«الدعم السريع» يهاجم «سنجة» بالتزامن مع زيارة البرهان للولاية

قائد الجيش السوداني تفقّد الخطوط الأمامية لقواته في «سنار»

البرهان بين قواته في سنار (موقع مجلس السيادة في «فيسبوك»)
البرهان بين قواته في سنار (موقع مجلس السيادة في «فيسبوك»)
TT

«الدعم السريع» يهاجم «سنجة» بالتزامن مع زيارة البرهان للولاية

البرهان بين قواته في سنار (موقع مجلس السيادة في «فيسبوك»)
البرهان بين قواته في سنار (موقع مجلس السيادة في «فيسبوك»)

بالتزامن مع زيارة يجريها رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، إلى ولاية سنار وسط البلاد، هاجمت «قوات الدعم السريع» مدينة سنجة، عاصمة الولاية، مستهدفة ارتكازات قوات الجيش، وتوغلت داخل الأحياء السكنية، وفق ما ذكرته مصادر محلية.

ووصل البرهان، السبت، إلى مدينة سنار في زيارة مفاجئة، تفقّد خلالها قواته في الخطوط الأمامية في المدينة، بعد أيام قليلة من استيلاء «قوات الدعم السريع» على بلدة جبل موية المهمة، التي تبعد حوالي 24 كيلومتراً غرب مدينة سنار. ونشرت الصفحة الرسمية لمجلس السيادة على موقع «فيسبوك» صوراً للبرهان وهو يتحدث إلى كبار القادة والضباط، وأخرى وهو يتناول وجبة الإفطار مع الجنود.

وقال مقيمون: «إن (قوات الدعم السريع) هاجمت سنجة من الاتجاه الغربي، وتوغّلت إلى داخل الأحياء السكنية». وأضافوا: «سمعنا أصوات الذخيرة الحية والاشتباكات في أنحاء مختلفة من المدينة». ونشرت حسابات تابعة لـ«الدعم السريع» على منصة «إكس» أخباراً عن معارك ضارية تدور في محيط «الفرقة 17» التابعة للجيش السوداني.

البرهان في سنار

وقال إعلام مجلس السيادة في بيان، إن رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان، وصل إلى مدينة سنار، وكان في استقباله والي الولاية المكلف محمد علي عبد الله، وقادة المناطق العسكرية في سنار والنيل الأزرق. واستمع البرهان إلى تقرير مفصل حول الموقف العملياتي بالقطاع، واستعدادات القوات المسلحة والأجهزة النظامية الأخرى والمستنفرين من المقاومة الشعبية «لصد أي محاولات من قبل العدو لزعزعة أمن واستقرار ولاية سنار»، كما تفقد أيضاً الخطوط الأمامية للدفاعات، و«وقف على جاهزيتها لدحر المتمردين من ميليشيا (الدعم السريع) الإرهابية».

البرهان يتناول الطعام مع قواته في سنار (موقع مجلس السيادة في «فيسبوك»)

ووفق البيان، أشاد البرهان بـ«الأداء البطولي الذي قدّمه أبطال القوات المسلحة والقوات النظامية في دحر الميليشيا، كما تفقد جرحى معركة الكرامة من النظاميين والمواطنين» في مستشفى كفاح التخصصي بمدينة سنار.

وتبعد سنجة، عاصمة الولاية التي هاجمتها «الدعم السريع» اليوم السبت، حوالى 60 كيلومتراً عن سنار، التي يزورها البرهان. ولم يصدر عن إعلام مجلس السيادة ما يؤكد مغادرة البرهان للمدينة، في حين ظل يواصل نشر مقاطع فيديوهات لبرنامج الزيارة.

وتداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي تسجيلات مصورة لعدد من المواطنين يفرون في كل الاتجاهات، في حين تُسمع بوضوح، أصوات الرصاص من خلفهم. ولم يصدر أيضاً أي تعليق رسمي من الجيش السوداني حول الهجوم، لكن حسابات مناصرة له في وسائل التواصل تحدثت عن تسلل محدود لـ«قوات الدعم السريع» جرى التعامل معه. وكانت «قوات الدعم السريع» قد أعلنت، الثلاثاء الماضي، عن سيطرتها الكاملة على منطقة جبل موية، القريبة من مدينة سنار، وأجبرت الجيش السوداني على الانسحاب والتراجع إلى دفاعاته في مدينة سنار، كما هاجمت مواقع الجيش في الأطراف الشمالية لمدينة سنار، إلا أنه تصدّى لها، وأجبرها على التراجع إلى مناطق سيطرتها في جبل موية.

قتلى وجرحى في قصف جوي
وقال «المرصد الوطني لحقوق الإنسان» إن طيران الجيش السوداني نفذ غارتين جويتين في مدينة الحصاحيصا في ولاية الجزيرة المأهولة بالسكان، أسفرت عن مقتل العشرات من النساء والأطفال، والمئات من الجرحى الذين وُصف وضعهم بـ«المأساوي جداً». ودعا المرصد في بيان على منصة «إكس» إلى وضع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي في صورة «جرائم الحرب التي يرتكبها طيران الجيش السوداني باستمرار ضد المدنيين»، داعياً إلى إدانة هذه المجازر المتكررة، والعمل على حظر استخدام الطيران العسكري ضد المدن المأهولة بالسكان.

