معبر رفح: خطر المجاعة يصعّد المطالب الدولية بإعادة فتحه

مصر تتمسك بانسحاب إسرائيلي كامل منه

معبر رفح (رويترز)
معبر رفح (رويترز)
TT

معبر رفح: خطر المجاعة يصعّد المطالب الدولية بإعادة فتحه

معبر رفح (رويترز)
معبر رفح (رويترز)

تصاعدت مطالب دولية بإعادة فتح معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، خشية خطر المجاعة الذي قد يجتاح غزة منتصف يوليو (تموز) الحالي، وفق تقديرات أممية، وسط تمسك مصري بانسحاب إسرائيلي من المعبر الذي سيطرت تل أبيب عليه قبل نحو شهرين، ودمرت مرافقه.

وفي إحاطة أمام مجلس الأمن، الثلاثاء، بشأن الأوضاع بالقطاع الذي يشهد حرباً إسرائيلية منذ نحو 9 أشهر، قالت كبيرة منسقي «الأمم المتحدة» للشؤون الإنسانية في غزة، سيغريد كاغ، إنه «منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح وإغلاق المعبر الحدودي في أوائل مايو (أيار) الماضي، انخفض حجم المساعدات التي تدخل إلى غزة بشكل كبير».

وهو ما أكده المدير العام للهلال الأحمر في غزة، بشار مراد، لـ«الشرق الأوسط»، بقوله إن «العملية الإسرائيلية في رفح الفلسطينية، التي انطلقت في 6 مايو الماضي، حالت دون دخول أكثر من 3 آلاف شاحنة منتظرة حتى الآن بالجانب المصري قرب معبر رفح»، لافتاً إلى أن «غزة مقبلة على خطر المجاعة في ظل استمرار غلق المعابر».

ودعت المسؤولة الأممية إلى «تدفق مستمر للمساعدات إلى غزة، مطالبة بتوسيع نطاق ممر الأردن وحجم المساعدات التي تدخل عبر معبري زيكيم وإيريز الإسرائيليين، وفتح معابر إضافية، وخاصة إلى جنوب غزة، والنظر في نقل المساعدات من شمال غزة إلى جنوبها، وإعادة فتح معبر رفح بشكل عاجل».

وبحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، عن الجلسة، طالب مندوبو اليابان والصين والإكوادور وكوريا والمملكة المتحدة وفرنسا، بـ«فتح كل المعابر، بما فيها معبر رفح»، فيما حذّر مندوب سويسرا من أن «نحو 95 في المائة من سكان غزة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، منهم 15 في المائة وصلوا إلى مستوى كارثي، وأن خطر المجاعة الكبير سيستمر طالما استمر الصراع وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية».

فيما أشار مندوب الجزائر، عمار بن جامع، إلى أنه في يونيو (حزيران) الماضي، لم تتجاوز نسبة الوصول 73 شاحنة يومياً، متهماً إسرائيل باستخدام «التجويع كسلاح حرب».

اجتماع سابق لمجلس الأمن بشأن الحرب في غزة (رويترز)

ذلك الواقع الصعب الذي تناوله اجتماع مجلس الأمن، يشير المسؤول الإغاثي بغزة، بشار مراد، إلى أنه «لا يصف الأزمة على الأرض داخل القطاع»، لافتاً إلى أن «مستشفيين اثنين حكوميين يعملان من بين 30 مستشفى، وكميات قليلة من الدقيق والمواد الإغاثية تدخل من معبر إسرائيلي، ولا مؤن كافية موجودة بالقطاع».

ويؤكد أن «الشعب الفلسطيني يدفع ثمناً غالياً، وسط كميات محدودة من المساعدات تصل إليه، وقيود ومنع كبير في أغلب المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل»، داعياً إلى «فتح ممر إنساني من مصر لقطاع غزة ومن شمال القطاع لجنوبه لإنقاذ الأطفال الجوعى والنقص الحاد في الغذاء والعجز الكبير في التدخل الطبي».

