تونس: الرئيس سعيد يتهم «المتآمرين على الأمن الوطني» بقطع الماء والكهرباء

إيقافات لمجموعات من المتهمين في قضايا الاتجار في المخدرات والمواد المهربة

سعيد في زيارة غير معلنة لكبرى السدود الممتلئة حيث اتهم «شبكات إجرامية» بتعطيل مؤسسات توزيع المياه وتصنيع الكهرباء (موقعا رئاستَي الجمهورية والحكومة في تونس)
سعيد في زيارة غير معلنة لكبرى السدود الممتلئة حيث اتهم «شبكات إجرامية» بتعطيل مؤسسات توزيع المياه وتصنيع الكهرباء (موقعا رئاستَي الجمهورية والحكومة في تونس)
TT

تونس: الرئيس سعيد يتهم «المتآمرين على الأمن الوطني» بقطع الماء والكهرباء

سعيد في زيارة غير معلنة لكبرى السدود الممتلئة حيث اتهم «شبكات إجرامية» بتعطيل مؤسسات توزيع المياه وتصنيع الكهرباء (موقعا رئاستَي الجمهورية والحكومة في تونس)
سعيد في زيارة غير معلنة لكبرى السدود الممتلئة حيث اتهم «شبكات إجرامية» بتعطيل مؤسسات توزيع المياه وتصنيع الكهرباء (موقعا رئاستَي الجمهورية والحكومة في تونس)

أعلنت الإدارة العامة للحرس الوطني إيقاف شخص متهم بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» مفتش عنه جنوب العاصمة تونس، وإيقافات لمجموعات من المتهمين في قضايا الاتجار بالمخدرات والمواد المهربة في عدد من

محافظات البلاد.

رئيسا حكومتَي تونس وليبيا أحمد الحشاني وعبد الحميد الدبيبة في اجتماع تشاوري أمني قبل أيام في طرابلس (موقعا رئاستَي الجمهورية والحكومة في تونس)

وفي سياق ترفيع التنسيق الأمني بين تونس وليبيا في مجال مكافحة تهريب البشر والبضائع، ومنع تسرب مزيد من المهاجرين غير النظاميين الأفارقة نحو أوروبا عبر أراضي البلدين، عقد رئيس الحكومة التونسي أحمد الحشاني، ونظيره الليبي عبد الحميد الدبيبة أخيراً اجتماعاً تشاورياً على هامش مؤتمر أممي عن الهجرة غير النظامية عُقد في ليبيا.

وأسفر الاجتماع، حسب المصادر الحكومية والأمنية التونسية، عن قرارات لتفعيل خطة التصدي الجماعي للإرهاب والهجرة غير النظامية والتهريب، لا سيما بعد إعادة فتح معبر رأس جدير الحدودي - بوكماش بين تونس وليبيا.

وفي ظل ازدياد الاحتجاجات الشعبية في محافظة صفاقس الساحلية وسط البلاد، وفي مدن عدة على «تضخم عدد المهاجرين الأفارقة غير النظاميين وتسببهم في إحداث عنف» زار الرئيس التونسي مجدداً مدينتي منطقتي والعامرة (270 كيلومتراً جنوب العاصمة تونس) وتحادث مع مواطنين أوردت صفحة رئاسة الجمهورية أنهم يتهمون عدداً من هؤلاء المهاجرين بارتكاب جرائم، والنيل من الأمن القومي. واتهم الرئيس التونسي «مافيات التهريب» المحلية والأجنبية بالتورط في نقل هؤلاء الأفارقة من مناطق تبعد عن تونس آلاف الكيلومترات تمهيداً لنقلهم إلى أوروبا عبر سواحلها.

تآمر على الأمن الوطني

في سياق متصل صعّد الرئيس التونسي لأول مرة اتهاماته إلى «المتآمرين على الأمن الوطني من بين الذين أسهموا في تسيير البلاد منذ عشرات السنين».

