«هدنة غزة»: «تعثر جديد» يزيد تحديات الوسطاء

عراقيل نتنياهو وبديل هنية يعطلان مسار المفاوضات

طفل يقف وسط الدمار في أعقاب غارة إسرائيلية أصابت خياماً يستخدمها النازحون كملاجئ مؤقتة (أ.ف.ب)
طفل يقف وسط الدمار في أعقاب غارة إسرائيلية أصابت خياماً يستخدمها النازحون كملاجئ مؤقتة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: «تعثر جديد» يزيد تحديات الوسطاء

طفل يقف وسط الدمار في أعقاب غارة إسرائيلية أصابت خياماً يستخدمها النازحون كملاجئ مؤقتة (أ.ف.ب)
طفل يقف وسط الدمار في أعقاب غارة إسرائيلية أصابت خياماً يستخدمها النازحون كملاجئ مؤقتة (أ.ف.ب)

«خطوة جديدة للوراء» شهدتها محادثات «هدنة غزة» مع عودة وفد التفاوض الإسرائيلي من القاهرة دون «انفراجة وتقدم» بالمباحثات، وسط عراقيل يتشبث بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووضع «حماس» انتخاب بديل لرئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، أولوية عن المحادثات.

المشهد الحالي وصفه خبراء لـ«الشرق الأوسط» بأنه «تعثر يربك المفاوضات ويزيد التحديات أمام الوسطاء». وعدّوا بقاء نتنياهو دون ضغوط حقيقية وكبيرة من واشنطن والدول الأوروبية سيجعل «المفاوضات تظل شكلية» من دون أن تثمر عن الذهاب لاتفاق، خصوصاً أنه منذ إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن مقترحه في نهاية مايو (أيار) الماضي، «لم تراوح المحادثات مكانها».

ومنذ إعلان بايدن مقترحه الذي يمر بـ3 مراحل، جرت عدة جولات استضافتها مصر وقطر وإيطاليا، وكان أحدثها، السبت، في القاهرة. ووفق موقع «أكسيوس» الأميركي نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، فإن محادثات الوفد الإسرائيلي في القاهرة «لم تسفر عن انفراجة، والتوصل إلى اتفاق ما زال بعيداً». في حين ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن العودة السريعة للوفد جاءت بسبب «خلاف» مع نتنياهو، الذي على مدار أشهر «يتمسك بعدم وقف الحرب رغم تظاهرات ضده في تل أبيب وضغوط من المعارضة تطالب بالذهاب لهدنة».

وعاد نتنياهو في تصريحات متلفزة، الأحد، مهدداً بـ«إطالة أمد الحرب». وجدد رفضه مغادرة الجانب الفلسطيني من معبر رفح ومحور فيلادلفيا اللذين احتلهما منذ مايو الماضي، متهماً حركة «حماس» بـ«تعطيل التوصل لصفقة».

امرأة فلسطينية تنعى أحد أقاربها قُتل في غارة إسرائيلية على باحة مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (أ.ف.ب)

وكانت مصادر مطلعة في حركة «حماس» قالت لـ«الشرق الأوسط»، السبت، إن «الحركة جمّدت الآن اتصالات وقف النار في قطاع غزة»، ولن يتم التعامل مع أي محاولة ولن يتم البت بشأن ذلك قبل اختيار خليفة هنية، الذي تتهم إسرائيل باغتياله في العاصمة الإيرانية طهران، الأربعاء الماضي، متوقعة أن «يتم حسم مسألة خليفة هنية خلال الأيام القليلة المقبلة».

«تعثر المفاوضات الجديد لن يكون الأخير»، بحسب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، الذي أكد أن نتنياهو يعتمد «مبدأ المفاوضات من أجل المفاوضات»، الذي يعني «التظاهر شكلاً بقبول مسار التفاوض دون أن تكون لديه إرادة للوصول لاتفاق لوقف الحرب».

والدليل على عرقلة المفاوضات، وفق حسن، وضع بنود غير منطقية من نتنياهو، وهو يعلم أنها ستُرفض، منها «استمرار السيطرة على محور صلاح الدين (فيلادلفيا)، ومعبر رفح بخلاف الرغبة المصرية، وعدم الخروج من غزة وتفتيش النازحين عند العودة لشمال غزة». ويعتقد أن خطة نتنياهو قائمة على وضع حواجز أمام جهود الوسطاء لمنع أي نجاح لمسار المفاوضات بشكل مستمر، مشيراً إلى أن «انتخابات بديل هنية ستكون سريعة ولن تؤثر على مسار المفاوضات غير المباشرة».

