ليبيا: مخاوف من تجدد القتال غرب طرابلس

وسط تضارب حول حجم الخسائر البشرية والمادية

اجتماع أمني سابق لوزير داخلية «الوحدة» (وزارة الداخلية)
اجتماع أمني سابق لوزير داخلية «الوحدة» (وزارة الداخلية)
TT

ليبيا: مخاوف من تجدد القتال غرب طرابلس

اجتماع أمني سابق لوزير داخلية «الوحدة» (وزارة الداخلية)
اجتماع أمني سابق لوزير داخلية «الوحدة» (وزارة الداخلية)

بينما توقّف العمل مجدداً في معبر «رأس جدير» على الحدود الليبية - التونسية، الأربعاء، عاد الهدوء الحذر إلى مدينة الزاوية، الواقعة غرب ليبيا، عقب اشتباكات عنيفة اندلعت مساء الثلاثاء بين الميليشيات المسلحة، وسط مخاوف من تجدد القتال، وتضارب حول حجم الخسائر البشرية والمادية.

وذكرت مصادر محلية أن «وسطاء من حكماء وأعيان الزاوية أقنعوا الأطراف المتحاربة بوقف القتال، الذي اندلع مساء الثلاثاء في المدينة». وأكد ناطق باسم «مجلس الزاوية البلدي»، لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، توقف الاشتباكات، التي قال إنها اندلعت بين «تجار ممنوعات»، لكنه نفى سقوط قتلى أو وقوع أضرار في الممتلكات.

عناصر عسكرية تابعة لحكومة «الوحدة» في مناورات بالسدادة (المجلس الرئاسي)

وبينما أكد عضو «مجلس حكماء وأعيان الزاوية» ضو الهاشمي أن «الاشتباكات أسفرت عن وقوع إصابات»، أشارت مصادر أمنية وطبية إلى «مقـتل شخص وإصابة 8 مدنيين، بينهم طفلة في الاشتباكات، التي أسفرت أيضاً عن حرق صيدلية، وتدمير عدد من سيارات المواطنين».

وبحسب وسائل إعلام محلية، فإنه «على الرغم من توقف الاشتباكات؛ فإن التحشيد المسلح لبعض التشكيلات المتصارعة استمر الأربعاء، ما ينذر بتصاعد الوضع خلال الأيام المقبلة». ورأى وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي، أن «المسؤولية تقع على عاتق حكومة الوحدة والمجلس الرئاسي، لحسم هذه الاشتباكات وعدم تكرارها مستقبلاً رأفة بالسكان».

جانب من التحشيدات العسكرية غرب طرابلس (إ.ب.أ)

وفي وقت سابق، قال وزير الداخلية بحكومة الوحدة «المؤقتة»، عماد الطرابلسي، إن «الزاوية تتمتع بثقل تسليحي كبير، نظراً لتمركز مجموعات كبيرة من التشكيلات والكتائب المسلحة بها». وأشار إلى «عدم امتلاك مؤسسته الأمنية أي سيطرة على الزاوية». لكن سياسيين ومحللين انتقدوا حديث الطرابلسي. وطالبوا بـ«وضع حد لتغول الميليشيات المسلحة في غرب البلاد».

في هذا السياق، أكد رئيس مؤسسة «سلفيوم» للأبحاث والدراسات، الليبي جمال شلوف، لـ«الشرق الأوسط»، أن حديث الطرابلسي «محاولة لإبراء ذمة وزارته وحكومة (الوحدة) بالمجمل من حالة الانفلات الأمني التي تعيشها الزاوية، وغيرها من مدن المنطقة الغربية؛ نظراً لضعف قدرات قواته التسليحية مقارنة بالتشكيلات». وقال المحلل السياسي الليبي محمد محفوظ، لـ«الشرق الأوسط»، إن الطرابلسي «لم يفِ بتعهده، الذي أطلقه من قبل بإخلاء العاصمة من التشكيلات المسلحة وعودتها لثكناتها». وأشار محفوظ إلى ما سمّاه «تجاهل وزارة الداخلية وحكومة (الوحدة) لحوادث تكرار الاشتباكات بالزاوية، التي تستخدم بها أسلحة ثقيلة ومتوسطة، ما دفع التشكيلات هناك للتمادي بصراعاتها».

