المشري يتحدى تكالة ويُنصّب نفسه رئيساً لـ«مجلس الدولة» الليبي

السفير والمبعوث الأميركي الخاص ينتقد توقف حقل الشرارة النفطي

صورة أرشيفية لجلسة سابقة للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)
صورة أرشيفية لجلسة سابقة للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)
TT

المشري يتحدى تكالة ويُنصّب نفسه رئيساً لـ«مجلس الدولة» الليبي

صورة أرشيفية لجلسة سابقة للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)
صورة أرشيفية لجلسة سابقة للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس)

تصاعد الخلاف بين الرئيسين الحالي والسابق للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، حول أيهما الفائز بمنصب الرئيس الجديد للمجلس، وفي غضون ذلك، انتقد ريتشارد نورلاند، السفير والمبعوث الأميركي الخاص، توقف حقل الشرارة النفطي، تزامناً مع تعزيز الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، قواته العسكرية في جنوب البلاد.

وفي إشارة إلى رفضه تسليم رئاسة مجلس الدولة لرئيسه السابق، خالد المشري، قال الرئيس الحالي للمجلس محمد تكالة، في بيان الأربعاء، إن المجلس متماسك، وعدّ أن يوم العشرين من الشهر الحالي، الذي حدده موعداً لإعادة التصويت، يرفع الجدل ويحافظ على تماسك المجلس، ويصـون تجربتـه الديمقراطية، وتعهد بعدم السماح لمن يرفض ذلك، بتشويه أداء المجلس.

تكالة رفض تسليم رئاسة مجلس الدولة لرئيسه السابق خالد المشري (إ.ب.أ)

وكان تكالة قد عدّ أن التاريخ، الذي اختاره موعداً لإعادة انتخاب رئاسة المجلس، في حال لم يتم الوصول إلى قرار قضائي حاسم بشأنه، يستهدف «عدم ترك المجال مفتوحاً لمن يحاول استغلال الوضع، بهدف فرض حالة الانقسام على المجلس»، عادّاً أن هذا القرار يمثل «حلاً وسطاً».

وعرض تكالة في كلمة مصورة مساء الثلاثاء صورة الورقة الانتخابية المثيرة للجدل، ومحل الخلاف مع المشري، تظهر اسم تكالة، عادّاً أن إعادة عملية الاقتراع تمثل فرصة حقيقية للجميع لإثبات جدارتهم بثقة أعضاء المجلس، وقال بهذا الخصوص: «من يعتقد في نفسه أنه الأجدر لا يجب أن يخشى من جولة إعادة أخرى»، مشيراً إلى أن عملية انتخاب رئاسة المجلس: «رغم أنها تعكس قدراً كبيراً من التداول السلمي على السلطة، فإنها تظل ناقصة في ظل تأخر الانتخابات العامة».

المشري في لقاء سابق مع المبعوث الأممي بمقر المجلس الأعلى للدولة بطرابلس (مجلس الدولة)

في المقابل، أعلن المشري فوزه رسمياً برئاسة المجلس، وعدّ في بيان مساء الثلاثاء، أن النظام الداخلي للمجلس ينص صراحة على أن مدة ولاية مكتب رئاسة المجلس هي سنة واحدة فقط من تاريخ انتخابه، وبالتالي انتهت مدة ولايته القانونية. عادّاً أن إعلان تكالة إحالته للخلاف على الورقة الملغاة للقضاء: «محاولة لكسب الوقت»، لافتاً إلى عدم اختصاص القضاء بهذا النزاع، حيث تنص اللائحة الداخلية للمجلس على اختصاص اللجنة القانونية للمجلس بحل هذا النزاع. كما قال المشري إن إعلان تكالة تأجيل جولة الانتخابات إلى العشرين من الشهر الحالي: «هو إعلان باطل صادر عن غير ذي صفة».

إلى ذلك، قال المجلس الرئاسي إن نائبي رئيسه، موسى الكوني وعبد الله اللافي، أكدا خلال اجتماعهما مساء الثلاثاء في طرابلس، مع السفير والمبعوث الأميركي الخاص، أهمية تضافر الجهود المحلية والدولية المعنية بالشأن الليبي، لإعداد مشروع سياسي فاعل يعالج حالة الانسداد السياسي، ويمهد الطريق لإنجاز الاستحقاقات الانتخابية. مبرزاً أن اللقاء الذي ناقش الأوضاع في المنطقة الجنوبية الخدمية منها والأمنية، بحث أيضاً جهود الرئاسي في المصالحة، والدور المهم للجنوب في ضمان استقرار ليبيا وسيادتها، وضرورة التغلب على الانقسامات السياسية والاقتصادية المتزايدة لتحقيق ليبيا موحدة ومستقرة وديمقراطية.

