في تصعيد لأزمة جديدة بين حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومصر، استنكر عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، ما وصفه بـ«التصرفات غير المسؤولة» من الحكومة (منتهية الولاية). وقال صالح في بيان، الاثنين، إن ما صدر من «تصرفات وممارسات ضد مصر لا يمثل الليبيين؛ لما تربطهم مع الشعب المصري من علاقات تاريخية وطيدة، لن يعكر صفوها أي محاولات أو خلافات».
وكانت وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»، انتقدت ما وصفته بالتصرف الدبلوماسي الذي أقدمت عليه الحكومة المصرية، باستقبالها بشكل رسمي «أجساماً موازية، لا تحظى بأي اعتراف دولي»، في إشارة إلى اجتماع رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، مع أسامة حماد، رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب في العلمين الجديدة، الأحد.
على أثر ذلك، قالت وسائل إعلام محلية، إن حكومة «الوحدة» طالبت اثنين من مسؤولي السفارة المصرية في طرابلس، «بمغادرة الأراضي الليبية فوراً» وأمهلتهما 72 ساعة فقط لتنفيذ القرار، ولم تعلّق السلطات المصرية على هذه الخطوة، كما لم يصدر بيان رسمي يوضح حقيقته.
في السياق ذاته، أكدت لجنة الخارجية بمجلس النواب، دعمها حكومة حماد، باعتبارها «الحكومة الشرعية»، وسجلت استغرابها أي مواقف محلية أو دولية تحاول أن تمنعها من ممارسة دورها.
وأعلن عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي لمجلس النواب، تأجيل جلسة كان مقرراً عقدها الاثنين، بمقره في مدينة بنغازي بشرق البلاد، بعد تعذر حضور النواب؛ لأسباب لوجيستية.
بدوها، استغربت وزارة الخارجية بحكومة حماد، ما صدر عن حكومة الدبيبة من «بيانات وتصرفات تعكس مدى إصرارها على مخالفة القوانين والقرارات الصادرة عن مجلس النواب، باعتباره الجهة المنتخبة والشرعية في ليبيا».
ودعت الوزارة «جميع الدول الصديقة والشقيقة إلى نقل سفاراتها، وممثلي الهيئات والمؤسسات الدبلوماسية والدولية إلى مدينة بنغازي، والتي تنعم بالأمن والأمان والاستقرار؛ ونظراً للظروف الأمنية غير المستقرة، في العاصمة طرابلس».
كما بحث حماد، الاثنين في بنغازي، مع وزير خارجية الكونغو برازافيل جان كلود جاكوسو، الذي تترأس بلاده اللجنة الرفيعة المستوى المعنية بالملف الليبي بالاتحاد الأفريقي، مستجدات الوضع السياسي، ودور الاتحاد الأفريقي في دعم جهود المصالحة الوطنية بالبلاد.
وأكد حماد «ضرورة توفّر متطلبات المصالحة الوطنية لاستعادة الدولة المنشودة، وضمان مشاركة الأطراف الفاعلة من دون إقصاء، أو تمييز طرف من الأطراف المشاركة»، لافتاً إلى استعداد حكومته «لدعم أي مجهود يقود إلى تحقيق الاستقرار والعدالة والمصالحة في ربوع البلاد».
واستمر النزاع بين خالد المشري، ومحمد تكالة، حول أحقية كل منهما في رئاسة «مجلس الدولة» الليبي.
وكشف تكالة الرئيس السابق للمجلس، عن تعرّض مقره في طرابلس، «لواقعة اقتحام فجر الاثنين»، وقال: «إن السيطرة على المقر، بأسلوب لا يمت إلى الديمقراطية بأي صلة، هو عمل مرفوض رفضاً باتاً، واستخفاف بأصوات ورغبة عدد لا يستهان به من الأعضاء، وهو أسلوب قد يهدد تماسك المجلس وعمله في المرحلة المقبلة».
وكرر استعداده «للاحتكام إلى رأي المحكمة العليا، أعلى جهة قانونية، للفصل في صحة الورقة المثيرة للجدل خلال الاقتراع، على رئاسة المجلس أمام المشري، أو بجولة ثالثة تحدد من الرئيس الفعلي».
في المقابل، تمسك المشري فى كلمة مصورة، الاثنين، من مقر «مجلس الدولة»، بمنصبه، وقال إن اللجنة القانونية بالمجلس «فصلت في هذا الجدل القانوني»، ودعا تكالة «إذا كان لديه أي اعتراض على هذا الأمر، للجوء إلى الطرق السلمية التي كفلها القانون والذهاب للقضاء... وإذا أقرّ له القضاء بأي حقوق، فلا مانع لدينا من إعادة الانتخابات».
وأعلن المشري، مباشرته العمل من مقرّ المجلس، بدعوى استكمال الاستحقاقات الانتخابية والانطلاق بالمجلس في مهامه المنوطة به.
في شأن مختلف، اعترف الدبيبة، الذي شارك باعتباره أيضاً وزير الدفاع بالحكومة، في حفل تخريج طلبة الكليات العسكرية، مساء الأحد، بأن الوضع في العاصمة طرابلس غير مثالي، لكنه قال: «كل يوم أفضل مما سبق».
وتحدث في كلمة له خلال الحفل، عن «تساؤلات المواطنين وهم يرون كل هذه الدفعات، والخروق الأمنية والعسكرية، في ربوع البلاد، عن مصير الدفعات السابقة لخريجي الكليات العسكرية»، وأضاف: «إننا جئنا وواقعُنا بهذا الشكل، ولا سبيل لنا إلا الاستمرار في هذه الجهود».
يأتي ذلك في حين راجت تقارير محلية، حول إصدار المدعي العام العسكري التابع لحكومة الدبيبة، أمراً باعتقال محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، مشيرة إلى أن تشكيلات مسلحة عدة وصلها هذا التعميم رفضت تنفيذه. ولم يصدر أي تأكيد رسمي لهذه التقارير.
والتزم «المجلس الرئاسي»، برئاسة محمد المنفي، الصمت حيال معلومات نشرتها وسائل إعلام محلية، عن مساعٍ يبذلها المنفي والدبيبة، لتغيير الصديق، مشيرة إلى أن الدبيبة أقنع المنفي بإصدار مرسوم رئاسي لاستبدال محافظ المصرف، وإنشاء لجنة مالية، على الرغم من عدم اختصاصه.
واغلق محتجون، في ساعة مبكرة من صباح الاثنين، طريق الشط وبعض شوارع ضاحية سوق الجمعة؛ احتجاجاً على التحشيدات العسكرية وتدهور الأوضاع الأمنية بالعاصمة.
وأعلن «جهاز الردع» التابع لحكومة «الوحدة»، حالة الطوارئ إثر مخاوف من تعرّض تمركزاته، لهجوم خلال الساعات المقبلة، بينما أظهرت لقطات مصورة، انتشار آليات عسكرية للجهاز لتأمين طريق الشط والمرافق الحيوية بمنطقة وسط المدينة.