الدخان يتصاعد من البريج في قطاع غزة بعد قصف للجيش الإسرائيلي (إ.ب.أ)

كما حمّلت مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة هاجر الإسلامبولي، نتنياهو مسؤولية «تعثر» المفاوضات حالياً، متسائلة «كيف لمن يريد فتح حرب جديدة في لبنان أن يكون لديه نية لإنهائها بغزة؟»، مضيفة أن «نتنياهو يريد إطالة أمد النزاع خشيةً على مستقبله السياسي».

وستُلقي عمليات الاغتيال سواء لهنية في طهران أو القيادي في «حزب الله»، فؤاد شكر؛ بتداعياتها على مسار المفاوضات؛ مما قد يعرقلها لفترة جديدة، سواء بشروط جديدة من نتنياهو أو بتصعيد جديد بالمنطقة، وفق الإسلامبولي.

كما رأى حسن أن الهدنة «لن تأتي دون ضغط أكبر من واشنطن» على نتنياهو «لو كانت تريد انفراجة نسبية»، ومن ثم سنصل لوقف مؤقت للحرب، ودون ذلك ستظل المحادثات تدور في إطار اتصالات ومشاورات دون تقدم.

وبخلاف الضغوط الأميركية المطلوبة، قد يكون الوضع الاقتصادي المتدهور جراء استمرار الحرب أكثر من 10 أشهر، ومخاوف الأوروبيين وواشنطن من خطورة تداعيات اشتعال المنطقة؛ عوامل مساعدة محتملة لوقف حرب غزة التي نأمل أن تكون قريبة، بحسب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق.

وتتفق معه الإسلامبولي بأن «واشنطن عليها دور رئيسي وحاسم» في وقف الحرب عبر مزيد من الضغط على نتنياهو، مع دور مساند ومساعد عربياً تدعمه تحركات دولية للذهاب لاتفاق و«دون ذلك لا أتوقع أن يكون الاتفاق قريباً».


مقالات ذات صلة

«حماس»: اتفاق وقف النار «إنجاز كبير» وثمرة صمود 15 شهراً

المشرق العربي فلسطينيون يحتفلون بأنباء التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في دير البلح وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)

«حماس»: اتفاق وقف النار «إنجاز كبير» وثمرة صمود 15 شهراً

كشف سامي أبو زهري المسؤول في حركة «حماس» لوكالة «رويترز» اليوم (الأربعاء) إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «إنجاز كبير».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي رجل يُلوح بالعلم الفلسطيني وسط أنباء عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

احتفالات في غزة باتفاق وقف إطلاق النار (صور)

احتفل آلاف الفلسطينين في قطاع غزة اليوم (الأربعاء) بإعلان التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمعتقلين بين اسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (أ.ب)

رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو العالم لمواصلة الضغط على إسرائيل حتى بعد هدنة غزة

قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الأربعاء، إن المجتمع الدولي يجب أن يواصل الضغط على إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
المشرق العربي 
فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

«هدنة غزة» تختمر... وتنتظر الإعلان

اختمرت على نحو كبير، حتى مساء أمس، ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل بعد 15 شهراً من الحرب، وسط ترجيحات كبيرة بقرب إعلانه.

نظير مجلي (تل أبيب) «الشرق الأوسط» (غزة) علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن في واشنطن (أ.ب) play-circle 01:45

بلينكن لتسليم ترمب «خطة متكاملة» لغزة ما بعد الحرب

حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المجتمع الدولي على دعم خطته لما بعد الحرب في غزة، كاشفاً أنها ستسلم إلى الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترمب.

علي بردى (واشنطن)

البعثة الأممية تدعو لـ«تحقيق فوري» في تعذيب محتجزين شرق ليبيا

 القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)
القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)
TT

البعثة الأممية تدعو لـ«تحقيق فوري» في تعذيب محتجزين شرق ليبيا

 القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)
القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)

دعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، اليوم الأربعاء، للتحقيق في مقاطع فيديو متداولة، تُظهر تعذيب وسوء معاملة لعدد من المحتجزين في سجن قرنادة، التابع للجيش المتمركز بشرق البلاد. لكن القائد العام للجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، تجاهل الرد على هذه الدعوة.

