تونسيون يتظاهرون للإفراج عن نساء اعتُقلن لانتقادهن الرئيس

تزامناً مع العيد الوطني للمرأة

جانب من المظاهرة التي نظمتها جمعيات حقوقية بمناسبة العيد الوطني للمرأة وسط تونس العاصمة (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرة التي نظمتها جمعيات حقوقية بمناسبة العيد الوطني للمرأة وسط تونس العاصمة (أ.ف.ب)
TT

تونسيون يتظاهرون للإفراج عن نساء اعتُقلن لانتقادهن الرئيس

جانب من المظاهرة التي نظمتها جمعيات حقوقية بمناسبة العيد الوطني للمرأة وسط تونس العاصمة (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرة التي نظمتها جمعيات حقوقية بمناسبة العيد الوطني للمرأة وسط تونس العاصمة (أ.ف.ب)

تظاهر المئات، مساء الثلاثاء، في العاصمة تونس، بمناسبة العيد الوطني للمرأة؛ للمطالبة بالإفراج عن نساء جرى اعتقالهن بسبب انتقادهن الرئيس قيس سعيّد، وفق ما أفاد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية»، ومنذ إحكام الرئيس سعيّد -الذي انتُخب ديمقراطياً عام 2019- قبضته على مقاليد السلطة في البلاد عام 2021 وتفرّده بالحكم، تم اعتقال عدد من معارضيه وبينهم نساء.

وقالت كريمة بريني، رئيسة «جمعية المرأة والمواطنة» بهذا الخصوص: «للأسف، اليوم هو يوم غضب من أجل النساء السجينات بسبب آرائهن السياسية، ونشاطهن في المجتمع»، مضيفةً: «نحن غاضبون، ونطالب بالحرية لجميع النساء المعتقلات».

واستنكرت شيماء عيسى -وهي شخصية معارضة وعضو في «جبهة الخلاص الوطني»، تم سجنها أيضاً في عهد الرئيس سعيّد- الاعتقالات وظروف الاحتجاز خلف القضبان، وقالت خلال مشاركتها في المظاهرة التي جمعت مختلف الطيف السياسي: «لا يسعني إلا أن أتضامن معهن؛ لأنني عشت ما يعِشنه حالياً».

تونسيات يتظاهرن للمطالبة بالإفراج عن نساء جرى اعتقالهن بسبب انتقادهن الرئيس (إ.ب.أ)

كما تجمّع أنصار «الحزب الدستوري الحر» بالقرب من مقر وزارة شؤون المرأة والأسرة، في وقت سابق من يوم الثلاثاء، مطالبين بالإفراج عن زعيمة الحزب عبير موسي، المسجونة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وحُكم على موسى المعارِضة للرئيس سعيّد بالسجن لمدة عامين الأسبوع الماضي، بعد يومين من التقدم بترشحها للانتخابات الرئاسية المقرّرة في السادس من أكتوبر المقبل.

وجاء الحكم عليها بموجب المرسوم 54، الذي أصدره سعيّد عام 2022، والذي يتعلق بـ«مكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال».

وفي يوليو (تموز) الماضي قضت محكمة تونسية بسجن المحامية سنية الدهماني عاماً؛ لإدانتها بنشر «أخبار كاذبة»، وذلك بعد شهرين من توقيفها إثر إدلائها بتعليقات ساخرة، انتقدت فيها حال البلاد، وفق ما أعلنت عائلتها، وحُكم عليها أيضاً بموجب المرسوم 54، بعد أن عدَّت المحكمة تعليقاتها رداً على تصريحات لسعيّد.

وفي مايو (أيار) الماضي أيضاً، اعتقلت السلطات سعدية مصباح، رئيسة جمعية «منامتي» المناهضة للعنصرية، وذلك بعد ساعات من انتقاد الرئيس سعيّد المنظمات والجمعيات التي تساعد المهاجرين، ونعت قادتها بأنهم «خونة ومرتزقة».

ودافعت مصباح بشكل خاص عن حقوق المهاجرين من دول جنوب الصحراء، بعد خطاب الرئيس سعيّد العام الماضي، الذي عَدّ فيه أن «جحافل المهاجرين غير الشرعيين» تشكّل تهديداً ديموغرافياً لتونس.

وندّدت جماعات حقوقية مؤخراً بـ«تراجع» الحريات في تونس، مهد انتفاضات الربيع العربي، واستنكرت المنحى «الاستبدادي» -حسب تعبيرها- الذي تأخذه السلطة في البلاد، والرئيس سعيّد، الذي يسعى للفوز بولاية رئاسية ثانية، من المقرّر أن يواجه منافسَين اثنَين فقط في الانتخابات الرئاسية هذا الخريف، بعد رفض الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ملفات 14 مرشحاً، وتعرُّض طامحين آخرين للاعتقال.



القاهرة تعزّز دعمها لمقديشو ببروتوكول عسكري «محوري»

السيسي يستقبل شيخ محمود في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي يستقبل شيخ محمود في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

القاهرة تعزّز دعمها لمقديشو ببروتوكول عسكري «محوري»

السيسي يستقبل شيخ محمود في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي يستقبل شيخ محمود في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وقّعت مصر والصومال، الأربعاء، بروتوكول تعاون عسكري، وصفه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بـ«المحوري»، بينما عَدَّه خبراء «تعزيزاً للحضور المصري في منطقة القرن الأفريقي»، التي تشهد توترات متنامية، على خلفية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا، بشأن مساعي الأخيرة إقامة ميناء بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وهو ما رفضته حكومة مقديشو.

وجدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، الذي يزور القاهرة لعدة أيام، موقف بلاده «الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، ورفض التدخل في شؤونه».

