أفورقي يفاجئ الجيش بطرد القائم بأعمال السفارة السودانية في أسمرا

مصادر: سبب الطرد نشاط مخابراتي يهدد أمن إريتريا

الرئيس الإريتري آسياس أفورقي (تصوير: بشير صالح)
الرئيس الإريتري آسياس أفورقي (تصوير: بشير صالح)
TT

أفورقي يفاجئ الجيش بطرد القائم بأعمال السفارة السودانية في أسمرا

الرئيس الإريتري آسياس أفورقي (تصوير: بشير صالح)
الرئيس الإريتري آسياس أفورقي (تصوير: بشير صالح)

ظلت الحكومة الإريترية، تتخذ موقفاً مسانداً للجيش السوداني منذ اندلاع الحرب بينه وبين «الدعم السريع» في أبريل (نيسان) العام الماضي، لكن أسمرا وسط دهشة الجميع، أصدرت قراراً بـ«طرد» القائم بالأعمال السوداني من دون أن تكشف عن الأسباب، وهو الأمر الذي عده محللون سياسيون «موقفاً» جديداً للقيادة الإريترية من النزاع الدائر في البلاد، ربما لا يكون لصالح الجيش، وقد يؤثر على موازين التحالفات في المنطقة، وفقدان حكومة بورتسودان لـ«الحليف» الوحيد المتبقي لها بين دول الإقليم التي تتهمها بموالاة «قوات الدعم السريع».

وطردت السلطات الإريترية، الأربعاء، القائم بالأعمال السوداني السفير خالد عباس، وأمهلته 72 ساعة لمغادرة أراضيها، دون تقديم أي تفسير لقرارها، في وقت بدأت العلاقات السودانية - الإثيوبية في التحسن إثر الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لبورتسودان، فبعد أن كان الجيش السوداني يعتبر إثيوبيا من الدول المؤيدة لـ«قوات الدعم السريع»، ووجهت قياداته انتقادات قاسية لها، بدت بوادر «تصالح» إثر الزيارة.

البرهان وآبي أحمد عند اجتماعهما في بورتسودان في 10 يوليو (مجلس السيادة السوداني)

ولم تصدر عن بورتسودان أي تعليقات على قرار أسمرا المفاجئ، في وقت لا توجد بعثة دبلوماسية إريترية لدى السودان، ولذلك لا تملك بورتسودان فرصة التعامل بالمثل كما هو متعارف عليه دبلوماسياً في مثل هذه الحالات.

وتزامن القرار الإريتري بطرد القائم بالأعمال مع زيارة رجل الإدارة الأهلية المثير للجدل الناظر محمد الأمين ترك المحسوب على الجيش، وبرفقته العمدة حامد طاهر أوكير، وهما من رجال الإدارة الأهلية في شرق السودان الذي تلعب فيه إريتريا دوراً مؤثراً، ولا سيما أن هناك تداخلاً ثقافياً وإثنياً بين المجموعات على طرفي الحدود.

ونقلت وسائط التواصل الاجتماعي صورة للرجلين يتوسطهما الرئيس الإريتري آسياس أفورقي، وقال مصدر تحدث لـ«الشرق الأوسط» إن أفورقي اصطحب ضيفيه إلى قريته القريبة من العاصمة أسمرا، وعقدوا اجتماعاً هدفه إجراء مصالحة بين ترك، والزعيم الديني والقبلي بشرق السودان الشيخ سليمان علي بيتاي، لكن الطرفين لم يكشفا ما دار في اجتماع الهواء الطلق الذي جرى هناك.

ويشهد شرق السودان هذه الأيام توتراً بين قياداته الأهلية، فاقمه انتقال الحكومة إلى بورتسودان، ما يهدد باشتعال الإقليم، الذي ظلت إريتريا تلعب دوراً مؤثراً على الأوضاع فيه مستغلة التداخل بين المجموعات السكانية على طرفي الحدود.

آسياس أفورقي وترك وأوكير (مواقع التواصل)

وأشار المحلل السياسي محمد لطيف إلى «صعوبة التكهن بالقرارات التي يمكن أن تصدر عن السلطات الإريترية»، وعزز حديثه بأن الرئيس أفورقي شن في عام 2020 هجوماً عنيفاً على «الإسلام السياسي» وحمله المسؤولية عن انفصال جنوب السودان، وحذر من تهديداته للفترة الانتقالية، لكن الرجل بعد أن «صدقت» توقعاته بإشعال الإسلاميين للحرب في السودان، اتخذ الموقف الخاطئ بدعم الجيش وجماعات الإسلام السياسي، بل فتح أراضيه لمجموعات مسلحة موالية للجيش بالتدرب داخل حدود بلاده.

