جدل ليبي بشأن ازدياد أعداد المهاجرين الأفارقة

وسط مخاوف من «التغيير الديموغرافي ومشروعات التوطين»

مهاجرون غير نظاميين في أحد شوارع طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
مهاجرون غير نظاميين في أحد شوارع طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

جدل ليبي بشأن ازدياد أعداد المهاجرين الأفارقة

مهاجرون غير نظاميين في أحد شوارع طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
مهاجرون غير نظاميين في أحد شوارع طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)

تصاعدت في ليبيا حالة من الجدل بشأن ازدياد أعداد المهاجرين غير الشرعيين، خصوصاً من أصحاب البشرة السمراء، وسط تباين في الآراء، ومخاوف من تداعيات وجودهم في البلاد.

ويرى بعض المتخوفين أن حديث وزير الداخلية في حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عماد الطرابلسي، حول «وجود أكثر من مليوني أجنبي دخلوا ليبيا بطريقة غير مشروعة، ويستفيدون من السلع والخدمات المدعمة»، كان بمثابة التحذير الرسمي الأخطر من وجود هؤلاء المهاجرين.

سياسيون معروفون تفاعلوا سريعاً مع تصريح الطرابلسي الذي أطلقه، الأسبوع الماضي، خلال افتتاح معبر «رأس جدير» الحدودي مع تونس، محذرين من خطورة الرقم الذي ذكره قياساً بعدد الليبيين.

وعلى الرغم من استبعاده وجود تقدير رسمي دقيق لهؤلاء المهاجرين بسبب الانقسام الحكومي، فإن عضو مجلس النواب الليبي، عمار الأبلق، قال إنه يرصد يومياً ارتفاع أعداد المهاجرين ممن قدموا من دول الجوار الأفريقي.

مهاجرون غير نظاميين يغادرون من بنغازي إلى دكا وفق البرنامج الأممي لـ«العودة الطوعية» (أرشيفية - المنظمة الدولية للهجرة)

ورأى الأبلق في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المخاوف المتداولة بأحاديث الساسة بخصوص ازدياد أعداد المهاجرين، تتمثل في «التغيرات الديموغرافية التي قد تحدث مستقبلاً في ليبيا». ونوه بأن تعداد سكان ليبيا لا يتجاوز 8 ملايين نسمة، ولا توجد سلطة واحدة تسيطر على أراضيها وحدودها، كما لم تنتبه أي من الحكومتين المتنازعتين على السلطة إلى إحصاء عدد هؤلاء المهاجرين.

وحول مقصد هؤلاء المهاجرين، قال الأبلق: «أغلبهم يسعون للهجرة غير المشروعة إلى أوروبا؛ ولكن مع فشل محاولات بعضهم استقروا في ليبيا، وكوَّنوا أسراً، وانخرطوا بسوق العمل»، لافتاً إلى أنهم في ليبيا ليسوا ضد العمالة الوافدة، لكن «شريطة أن يجري الأمر بصورة نظامية، وبما يتفق واحتياجات السوق المحلية».

وتقدر المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدد الوافدين الموجودين بالأراضي الليبية بنحو 700 ألف مهاجر.

وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، تصدرت منصات التواصل الاجتماعي صور صُممت بتقنية الذكاء الاصطناعي، تظهر مهاجرين أفارقة يحملون السلاح في الشوارع، مرفقة بعبارات تحذّر مما يمكن أن تصبح عليه ليبيا مستقبلاً.

مهاجرون غير نظاميين ينتظرون مغادرة بنغازي إلى دكا (أرشيفية - المنظمة الدولية للهجرة)

رئيسة مفوضية المجتمع المدني، مبروكة بالتمر، التي أعادت نشر هذه الصور عبر صفحتها على موقع «فيسبوك»، أرجعت ذلك لما ترصده من ازدياد أعداد هؤلاء المهاجرين بمدينتها بنغازي شرق ليبيا ومدن أخرى.

وقالت بالتمر لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدم وجود سلطة أمنية موحدة تستطيع ضبط حركة تلك الأعداد الضخمة من المهاجرين، يجعل وجودهم بأراضينا ولو لأشهر معدودة، بمثابة قنبلة موقوتة لا يعرف أحد متى ستنفجر». ولفتت إلى ما يمثله هذا الوجود من «رفع أسعار إيجار المنازل ببعض المدن، وتحديات أمنية عبر احتمالية استقطابهم من قبل أي عصابات إجرامية أو تشكيلات مسلحة، تحت ضغط أوضاعهم المعيشية».