ويعد معبر رفح شرياناً اقتصادياً وأمنياً على الحدود بين مصر وقطاع غزة، يُسهل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع وخروج المسافرين والمصابين منه، قبل أن تسيطر إسرائيل على الجانب الفلسطيني منه في مايو الماضي، وتعلن مصر عدم التنسيق مع إسرائيل بشأنه لعدم «شرعنة احتلاله»، والتزاماً باتفاقية المعابر التي وقعت عليها في 2005 تل أبيب ورام الله بشأن إدارة السلطة الفلسطينية لمعبر رفح.

وفي ظل معوقات تل أبيب، يرى الخبير الاستراتيجي، اللواء سمير راغب، أن إسرائيل هي الوحيدة التي تتحمل مسؤولية كل هذا التعطيل للمساعدات بعد تدميرها الجانب الفلسطيني من معبر رفح وسعيها لنقله، في مخالفة لاتفاق المعابر الذي يحدد الإحداثيات والترتيبات اللازمة لتشغيل معابر القطاع.

والأحد الماضي، نفى مصدران مصريان، عبر قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، «وجود أي محادثات مصرية لإشراف إسرائيلي على منفذ رفح، أو وجود أي موافقة من القاهرة على نقل منفذ رفح أو بناء منفذ جديد قرب كرم أبو سالم الإسرائيلي». وأكدا «تمسّك مصر بانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من الجانب الفلسطيني من المنفذ، عوداً لما قبل سيطرته عليه في 7 مايو».

دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية على رفح بالقرب من الحدود الفلسطينية المصرية في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وكانت الفترة الأخيرة شهدت طرح سيناريوهات لإدارة المعبر. منها محادثات أميركية مع منظمة أوروبية لتولي الإدارة، وفق ما نقلته صحيفة «بوليتيكو» الأميركية عن مسؤول بالبيت الأبيض. كما تحدثت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن أن شركة أمن أميركية خاصة ستتولى الإدارة، مقابل «تمسك مصري بإدارة فلسطينية للمعبر».

ووفق راغب، فإن أي ترتيبات لتشغيل معبر جديد ستستغرق شهوراً، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن مصر مع فتح معبر رفح على الفور، لكن تل أبيب من تعطله، وليست القاهرة.

وعن حلّ الأزمة، رأى أنه يجب بذل مزيد من الضغط على إسرائيل، حتى يتم الوصول لحلّ ووقف الكارثة الإنسانية بالقطاع، مع أهمية زيادة كميات المساعدات التي تدخل عبر معبر كرم أبو سالم، وفتح مسارات جديدة، مع تقليل العراقيل الإسرائيلية عبر تفتيش عينات، وليس كل الشاحنات، عبر اختيار عشوائي، ومن ثم تسريع دخول المواد الإغاثية.


مقالات ذات صلة

«وساطة غزة» في عام... هدنة واحدة وجولات «متعثرة»

شمال افريقيا فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

«وساطة غزة» في عام... هدنة واحدة وجولات «متعثرة»

تحركات واتصالات واجتماعات على مدار عام، منذ 7 أكتوبر 2023، لإنهاء الحرب في غزة، لم تسفر إلا عن هدنة واحدة لمدة أسبوع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية البرلمان التركي (أرشيفية)

تركيا: جلسة برلمانية خاصة لحرب غزة وتطورات الشرق الأوسط

يعقد البرلمان التركي جلسة خاصة لمناقشات التطورات في منطقة الشرق الأوسط بعد عام من الحرب في غزة، وتصعيد إسرائيل عدوانها وتوسيعه إلى لبنان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة ترفع صورهم خلال احتجاج قرب مقر إقامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس يوم 30 سبتمبر (إ.ب.أ)

عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة تنفّذ إضراباً عن الطعام

بدأ أفراد في عائلات الإسرائيليين المحتجزين في أنفاق حركة «حماس» بقطاع غزة إضراباً عن الطعام، متهمين حكومة بنيامين نتنياهو بأنها أهملت قضيتهم في ظل حرب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
رياضة عربية ستُكلّف لجنة الانضباط بالفيفا ببدء تحقيق في جرائم تمييز ضد إسرائيل (د.ب.أ)