وتُعدّ هذه هي الزيارة الثانية للرئيس الصومالي إلى القاهرة هذا العام؛ حيث كانت الأولى نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، في أعقاب توقيع الحكومة الإثيوبية مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفَذ بحري يتضمن ميناءً تجارياً وقاعدة عسكرية، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة، وهي المذكرة التي قُوبِلت برفض دولي واسع.

وإقليم «أرض الصومال» هو محمية بريطانية سابقة، أعلن استقلاله عام 1991، لكن لم يعترف به المجتمع الدولي.

ووفق بيان للرئاسة المصرية، الأربعاء، فإن السيسي وشيخ محمود عقدا جلسة مباحثات تم خلالها «تأكيد قوة ومتانة العلاقات بين مصر والصومال، والحرص المشترك على تدعيمها على مختلف الأصعدة»، أعقبها مراسم توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين البلدين.

السيسي ونظيره الصومالي يشهدان مراسم التوقيع على بروتوكول التعاون العسكري (الرئاسة المصرية)

وجدّد السيسي خلال اللقاء موقف مصر «الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأي تدخل في شؤونه الداخلية»، كما رحّب بالخطوات المتبادلة بين الدولتين لتعميق التعاون الثنائي، ومن بينها إطلاق خط طيران مباشر بين القاهرة ومقديشو، وافتتاح مقر جديد للسفارة المصرية في مقديشو، فضلاً عن توقيع بروتوكول التعاون العسكري بين الدولتين.

ونقل البيان المصري عن الرئيس الصومالي «تقديره لدعم مصر المتواصل لبلاده على مدار العقود الماضية»، مشدّداً على «حرص الصومال على المزيد من تعزيز الروابط الاقتصادية والأمنية والسياسية مع مصر خلال الفترة المقبلة»، وثمّن دور الهيئات المصرية المختلفة في بناء قدرات الكوادر الصومالية في مختلف المجالات.

كما توافق الرئيسان، حسب البيان، على «تكثيف التشاور والتنسيق خلال الفترة المُقبلة، لمواصلة العمل على إرساء الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي».

وقال الرئيس الصومالي إنه أجرى محادثات مثمرة مع الرئيس السيسي في القاهرة، أدّت إلى «توقيع اتفاقية دفاعية محورية بين الصومال ومصر؛ لتعزيز التعاون الأمني بين البلدين»، وأعرب شيخ محمود، في تدوينة له عبر موقع «إكس»، عن «امتنانه لدعم مصر الثابت لسيادة الصومال وسلامة أراضيه».

وعارضت مصر بقوة توقيع «الاتفاق الإثيوبي» مع «أرض الصومال»، وسبق أن أكّد السيسي أن «بلاده لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو المساس بأمنه».

وفي 21 يوليو (تموز) الماضي صدّقت الحكومة الصومالية على اتفاقية دفاعية تم توقيعها بين البلدين في يناير الماضي، خلال زيارة الرئيس الصومالي لمصر.

ويأتي الإعلان عن توقيع بروتوكول عسكري مصري - صومالي، في وقت تحدّث فيه مصدر دبلوماسي أفريقي لـ«الشرق الأوسط» عن «عرض مصري بإرسال قوات حفظ سلام جديدة؛ لدعم أمن واستقرار الصومال، اعتباراً من العام المقبل، مع نهاية عمل بعثة الاتحاد الأفريقي».

ويرى سفير الصومال بمصر والمندوب الدائم لدى الجامعة العربية، علي عبدي، أن زيارة الرئيس شيخ محمود، «تأتي في توقيت شديد الحساسية، في ظل تحديات إقليمية ودولية غير مسبوقة تتطلّب تعزيز التعاون، والتنسيق مع مصر»، مشيراً في بيان له إلى أن «القاهرة تلعب دوراً محورياً لدعم بلاده في مواجهة التحديات الراهنة».

ويوضح الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن التعاون العسكري مع الصومال «لا يشمل إقامة قواعد عسكرية مصرية هناك»، مشيراً إلى أن «اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري تُعنَى بالتدريب وتبادل المعلومات، والمشاركة في بناء جيش صومالي قوي، لمواجهة خطر التنظيمات الإرهابية والتحديات الأمنية».

وقال فرج لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر تنظر للصومال بوصفها شريكاً استراتيجياً مهماً في تأمين منطقة القرن الأفريقي، ومضيق باب المندب المؤدّي لحركة الملاحة البحرية لقناة السويس»، مؤكداً أن «مصر تدعم توحيد الأراضي الصومالية، واستعادة حكومة مقديشو أرض الصومال».

وتُولِي القاهرة أهميةً كبيرة لتعزيز علاقاتها مع دول القرن الأفريقي، وأكّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال تدشينه خط الطيران المباشر بين القاهرة والصومال وجيبوتي، في يوليو (تموز) الماضي، «اهتمام مصر بتعزيز مستوى العلاقات مع دول القرن الأفريقي، وعلى رأسها الصومال، ورغبتها بالإسهام في دعم الاستقرار بدول المنطقة، لا سيما مع ما تمرّ به من تحديات جسيمة».

وقال نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تدعم الصومال، لمواجهة أي تدخل أجنبي في شؤونه، خصوصاً بعد انتهاك الحكومة الإثيوبية لسيادة الصومال، بإبرام اتفاق مع إقليم أرض الصومال الانفصالي».

والثلاثاء، استضافت العاصمة التركية أنقرة جولة ثانية من مشاورات الوساطة بين الصومال وإثيوبيا؛ لإنهاء الخلاف بين البلدين بشأن أزمة «الميناء البحري»، إلا أن المحادثات انتهت دون التوصل لاتفاق.