عائلة قتيل ليبي تتمسك بإعادة محاكمة السعدي القذافي

بعد نقض الحكم ببراءته من قضية «تصفية» اللاعب الرياني

صورة أرشيفية للساعدي القذافي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للساعدي القذافي (أ.ف.ب)
TT

عائلة قتيل ليبي تتمسك بإعادة محاكمة السعدي القذافي

صورة أرشيفية للساعدي القذافي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية للساعدي القذافي (أ.ف.ب)

توعّدت أسرة لاعب كرة القدم الليبي المقتول، بشير الرياني، بأنها «لن تُفرط في دمه»، بعدما قالت إن المحكمة العليا بالبلاد نقضت الحكم ببراءة الساعدي القذافي من هذه القضية.

وسبق أن برّأت دائرة الجنايات بمحكمة استئناف طرابلس الساعدي، نجل العقيد الراحل معمر القذافي، في أبريل (نيسان) 2018، من تهمة قتل وتعذيب لاعب كرة القدم الرياني عام 2005. وظل النجل الثالث للرئيس الراحل قابعاً في السجن إلى أن أطلق سراحه في 6 سبتمبر (أيلول) 2021، ليغادر البلاد متوجهاً إلى تركيا، وسط تباين الآراء حول إقامته راهناً.

وقال نجل الرياني، في مقطع «فيديو»، إن المحكمة العليا في ليبيا نقضت حكم براءة الساعدي، وقبلت الطعن عليه، ومن ثمّ أعادت القضية إلى محكمة استئناف طرابلس. ورأى في تصريح صحافي، أن هذه الخطوة «دليل على أن الساعدي هو قاتل والده، وسنظل نتمسك بحقنا إلى أن تستكمل محاكمته».

وفيما لم يعلّق أي من الموالين للساعدي على حكم المحكمة العليا، قال المحامي الليبي أحمد نشاد، رئيس هيئة الدفاع عن عبد الله السنوسي، مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي، إن نقض حكم براءة الساعدي «يستوجب إعادة القضية إلى محكمة استئناف طرابلس مجدداً، وبدء المحاكمة مرة ثانية».

وعثر على الرياني جثة هامدة عام 2005 قرب الاستراحة البحرية للساعدي، الذي اتُّهم بعد ذلك بتعذيبه وتصفيته، على الرغم من تعدد الروايات التي تتضارب بين تأكيد ذلك ونفيه.

وفي يونيو (حزيران) 2014، قرر النائب العام السابق عبد القادر جمعة رضوان، إحالة ملف القضية المتهم فيها الساعدي إلى غرفة الاتهام بمحكمة شمال طرابلس الابتدائية، وذلك بعد انتهاء إجراءات التحقيق، وتحديد جلسة للنظر فيها.

والساعدي (50 عاماً) كان لاعب كرة قدم سابقاً، وحاول من دون جدوى أن يؤسس مسيرة كروية في الدوري الإيطالي، قبل أن يقود وحدة نخبة عسكرية.

ويروي بعض الليبيين المناهضين لنظام القذافي، أن الساعدي بلغه قول الرياني عنه بأنه «لا يمتلك موهبة كروية». في حين تفيد رواية أخرى غير موثوقة بأن الرياني كان في حالة سكر، ورفض الانصياع لحرس الساعدي، فأطلقوا عليه الرصاص، وهي الرواية التي تنفيها أسرة المغدور، وتؤكد أنها «تعرضت للتشويه خلال السنوات الماضية، لكنها تظل على موقفها المطالب بمحاكمة نجل القذافي».

ويرى نشاد، في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن محكمة استئناف طرابلس ستتولى تحديد جلسة لإعادة نظر الدعوى، وقال: «حضور المتهم من عدمه مسألة إجرائية منظمة بقواعد تكفل السير بالدعوى، وفق ما هو مقرر قانوناً».

وعقب اندلاع «الثورة»، التي أطاحت بنظام والده في 17 فبراير (شباط) 2011، لجأ الساعدي إلى النيجر، لكن جرى تسليمه في 2014 إلى طرابلس، وأودع السجن، غير أن القضاء الليبي أطلق سراحه بعد 7 سنوات تنفيذاً لحكم قضائي آخر.

ويعتقد مسؤول سياسي سابق مقرب من حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، أن الساعدي، الذي كان يقبع في سجن الهضبة بطرابلس «أُطلق سراحه بقرار سياسي، ضمن إفراجات عديدة شملت رموزاً سابقين من نظام والده»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «كثيراً من المحكومين من أنصار النظام يقبعون في السجون رغم صدور إحكام بإطلاق سراحهم».

