حرب السودان تعود إلى تدمير الجسور الاستراتيجية في العاصمة

«قوات الدعم السريع» تسيطر على كامل سنجة وتتمدد شرقاً

صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)
صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)
TT

حرب السودان تعود إلى تدمير الجسور الاستراتيجية في العاصمة

صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)
صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

تبادل الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» الاتهامات بتدمير جسر رئيسي يربط شمال مدينة أم درمان بشمال مدينة الخرطوم بحري، وهو أحد أهم جسور العاصمة المثلثة التي يقسّمها نهر النيل إلى ثلاث مدن، وهو أيضاً ثالث جسر يُدمَّر في أثناء القتال بين الطرفين المستمر منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023.

وقال الجيش، في بيان، إن «ميليشيا آل دقلو الإرهابية (في إشارة إلى قوات الدعم السريع)، أقدمت، مساء السبت، على تدمير جزء من جسر الحلفايا من الناحية الشرقية، ما ألحق به أضراراً في الهياكل الخرسانية». وأضاف البيان أن ما حدث يُعدّ «استمراراً في عمليات تدمير البنية التحتية وتدمير المنشآت الحيوية، لتغطية فشل (قوات الدعم السريع) في تحقيق أهدافها، ومنع الجيش من أداء واجبه في تطهير الوطن من دنسهم».

من جانبها، اتهمت «قوات الدعم السريع»، في بيان، مَن أطلقت عليها «ميليشيا (قائد الجيش) البرهان وكتائب الحركة الإسلامية المتسترة برداء القوات المسلحة، بتدمير جسر الحلفايا، استمراراً لنهج تدمير المنشآت العامة والخاصة للتغطية على الهزائم المتواصلة التي تلقاها الجيش».

وأضافت أن «الجيش وكتائب الحركة الإسلامية استعانوا بخبراء ومرتزقة أجانب لمساعدتهم على تدمير جسر الحلفايا، لإعاقة هجوم كانت (قوات الدعم السريع) تخطط للقيام به على منطقة وادي سيدنا العسكرية» التابعة للجيش. وعدّت اتهامات الجيش لـ«الدعم السريع» محاولة للتستر على جريمته وإلصاقها بها، واصفة ذلك بأنه «محاولة مكشوفة لصرف الأنظار عن هزائم الجيش المتواصلة».

ويلتقي نهرا النيل الأزرق والنيل الأبيض في وسط العاصمة الخرطوم ليكوّنا نهر النيل، إذ تنقسم العاصمة الخرطوم إلى 3 مدن، وهي: الخرطوم، وأم درمان، وبحري، ويربط العاصمة المثلثة عدد من الجسور، دُمّرت ثلاثة منها حتى الآن، هي: جسر الحلفايا، وجسر شمبات، وجسر خزان جبل الأولياء.

صورة متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي لجسر «شمبات» الذي يربط بين مدينتي أم درمان وبحري بعد تدميره

السيطرة على الجسور

وتسيطر «قوات الدعم السريع» بصورة كاملة على جسري «سوبا» و«المنشية»، اللذين يربطان شرق مدينة الخرطوم بشرق مدينة بحري. كما تسيطر على جسري «المك نمر» و«القوات المسلحة» اللذين يربطان شمال الخرطوم بجنوب بحري، وتسيطر أيضاً على جسر «توتي» الذي يربط وسط العاصمة بجزيرة توتي حيث ملتقى النيلين الأزرق والأبيض وبداية نهر النيل.

وتسيطر «الدعم السريع» أيضاً على جانب من جسر «خزان جبل أولياء» الذي يربط جنوب الخرطوم بجنوب مدينة أم درمان، والذي تعرّض هو الآخر للتدمير، قبل أن تعيد «قوات الدعم السريع» ترميمه باعتباره الجسر الوحيد الذي يربط قواتها بأم درمان وغرب البلاد بالمناطق الشرقية للنيل الأبيض.

ويتقاسم الجيش و«الدعم السريع» السيطرة على جسر «الفتيحاب» الرابط بين أم درمان والخرطوم، إذ يسيطر الجيش عليه من جهة أم درمان، وتسيطر «الدعم السريع» على الجانب الآخر. وينطبق السيناريو نفسه على جسر «النيل الأبيض» الذي يربط المدينتين، في حين خرج جسر «شمبات» الرابط بين بحري وأم درمان من الخدمة بعد تدميره في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتتضارب المعلومات بشأن السيطرة على جسري «كوبر» و«النيل الأزرق». ويتعرّض الآن جسر «الحلفايا»، الذي كان الطرفان يتقاسمان السيطرة عليه شرقاً وغرباً، إلى تدمير واتهامات متبادلة حول الجهة التي تسبّبت في ذلك.