وسلطت بالتمر الضوء على ما ورد بالتقرير السنوي لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الصادر منتصف الشهر الماضي، من توصيات تدعو السلطات الليبية إلى ضرورة «وضع حد لتجريم دخول المهاجرين إلى ليبيا والإقامة فيها ومغادرتها بصورة غير نظامية»، وقالت إن تلك التوصيات «تتعارض مع حقوق أي دولة بأن يكون الدخول لأراضيها بشكل قانوني بما يحفظ سيادتها وأمنها».

وانتهت إلى أن مثل تلك التوصيات وما سمّته «مشروعات التوطين الأوروبية» تُشْعران جل الليبيين بأن هناك «من يستغل عدم استقرار بلادهم سياسياً، ويحاول إطالة أمد ذلك، لتكون ليبيا مقراً للأفارقة الذين استعمرت أوروبا بلدانهم، ونهبت ثرواتهم»، بحسب قولها.

مهاجرون ينتظرون إنقاذهم من قِبل أفراد طاقم سفينة إنقاذ بالبحر المتوسط في 26 أكتوبر 2022 (رويترز)

وشارك الناشط المدني محمد عبيد، وهو من سكان العاصمة، الصور المصممة بتقنية الذكاء الاصطناعي على صفحته عبر «السوشيال ميديا»، مبدياً قلقه من «التجمعات الكبيرة لهؤلاء المهاجرين الأفارقة بمناطق سكنهم بضواحي المدن الكبرى».

ولفت إلى أن «اختلاف سلوكياتهم ودخولهم البلاد بشكل غير قانوني ومن دون شهادات طبية، مما ينذر بنقلهم لبعض الأمراض الخطيرة، كل ذلك أسهم في ازدياد امتعاض قطاع من الليبيين من وجودهم».

في مقابل ذلك، رأى طارق لملوم رئيس منظمة «بلادي» لحقوق الإنسان، التي تُعنى بقضايا المهاجرين وطالبي اللجوء، أن هناك «حملة موسعة تجاه المهاجرين خصوصاً الأفارقة، تُعَدَّ محاولة للتغطية على الانتقادات الموجهة للسلطات الليبية بعموم البلاد، جراء ما يمارس من انتهاكات بحق المهاجرين بمراكز للاحتجاز».

وربط لملوم، لـ«الشرق الأوسط»، بين «تزامن تلك الحملة وما تسرب من مقاطع مصورة من داخل مركز احتجاز بئر الغنم (بمدينة الزاوية) تكشف تعرض مهاجرين للانتهاكات».

وفند لملوم الرقم الذي ذكره الطرابلسي، معتقداً أن «غالبية المهاجرين الذين يدخلون ليبيا يخرجون يومياً برحلات تستهدف شواطئ أوروبا، وهي تجري بعلم ومشاركة واستفادة عناصر تتبع السلطات شرقاً وغرباً».

كما انتقد لملوم الأصوات التي تحدثت عن زيادة المهاجرين بالبلاد من دون وجود إحصاءات موثوق بها، ومن دون التطرق لما تنشره دول أوروبية من إحصاءات سنوية تشير إلى وصول مئات الآلاف من المهاجرين إلى أراضيها، فضلاً عمن غرقوا في البحر المتوسط.


مقالات ذات صلة

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
TT

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.

فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

بين الرفض والقبول

تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.

الدبيبة والمنفي لم يعلّقا على تصريحات الطرابلسي (المجلس الرئاسي الليبي)

وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».

وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».

منظمة «العفو الدولية» قالت إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء» (وزارة الداخلية)

وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».

من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».

وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».

جمال الفلاح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».

وسيلة للإلهاء

أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.

تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».

زهراء لنقي عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي (الشرق الأوسط)

وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة؜ من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».

حماية الآداب العامة

غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».

وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».

وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».

أمينة الحاسية في لقاء سابق مع سيتفاني ويليامز (الشرق الأوسط)

ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».

المحامية الليبية ثريا الطويبي (الشرق الأوسط)

واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».