مؤتمر «تشاوري» سوداني لوقف الحرب في ميونيخ

ينظمه «المركز السوداني الألماني» بمشاركة واسعة للطيف المدني والسياسي.. ويسبق حوار جنيف

حمدوك يتوسط قيادة «تقدم» (الشرق الأوسط)
حمدوك يتوسط قيادة «تقدم» (الشرق الأوسط)
TT

مؤتمر «تشاوري» سوداني لوقف الحرب في ميونيخ

حمدوك يتوسط قيادة «تقدم» (الشرق الأوسط)
حمدوك يتوسط قيادة «تقدم» (الشرق الأوسط)

تشهد مدينة «ميونخ» الألمانية في 12 أغسطس (آب) المقبل، مؤتمراً تشاورياً جامعاً، تشارك فيه قوى مدنية سودانية رافضة للحرب، بهدف تكوين كتلة واسعة لإيقاف ما يحدث في السودان.

وقال مدير «المركز الألماني السوداني للسلام والتنمية» بمدينة ميونخ، سامي سليمان حسن طاهر، لـ«الشرق الأوسط»، إن الدعوات وجهت إلى قوى مدنية وأحزاب سياسية ونقابات ولجان مقاومة، وشخصيات وطنية، إلى جانب الجماعات المنضوية تحت لواء «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) ورئيس التنسيقية، رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك.

وتصاعدت الضغوط الشعبية والإقليمية والدولية على الجيش السوداني؛ لإقناعه بالمشاركة في مفاوضات جنيف المزمع عقدها في 14 أغسطس (آب) المقبل، بمبادرة وزارة الخارجية الأميركية والمملكة العربية السعودية، إلى جانب دول: مصر والإمارات العربية المتحدة والاتحاد الإفريقي بصفة «مراقب».

سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر في ضواحي مدينة أدري التشادية (رويترز)

وفيما أعلنت قوات «الدعم السريع» موافقتها على المشاركة في المفاوضات، فإن موقف الجيش بقي غامضاً، وعوضاً عن تصريح باسمه، أعلنت وزارة الخارجية في بورتسودان تلقي الدعوة للمشاركة، وإنها «تجري مشاورات مع الجهات الأخرى للرد عليها شكلاً ومضموناً».

وقال طاهر إن الاستعدادات اكتملت من أجل إقامة المؤتمر خلال الفترة من 12 إلى 17 أغسطس، وإنه سيكون مكملاً للجهود المبذولة لوقف الحرب، وبهدف تكوين كتلة مدنية تضم أحزاباً ولجان مقاومة، وطرقاً صوفية، ومجلس الكنائس، والإدارة الأهلية، إضافة إلى المثقفين والموسيقيين والشعراء والإعلاميين والتشكيليين والسينمائيين، والفاعلين في الشأن السوداني كافة.

وأوضح: «أن قيادات الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمبدعين والثوار ولجان المقاومة وتنسيقياتها، وصلتهم الدعوات ليشاركوا في نقاش مفتوح وشفاف يتناول سبل إيقاف الحرب، وتشكيل رأي عام مناهض لاستمرارها، وإرسال رسالة لشعوب العالم وأصدقاء السودان للوقوف معه في محنته، ودعم جهود أبنائه من أجل السلام».

وبدوره، قال عضو اللجنة المنظمة، الموسيقار يوسف الموصلي، لـ«الشرق الأوسط»: «المؤتمر يهدف لجمع الفرقاء السودانيين بهدف درء مخاطر الحرب، ومواجهة أخطار المجاعة التي تحيط بأطراف البلاد كافة»، وتابع: «ينظم المركز الألماني السوداني للتنمية والسلام، ضمن جهوده لوقف الحرب، أنشطة مصاحبة تتضمن جولة أوروبية فنية وثقافية يشارك فيها عدد من كبار الفنانين والمثقفين، لحشد التأييد لوقف الحرب وإحلال السلام».

جانب من لقاء سابق لتنسيقية القوى المدنية السودانية مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (تقدم)

وأدت الحرب المستمرة في السودان بين الجيش وقوات «الدعم السريع» منذ أكثر من عام، إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين وتدمير البنية التحتية، بما فيها الصحية والتعليمية، وتشريد نحو 12 مليون شخص، 10 ملايين منهم نزحوا داخل البلاد، فيما لجأ أكثر من مليوني شخص إلى دول الجوار وغيرها، فيما أطلقت عليه الأمم المتحدة «أسوأ كارثة إنسانية في العالم».

ويواجه ملايين السودانيين خطر المجاعة، وبحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي لمراقبة الجوع في العالم، فإن 14 منطقة مهددة بالجوع حال استمرار الحرب، وأن نحو 755 ألفا يواجهون الآن أسوأ مستويات الجوع، بينما يواجه ثمانية ملايين ونصف المليون (18 في المائة من السكان) نقصاً في الغذاء يهدد بحالات من سوء التغذية الحاد، لا سيما بين الأطفال والنساء وكبار السن.


