تقديرات بوفاة 990 سودانياً جوعاً ومرضاً في دارفور

آلاف النازحين فروا من معارك الفاشر سيراً على الأقدام

سودانيون نازحون يصلون يوم الأحد مدينة القضارف شرق البلاد هرباً من ولاية سنار جنوباً (أ.ف.ب)
سودانيون نازحون يصلون يوم الأحد مدينة القضارف شرق البلاد هرباً من ولاية سنار جنوباً (أ.ف.ب)
TT

تقديرات بوفاة 990 سودانياً جوعاً ومرضاً في دارفور

سودانيون نازحون يصلون يوم الأحد مدينة القضارف شرق البلاد هرباً من ولاية سنار جنوباً (أ.ف.ب)
سودانيون نازحون يصلون يوم الأحد مدينة القضارف شرق البلاد هرباً من ولاية سنار جنوباً (أ.ف.ب)

تجددت موجات النزوح بالسودان؛ إذ فرّ أكثر من 50 ألف شخص من المعارك المحتدمة بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور سيراً على الأقدام إلى بلدة طويلة، التي تبعد أكثر من 60 كيلومتراً غرب الفاشر، في درجة حرارة تجاوزت 40 درجة مئوية، ما أدى إلى موت بعضهم بالجوع والعطش، وفقاً لوسائل إعلام محلية.

ويعيش النازحون في «طويلة» وغيرها من مدن إقليم دارفور وضعاً مأساوياً، ما أدى إلى وفاة «991 شخصاً (في دارفور) خلال الفترة من 15 أبريل (نيسان) إلى 15 مايو (أيار) الماضيين، بسبب المجاعة وتفشي بعض الأمراض» وفقاً للناطق الرسمي باسم «تنسيقية النازحين واللاجئين في دارفور» آدم رجال.

وقال رجال لـ«الشرق الأوسط»: «النازحون في (طويلة) يتضورون جوعاً، وتعلو صرخات الأطفال من شدة الجوع، فجرعات الحليب القليلة التي يتناولونها لا تشبع بطونهم الصغيرة»، مشيراً إلى افتقار البلدة إلى «أبسط مقومات الحياة». وتابع: «تم تكوين (غرفة طويلة) لإيواء النازحين، ويتم دعمها بواسطة الخيّرين».

سودانيون نازحون من جنوب البلاد بعد وصولهم الاثنين إلى مدينة القضارف شرقاً (أ.ف.ب)

ونقل شهود عيان أوضاعاً مأساوية واجهت النازحين الفارين من الحرب في رحلتهم الطويلة إلى بلدة طويلة، وقالوا إن «درجات الحرارة المرتفعة بشدة» فاقمت معاناة النازحين. وتابع الشهود: «بعض من حالفهم الحظ من كبار السن والمرضى، عثروا على عربة تجرها الدواب، تعرف باسم (كارو) نقلتهم إلى طويلة».

سلب ونهب

وأكد الشهود أن رحلات النزوح لا تكون آمنة تماماً، فالنازحون على رقة حالهم، قد يتعرضون لسلب ونهب من قبل عصابات مسلحة، و«السعيد بينهم من يصل إلى (طويلة)، وهو حي ولم تتعرض له العصابات المسلحة».

الناشط الحقوقي السوداني، آدم إدريس، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «القذائف المتطايرة حصدت أرواح مئات المواطنين بالفاشر، ما اضطرهم للنزوح إلى (طويلة)، ومناطق في (جبل مرة) التي تقع تحت سيطرة حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور في (سورتوني، وروكرو، وفنقا، وقولو)».

وأوضح إدريس أن بعض النازحين عجز عن إكمال الرحلة الشاقة جراء الجوع والعطش، فلقي حتفه في الطريق، مطالباً المنظمات العاملة في مجال المساعدات الإنسانية بالإسراع إلى تقديم المساعدات لهم داخل البلدة.

وظلّت الفاشر آمنة منذ بداية الحرب بين الجيش و«الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023، لذلك نزح إليها آلاف كثيرة من المواطنين من مناطق النزاعات والقتال، بيد أنها تحولت لمنطقة حرب وقتال، بعد إعلان حركة «العدل والمساواة» برئاسة جبريل إبراهيم، وحركة «تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي، التخلي عن الحياد في الحرب والقتال إلى جانب الجيش.

عشرات النازحين السودانيين من ولاية سنار جنوب البلاد لدى وصولهم مدينة القضارف شرقاً (أ.ف.ب)

واستهدفت «الدعم السريع» الفاشر، وفرضت عليها حصاراً محكماً، تحت ذريعة أن الحركتين بإعلانهما الانحياز للجيش تخلتا عن اتفاقات لإبقاء الفاشر بعيدة عن الحرب.