ووصف لطيف طرد القائم بالأعمال بأنه «تغيير مفاجئ في المواقف الإريترية، ومربك لكل الحسابات»، وقال: «وفقاً للأعراف الدبلوماسية فإن مهلة 72 ساعة للمغادرة تعني أن أسباب الطرد ليست خطيرة، ولا تعني إنهاء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين». بيد أن لطيف مستنداً على الربط بين الأحداث ووقائع الحرب ومواقف الأطراف، أشار إلى أن موقف أفورقي من الإسلام السياسي الذي يدير الحرب في البلاد ويفرض استمرارها، ربما يكون قد دفعه لمراجعة موقفه الخاطئ وبدأ بإعادة النظر في تفكيره، وتابع: «لكن هذا ليس استنتاجاً قطعياً، فلربما اكتشفت السلطات الإريترية أن حكومة الأمر الواقع، تحتفظ بعلاقات تعاون مع حركة الجهاد الإسلامي الإريترية، أو أنها استوثقت من وجود علاقة مع حركة تحرير التغراي، المعادية لأسمرا، ما يجعل ارتباط القرار بسياسات حكومة الأمر الواقع أكثر من كونه مرتبطاً بتصرفات السفير».

وما يزال عشرات الآلاف من المقاتلين التابعين لـ«جبهة تحرير التغراي»، الذين فروا عقب الحرب مع القوات الفيدرالية الإثيوبية المتحالفة في ذلك الوقت مع إريتريا، يوجدون في السودان، وتردد أخيراً أن الجيش السوداني استعان بهم في حربه مع «قوات الدعم السريع»، ما يشكل خطراً يهدد دولتي إثيوبيا وإريتريا معاً، ويؤثر على العلاقة المتوترة بين الدولتين، ولا سيما أن الحرب اقتربت من حدودهما مع السودان، بعد استيلاء «قوات الدعم» على أجزاء واسعة من ولاية سنار وعاصمتها مدينة سنجة.

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان (أرشيفية - مجلس السيادة السوداني بـ«فيسبوك»)

وبدوره، قال القيادي في حزب الأمة القومي، الدكتور صلاح جلال، إن طرد القائم بالأعمال وفقاً لمصادر تحدثت إليه، «يرتبط بنشاط مخابراتي وتواصل وتجنيد عملاء ظلت السلطات الإريترية ترصده منذ مدة دون علمه واعتبرته يشكل مخاطر على الأمن القومي الإريتري».

وكشف جلال الذي يحتفظ بعلاقات تاريخية مع الرئيس الإريتري آسياس أفورقي، عن استباق أسمرا لطرد القائم بالأعمال السوداني بقرار إبعاد السفير الروسي من أسمرا الأسبوع الماضي، وعن وجود خيط يربط بين الواقعتين لم تكشف السلطات الإريترية النقاب عنه، بقوله: «واقعة إبعاد السفير ستخلق أسئلة تحتاج لإجابات من بورتسودان»، وتابع: «التحول الراهن في الموقف الإريتري، يمكن أن يكون حافزاً لاستعادة الموقف الإريتري لجانب القوى المدنية، إذا ضربنا على الحديد وهو ساخن».

وتطالب الجماعات الموالية للجيش بعلاقات سودانية - روسية قوية، لتزويد الجيش بالأسلحة والمعدات، ونكاية في الغرب الذي تصنفه داعماً لـ«قوات الدعم السريع»، ولخصومهم المدنيين، لا سيما في تحالف «تقدم»، وإحياء اتفاقية تم التوصل إليها في عهد حكمهم، بإعطاء روسيا قاعدة جوية على سواحل السودان على البحر الأحمر.


مقالات ذات صلة

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

شمال افريقيا أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أعلن الرئيس الإريتري آسياس أفورقي وقوف بلاده مع السودان لتحقيق الأمن والاستقرار في أعقاب مباحثات أجراها في أسمرة مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة أن لجنة من وزارة التعليم المصرية ستزور بعض المدارس الأخرى لمراجعة قرار إغلاقها

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

رحب المسؤول الأممي توم فليتشر الثلاثاء بإعلان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بالسماح لمنظمات الأمم المتحدة بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات بالبلاد

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

مصر: العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا المركب السياحي

عمليات إنقاذ الناجين من المركب السياحي «سي ستوري» (المتحدث العسكري المصري)
عمليات إنقاذ الناجين من المركب السياحي «سي ستوري» (المتحدث العسكري المصري)
TT

مصر: العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا المركب السياحي

عمليات إنقاذ الناجين من المركب السياحي «سي ستوري» (المتحدث العسكري المصري)
عمليات إنقاذ الناجين من المركب السياحي «سي ستوري» (المتحدث العسكري المصري)

نجحت السلطات المصرية، الثلاثاء، في العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا غرق المركب السياحي «سي ستوري»، في الحادث الذي وقع قبالة سواحل البحر الأحمر، الاثنين، فيما أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية أوامرها للقوات البحرية بتكثيف جهودها لمواصلة عمليات البحث عن باقي المفقودين.

وقال محافظ البحر الأحمر، عمرو حنفي، في آخر بيان تحديثي نشرته المحافظة على صفحتها بموقع «فيسبوك»، مساء الثلاثاء: «إن الجهود التي تجريها الجهات المعنية، وعلى رأسها رجال القوات البحرية، نجحت في العثور على 9 أشخاص منهم 5 أحياء (2 يحملون الجنسية البلجيكية، وسويسري، وفنلندي، ومصري)، بينما جرى انتشال 4 جثث ما زال أصحابها مجهولي الهوية، موجهاً بتقديم الرعاية الطبية اللازمة للناجين.

