في إطار تنسيق سعودي - مصري لمواجهة التصعيد الإقليمي والحفاظ على استقرار منطقة الشرق الأوسط، أجرى وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، الجمعة، اتصالاً هاتفياً مع نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، إن المباحثات الهاتفية بين الوزيرين «تناولت التصعيد الإقليمي الخطير خلال الأيام الماضية نتيجة للسياسات الإسرائيلية المتطرفة، ونهج الاغتيالات الذي تتبناه تل أبيب».
وشدد وزير الخارجية والهجرة المصري على «أهمية وقف التصعيد الجاري، وضرورة اضطلاع القوى الدولية الكبرى، على رأسها الولايات المتحدة، بدورها ومسؤوليتها في وقف وتيرة التصعيد»، حسب «الخارجية المصرية».
بدوره، أعرب وزير الخارجية السعودي عن «تطلعه لمواصلة مسيرة تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، واستمرار التعاون المشترك لتعزيز وتيرة التنسيق والتشاور اتصالاً بالقضايا والتحديات الإقليمية، وبما يحقق مصالح الشعبين، ويعمل على ضمان أمن واستقرار المنطقة».
وتطرقت المباحثات بين وزيري خارجية البلدين إلى «الجهود الجادة والحثيثة التي تبذلها القاهرة والرياض لحلحلة الأزمة السودانية، وإيقاف الصراع الدائر هناك بهدف الحفاظ على وحدة السودان الشقيق وسيادته، وذلك من خلال العمل المشترك على وقف إطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية»، وفق المتحدث الرسمي لـ«الخارجية المصرية».
وقال أبو زيد إن «وزير الخارجية المصري شدد خلال الاتصال على عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين البلدين، وسبل دفع أوجه التعاون بين مصر والسعودية على مختلف الأصعدة». كما أكد «حرصه على استمرار التنسيق المتبادل والتشاور لمواجهة التحديات على الصعيدين الإقليمي والدولي».
كانت الرياض استضافت في 11 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي فعاليات «القمة العربية - الإسلامية المشتركة غير العادية»، التي عُقدت بدعوة من السعودية وفلسطين بمشاركة الدول العربية والإسلامية كافة، وأصدرت قراراً يتضمن الدعوة إلى «كسر الحصار على غزة»، و«مطالبة مجلس الأمن باتخاذ قرار حاسم ملزم يفرض وقف العدوان والتهجير القسري».
وكلفت القمة العربية - الإسلامية لجنةً وزاريةً ببلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة. وأجرت اللجنة الوزارية مباحثات في عدة دول، والتقت عدداً من رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية وعدداً من المسؤولين في الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن وعدداً من البلدان الفاعلة على الصعيد الدولي.
مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أشار إلى أن «الاتصال بين وزيري خارجية مصر والسعودية يأتي في سياق المشاورات المستمرة بشأن التحديات الإقليمية، لا سيما في ضوء التصعيد الأخير عقب اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس)، إسماعيل هنية».
وقال حسن إن «التصعيد الإسرائيلي خلق حالة من عدم اليقين»، لافتاً إلى أنه «رغم الجهود المبذولة لعدم توسع نطاق الصراع، فإن الجميع يتعامل الآن بحذر في ترقب للخطوة المقبلة بين تل أبيب وطهران». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «التنسيق السعودي - المصري يأتي في سياق التشاور بشأن مستقبل المنطقة، في ظل هذا التصعيد، وكيفية عودة المفاوضات الرامية لإنهاء الحرب في غزة، بشرط أن تكون فاعلة، وتدفع لإنهاء المأساة داخل قطاع غزة».
وعلى مدار الأشهر الماضية سعى الوسطاء في قطر ومصر والولايات المتحدة الأميركية لإتمام هدنة في غزة، لكن الجهود لم تكلل بالنجاح حتى الآن. وتعثرت الجولة الأخيرة من المفاوضات عقب اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في العاصمة الإيرانية طهران.
وعلى صعيد الأزمة في السودان، أشار مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إلى أن «السعودية كان لها دور كبير في محاولة حلحلة الأزمة السودانية حتى قبل اندلاع الصراع بين الجيش و(قوات الدعم السريع)، كما أطلقت (منصة جدة)، التي أسفرت عن اتفاق لم تنفذه (قوات الدعم السريع)». وأكد حسن «أهمية التنسيق المصري - السعودي في الملفات الإقليمية، لا سيما الصراع في غزة والسودان، لما للبلدين من علاقات قوية مع جميع الأطراف الفاعلة دولياً في هذه الملفات».
ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخليةً بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.
كانت السعودية قد استضافت مفاوضات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، في مايو (أيار) 2023، وخلصت إلى اتفاق أطلق عليه «إعلان جدة - الالتزام بحماية المدنيين في السودان». وفي يونيو (حزيران) الماضي، استضافت جامعة الدول العربية اجتماعاً إقليمياً - عربياً لمناقشة سبل تنسيق الجهود الرامية لاستعادة السلم والاستقرار في السودان. ودعا الاجتماع إلى تنفيذ «إعلان جدة» الإنساني.
كما استضافت مصر عدة اجتماعات بشأن الأزمة السودانية، كان آخرها الشهر الماضي، حيث عقد في القاهرة مؤتمر «القوى السياسية والمدنية السودانية»، تحت شعار «معاً لوقف الحرب».