بلاده لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو المساس بأمنه».

وفي 21 يوليو (تموز) الماضي صدّقت الحكومة الصومالية على اتفاقية دفاعية تم توقيعها بين البلدين في يناير الماضي، خلال زيارة الرئيس الصومالي لمصر.

ويأتي الإعلان عن توقيع بروتوكول عسكري مصري - صومالي، في وقت تحدّث فيه مصدر دبلوماسي أفريقي لـ«الشرق الأوسط» عن «عرض مصري بإرسال قوات حفظ سلام جديدة؛ لدعم أمن واستقرار الصومال، اعتباراً من العام المقبل، مع نهاية عمل بعثة الاتحاد الأفريقي».

ويرى سفير الصومال بمصر والمندوب الدائم لدى الجامعة العربية، علي عبدي، أن زيارة الرئيس شيخ محمود، «تأتي في توقيت شديد الحساسية، في ظل تحديات إقليمية ودولية غير مسبوقة تتطلّب تعزيز التعاون، والتنسيق مع مصر»، مشيراً في بيان له إلى أن «القاهرة تلعب دوراً محورياً لدعم بلاده في مواجهة التحديات الراهنة».

ويوضح الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن التعاون العسكري مع الصومال «لا يشمل إقامة قواعد عسكرية مصرية هناك»، مشيراً إلى أن «اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري تُعنَى بالتدريب وتبادل المعلومات، والمشاركة في بناء جيش صومالي قوي، لمواجهة خطر التنظيمات الإرهابية والتحديات الأمنية».

وقال فرج لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر تنظر للصومال بوصفها شريكاً استراتيجياً مهماً في تأمين منطقة القرن الأفريقي، ومضيق باب المندب المؤدّي لحركة الملاحة البحرية لقناة السويس»، مؤكداً أن «مصر تدعم توحيد الأراضي الصومالية، واستعادة حكومة مقديشو أرض الصومال».

وتُولِي القاهرة أهميةً كبيرة لتعزيز علاقاتها مع دول القرن الأفريقي، وأكّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال تدشينه خط الطيران المباشر بين القاهرة والصومال وجيبوتي، في يوليو (تموز) الماضي، «اهتمام مصر بتعزيز مستوى العلاقات مع دول القرن الأفريقي، وعلى رأسها الصومال، ورغبتها بالإسهام في دعم الاستقرار بدول المنطقة، لا سيما مع ما تمرّ به من تحديات جسيمة».

وقال نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تدعم الصومال، لمواجهة أي تدخل أجنبي في شؤونه، خصوصاً بعد انتهاك الحكومة الإثيوبية لسيادة الصومال، بإبرام اتفاق مع إقليم أرض الصومال الانفصالي».

والثلاثاء، استضافت العاصمة التركية أنقرة جولة ثانية من مشاورات الوساطة بين الصومال وإثيوبيا؛ لإنهاء الخلاف بين البلدين بشأن أزمة «الميناء البحري»، إلا أن المحادثات انتهت دون التوصل لاتفاق.


مقالات ذات صلة

«القاعدة» يكثّف هجماته في مالي ويخسر قيادياً بارزاً

أفريقيا القيادي في «القاعدة» وأمير «سرية القدس» جليبيب الأنصاري (وسائل تواصل اجتماعي)

«القاعدة» يكثّف هجماته في مالي ويخسر قيادياً بارزاً

تصاعدت وتيرة الهجمات الإرهابية في دولة مالي خلال الأيام الأخيرة، حسبما أعلن تنظيم «القاعدة» والجيش المالي في بيانات متفرقة.