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بين قواته في سنار قبل هجوم «الدعم السريع» عليها (موقع مجلس السيادة في «فيسبوك»)

معركة سنار

ميدانياً، أعلنت «قوات الدعم السريع»، الاثنين، استيلاءها على لواءين عسكريين جديدين قرب مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في وسط السودان، التي سيطرت عليها أول من أمس، في حين تحدثت تقارير عن تمدد القوات شرقاً.

وقالت «قوات الدعم السريع»، في بيان، بثته على صفحتها الرسمية على منصة «إكس»، إنها «حررت اللواء 67 مشاة واللواء 165 مدفعية، التابعين للفرقة 17 في مدينة سنجة»، وبسطت سيطرتها التامة على المنطقة، وتوعدت بالزحف نحو أهداف جديدة، في حين تشهد المدن والقرى في المنطقة نزوح آلاف السكان هرباً من الحرب، إذ نزحوا شرقاً نحو ولاية القضارف على الحدود مع إثيوبيا.

وأشار شهود عيان إلى أن «قوات الدعم السريع» سيطرت كذلك على مدخل جسر النيل الأزرق الرابط بين مدينة سنجة ومناطق شرق ولاية سنار، وسط أنباء عن تمددها شرقاً نحو محلية الدندر في الحدود مع ولاية القضارف. وبثت منصات تابعة لـ«الدعم السريع» عدداً من مقاطع الفيديو أظهرت الوجود الكثيف لقواتها في أنحاء واسعة من مدينة سنجة.

واستولت «قوات الدعم السريع»، السبت، على سنجة، بعد تحريك قواتها من مناطق «جبل موية» عبر الطرق الترابية، وسيطرت على مقر رئاسة الفرقة 17 التابعة للجيش في المدينة، مشيرة إلى أن ذلك يفتح الباب أمامها لـ«تحرير ما تبقى من الوطن من براثن الحركة الإسلامية الإرهابية وكتائبها وقياداتها في القوات المسلحة، الذين أشعلوا هذه الحرب، وتسببوا في كل المآسي التي يعانيها شعبنا».

نازحون هاربون من ولاية سنار (أ.ف.ب)

نزوح الآلاف

وأُصيب المدنيون في ولايتي سنار والنيل الأزرق المجاورة لها بحالة من الرعب أدت إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان. ولا توجد إحصاءات دقيقة لأعداد النازحين، لكن شهوداً قدروا أن يصل عدد النازحين من مدينة سنجة وحدها إلى ما يقارب 50 ألفاً، بالإضافة إلى الذين نزحوا من القرى المحيطة بها.

وشهدت مدينة سنار، العاصمة التاريخية للولاية، حالات نزوح ضخمة، تحسباً لاستيلاء «قوات الدعم السريع» عليها، على الرغم من العدد الكبير من قوات الجيش التي جرى تجميعها في المدينة للدفاع عنها. ونقل البعض على منصات التواصل الاجتماعي أن مدينة سنار أصبحت شبه خالية من المدنيين، بسبب الخوف من وصول الحرب إلى مدينتهم، خصوصاً بعد استيلاء «قوات الدعم السريع» على مدينة سنجة، عاصمة الولاية. وجرى تداول مقاطع مصورة لأعداد غفيرة من الفارين.


مقالات ذات صلة

6 قتلى في قصف لـ«الدعم السريع» على مخيم للنازحين في شمال دارفور

شمال افريقيا تصاعد الدخان فوق المباني بعد قصف جوي، خلال اشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني في الخرطوم 1 مايو 2023 (رويترز)

6 قتلى في قصف لـ«الدعم السريع» على مخيم للنازحين في شمال دارفور

قُتل 6 أشخاص على الأقل في قصف نفذته «قوات الدعم السريع» طال مخيماً للنازحين في شمال دارفور بغرب السودان، وفق ما أفاد ناشطون الاثنين.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا مفاوضات جنيف لحل الأزمة في السودان (أرشيفية - حساب المبعوث الأميركي للسودان توم بيرييلو)

محادثات سويسرا: إعلان لوقف الحرب وبناء جيش سوداني موحد

أعلنت قوى سياسية ومدنية وحركات مسلحة سودانية عن اتفاق لوقف الحرب، وبناء جيش سوداني موحد، وتفكيك نظام الإنقاذ الوطني، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