وأشار المحافظ إلى أن إجمالي من جرى إنقاذهم بلغ 32 شخصاً، ووصل عدد من جرى إخراجهم من المياه 36 شخصاً، ولا تزال عمليات البحث مستمرة للعثور على 8 آخرين مفقودين.

ووقع الحادث في الساعات الأولى من صباح الاثنين، بشحوط المركب خلال رحلة غوص وسفاري، حيث كان يقل 31 سائحاً من جنسيات مختلفة، بالإضافة إلى طاقمه المكون من 13 فرداً من بحارة وغطاسين.

وقال محافظ البحر الأحمر إنه وفقاً لروايات الناجين، فإن «موجة بحر عالية صدمت المركب مما أدى لانقلابه».

تتواصل عمليات الإنقاذ على أمل العثور على آخر 8 مفقودين (المتحدث العسكري المصري)

من جانبه، أفاد حسن الطيب، الخبير البحري ومؤسس جمعية الإنقاذ البحري وحماية البيئة بالبحر الأحمر، لـ«الشرق الأوسط»، بأن العثور على الأشخاص الأحياء في عرض البحر بدأ برصدهم أولاً من جانب الطيران الحربي الذي قام سريعاً بإرسال إشارة للقوات البحرية التي حضرت في المكان ذاته، لافتاً إلى أن عمليات الرصد الجوي والإنقاذ البحري تعمل بكفاءة ليل نهار من دون توقف.

وأعلن المتحدث العسكري للقوات المسلحة، في بيان، أن القيادة العامة للقوات المسلحة كلفت قيادة القوات البحرية بالدفع بعدد من القطع البحرية وطائرات مركز البحث والإنقاذ فور تلقي بلاغ استغاثة من المركب، كما تم تقديم الرعاية الطبية والإدارية اللازمة للناجين، ونقل الحالات التي تستدعي رعاية طبية عاجلة إلى المستشفيات القريبة من موقع الحادث، كما أصدرت القيادة العامة أوامرها للقوات البحرية بتكثيف جهودها لمواصلة عمليات البحث عن باقي المفقودين والناجين.

وقال مصدر مطلع في محافظة البحر الأحمر، لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم العثور على الأحياء جنوب مدينة مرسى علم، موضحاً أن ارتداء سترات النجاة كان عاملاً في إنقاذهم، وذلك لقدرتها على الطفو.

ونقلت وسائل إعلام محلية شهادات لناجين من الحادث، وقالت إحدى الناجيات، وهي سائحة بريطانية: «كان الظلام حالكاً، حاولت السباحة لأعلى لكن التيار كان قوياً جداً، وكنت أشعر بالاختناق. ما أنقذني كان سترتي العائمة التي أبقتني على السطح حتى جاءت فرق الإنقاذ».

فيما وصف أحد أفراد الطاقم (مصري) اللحظات الأولى، قائلاً: «كانت الموجة ضخمة بشكل غير طبيعي، ضربت المركب فجأة، وتسببت في اهتزازه بشكل عنيف قبل أن ينقلب. حاولنا تنبيه الركاب، لكن الوقت كان ضيقاً للغاية».

تقديم الرعاية الطبية للناجين (محافظة البحر الأحمر)

وبيّن محافظ البحر الأحمر أن الحادث وقع على بعد 46 ميلاً بحرياً من شاطئ مرسى علم، والمركب يملكه مصري الجنسية، وطوله 34 متراً وعرضه 9.5 متر، وأنه جرت مراجعة الموقف الفني للمركب، وتبين أن آخر تفتيش كان في شهر مارس (آذار) 2024، وحصل على شهادة صلاحية لمدة عام، ولا توجد أي ملاحظات أو عيوب فنية.

من جانبها، وصفت غرفة سياحة الغوص والأنشطة البحرية في مصر حادث المركب بـ«الأليم»، موجهة الشكر للقوات المسلحة والجهات المعنية التي ساهمت بكل ما أتيح لها من قدرة في العثور على المفقودين وإنقاذهم.

وشغل الحادث اهتمامات المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغا «#مرسى_علم»، و«غرق_مركب»، قائمة الأعلى تداولاً خلال الساعات الماضية. وتمثلت أبرز التفاعلات في متابعة جهود الإنقاذ أولاً بأول، إلى جانب تناقل أحدث البيانات حول الحادث.

في غضون ذلك، بدأت نيابة البحر الأحمر، تحت إشراف المحامي العام الأول، تحقيقاتها في الحادث، وطلبت الأوراق والمستندات والتصاريح الخاصة بالرحلة، بالإضافة إلى بيانات الركاب المصريين والأجانب وأفراد الطاقم. كما استمعت لأقوال الناجين الذين تم إنقاذهم حول أسباب وملابسات الحادث، وانتقلت إلى مستشفى مرسى علم للاستماع إلى أقوال الناجين من الأجانب وأفراد الطاقم.