عماد الطرابلسي وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» أكد أن الزاوية تتمتع بثقل تسليحي كبير (أ.ف.ب)

وتعد الاشتباكات التي شهدتها الزاوية، الثلاثاء، الأحدث في إطار دوامة من الصراع الميليشياوي.

وطالبت جمعية «الهلال الأحمر» بالزاوية الأطراف المتقاتلة بـ«هدنة لإخراج نحو 40 عائلة كانت عالقة بمنطقة الاشتباكات». ووفقاً لرؤية كثير من المراقبين، فإن ما يزيد من تعقيد المشهد بالزاوية «طبيعتها القبلية المحافظة، فضلاً عن تعدد الولاءات السياسية لتلك القبائل والتشكيلات المسلحة بها»؛ حيث يدين بعضها لحكومة «الوحدة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بينما تدين مجموعات أخرى بالولاء لحكومة «الاستقرار» المكلفة من البرلمان في شرق ليبيا، برئاسة أسامة حماد.

في المقابل، دافعت حكومة «الوحدة» عن نفسها في مواجهة انتقادها الدائم بسبب حالة الانفلات الأمني في الزاوية، وتغول الميليشيات هناك، وقالت إنها سبق أن قصفت أوكار المهربين بالمدينة. كما تعهدت بحماية الزاوية ممن سمّتهم «أعداء دولة القانون».

لكن رئيس «لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني» (المنتهية ولايته)، عبد المنعم اليسير، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «حل الأزمة لن يتأتى إلا عبر تنفيذ البنود الأمنية الواردة بالاتفاقيات السياسية، خصوصاً اتفاقيات (جنيف 2 و1)، التي نصت على حصر وتصنيف المجموعات المسلحة بعموم البلاد، سواء التي تم ضمها للدولة أو التي لم يتم ضمها». وطالب اليسير بـ«ضرورة تفكيك الميليشيات، ووضع آلية لإعادة دمج عناصرها بشكل فردي إلى مؤسسات الدولة، ممن تنطبق عليه الشروط والمواصفات المطلوبة لكل مؤسسة».

في غضون ذلك، تحدثت وسائل إعلام محلية عن «توقف منظومة الجوازات في معبر رأس جدير البري بسبب انقطاع الكهرباء، الأربعاء». ولم تعلق حكومة الوحدة «المؤقتة» أو وزارة داخليتها أو «إدارة إنفاذ القانون» التابعة لها والمكلفة بتأمين المعبر على هذه المعلومات.

الصديق الصور النائب العام الليبي (مكتب النائب العام)

إلى ذلك، أدرج رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة زيارته مساء الثلاثاء إلى مقر النائب العام الليبي الصديق الصور بطرابلس، في إطار التعاون بين مؤسسات وسلطات الدولة التشريعية والقضائية، موضحاً أنهما بحثا «جهود النيابة العامة في مجال مكافحة الفساد، والحد من هدر المال العام، وتنفيذ الإجراءات الرامية لتحقيق العدالة وسيادة القانون».


مقالات ذات صلة

سلطات شرق ليبيا توسّع انفتاحها على تركيا

شمال افريقيا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مستقبِلاً في أنقرة بلقاسم حفتر (صندوق إعادة إعمار ليبيا)

سلطات شرق ليبيا توسّع انفتاحها على تركيا

تأتي زيارة بلقاسم حفتر إلى تركيا غداة تأكيد وزير خارجيتها على «تقدّم العلاقات مع شرق ليبيا بشكل جيد للغاية»، في ظل «وجود تواصل مع المشير حفتر وأبنائه».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا البنك المركزي الليبي (رويترز)

كيف ساهمت «النقود المزيفة» في تراجع قيمة الدينار الليبي؟

قالت ثلاثة مصادر مطلعة لوكالة «رويترز» للأنباء إن ليبيا تشهد عمليات استبدال أوراق نقدية غير رسمية بدولارات حقيقية؛ مما يسهم في خفض قيمة الدينار