حكومة موازية لـ«الدعم السريع» في الخرطوم

أعلنت «قوات الدعم السريع» تشكيلَ إدارة مدنية (حكومة ولائية) في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك بعد 19 شهراً من سيطرتها على معظم أنحاء ولاية الخرطوم.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

«الدعم السريع» تكوّن حكومة مدنية موازية في الخرطوم

أعلنت «قوات الدعم السريع» تشكيل إدارة مدنية (حكومة ولائية) في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك بعد تسعة عشر شهراً من سيطرتها على معظم أنحاء ولاية الخرطوم

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا عناصر من «قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

صحيفة سودانية: «الدعم السريع» تشكل سلطة مدنية لإدارة ولاية الخرطوم

أفادت صحيفة «سودان تريبيون»، اليوم (الجمعة)، بأن «قوات الدعم السريع» أعلنت تشكيل سلطة مدنية لإدارة ولاية الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

الإعلان عن «تحرير» 9 مصريين من قبضة عصابة بشرق ليبيا

جانب من ترحيل السلطات الليبية عدداً من المهاجرين المصريين (جهاز مكافحة الهجرة)
جانب من ترحيل السلطات الليبية عدداً من المهاجرين المصريين (جهاز مكافحة الهجرة)
TT

الإعلان عن «تحرير» 9 مصريين من قبضة عصابة بشرق ليبيا

جانب من ترحيل السلطات الليبية عدداً من المهاجرين المصريين (جهاز مكافحة الهجرة)
جانب من ترحيل السلطات الليبية عدداً من المهاجرين المصريين (جهاز مكافحة الهجرة)

أعلن جهاز البحث الجنائي بشرق ليبيا أنه نجح في «تحرير» 9 مصريين من قبضة عصابة في عملية وصفها بـ«المحكمة» في منطقة أمساعد، أسفرت أيضاً عن ضبط عدد من المتورطين بتعذيب المهاجرين ومساومة أسرهم على دفع فدية.

وقال جهاز البحث، الأحد، إن وحدة التحريات بالفرع تلقت معلومات بشأن وجود أشخاص من الجنسية المصرية محتجزين داخل منزل بمنطقة أمساعد (شماس) من قبل مجهولين يطالبون بفدية، مشيراً إلى أن فرق التحري «بدأت في التحقق من صحة المعلومات وتحديد الموقع بدقة».

وأوضح أن القوات «نجحت في مداهمة المقر، وتحرير تسعة أشخاص من الجنسية المصرية، وضبط المتهم الأول، الذي كان يراسل عائلات الرهائن لمطالبتهم بدفع الفدية».

وكشف الجهاز أنه خلال التحقيقات تبين أن أحد المتهمين «يعمل مع أشخاص آخرين من الجنسية الليبية، بالإضافة إلى متهم آخر متورط في تعذيب الرهائن وطلب الفدية لترحيلهم عبر قوارب الموت إلى أوروبا».

ولفت إلى أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية، إذ أحيل المتهم الأول إلى النيابة لاستكمال التحقيقات، وأحيل المحتجزون إلى وحدة الترحيل بمنفذ أمساعد.

وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلنت مؤسسة «العابرين لمساعدة المهاجرين والخدمات الإنسانية» عن انقلاب قارب كان يقل 13 مصرياً أمام ساحل مدينة طبرق (شرق)، غرق منهم 12 فرداً، وذلك خلال محاولتهم الهجرة بطريقة غير نظامية إلى أوروبا.

وكانت السلطات الأمنية في ليبيا أعلنت مؤخراً إطلاق «حملة موسعة» لترحيل المهاجرين غير النظاميين إلى دولهم. غير أنها لم توضّح أي تفصيل بخصوص طبيعة الحملة، وما إذا كانت تستهدف المهاجرين المحتجزين في مراكز الإيواء فقط، أم أنها ستمتد لتشمل آلاف المهاجرين الطلقاء في عموم البلاد.

وتظهر أرقام الأمم المتحدة أن ليبيا الغنية بالنفط تؤوي 761 ألف مهاجر غير نظامي من 44 جنسية، وفقاً لبيانات تم جمعها في منتصف 2024.

جانب من ترحيل السلطات الليبية عدداً من مهاجري بنغلاديش (جهاز مكافحة الهجرة)

وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية عن ترحيل عشرات من المهاجرين المنتمين لدولة بنغلاديش بعد إتمام إجراءات الإبعاد عن الأراضي الليبية لمخالفتهم القوانين المعمول بها لدى الدولة الليبية.