المبعوث الأميركي إلى ليبيا في لقاء سابق مع رئيس حكومة «الوحدة» الوطنية (البعثة)

بدوره، أعلن نورلاند أنه بحث الأربعاء في طرابلس، مع تامر الحفني، القائم بأعمال السفارة المصرية، أهمية الدعم الدولي الموحد للمسار السياسي، الذي تيسره الأمم المتحدة نحو الاستقرار، وخريطة طريق موثوقة للانتخابات الوطنية.

وكان نورلاند، قد ناقش مساء الثلاثاء، مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، فرحات بن قدارة، التوقف الحالي للإنتاج في حقل الشرارة النفطي، وعدّ أن إنتاج النفط في ليبيا هو شريان حياتها الاقتصادي. وبعدما رأى أن توقف الإنتاج يضر بجميع الليبيين، لفت إلى تأكيد بلاده على «أهمية الحفاظ على استقلالية المؤسسة الوطنية للنفط ونزاهتها التكنوقراطية».

بدورها، أعلنت المؤسسة أنها ناقشت أنشطة شركة «أكاكوس»، المسؤولة عن تشغيل حقل الشرارة للعام الحالي، خلال اجتماع فني مع مسؤولي الشركة وممثلي الشركاء الأجانب بطرابلس، مشيرة إلى بحث المشاريع المستقبلية للشركة والميزانية المقترحة لتنفيذها، ومعدلات إنتاجها المتوقعة للسنوات الـ10 المقبلة والميزانية المقترحة للعام المقبل.

المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» (رويترز)

من جهة أخرى، استغل القائد العام للجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، لقاءه المفاجئ، مساء الثلاثاء، مع رئيس المخابرات العامة المصرية، عباس كامل، للتأكيد على عمق العلاقات بين البلدين، مشيراً إلى أن عباس نقل إليه تحيات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، معرباً عن حرص مصر ودعمها لوحدة واستقرار ليبيا.

وأوضح حفتر في بيان أن الاجتماع ناقش التطورات السياسية للأزمة الليبية، مع التأكيد على أهمية بذل كل الجهود للدفع بالعملية السياسية، من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ودعم المساعي والجهود، التي تقوم بها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لتهيئة الظروف المناسبة لتنظيم العملية الانتخابية.

بدورها، أعلنت رئاسة أركان القوات البرية بالجيش الوطني، انتقال وحدات عسكرية تابعة لها إلى مختلف مدن ومناطق الجنوب الغربي في البلاد، في إطار ما وصفته بخطة شاملة لتأمين الحدود الجنوبية، وتعزيز الأمن القومي للبلد واستقراره في هذه المناطق الحيوية، من خلال تكثيف الدوريات الصحراوية والرقابة على الشريط الحدودي مع الدول المجاورة.


مقالات ذات صلة

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

تحليل إخباري جانب من احتجاجات مواطنين في طرابلس ضد حكومة الدبيبة بعد تصريحات المنقوش (أ.ف.ب)

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

شهدت بعض مناطق بغرب ليبيا مظاهرات متكررة بعضها جاء الأسبوع الماضي على خلفية اتهام حكومة «الوحدة» المؤقتة بـ«التطبيع مع إسرائيل».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا  القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)

البعثة الأممية تدعو لـ«تحقيق فوري» في تعذيب محتجزين شرق ليبيا

دعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، اليوم الأربعاء، للتحقيق في «مقاطع فيديو متداولة، تُظهر تعذيب وسوء معاملة لعدد من المحتجزين في سجن قرنادة».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا إردوغان مستقبلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

إردوغان يبحث مستجدات الأزمة الليبية مع رئيس «الوحدة»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، تناولت المستجدات في ليبيا، والعلاقات التركية - الليبية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

يرجع متابعون أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة وفي طليعتها طرابلس وبنغازي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا تدشين أولى رحلات الخطوط التركية بعد غياب دام سنوات (حكومة شرق ليبيا)

تركيا تواصل انفتاحها على شرق ليبيا بتدشين رحلات إلى بنغازي

دشنت وزارة الطيران المدني بحكومة شرق ليبيا وأعضاء بمجلس النواب وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية مراسم عودة الرحلات الجوية بين تركيا وبنغازي بعد توقف دام سنوات

خالد محمود (القاهرة )

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
TT

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)

في حين تغرق العلاقات بين الجزائر وباريس في دوامة من التوترات، جدّد جزائريون يعيشون بوسط فرنسا حملة سبق أن أطلقوها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لنزع اسم حاكم عسكري بالجزائر خلال القرن الـ19، اشتهر بالبطش ضد قبائل قادت ثورات عسكرية، بهدف طرد الاستعمار الفرنسي من البلاد.

