اجتماع «روما الرباعي» يواجه تمسك إسرائيل بـ«فيلادلفيا»

مقترح جديد من نتنياهو يُعقّد جهود الوسطاء في مفاوضات هدنة غزة

امرأة فلسطينية تبكي عقب مقتل قريب لها في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (رويترز)
امرأة فلسطينية تبكي عقب مقتل قريب لها في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

اجتماع «روما الرباعي» يواجه تمسك إسرائيل بـ«فيلادلفيا»

امرأة فلسطينية تبكي عقب مقتل قريب لها في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (رويترز)
امرأة فلسطينية تبكي عقب مقتل قريب لها في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (رويترز)

لم يسلم اجتماع «روما الرباعي» بشأن مفاوضات وقف الحرب في غزة من شروط جديدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وفق إعلام أميركي، تحدّث عن مقترح مُعدل، يتضمن آليات جديدة بشأن «تحرك النازحين»، ويستبعد مغادرة محور «فيلادلفيا» بخلاف الرغبة المصرية، وهو ما عدَّه خبراء «تعقيداً» لجهود الوسطاء.

ورأى الخبراء، الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن نتنياهو يريد إطالة المفاوضات لجني «مكاسب شخصية»، و«جولة روما» لن تكون الأخيرة التي ترى تلك «العراقيل». وتوقعوا أن «يواصل الوسطاء جهودهم مع تنسيق أكبر مع المجتمع الدولي لبذل ضغوط جادة على إسرائيل تدفعها نحو إبرام الصفقة، خصوصاً مع تفاقم الأوضاع ومخاطر اتساع نطاق الحرب».

وجرت جولة «مفاوضات روما» الأحد، بمشاركة رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، ورئيس وزراء قطر وزير الخارجية، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المخابرات المصرية، عباس كامل؛ ورئيس جهاز الموساد الإسرائيلي، ديفيد بارنياع، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، وسط تصعيد إسرائيلي جديد مع «حزب الله» اللبناني، ودعوة أميركية لإنهاء أزمة ملف غزة.

رد فعل رجل فلسطيني على مقتل قريبه في غارة إسرائيلية بدير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

فيما نقل موقع «أكسيوس» الأميركي، عن مسؤول إسرائيلي كبير ومصدرين آخرين، لم يسمهم، أن إسرائيل سلّمت مقترحها المحدّث بشأن الاتفاق إلى الولايات المتحدة، السبت، الذي تضمن مطالب جديدة، قالت المصادر إنها «قد تعقّد إبرام الصفقة».

ووفق المسؤول الإسرائيلي، تتضمن المطالب الجديدة «إنشاء آلية دولية لمراقبة عودة النازحين الفلسطينيين من جنوب غزة إلى الشمال، لتجنب دخول أي مسلحين، وتغييرات في مواقع إعادة انتشار قوات الجيش الإسرائيلي بالقطاع، وبقاء قوات له في ممر فيلادلفيا على الحدود بين قطاع غزة ومصر خلال تنفيذ المرحلة الأولى».

«شروط وتحكمات»

مقترحات نتنياهو عدَّها مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، بمثابة «شروط وتحكمات» من إسرائيل لعرقلة جهود الوسطاء في روما، وفي أي جولة أخرى، لافتاً إلى أن نتنياهو «يتوهم» أنه مُسيطر على الأوضاع في غزة، ومن ثم يريد إطالة أمد المفاوضات لـ«جني مكاسب أكبر».

كما عدّ الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، مطالب نتنياهو تكشف عن نيات شخص «لا يريد أي سلام بالمنطقة»، مؤكداً أن تلك البنود المطروحة من إسرائيل «لن تلقى قبولاً مصرياً» بأي حال من الأحوال، خصوصاً أن ما تطرحه إسرائيل «مخالف» لاتفاق المعابر 2005 واتفاقية «كامب ديفيد».

تلك التقديرات بشأن مسار المفاوضات بعد المقترحات الإسرائيلية الجديدة، تتماشي مع ما نقله، الجمعة، موقع «أكسيوس»، عن مسؤول إسرائيلي رأى أن نتنياهو يريد صفقة «من المستحيل الحصول عليها» في الوقت الحالي، متوقعاً «حدوث أزمة» في المفاوضات بدلاً من صفقة.