والشهر الماضي، طالب مجلس الأمن «الدعم السريع» بإنهاء حصار الفاشر، ودعا أطراف الحرب جميعاً إلى وقف القتال على الفور، فيما اتهمت منظمات حقوقية وإنسانية دولية الجيش و«الدعم السريع» بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية للمواطنين. كما كشف تقرير «التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي» الذي تعدّه وكالات أممية إنسانية وشركاؤها عن تهديد المجاعة لأكثر من 14 منطقة في السودان، على رأسها إقليم دارفور، ولا سيما أن استمرار النزاع يمنع وصول المساعدات الإنسانية للضحايا.

توسيع الاستجابة

في غضون ذلك، أفادت «المفوضية السامية للأمم المتحدة» لشؤون اللاجئين، الثلاثاء، بأن عدد اللاجئين السودانيين المسجلين في مصر تجاوز 402 ألف لاجئ، وتوقعت وصول المزيد في الأشهر المقبلة.

وأضافت أن أكثر من 38 ألف لاجئ سوداني وصلوا مصر خلال شهر مايو (أيار) الماضي فقط. وقالت المفوضية، في بيان، إن ليبيا وأوغندا انضمتا حديثاً إلى «خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين»، هذا بالإضافة إلى أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا ودولة جنوب السودان.

وأوضحت أنه «حتى الآن لا يوجد سوى 19 في المائة من الأموال المطلوبة للاستجابة لمشكلة اللاجئين، وهي غير كافية لتغطية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً بالنسبة للنازحين».

وفي ليبيا، سجّلت المفوضية وصول أكثر من 20 ألف لاجئ سوداني إلى البلاد منذ أبريل (نيسان)، مع تقديرات بأن كثيرين وصلوا إلى شرق البلاد.

وفي أوغندا التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في أفريقيا، وصل أكثر من 39 ألف لاجئ سوداني منذ بداية الحرب، من بينهم 27 ألفاً وصلوا هذا العام. وأشارت إلى أن هذا العدد يزيد 3 مرات تقريباً عما كان متوقعاً.

وأضافت أنه بعد مرور 14 شهراً على بدء الحرب لا يزال آلاف يغادرون السودان فراراً من أعمال العنف الضارية والانتهاكات والموت والخدمات المعطلة وعدم القدرة على الوصول إلى المساعدات الإنسانية، بينما يلوح شبح المجاعة في الأفق.


مقالات ذات صلة

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

الخليج مقر وزارة الخارجية الإماراتية (الشرق الأوسط)

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

أكد سالم الجابري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأمنية والعسكرية، استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثة دولة الإمارات في الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا رئيس مجلس الوزراء المصري خلال لقاء عدد من المفكرين والكُتاب (مجلس الوزراء المصري)

«سد النهضة»: مصر تلوح بـ«توجه آخر» حال نقص حصتها المائية

لوّحت الحكومة المصرية باتخاذ «توجه آخر» تجاه قضية «سد النهضة» الإثيوبي حال نقص حصة القاهرة من مياه النيل.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

السودان: اتهامات لكتائب موالية للجيش بـ«إعدام العشرات» جماعياً

وجه نشطاء حقوقيون سودانيون اتهامات لكتائب موالية للجيش وأفراد يرتدون الزي العسكري له بارتكاب ما وصفوه بـ«انتهاكات جسيمة» تضمنت عمليات «إعدام جماعي لعشرات».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا الرئيس الصيني يرحب بقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال «قمة منتدى التعاون الصيني - الأفريقي» في بكين مطلع سبتمبر الماضي (مجلس السيادة)

بكين تدعو إلى احترام سيادة ووحدة السودان وعدم التدخل بشؤونه

«الشركات الصينية تهتم بالسودان، وتتابع تطورات الأحداث أولاً بأول، وترغب بعد وقف الحرب العودة مرة أخرى واستئناف عملها في الاقتصاد التجاري».

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش في الخرطوم يوم 26 سبتمبر (رويترز)

الجيش السوداني ينفي قصف سفارة الإمارات بالخرطوم

قال الجيش السوداني في بيان إنه «لا يستهدف مقار البعثات الدبلوماسية، أو مقار ومنشآت المنظمات الأممية أو الطوعية».


«غلاء البيض» يؤرق أسراً مصرية مجدداً

وزارة الزراعة المصرية تطلق منافذ متحركة لبيع بيض المائدة بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة المصرية)
وزارة الزراعة المصرية تطلق منافذ متحركة لبيع بيض المائدة بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة المصرية)
TT

«غلاء البيض» يؤرق أسراً مصرية مجدداً

وزارة الزراعة المصرية تطلق منافذ متحركة لبيع بيض المائدة بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة المصرية)
وزارة الزراعة المصرية تطلق منافذ متحركة لبيع بيض المائدة بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة المصرية)

أرّق غلاء البيض أسراً مصرية مجدداً، وسط اتهامات للتجار برفع الأسعار، وتحركات حكومية بالتدخل لحل الأزمة، بعدما وصل سعر «طبق البيض» في بعض المناطق إلى نحو 200 جنيه (الدولار يساوي نحو 48.53 جنيه في البنوك المصرية).