«فيفا»: تكليف لجنة الانضباط بالتحقيق في مزاعم تمييز بسبب حرب غزة

أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم اليوم الخميس أنه سيطلب من لجنة الانضباط التابعة له النظر في مزاعم تمييز أثارها الاتحاد الفلسطيني للعبة على صلة بالحرب في غزة.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
المشرق العربي الفلسطيني عبد العزيز صالحة (يسار) يلوح لمتظاهرين بيدين مخضبتين بالدماء بعد قتل إسرائيليين في رام الله عام 2000 ويظهر (يمين) بعد اعتقاله (أ.ف.ب)

إسرائيل تغتال صاحب «أشهر صورة» في الانتفاضة الثانية

قتلت غارة إسرائيلية في قطاع غزة، الأسير المحرر، عبد العزيز صالحة، صاحب أشهر صورة في الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 عندما شارك في قتل جنديين إسرائيليين.

كفاح زبون (رام الله)

بيرييلو لـ«الشرق الأوسط»: عناصر من عهد البشير يمدّدون الحرب للعودة إلى السلطة

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)
المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)
TT

بيرييلو لـ«الشرق الأوسط»: عناصر من عهد البشير يمدّدون الحرب للعودة إلى السلطة

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)
المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو (إ.ب.أ)

قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا قنوات اتصال مفتوحة مع الاتحاد الأفريقي بشأن آلية لمراقبة الاتفاقيات الحالية والمستقبلية. من الأفضل دائماً أن نكون مستعدين، وينبغي للمجتمع الدولي أن يقيّم بنشاط الخيارات لدعم تنفيذ وقف الأعمال العدائية المحلية أو الوطنية في المستقبل». وأضاف بيرييلو: «هناك عناصر من عهد البشير داخل الجيش السوداني يعارضون مسار الحكم الديمقراطي المدني، وهم بحاجة إلى تمديد الحرب مساراً للعودة إلى السلطة، ضد إرادة الشعب السوداني».

وأوضح المبعوث الأميركي أنه «لا يوجد حل عسكري للصراع. لقد أضاع الجيش شهوراً من الفرص لإنهاء هذه الحرب من خلال المفاوضات التي يمكن أن تعيد السلام ومسار الحكم المدني، والتصعيد الأخير من كلا الجانبين سيكلّف أرواح عدد لا يُحصى من المدنيين السودانيين».

في الأثناء، تقدّم «مجلس الأمن والسلم» الأفريقي، خلال زيارته إلى السودان، بخريطة طريق لإنهاء الأزمة وإيقاف الحرب، وأبلغ المسؤولين السودانيين أن مفوضية الاتحاد الأفريقي تسعى للوصول إلى وقف إطلاق نار وفقاً لخريطة طريق يحملها الوفد، لكنه لم يفصح عنها، في حين استمع الوفد إلى شروحات بشأن الأزمة، وربط ذلك بتجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي.

خريطة طريق

اجتماع سابق لمجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي (أرشيفية - الخارجية المصرية)

ويزور العاصمة المؤقتة بورتسودان وفد من «مجلس الأمن والسلم» الأفريقي، الذي تترأس مصر دورته الحالية، في زيارة تُعدّ الأولى للبلاد منذ اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل (نيسان) 2023، وذلك رغم قرار المنظمة القارية بتجميد عضوية السودان إثر انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قام به الجيش ضد الحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك.

وتبنّى الاتحاد الأفريقي في مايو (أيار) 2023 خريطة طريق لإنهاء النزاع ووقف العدائيات وحماية المدنيين، والبنية التحتية ومعالجة الوضع الإنساني، عبر عملية سياسية شاملة. وبناء على ذلك شكّل المجلس «الآلية الرباعية» رفيعة المستوى التي يترأسها الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني. واشترط رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان في مارس (آذار) الماضي، للاستجابة لمبادرة الاتحاد الأفريقي، إعادة عضوية بلاده إلى الاتحاد الأفريقي.