وكانت حكومة «الوحدة الوطنية» قد قالت عقب الإفراج عن الساعدي، في السادس من سبتمبر (أيلول) 2021 أن إطلاق سراحه «جاء تنفيذاً لقرار قضائي صادر قبل عامين بالتعاون مع مكتب النائب العام».

وعدّ نجل الرياني حكم المحكمة العليا «دليلاً على نزاهة وعدل القضاء الليبي»، وزاد من توعده، وقال إن «دم والده لن يضيع هباءً»، مشيراً إلى أن «القضية مستمرة، وهذا يرد على أي مواطن يقول إن عائلة بشير الرياني قبلت الديّة في مقتله».

وقال مقربون من الساعدي، الذي سبق أن ترأس الاتحاد الليبي لكرة القدم، إنه انتهى من تأليف كتاب يتضمن قصة حياة والده القذافي وعائلته.


مقالات ذات صلة

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية للقاء تكالة مع القائمة بالبعثة الأممية (البعثة)

تصاعد أزمة «الدولة» الليبي بعد إعلان تكالة فوزه

تصاعدت أزمة النزاع على رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، اليوم الثلاثاء، بعد إعلان رئيسه السابق محمد تكالة فوزه مجدداً برئاسته، وسط اعتراض خالد المشري.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا احتجاج سابق لمرضي ضمور العضلات أمام مقر الحكومة بطرابلس (رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا)

ليبيا: ضحايا «ضمور العضلات» يشكون التجاهل وبطء العلاج

يطالب مرضى ضمور العضلات في ليبيا بإنشاء مستشفى متخصص لخدمتهم، ووحدات رعاية بالمستشفيات الكبرى في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ضجة «إلزامية الحجاب» في ليبيا... تعارض دستوري وصمت حكومي

ضجة «إلزامية الحجاب» في ليبيا... تعارض دستوري وصمت حكومي

يرصد محللون ليبيون عقبات دستورية وقانونية وسياسية محتملة تعترض تفعيل ما ذهب إليه الطرابلسي، بخصوص فرض الحجاب على طالبات المدارس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا طائرة تابعة للخطوط الجوية الليبية قيد الصيانة في مايو الماضي (الصفحة الرسمية للشركة)

الديون والأعطال والرواتب... أزمات متراكمة تحاصر شركات الطيران الليبية

قدّر تقرير حديث صادر عن هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا إجمالي ديون «الخطوط الليبية» بنحو 1.12 مليار دينار؛ لعدة أسباب، من بينها انخفاض عدد الطائرات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

السودان: معارك الفاشر مستمرة... وطرفا الحرب يزعمان التفوق

مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)
مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)
TT

السودان: معارك الفاشر مستمرة... وطرفا الحرب يزعمان التفوق

مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)
مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)

تضاربت الأنباء حول المعارك المستمرة في مدينة الفاشر الاستراتيجية بولاية شمال دارفور بالسودان، في ظل مزاعم طرفي الحرب بالتفوق، وفي حين تحدثت منصات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» عن تحقيق تقدم كبير والاستيلاء على أحياء في المدينة، ينفي مسؤولون بالجيش السوداني والقوات المتحالفة معه الأمر، ويقولون إنهم يتصدون لهجمات «المتمردين» ويلحقون بهم «خسائر فادحة».

وحاضرة ولاية شمال دارفور، الفاشر، هي المدينة الكبيرة الوحيدة من إقليم دارفور المتبقية تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية والقوات الحليفة لها، وذلك بعدما سيطرت «الدعم السريع» منذ أشهر على المدن والفرق العسكرية التابعة للجيش في ولايات الإقليم الأربع (غرب، جنوب، وسط، شرق دارفور).

ومنذ أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني و«الدعم السريع» حرباً واسعةً بدأت في الخرطوم، وامتدت لتشمل أنحاء البلاد كافة تقريباً، ما تسبب في موجة نزوح غير مسبوقة، وفجّر أزمة إنسانية وتفشياً للأمراض والجوع.

وتقاتل «الدعم» بقوة للاستيلاء على الفاشر التي تعني السيطرة على دارفور، الذي تحده أربع دول غرباً وجنوباً هي: ليبيا، وتشاد، وأفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، وولايات كردفان والشمالية من جهة الشرق والشمال.

«الدعم» يفرض حصاراً

وقال شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الدعم السريع» حققت «اختراقات كبيرة» على حساب الجيش وحلفائه في القوات المشتركة، يوم الجمعة الماضي، وإنها «دخلت إلى سوق المدينة الكبير، وواصلت قصف تمركزات القوات المدافعة وقيادة الفرقة السادسة (التابعة للجيش)، مع اشتباكات متفرقة وعمليات كر وفر لاختراق الدفاعات».