ولاقى ارتفاع أسعار بيض المائدة تفاعلاً في وسائل إعلام، وبين المغردين على منصات التواصل الاجتماعي، يوم السبت، حيث اشتكى متابعون من زيادة أسعار «طبق البيض» مجدداً، ومعاناة بعض الأسر، خصوصاً مع العام الدراسي الجديد، في حين رأى آخرون أن «الحل ليس في الشراء من المنافذ الحكومية، لكن يجب أن تتم مراقبة الأسواق، وجعل السعر موحداً في جميع المحال التجارية».

كما تساءل الإعلامي المصري، عمرو أديب، عبر برنامجه التلفزيوني على قناة «إم بي سي مصر»، مساء الجمعة، عن «أسباب ارتفاع أسعار طبق البيض لنحو 200 جنيه»، قائلاً: «الغريب أن سعر البيض يرتفع بزيادات كبيرة ومتوالية، حتى لو انخفضت أسعار الدواجن».

زيادات «غير مبررة»

ومع شكاوى مصريين من زيادات «غير مبررة» في أسعار «بيض المائدة»، دعت جمعية «مواطنون ضد الغلاء» (جمعية أهلية) أخيراً إلى «مقاطعة شراء بيض المائدة، نتيجة القفزات السريعة والمتلاحقة في الأسعار». وطالبت في إفادة لها بـ«ضرورة توحيد الأسعار في السوق المصرية، بين الحكومة والمنتجين والتجار، لمنع الممارسات الاحتكارية بالسوق».

ولا يرى رئيس «شعبة الدواجن» في الغرفة التجارية بمصر، سامح السيد، إشكالية في إنتاج البيض بمصر، مشيراً إلى أن «حجم الإنتاج يصل لنحو 15 مليار بيضة سنوياً، ويتم التصدير لبعض الدول».

وقال: «إن الزيادات في أسعار البيض تأتي من تسعير السلاسل التجارية الخاصة، التي تبالغ في تقدير السعر»، مطالباً المستهلكين «بعدم الشراء من منافذ البيع الخاصة، والاعتماد على المنافذ الحكومية».

السيد أكد لـ«الشرق الأوسط»، السبت، أن هناك تحركات حكومية في الأسواق للسيطرة على أسعار «بيض المائدة». وأشار إلى «اجتماع حكومي لوزير الزراعة المصري، علاء فاروق، مع اتحاد منتجي الدواجن، وعدد من المسؤولين، الأسبوع الماضي، لضخ كميات كافية من بيض المائدة بالمنافذ الحكومية التابعة لوزارتي التموين والزراعة». وقال: «إن وزارة الزراعة وعدت بضخ نحو 300 ألف طبق بيض أسبوعياً في المنافذ الحكومية بأسعار مخفضة تصل إلى 150 جنيهاً».

أسعار البيض تشهد ارتفاعات متكررة في مصر (وزارة الزراعة المصرية)

تنظيم صناعة الدواجن

وطالب رئيس «شعبة الدواجن» بضرورة «التدخل الحكومي لتنظيم صناعة الدواجن في مصر بوصفها قضية أمن غذائي للمصريين». وأضاف: «أن من الإجراءات التي يجب اتخاذها (استئناف تشغيل بورصة الدواجن المصرية والمتوقفة منذ 12 عاماً)، وكذا (تشديد الرقابة الحكومية على السلاسل التجارية الخاصة)».

ومطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، حرّك «جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية» في مصر، دعوى قضائية ضد 21 من كبار منتجي البيض. واتهمهم حينها «بالاحتكار، والاتفاق على أسعار مرتفعة لبيع البيض بالمخالفة للقانون»، وفق إفادة رسمية للجهاز.

وأعاد رئيس «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية»، عبد المنعم السيد، الزيادة في أسعار بيض المائدة بمصر، إلى «زيادة الطلب، خصوصاً مع بداية العام الدراسي في مصر»، إلى جانب «ارتفاع تكلفة التسمين والأعلاف، لمنتجي الدواجن»، إضافة إلى أن «90 في المائة من القطاعات المنتجة لبيض المائدة، تعتمد على سلالات أجنبية»، مطالباً «بضرورة تدخل الحكومة المصرية للتوسع في إنتاج سلالات محلية لبيض المائدة».

وتوقف رئيس «مركز القاهرة» مع مغالاة التجار في الأسعار. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن جزءاً كبيراً من الأزمة بسبب سلوكيات التجار، والمغالاة في الأرباح»، مشيراً إلى أن «التاجر يحصل على البيض بما يوازي 120 جنيهاً، ويتم البيع للمستهلك بنحو 200 جنيه»، مطالباً «بضرورة وضع ضوابط من الغرف التجارية لتقليل هامش الربح، وضبط الأسواق، والابتعاد عن السياسات الاحتكارية التي يلجأ إليها التجار بالاتفاق فيما بينهم لتوحيد سعر البيع».