مقالات ذات صلة

بسبب نقص التمويل... «الأغذية العالمي» يحذر من خفض الدعم في السودان

شمال افريقيا امرأة سودانية نازحة تجلس إلى جانب أطفال في بلدة شمال دارفور (رويترز) play-circle

بسبب نقص التمويل... «الأغذية العالمي» يحذر من خفض الدعم في السودان

حذر برنامج الأغذية العالمي، اليوم الجمعة، من أنه يواجه نقصاً في التمويل قد يؤثر على قدرته على تقديم الدعم لمن يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء بالسودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
تحليل إخباري نازحون من الفاشر ومعسكر زمزم (المنسقية العامة للنازحين واللاجئين بدارفور)

تحليل إخباري قصف كثيف وتوغل بري... هل اقترب سقوط الفاشر؟

تعرضت الفاشر لأكثر من 200 هجوم على مدى عام لمحاولات من «الدعم السريع» لاقتحامها والسيطرة عليها، أحبطتها قوات الجيش السوداني والفصائل الدارفورية المتحالفة.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي حمدوك يتوسط قيادات مدنية خلال مؤتمر سابق في لندن (الشرق الأوسط)

محامي دفاع حمدوك يواجه تهماً تصل إلى السجن المؤبد

يواجه منتصر عبد الله، محامي هيئة الدفاع عن رئيس وزراء السودان السابق عبد الله حمدوك، تهماً جنائية تصل إلى حد السجن المؤبد، فيما انبرت جهات حقوقية للدفاع عنه

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النزوح من مخيمات النزوح ظاهرة جديدة في مدينة الفاشر المحاصرة منذ عدة أشهر(الشرق الأوسط) play-circle 00:35

الفاشر: مدينة تئن تحت النار والجوع وانسداد الأفق

بين سندان الموت تحت القصف والجوع والمرض، ومطرقة النزوح إلى المجهول، يواجه مئات الآلاف من سكان مدينة الفاشر بدارفور، والمخيمات حولها، واقعاً إنسانياً مؤلماً.

أحمد يونس (كمبالا)
العالم العربي صورة من الأقمار الاصطناعية لمدينة الفاشر المحاصرة في إقليم دارفور (أ.ف.ب)

السودان: أكثر من 30 قتيلاً جراء قصف «الدعم السريع» لمدينة الفاشر بدارفور

قتل أكثر من 30 شخصا جراء قصف مدفعي شنته «قوات الدعم السريع» على مدينة الفاشر المحاصرة في إقليم دارفور، بحسب ما أعلن ناشطون اليوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بورت سودان (السودان))

مصر تعزز دعمها لاستقرار الصومال بالمساهمة في «بعثة الاتحاد الأفريقي»

رئيس الوزراء المصري لدى وصوله مدينة عنتيبي الأوغندية (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري لدى وصوله مدينة عنتيبي الأوغندية (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تعزز دعمها لاستقرار الصومال بالمساهمة في «بعثة الاتحاد الأفريقي»

رئيس الوزراء المصري لدى وصوله مدينة عنتيبي الأوغندية (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري لدى وصوله مدينة عنتيبي الأوغندية (مجلس الوزراء المصري)

عززت مصر دعمها لاستقرار الصومال بتأكيد مساهمتها في بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ الاستقرار في الصومال (أوصوم)، التي بدأت مهمتها رسمياً، مطلع هذا العام.

وشارك رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الجمعة، في القمة غير العادية للدول المساهمة بقوات في «بعثة الاتحاد الأفريقي» للدعم والاستقرار في الصومال، التي عُقدت في مدينة «عنتيبي» الأوغندية، حسب «مجلس الوزراء المصري».

وأعلنت مصر في وقت سابق المشاركة في «بعثة الاتحاد الأفريقي» الجديدة بالصومال، وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إن «مشاركة بلاده تأتي بناءً على طلب من الحكومة الصومالية، وبناءً أيضاً على ترحيب من مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي».

وبدأت بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال، المعروفة باسم «أوصوم»، عملياتها رسمياً في بداية يناير (كانون الثاني) الماضي، خلفاً لبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية «أتميس»، التي انتهت ولايتها في نهاية العام الماضي.

وحسب «مجلس الوزراء المصري»، الجمعة، يشارك مدبولي في فعاليات «قمة عنتيبي»، التي ستتضمن «شقاً مغلقاً لرؤساء الدول والحكومات المشاركة، تعقبها جلسة عامة، ثم اعتماد البيان المشترك للقمة».

وأشار وزير الخارجية المصري إلى أن مشاركة بلاده الرفيعة بـ«قمة عنتيبي» تأتي «لتحديد مشاركات ومساهمات الدول المشاركة بقوات وعناصر من القوات المسلحة والشرطة في البعثة الأفريقية»، وأكد في مؤتمر صحافي مع نظيره الإيطالي، أنطونيو تاياني، بالقاهرة، الخميس، أهمية «الحفاظ على وحدة الصومال وتمكينه من الحفاظ على وحدته، ومحاربة الإرهاب من خلال دعم أجهزته الأمنية».