وأكد الشاهد أن «(الدعم السريع) لا تزال تتمركز في المحور الشرقي للمدينة وأطراف سوق المدينة الكبير الشرقية، وتنتشر بكثافة في أحياء الجبل، والمصانع، والصفا، والجامعة، وحجر قد، القريبة من مقر قيادة الفرقة السادسة التابعة للجيش».

وقال شاهد آخر قريب من القتال إن القوات المهاجمة فرضت حصاراً مشدداً على المدينة، ولم تترك سوى منفذ خروج واحد باتجاه معسكر «زمزم للنازحين»، وتابع: «أعداد كبيرة من المستنفرين خرجوا عبره، ومن يخرج لا مجال لعودته».

سوق مدمرة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية دارفور جراء المعارك (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشار الشاهد إلى تفشي حالة من عدم الثقة بين «المستنفرين والقوات المشتركة، وبين القوات المشتركة نفسها، وبين المستنفرين وقيادة الفرقة السادسة»، وسط تبادل لاتهامات «الخيانة» وعدم عدالة توزيع الإمداد العسكري والمؤن والأموال.

«الجيش يدافع»

لكن الناطق الرسمي باسم قوات «حركة العدل والمساواة السودانية» الحليفة للجيش، العميد حامد حجر، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التمرد (يقصد الدعم السريع) يعتبر الفاشر هدفاً سياسياً مُهماً، لذلك يسعى بإصرار للاستيلاء عليها لتنفيذ مخططه في تقسيم السودان على غرار النموذج الليبي أو اليمني»، وأضاف: «قواتنا أفشلت مخططه (أي الدعم) وحلفائه الإقليميين للاستيلاء على المنطقة الغنية بثرواتها الزراعية والمعدنية والبشرية».

ووفقاً لحجر، فإن «الجيش والقوات المشتركة ظلا يدافعان عن الفاشر بشراسة، وخاضا أكثر من 151 معركة مع قوات (التمرد) منذ اندلاع الحرب، أفلحت في الحيلولة دون بسط سيطرته على المدينة».

وتكونت «القوات المشتركة» من حركات مسلحة وقعت اتفاق جوبا لسلام السودان، وأبرزها «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي، و«حركة العدل والمساواة السودانية» بقيادة جبريل إبراهيم، التي التزمت الحياد طويلاً، قبل أن تقرر الانحياز للقتال مع الجيش في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وتفرض «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) الماضي حصاراً محكماً على الفاشر من الجهات كافة، وعادة فإن قيادة الجيش في بورتسودان تلجأ لعمليات «الإسقاط الجوي» لتزويد القوات المحاصرة بالذخائر والمؤن والأسلحة.

وأدى الحصار الطويل والقتال المستمر والقصف المدفعي المتبادل لأزمة إنسانية كبيرة، واضطر مئات الآلاف للنزوح من المدينة المقدر عدد سكانها بنحو 1.8 مليون، ومعظمهم نازحون سابقون من حرب دارفور الأولى 2003.

تسبب اندلاع القتال في الفاشر في نزوح مئات الآلاف إلى المحليات الآمنة شمال الولاية (أ.ف.ب)

ووفقاً لحجر، فإن «قوةً كبيرةً جداً تدافع عن الفاشر، تتكون من الفرقة السادسة التابعة للجيش، والقوات التي انسحبت من مدن زالنجي، والجنينة، والضعين، ونيالا، إضافة للقوات المشتركة وآلاف المستنفرين»، ويضيف: «هذه القوة الكبيرة صعبت مهمة التمرد، وأفشلت استيلاءه على الفاشر، في أكثر من 151 معركة معه».

وقلل حجر من هجمات «قوات الدعم السريع»، ووصفها بـ«محاولات اقتحام يائسة»، وتابع: «تكتيكات دفاعنا تقوم على فتح ممرات تكتيكية للقوات المهاجمة، خصوصاً من الطريق المار قرب السوق الكبير إلى المناطق الشرقية، حيث حواضنهم الاجتماعية، واستدراجهم إلى مناطق يتم كسر هجومهم فيها».

وفي المحور الجنوبي، قال حجر إن «الجنجويد (تسمية يطلقها مناوئو الدعم عليها) تسللوا، الثلاثاء، من الجهة الجنوبية بحشود كبيرة، ودارت معركة كبيرة استطاعت قواته صد القوات المهاجمة، وكبدتها خسائر فادحة في العتاد والأفراد»، وأضاف: «تكتيكات (الجنجويد) تتمثل في التسلل عبر الأحياء المدنية، وقصف الأعيان المدنية ومنازل المواطنين».