مبادرة الجالية الجزائرية في فرنسا تأتي في وقت تتفاقم فيه التوترات بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

القصة بدأت قبل عدة أسابيع، عندما بدأت «جمعية فرنسيين من أصول جزائرية» تنشط بمدينة ليون، تضغط على عمدتها غريغوري دوسيه، من أجل استبدال اسم المارشال توماس بيجو (1784-1849) من شارع رئيسي بالدائرة السادسة بالمدينة، بحجة أن «الإبقاء عليه تمجيدٌ لمجرم حرب، وإهانة لنا، ولجميع الفرنسيين الذين يؤمنون بقيم الجمهورية والقيم الإنسانية لبلدنا فرنسا»، وفق ما كتبه ناشطو الجمعية في حساباتهم بالإعلام الاجتماعي.

ونظم مئات الأشخاص، عدد منهم يحمل جنسيتي البلدين، وآخرون هاجروا من الجزائر إلى فرنسا في بداية الألفينات، مظاهرة الأحد الماضي في الشارع، الذي يحمل اسم بيجو، لمطالبة رئيس البلدية دوسيه بإلغاء اسمه من المكان، على أساس أنه «عرف بمجازره التي ارتكبها في الجزائر في القرن التاسع عشر».

ووصف المتظاهرون أنفسهم بأنهم «أبناء مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، الذين تم خنقهم وحرقهم أحياء على يد مارشال فرنسا توماس بيجو»، الذي حكم الجزائر من 1830 إلى 1840.

اسم المارشال بيجو على اللوحة في باريس قبل نزعه (متداولة)

ويناضل المحتجون ليحمل الشارع، الذي يقع بالقرب من القنصلية الجزائرية، اسم «شارع 17 أكتوبر 1961»، تكريماً لـ297 جزائرياً نكّل بهم محافظ شرطة باريس، موريس بابون، عندما خرجوا في مظاهرات في ذلك التاريخ لدعم ثورة التحرير (1954-1962)، التي كانت على وشك الحسم مع الاستعمار.

ووفق الصحافة المحلية في ليون، فقد أعلن غريغوري دوسيه منذ فترة عن دعمه لفكرة تغيير تسمية شارع بيجو، وأكدت أنه «من المتوقع أن تطلق مدينة ليون في الأسابيع المقبلة لجنة من الخبراء لإجراء جرد للشارع والتماثيل، وكذا اللوحات والمواقع التي تُثير الجدل، وتقديم حلول لكل منها».

عمدة مدينة ليون غريغوري دوسيه (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

من جهته، أعلن «الاتحاد الجزائري»، وهو جمعية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، عزمه رفع دعوى قضائية ضد دوسيه بتهمة «تمجيد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية»، مقترحاً أن يصبح شارع بيجو «شارع كاميل بلان»، عمدة إيفيان-ليه-بان، الذي جرى اغتياله عام 1961 من قِبَل «منظمة الجيش السري»، في حين كان يناضل من أجل السلام في الجزائر.

وقتلت هذه المنظمة المئات من الأشخاص في الجزائر غداة الإعلان عن استقلالها عام 1962، رافضة فكرة خروج فرنسا منها.

عمدة باريس تشرف على إعادة تسمية الشارع بالدائرة 16 (بلدية باريس)

وفي حين يستمر الجدل في ليون، حسمت عمدة باريس، آن هيدالغو، القضية نفسها عندما نزعت في 14 من أكتوبر الماضي، اسم المارشال بيجو من طريق رئيسي بالدائرة رقم 16 «بسبب دوره السيئ في الجزائر؛ حيث ارتكب ما يمكن أن يعد اليوم جرائم حرب»، وفق بيان للعمدة التي تنتمي لليسار، والتي سمّت الطريق نفسه باسم هوبرت جيرمان، أحد رموز تحرير فرنسا من ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

وتتزامن هذه التطورات مع اقتراب العلاقات بين البلدين من القطيعة، بعد أن اشتدت الأزمة بين البلدين في يوليو (تموز) الماضي، عندما أعلنت باريس دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وهو ما أثار سخط الجزائر، التي سحبت سفيرها فوراً، وألغت ترتيبات زيارة كانت ستقود الرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا في خريف العام الماضي.

جانب من المظاهرة بدعم من الحزب الشيوعي الفرنسي (متداولة)

ومع ذلك ظل هدير الأزمة صامتاً، على الرغم من الحملات التي شنّها اليمين الفرنسي المتطرف بهدف إلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يؤطر مسائل الإقامة والدراسة والعمل والتجارة، و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.