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا 
حفتر خلال لقاء وفد محلي من منطقة العربان (الجيش الوطني)

ليبيا: حفتر يدعو إلى «مصالحة وطنية»

دعا المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، المتمركز في شرق البلاد، إلى «تحقيق المصالحة الوطنية في ليبيا»، في وقت أكدت فيه فرنسا,

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا حفتر خلال لقاء وفد محلي من منطقة العربان (الجيش الوطني)

حفتر يدعو لـ«مصالحة وطنية» ليبية

شدد القائد العام لـ«الجيش الوطني» المتمركز في شرق ليبيا، المشير خليفة حفتر، على «أهمية تحقيق المصالحة الوطنية في البلاد».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في لقاء سابق مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة (الوحدة)

​ما أبرز العقبات أمام تشكيل «حكومة ليبية موحدة»؟

ذكرت بعض صفحات مواقع التواصل الاجتماعي أسماء بعض الشخصيات التي سبق وأعلنت عن نيتها للترشح لرئاسة تلك «الحكومة الموحدة».

جاكلين زاهر (القاهرة)

وفاة 21 شخصاً بسبب الحرّ في المغرب

أغلب ضحايا موجة الحر كانوا من المسنين أو الذين يعانون أمراضاً مزمنة (د.ب.أ)
أغلب ضحايا موجة الحر كانوا من المسنين أو الذين يعانون أمراضاً مزمنة (د.ب.أ)
TT

وفاة 21 شخصاً بسبب الحرّ في المغرب

أغلب ضحايا موجة الحر كانوا من المسنين أو الذين يعانون أمراضاً مزمنة (د.ب.أ)
أغلب ضحايا موجة الحر كانوا من المسنين أو الذين يعانون أمراضاً مزمنة (د.ب.أ)

توفي 21 شخصاً غالبيتهم مسنون، أو يعانون أمراضاً مزمنة، بسبب موجة حرّ في المغرب، وفق ما أفادت وزارة الصحة، اليوم (الخميس).

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد قالت الوزارة في بيان إن المركز الاستشفائي الجهوي في مدينة بني ملال (وسط)، سجل أمس (الأربعاء)، «21 حالة وفاة، منها 4 حالات وفاة خارج أسوار المستشفى، و17 حالة وفاة استشفائية».

مضيفة أن غالبية الوفيات «كانت بين أشخاص يعانون أمراضاً مزمنة وكبار السن، حيث أسهم الارتفاع الكبير في درجات الحرارة في تدهور حالتهم الصحية، وأدى إلى وفاتهم».

كان إقليم بني ملال واحداً من عدة مناطق في جهات مختلفة، عانت موجة حر بين يومي الاثنين والأربعاء، تراوحت بين 38 و48 درجة، وفق ما أعلنت مديرية الأرصاد الجوية في نشرة إنذارية الاثنين.

وسبق لمديرية الأرصاد أن أعلنت موجات حرارة مماثلة منذ بداية الصيف.

وفضلاً عن التداعيات الصحية، يشكّل ارتفاع درجات الحرارة تهديداً لمخزون السدود، في ظل جفاف حاد للسنة السادسة على التوالي، إذ فاقم وتيرة تبخر المياه إلى «مليون ونصف المليون متر مكعب في اليوم»، حسبما أوضح وزير التجهيز والماء نزار بركة، أواخر يونيو (حزيران) الماضي.

وكان الاثنين الماضي اليوم الأكثر حرارة على الإطلاق في العالم، منذ بدء تسجيل البيانات عام 1940، وفق ما أعلنت شبكة «كوبرنيكوس» الأوروبية، التي تستخدم بيانات الأقمار الاصطناعية لتسجيل درجات حرارة الهواء والبحر في الوقت الفعلي. بينما سجل أعلى معدل حرارة في المغرب يوم 11 أغسطس (آب) خلال العام الماضي في مدينة أغادير الساحلية، جنوب المملكة بمعدل 50.4 درجة.

ويتسبب تغير المناخ في أحداث مناخية قصوى أطول، وأقوى وأكثر تواتراً مثل موجات الحر والفيضانات، التي يشهدها عام 2024.