وهو ما أكده أيضاً موقع «والا» الإسرائيلي، الذي أشار إلى أن كبار المسؤولين في فريق التفاوض والجهاز الأمني يرون أن حركة «حماس» لن تقبل بالمقترح المُعدل، وأن ذلك سيؤدي إلى «أزمة في محادثات روما».

ونقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، السبت، عن مصدر مصري وصفته بـ«رفيع المستوى» أن القاهرة تتمسك بضرورة الوصول لصيغة تحمل 4 بنود؛ هي: «وقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان حرية حركة المواطنين في القطاع، والانسحاب الكامل من منفذ رفح». كما قال مصدر فلسطيني قيادي في تصريحات صحافية، السبت، أن «(حماس) ترفض تسلُّم أيّ مقترحات جديدة، وتُصرّ على اعتماد المقترح الأخير الذي كانت قد سلّمته إلى الوسطاء»، لافتة إلى أنها «لا تزال ثابتة بشأن موقفها من الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزّة، بما في ذلك محورا نتساريم وفيلادلفيا».

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

«بداية نهاية الأزمة»

وسبق أن طرح نتنياهو شروطاً مماثلة عرقلت جولات سابقة للمفاوضات، كان آخرها في يوليو (تموز) الحالي بين محطتي القاهرة والدوحة، واعتبرها آنذاك وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت ورئيس الموساد ديفيد بارنياع، «معرقلة»، وهو ما حدث وتأجلت المحادثات التي كانت مقررة في قطر الأسبوع الماضي.

وبعد مطالبة من الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته المرشحة بسباق الرئاسة كامالا هاريس، لنتنياهو بالذهاب لاتفاق، وكذلك دعم المرشح الجمهوري دونالد ترمب لإنهاء الحرب، كانت «هناك آمال بأن تكون جولة روما بداية نهاية الأزمة»، وفق الحفني.

إلا أن الواقع أثبت أن التصريحات الأميركية بشأن الأزمة «مجرد شو إعلامي» قبل الانتخابات، وضرورة لكسب الأصوات الرافضة للحرب في الولايات المتحدة، بحسب الحنفي الذي أكد أنه «إذا كان الأمر عكس ذلك، فعلى واشنطن تفعيل أدواتها لإنهاء الحرب، عبر وقف الأسلحة التي تملأ مخازن إسرائيل، وإصدار قرار من مجلس الأمن شريطة أن يكون ملزماً». ويتوقع «استمرار صبر الوسطاء، وتوسيع دائرة التنسيق مع المجتمع الدولي، لبذل مزيد من الضغوط على إسرائيل»، لافتاً إلى أن مسار المفاوضات سيأخذ وقتاً أكبر «دون حسم قريب».

نصب فلسطينيون خيماً بالقرب من الحدود المصرية بعد فرارهم من معارك الجيش الإسرائيلي (د.ب.أ)

والأحد، اتهم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في تصريحات صحافية، إسرائيل بـ«عرقلة التوصل إلى اتفاق» لوقف إطلاق النار بغزة. تلك العرقلة الإسرائيلية لكل جولة مفاوضات، «ستستمر» بحسب سمير فرج، ما دام استمر نتنياهو على مساره وأفكاره المعطلة لأي اتفاق، إلا أن توسيع نطاق الحرب، خصوصاً بعد عملية «مجدل شمس»، قد يجعل إسرائيل تعيد النظر في حساباتها.

وهو ما أكده مسؤول مصري لوكالة «أسوشيتيد برس» الأميركية، لافتاً إلى أن هجوم «مجدل شمس» الذي تتهم إسرائيل «حزب الله» اللبناني بارتكابه، «قد يُعزز من أهمية مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة»، موضحاً أن «الوسطاء سوف يستخدمون هجوم الجولان للضغط للوصول إلى وقف إطلاق النار في غزة وتجنب حرب شاملة».

كما دعا وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأحد، إلى وقف إطلاق النار في غزة كونه «فرصة» لتحقيق هدوء دائم على الحدود بين إسرائيل ولبنان. وقُتل 12 شخصاً في هجوم صاروخي على بلدة «مجدل شمس» في الجولان السوري، الذي تحتله إسرائيل منذ عام 1967؛ إذ طالت الغارة ملعباً لكرة القدم، وفقاً للجيش الإسرائيلي، الذي «اتهم حزب الله اللبناني في مقتلهم عبر صاروخ إيراني الصنع يحمل رأساً حربياً يزن 50 كيلوغراماً».


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.