وعقب لقائه مع وفد «مجلس الأمن والسلم»، انتقد البرهان تجميد عضوية حكومته في الاتحاد، قائلاً: «نحن ما زلنا نرى أن توصيف الاتحاد الأفريقي لما حدث في 25 أكتوبر بأنه انقلاب، (توصيف) غير دقيق وينافي الحقائق». ووصف البرهان في شرحه للوفد ما يحدث في السودان حالياً بأنه «احتلال من قِبل ميليشيا متمردة، بمشاركة أجانب ومعاونة دول يعرفها الجميع». وأضاف: «هناك قوى سياسية تريد أن تعود إلى الحكم بأي طريقة، قبل أن يعود المواطنون إلى منازلهم ومناطقهم المحتلة بواسطة الميليشيا المتمردة».

عضوية الاتحاد الأفريقي

رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي خلال اجتماع سابق للمجلس التنفيذي للاتحاد في أكرا (الاتحاد الأفريقي)

من جانبه، قال رئيس الوفد المصري السفير محمد جاد، عقب اللقاء، إن إيضاحات البرهان ساعدت في تفهّم أبعاد الأزمة السودانية، وأن مصر ظلّت دوماً تحرص على خروج السودان من الأزمة الحالية، مضيفاً أن «اللقاء تطرّق إلى ضرورة إيجاد البيئة اللازمة لاستعادة السودان عضويته في الاتحاد الأفريقي. ولا يمكن أن يمر السودان بمثل هذه الأزمة، وتكون عضويته مجمدة في الاتحاد الأفريقي».

وأبدى مساعد القائد العام للجيش الفريق جابر إبراهيم، في تصريحات أعقبت لقاءه وفد «مجلس الأمن والسلم»، تحفظه على ما سمّاه «المواقف السالبة» وغياب الصوت الأفريقي وصمته عما يدور في المشهد السوداني، وعدم إدانة انتهاكات «ميليشيا الدعم السريع الإرهابية». وقال جابر إن السودان «حريص على إحلال السلام ووقف معاناة شعبه، والانفتاح على المبادرات كافّة التي من شأنها تحقيق الأمن والاستقرار، وفرض سيادة الدولة». وأكد جابر استعداد حكومته لـ«الالتزام بتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية»، مضيفاً أن «السودان ليست به مجاعة، وما يحدث سياسة تنتهجها بعض الدول لتمرير أجندتها للتدخل في الشأن السوداني، بما يخدم مصالحها».

مزاعم الانتصار

آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الصراع المسلّح 27 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

ميدانياً، تبادل طرفا الحرب في السودان مزاعم الانتصار بعد نهاية معارك شرسة دارت في عدة مناطق بالسودان، ونشر كل طرف «مقاطع فيديو» عرض فيها ما سمّاه انتصاراته وهزائم خصمه. ولم تصدر تصريحات رسمية من الجيش والقوات المتحالفة معه، في حين قال مستشار لقائد «قوات الدعم السريع» إن قواته حقّقت انتصارات كبيرة على الحركات المسلحة المعروفة بـ«القوات المشتركة» في إقليم دارفور، كما ألحقت خسائر كبيرة بالجيش في منطقة «جبل موية» بوسط السودان، وفي الخرطوم بمحور منطقة «المقرن»، ومحور «الري المصري»، وكذلك في محور «المزروب - بئر مزة» في أطراف بإقليم دارفور.

وعادة لا يعلن الجيش بصفة رسمية نتائج معاركه ويكتفي بما ينشره ويبثّه النشطاء الموالون له على منصاتهم في وسائط التواصل، في حين اعتاد المتحدث باسم «قوات الدعم السريع» نشر بيانات رسمية في نهاية المعارك مع الجيش، لكنه هذه المرة لم يتحدث عن انتصارات أو هزائم في معارك أمس، لكن مستشار «الدعم السريع» الباشا طبيق، زعم أن قواته حقّقت انتصارات كبيرة في عدد من المناطق.