وكانت حكومة الدبيبة قد دخلت على خط مطالبة البعثة الأممية بشأن ما وصفته بـ«الجرائم التي تم توثيقها في مقاطع الفيديو من داخل سجن قرنادة العسكري التابع لحفتر»، وقالت إنها «تظهر ممارسات تعذيب بشعة، وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان».

اجتماع سابق بين حفتر وخوري في بنغازي (أرشيفية - الجيش الوطني)

وأعلنت «الوحدة» أنها سارعت إلى مطالبة الجهات المختصة، وعلى رأسها النائب العام، بفتح تحقيق عاجل وشامل في هذه الانتهاكات. وشددت، مساء الثلاثاء، على «ضرورة محاسبة جميع المتورطين فيها دون استثناء، لضمان تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، ومنع تكرار مثل هذه الجرائم مستقبلاً».

كما دعت المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية لمتابعة هذه القضية، وتقديم الدعم اللازم لتعزيز حقوق الإنسان في ليبيا، وضمان مساءلة كل من تسول له نفسه ارتكاب هذه الجرائم.

في سياق ذلك، طالبت البعثة الأممية في بيان، الأربعاء، بمحاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات، وقالت إن هذه المقاطع تتسق مع الأنماط المُوثَّقة لانتهاكات حقوق الإنسان في مرافق الاحتجاز في مختلف مناطق ليبيا.

وأعلنت البعثة «مواصلتها التحقق من ظروف المقاطع المتداولة»، وأوضحت أنها تنسق مع قيادة الجيش الوطني لتأمين وصول موظفي حقوق الإنسان، التابعين للبعثة، ومراقبين مستقلين آخرين إلى سجن قرنادة بشكل مستمر، وكذلك إلى مراكز الاحتجاز الأخرى.

ولم يعلق حفتر على هذه الدعوات، كما التزم الناطق الرسمي باسمه، اللواء أحمد المسماري، الصمت حيالها.

وُتظهر الفيديوهات المتداولة «العديد من المحتجزين، سواء من الليبيين أو الأجانب، وهم يتعرضون للضرب المبرح، ويُجبرون على اتخاذ أوضاع مجهدة على يد الحراس، الذين يرتدون الزي الرسمي». و«تتماشى التفاصيل المعمارية، التي ظهرت في المقاطع، بما في ذلك نوع البلاط على الأرض والرسوم على الجدران، وقضبان الزنازين، مع صور السجن من تقارير مؤكدة»، بحسب وكالة «رويترز».

إلى ذلك، قال عضو المجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، إنه ناقش، مساء الثلاثاء، مع سفير المملكة المتحدة، مارتن لونغدن، تطورات العملية السياسية في ليبيا، ودعم التعاون المشترك بين البلدين، والعديد من القضايا والملفات المتعلقة بدعم السلام والاستقرار في ليبيا، من خلال مسار تقوده البعثة الأممية، وآخر تطورات مشروع المصالحة الوطنية.

ونقل اللافي عن لونغدن إشادته بجهود المجلس الرئاسي في ملف المصالحة الوطنية، وحرصه الدائم على مشاركة كل الأطراف الليبية، معرباً عن أمله بأن تعبر البلاد حالة الجمود السياسي، من خلال مصالحة وطنية شاملة، يتوافق فيها كل اللليبيين.

من جهة أخرى، أعرب القائم بأعمال السفارة الأميركية، جيريمى بيرنت، خلال لقائه، الأربعاء، مدير المنطقة الحرة في مصراتة، محسن الساقورتي، عن تقديره لدور مصراتة بوصفها مركزاً اقتصادياً في ليبيا، وتعهد بمواصلة السعي لفتح المزيد من الفرص لتوسيع الشراكات الاقتصادية والتجارية، بين الولايات المتحدة والليبيين في جميع أنحاء البلاد.

في غضون ذلك، ورداً على إعلان مصرف ليبيا المركزي، تراجع الإيرادات النفطية خلال العام الماضي، عما كانت عليه عام 2023، عدّت المؤسسة الوطنية للنفط، هذا التراجع في الإيرادات، نتاجاً لظروف ومستجدات خارجة عن إرادة الجميع بكل المقاييس، ونفت كونه ناجماً عن سوء إدارة أو تقدير من المسؤولين فيها، وفي الشركات والحقول والمرافق التابعة لها.

وجددت المؤسسة، التزامها بمبدأ الشفافية والمكاشفة في كل وقت وحين، مشيرة إلى أنها لا ولن تعمد إلى إخفاء البيانات والمعلومات ذات العلاقة بثروات وأرزاق الشعب الليبي، مهما كانت الظروف.