الرئيس التونسي يعاين آثار تخريب شبكات صرف المياه ويتهم متآمرين على الأمن القومي ويأمر بمحاسبتهم (موقعا رئاستَي الجمهورية والحكومة في تونس)

وحمّل سعيد خلال كلمات بثّتها المواقع الرسمية لرئاسة الجمهورية ووسائل الإعلام الحكومية مسؤولية الانقطاعات غير المسبوقة للماء والكهرباء في جهات عدة إلى المتآمرين على أمن البلاد، والفاسدين، والمسؤولين الذين لم يقوموا بواجباتهم رغم كثرة السدود وخزانات المياه العمومية، ووفرة مياه الأمطار في أنهار عدة، بينها نهر مجردة الذي ينطلق من جبال شرق الجزائر، ويعبر تونس من غربها إلى شرقها ويعدّ من بين موارد شبكات توزيع المياه العمومية للمواطنين ولشركة تصنيع الكهرباء العمومية.

وأمام تعاقب حوادث العنف والاحتجاجات في مدن عدة؛ بسبب انقطاع الماء والكهرباء أدى الرئيس التونسي زيارات جديدة بالجملة لعدد من الأنهار والسدود والخزانات المائية غرب البلاد وشرقها، وأدلى بتصريحات جديدة يتهم فيها «المتآمرين على الأمن الوطني» بتحمُّل مسؤولية اضطراب توفير الكهرباء، والاحتجاجات أمام مكاتب السؤولين، والاعتصامات التي تسببت أحياناً في تعطيل حركة المرور.

حكومات الـ70 عاماً الماضية

وبعد أن كان الرئيس التونسي والمقربون منه ينتقدون، خصوصاً، ما يسمونها حكومات «العشرية السوداء»، التي يقصدون بها مرحلة 2011 - 2021، أصبحوا ينتقدون كذلك «الفساد المالي والإداري» والمتورطين في «الاعتداء على الأمن الوطني» بالمفهوم الواسع للكلمة في عهدَي الرئيسَين الحبيب بورقيبة (1956 - 1987) وزين العابدين بن علي (1987 - 2011). وبذلك أصبحت الانتقادات والاتهامات تشمل كذلك المسؤولين عن سياسات الدولة وعن تسيير قطاعاتها الحيوية طوال الـ70 عاماً الماضية.

في هذا السياق، اتهم الرئيس التونسي خلال زيارته قبل يومين إلى «سد نبهانة» من محافظة القيروان، (170 كيلومتراً جنوب العاصمة)، المسؤولين السابقين بإهمال هذا السد المائي الكبير وعدم صيانته وتنظيفه منذ 1969، مما تسبّب في خروجه عن الخدمة، وحرمان منطقة القيروان والوسط التونسي والساحل من حاجياتها من المياه والكهرباء.

كما اتهم قيس سعيد بالمناسبة «شبكات إجرامية» بتخريب البنية الأساسية لتوزيع الأنهار والسدود وشبكات أنابيب توزيع المياه. وأعلن موقع رئاسة الجمهورية أن سعيد أصدر أوامر بـ«محاسبة المسؤولين» عن عمليات التخريب هذه، وعن «الشبكات الإجرامية»؛ دفاعاً عن «الأمن القومي للبلاد» بالمفهوم الواسع للكلمة.

موطن بورقيبة وبن علي

وفي خطوة رمزية، زار الرئيس التونسي كذلك منطقة الساحل موطن الرئيسين الأسبقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، حيث نُظّمت أخيراً احتجاجات كثيرة بسبب انقطاع الماء والكهرباء، واتّهم المتسببين في اضطراب عمل شبكات المياه والكهرباء العمومية بـ«النيل من الأمن القومي».

وفي محافظة المنستير، موطن الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة وعدد كبير من كوادر الدولة منذ 1956، أدلى سعيد بتصريحات وجّه خلالها رسائل سياسية واضحة للذين يتسببون في اضطراب صرف المياه، وعمل شبكة الكهرباء العمومية.

وفي منطقة قرمبالية من محافظة نابل السياحية الساحلية، (100 كيلومتر شمال شرقي العاصمة تونس)، اتهم سعيد المتآمرين على الأمن القومي بتعمد الإضرار بشبكات المياه والسدود؛ للتسبب كذلك في إضعاف قدرات المؤسسة العمومية للكهرباء والغاز عن إنتاج حاجيات البلاد من الطاقة الكهربائية.

هذه التطورات تتزامن مع انطلاق الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، في مرحلة تشهد تصعيداً في الخطاب وتبادل الانتقادات بين مختلف الأطراف السياسية والنقابية، كما تشهد تبادلاً للاتهامات بتحمّل مسؤولية فشل الحكومات المتعاقبة منذ عشرات السنين في تحقيق الشعارات التنموية والسياسية التي طرحتها.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».