وفد أمني مصري سلَّم قبل أيام مساعدات عسكرية للصومال (وكالة أنباء الصومال)

تأتي المشاركة المصرية الرفيعة في «قمة عنتيبي» الخاصة بدعم استقرار الصومال للتأكيد على مواقف القاهرة الداعمة لمقديشو في مواجهة تحديات أمنية واستراتيجية، وفق الأمين العام المساعد الأسبق لـ«منظمة الوحدة الأفريقية»، السفير أحمد حجاج، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف مصر حريص على استقرار الصومال، ودعم سيادته، ومؤسساته الوطنية، لا سيما في ضوء الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين».

ووقَّع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود، في يناير الماضي، على إعلان سياسي مشترك، يقضي برفع مستوى العلاقات بين القاهرة ومقديشو إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وينطلق الاهتمام المصري بالصومال كونه عضواً في «الجامعة العربية» و«الاتحاد الأفريقي»، وفق حجاج، الذي أشار إلى أن «التحركات والاتصالات المصرية مع جيران الصومال تأتي لدعم استقراره وأمن البحر الأحمر، ومنطقة القرن الأفريقي، والتي كان آخرها زيارة الرئيس المصري إلى جيبوتي، الأربعاء الماضي».

وخلال محادثات السيسي مع نظيره الجيبوتي إسماعيل عمر غيله، أكد «ضرورة دعم ركائز الأمن والاستقرار في الصومال، وصيانة وحدته، وتكامل وسلامة أراضيه».

ويعتقد حجاج أن الصومال «بحاجة لدعم من الدول العربية والأفريقية في هذا التوقيت، في ضوء التحديات الأمنية التي يواجهها، بسبب هجمات حركة (الشباب) الإرهابية»، مشيراً إلى أن «دعم القاهرة لمقديشو يأتي للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في القرن الأفريقي، وتأمين حركة الملاحة في قناة السويس، والتأكيد على موقفها الرافض لوجود أي دول غير مشاطئة للبحر الأحمر على ساحله».

وتشدد مصر على أن «أمن البحر الأحمر مسؤولية الدول المشاطئة له فقط»، وأكد وزير الخارجية المصري في أكثر من مناسبة أنه «لا يمكن على الإطلاق قبول أي وجود لأي دولة غير مشاطئة للبحر الأحمر، سواء بوجود عسكري أم بحري».

عناصر من حركة «الشباب» بالصومال (أرشيفية)

ووفق مديرة وحدة أفريقيا بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، فإن «هناك تحديات وعقبات أمام قيام بعثة الاتحاد الأفريقي بدورها في حفظ الاستقرار في الصومال»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك صعوبات تتعلق بتمويل عمليات وفعاليات الاتحاد الأفريقي؛ ما يؤثر في قدراته وتأثيره».

وأشار رئيس «مفوضية الاتحاد الأفريقي»، محمود علي يوسف، إلى أن «بعثة الاتحاد الأفريقي تواجه تحديات مالية»، كما أنه «لا تزال هناك ممانعات في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2719 الخاص بالصومال»، وقال في إفادة، الخميس، إن «(المفوضية) لن تدخر جهداً في محاولة تعبئة الموارد المالية، وسيتطلب الأمر جهداً جماعياً لإنقاذ بعثة السلام الأفريقية في الصومال من الانهيار».

واعتمد مجلس الأمن الدولي قراراً في ديسمبر الماضي بتفويض تشكيل البعثة الأفريقية لدعم الاستقرار في الصومال (أوصوم)، بهدف دعم الصومال في مكافحة حركة «الشباب»، وتعزيز جهود الاستقرار، إلى جانب تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية.

وترى أماني الطويل «ضرورة انخراط أطراف دولية أخرى في عملية دعم استقرار الصومال، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية»، وقالت إن ذلك «يحقق مصلحة دولية تتعلق بتأمين حركة التجارة الدولية في منطقة حيوية مثل باب المندب والبحر الأحمر».

وتتوقف أماني الطويل مع أبعاد أخرى للمشاركة المصرية في «قمة عنتيبي» المعنية بالصومال، تتعلق «بتسهيل مهمة القوات المصرية في بعثة الاتحاد الأفريقي، في ضوء المقاومة الإثيوبية لوجود القاهرة بالبعثة»، وقالت إن «المساعدات المصرية تستهدف دعم المؤسسات الصومالية في مواجهة خطر الإرهاب، وأي تحركات تؤثر في وحدة الصومال وسيادته».

وعززت القاهرة من دعمها لمقديشو عقب أزمة الصومال مع إثيوبيا، وعارضت توقيع أديس أبابا، العام الماضي، اتفاقاً مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، تحصل بموجبه أديس أبابا على منفذ بحري، ووقَّع البلدان، في أغسطس (آب) الماضي، بروتوكول تعاون عسكري، كما دعمت مصر الصومال بمعدات عسكرية.