​هل يستفيد الدبيبة من خلافات «النواب» و«الدولة» حول «الحكومة الجديدة»؟

الشركسي يرى أنها تطمئن رئيس «الوحدة» بعدم حدوث تغيير بالمشهد الراهن

رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة في جولة بطرابلس (الحكومة)
رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة في جولة بطرابلس (الحكومة)
TT

​هل يستفيد الدبيبة من خلافات «النواب» و«الدولة» حول «الحكومة الجديدة»؟

رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة في جولة بطرابلس (الحكومة)
رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة في جولة بطرابلس (الحكومة)

مع إعلان مجلس النواب الليبي، برئاسة عقيلة صالح، فتح باب الترشح لرئاسة «حكومة جديدة»، سلطت الأنظار بدرجة كبيرة على رد فعل رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، إزاء هذا التحرك الذي يستهدف الإطاحة به.

لكن حتى اللحظة الراهنة لم يصدر عن الدبيبة، أو أي أحد من أعضاء حكومته، إشارة أو تعليق على الأمر، باستثناء نفي نائبه، وزير الصحة رمضان أبو جناح، ما تردد عن ترشحه لسباق الحكومة المقبلة، واصفاً الأمر بـ«المعلومات الكاذبة».

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (رويترز)

ووفقاً لمراقبين، فإن تجاهل الدبيبة الإعلان عن فتح باب الترشح لرئاسة «الحكومة الجديدة»، يعود لتعويله على فشل البرلمان في تشكيل حكومة تحظى بتوافق الأطراف السياسية والقوى المسلحة، مما يطيل أمد حكومته، في ظل اتساع الفجوة بين صالح، ومحمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة.

في هذا السياق، عدّ عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أحمد الشركشي، أن وجود خلاف بين رئيسي النواب و«الأعلى للدولة» على تشكيل «حكومة جديدة» يعد مقدمة الأسباب التي تجعل الدبيبة «مطمئناً بدرجة ما حيال استبعاد حدوث تغيير بالمشهد الراهن، وبالتالي يعزف عن التعليق عليه».

يرى مراقبون أن تجاهل الدبيبة الإعلان عن فتح باب الترشح لرئاسة «الحكومة الجديدة» يعود لتعويله على فشل البرلمان في تشكيل حكومة تحظى بتوافق (البرلمان)

وأوضح الشركسي لـ«الشرق الأوسط» أن تكالة أكد بوضوح أنه «لم يتفق مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح على آلية تشكيل حكومة جديدة»، ووصف هذه الخطوة بـ«المنفردة».

وتكررت خلال الشهور الماضية دعوة البرلمان لتشكيل «حكومة جديدة موحدة»، تضطلع بمهمة إجراء الانتخابات، إلا أنه بعد اجتماع أعضاء من مجلسي النواب والأعلى للدولة بالقاهرة، أعلن البرلمان فتح باب الترشح لشغل منصب رئيس الحكومة.

محمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة (د.ب.أ)

ويرى الشركسي أن الوضع «سيبقى معلقاً لحين إجراء الانتخابات الدورية لرئاسة المجلس الأعلى للدولة مطلع أغسطس (آب) المقبل». وقال موضحاً: «إذا أعيد انتخاب تكالة، المعروف بتقاربه مع سياسات الدبيبة، فهذا يعني أن وضعية الانقسام بين حكومة الدبيبة والحكومة المكلفة من البرلمان، برئاسة أسامة حماد، ستظل قائمة لحين قيام البعثة الأممية بالدعوة لعملية سياسية جديدة».

وأضاف الشركي: «في حالة ما إذا فازت شخصية أخرى، وتحديداً من كتلة (التوافق الوطني) بالأعلى للدولة، والتي تتوافق مع البرلمان، فقد تكون هناك إمكانية لتفعيل ودعم الدعوة لتشكيل حكومة جديدة».

من جانبه، توقع رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني الليبي»، أسعد زهيو، أن يواصل الدبيبة تجاهله لدعوة البرلمان لفتح باب الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة. وقلل زهيو في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» مما يردده البعض من أن تجاهل الدبيبة يعود «لتعويله على دعم دول إقليمية أو غربية، أو تشكيلات مسلحة كبرى تتمركز معه بالعاصمة»، عادّاً أن «علاقة التحالف بين الدبيبة والتشكيلات المسلحة مؤقتة، ومرتبطة بالمصالح المتبادلة بينهما، ويمكن القول إن قرار قيادات تلك التشكيلات رهين بتوجهات القوى الدولية».

وعلى مدار الأيام الماضية، تعالت أصوات سياسية عدة، بعضها من داخل البرلمان، تحذر من تكرار سيناريو تشكيل حكومة بشكل منفرد، وبمعزل عن أي توافق مع باقي القوى السياسية، مما يعني عدم تمتعها بالشرعية الأممية، وتمركزها بالمنطقة الشرقية مثل حكومة حماد، وبقاء حكومة الدبيبة في العاصمة طرابلس.

أسامة حماد رئيس حكومة الاستقرار الموازية (الاستقرار)

بالمقابل، أرجع المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، صمت الدبيبة حيال دعوة البرلمان «لما بدأ يُرصد من خلافات بين البرلمان وبين الكتلة المتقاربة معه داخل الأعلى للدولة وخارجه». وقلل محفوظ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» مما يطرحه البعض من أن التقارب الراهن بين القاهرة وأنقرة، وانفتاح الأخيرة على قيادات الشرق الليبي السياسية والعسكرية، قد يؤدي لدعم مخططات البرلمان بإيجاد «حكومة جديدة».

ويرى محفوظ أن «الدبيبة قلق من التقارب المصري - التركي، ولكن ليس بدرجة كبيرة، وذلك لإدراكه أن الخطوط العريضة لدبلوماسية الدولتين لم تتغير بعد»، لافتاً إلى أن القاهرة «ورغم انفتاحها تدريجياً على أنقرة، فإنها لن ترضى بشخصية مقربة من الأخيرة لتولي رئاسة الحكومة الجديدة، والعكس صحيح».

وانتهى محفوظ إلى أنه «حتى الآن، لم تبرز بالمشهد السياسي شخصية يمكن للدولتين التوافق حولها لتولي رئاسة الحكومة الليبية الجديدة».


مقالات ذات صلة

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

شمال افريقيا المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

حسمت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا الجدلَ حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

تتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.