الشيخ محمد (نواكشوط )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال حفل تخرج الدفعة الجديدة من طلبة الشرطة (الرئاسة المصرية)

رسائل «طمأنة مشروطة» من السيسي إلى إثيوبيا

حملت رسائل رئاسية مصرية جديدة، «طمأنة مشروطة»، بالتأكيد على أن دعم القاهرة لمقديشو لا علاقة له بأديس أبابا، التي أبدت قلقاً متواصلاً على مدار نحو شهرين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا جندي نيجري يراقب منطقة ريفية في النيجر (أ.ف.ب)

مزارعو النيجر... هدف سهل للإرهاب

أطلق جيش النيجر عملية عسكرية واسعة لتأمين المزارعين على الضفة اليمنى من نهر النيجر.

الشيخ محمد ( نواكشوط)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (الخارجية المصرية)

رسائل مصرية - إثيوبية متبادلة في الأمم المتحدة تنذر بالتصعيد

تنذر رسائل القاهرة وأديس أبابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بـ«مزيد من التصعيد»، وسط توتر يتزايد مع رفض إثيوبي للدعم العسكري المصري لجارتها الصومال.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا القيادي في جماعة «بوكو حرام» بعد أن سلم نفسه (القوات العسكرية متعددة الجنسيات)

الخناق يضيق على جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا

أعلنت القوات العسكرية متعددة الجنسيات التي تحارب جماعة «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، أن قيادياً بارزاً في الجماعة الإرهابية سلم نفسه لوحدة عسكرية.

الشيخ محمد (نواكشوط)

المغرب: إلغاء اتفاقيتي الصيد البحري والفلاحة مع أوروبا لن يكون له تأثير

وزير الفلاحة محمد صديقي (الشرق الأوسط)
وزير الفلاحة محمد صديقي (الشرق الأوسط)
TT

المغرب: إلغاء اتفاقيتي الصيد البحري والفلاحة مع أوروبا لن يكون له تأثير

وزير الفلاحة محمد صديقي (الشرق الأوسط)
وزير الفلاحة محمد صديقي (الشرق الأوسط)

قال وزير الفلاحة والصيد البحري المغربي، محمد صديقي، اليوم (الثلاثاء)، إن إلغاء محكمة العدل الأوروبية اتفاقيتي الصيد البحري مع أوروبا الأسبوع الماضي «لن يكون له تأثير على تنمية قطاعي الفلاحة والصيد البحري». وأضاف الوزير المغربي، في تصريحات لوكالة «رويترز» للأنباء، على هامش الاجتماع الوزاري لمبادرة «الحزام الأزرق»، التي تهتم بحماية التنوع الحيوي البحري في أفريقيا والعالم، أن قرار المحكمة الأوروبية «يعني الأوروبيين، ونحن غير معنيين به». مؤكداً: «نحن لا نقبل بأي اتفاقية لا تحترم السيادة الوطنية».

وألغت محكمة العدل الأوروبية يوم الجمعة الماضي الاتفاقيتين مع المغرب، بسبب النزاع المتعلق بإقليم الصحراء، إذ عدّت المحكمة أن من أسمته «شعب الصحراء» لم يُستشر فيهما، وأن «وجود الاتفاقيتين رهين بموافقته»، رافضة الطعون التي رفعتها المفوضية الأوروبية. والنزاع بخصوص إقليم الصحراء من أقدم النزاعات في أفريقيا، بعد ضمّ المغرب للإقليم عقب استقلاله من الاستعمار الإسباني عام 1975. ويعُد المغرب الإقليم جزءاً لا يتجزأ من أراضيه، بينما تطالب جبهة البوليساريو وحليفتها الجزائر بالانفصال عن المملكة.

وتابع الوزير صديقي لـ«رويترز» موضحاً أنه على الرغم من قرار محكمة العدل الأوروبية إلغاء الاتفاقيتين، فإن «هنالك مواقف لدول أوروبية تتشبث بالعلاقة مع المغرب، وتسعى إلى تطويرها في المستقبل». مشيراً إلى أن «الفلاحة والصيد البحري تعرفان نمواً كبيراً وتطوراً على مستوى القارة الأفريقية، ونحن نشتغل على إشكاليات الأسواق باستمرار، وننفتح على الصعيد الدولي».