مقالات ذات صلة

السودان: سقوط سنجة بيد «الدعم السريع» قد يفتح طريق تمددها أكثر

تحليل إخباري صورة أرشيفية لقائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو مع قواته في جنوب دارفور (أ.ف.ب)

السودان: سقوط سنجة بيد «الدعم السريع» قد يفتح طريق تمددها أكثر

استيلاء «الدعم السريع» على سنجة، يحقق لها انتصاراً سياسياً جديداً إلى جانب الانتصار العسكري، وقد يغير الموقف التفاوضي، ويجعلها تضع شروطاً تفاوضية جديدة.

أحمد يونس (كمبالا)
تحليل إخباري أطفال لاجئون سودانيون يتلقون العلاج أبريل الماضي في مخيم حدودي بتشاد (أ.ب)

تحليل إخباري ما دلالات العقوبات الأوروبية ضد مسؤولين سودانيين؟

استهدفت عقوبات فرضها الاتحاد الأوروبي قبل أيام 6 شخصيات سودانية تمتلك قدرات سياسية وعسكرية ومالية الأمر الذي أثار تساؤلات بشأن دلالتها وما تعنيه لمستقبل الحرب.

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))
شمال افريقيا طفل سوداني نازح من دارفور يتلقى العلاج في مستشفى للاجئين شرق تشاد (إ.ب.أ)

«أطباء السودان»: الحرب أوقعت 40 ألف قتيل

قدّر المتحدث باسم «نقابة الأطباء» في السودان، أحمد عباس، أن أكثر من 40 ألف شخص قتلوا في الحرب التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عام.

وجدان طلحة (بورتسودان) محمد أمين ياسين (ود مدني)
شمال افريقيا الصراع السوداني أجبر الآلاف على الفرار من ولايات مختلفة (أ.ف.ب)

السودان: تجدد الاشتباكات في جبل موية بعد سيطرة «الدعم»

تجددت اشتباكات متقطعة الثلاثاء في منطقة جبل موية الواقعة غرب ولاية سنار (جنوب شرقي السودان) بعد سيطرة قوات «الدعم السريع» عليها في أعقاب معارك مع قوات الجيش.

محمد أمين ياسين (ودمدني (السودان))
شمال افريقيا طفل سوداني نازح من دارفور يتلقى العلاج في مستشفى للاجئين شرق تشاد (إ.ب.أ)

«أطباء السودان»: أكثر من 40 ألف قتيل بالحرب

قدّر المتحدث باسم نقابة الأطباء في السودان أن أكثر من 40 ألف شخص قتلوا في الحرب الدائرة بين الجيش وقوات «الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) الماضي.

وجدان طلحة (بورتسودان)

حرب السودان تعود إلى تدمير الجسور الاستراتيجية في العاصمة

صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)
صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)
TT

حرب السودان تعود إلى تدمير الجسور الاستراتيجية في العاصمة

صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)
صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

تبادل الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» الاتهامات بتدمير جسر رئيسي يربط شمال مدينة أم درمان بشمال مدينة الخرطوم بحري، وهو أحد أهم جسور العاصمة المثلثة التي يقسّمها نهر النيل إلى ثلاث مدن، وهو أيضاً ثالث جسر يُدمَّر في أثناء القتال بين الطرفين المستمر منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023.

وقال الجيش، في بيان، إن «ميليشيا آل دقلو الإرهابية (في إشارة إلى قوات الدعم السريع)، أقدمت، مساء السبت، على تدمير جزء من جسر الحلفايا من الناحية الشرقية، ما ألحق به أضراراً في الهياكل الخرسانية». وأضاف البيان أن ما حدث يُعدّ «استمراراً في عمليات تدمير البنية التحتية وتدمير المنشآت الحيوية، لتغطية فشل (قوات الدعم السريع) في تحقيق أهدافها، ومنع الجيش من أداء واجبه في تطهير الوطن من دنسهم».

من جانبها، اتهمت «قوات الدعم السريع»، في بيان، مَن أطلقت عليها «ميليشيا (قائد الجيش) البرهان وكتائب الحركة الإسلامية المتسترة برداء القوات المسلحة، بتدمير جسر الحلفايا، استمراراً لنهج تدمير المنشآت العامة والخاصة للتغطية على الهزائم المتواصلة التي تلقاها الجيش».

وأضافت أن «الجيش وكتائب الحركة الإسلامية استعانوا بخبراء ومرتزقة أجانب لمساعدتهم على تدمير جسر الحلفايا، لإعاقة هجوم كانت (قوات الدعم السريع) تخطط للقيام به على منطقة وادي سيدنا العسكرية» التابعة للجيش. وعدّت اتهامات الجيش لـ«الدعم السريع» محاولة للتستر على جريمته وإلصاقها بها، واصفة ذلك بأنه «محاولة مكشوفة لصرف الأنظار عن هزائم الجيش المتواصلة».

ويلتقي نهرا النيل الأزرق والنيل الأبيض في وسط العاصمة الخرطوم ليكوّنا نهر النيل، إذ تنقسم العاصمة الخرطوم إلى 3 مدن، وهي: الخرطوم، وأم درمان، وبحري، ويربط العاصمة المثلثة عدد من الجسور، دُمّرت ثلاثة منها حتى الآن، هي: جسر الحلفايا، وجسر شمبات، وجسر خزان جبل الأولياء.

صورة متداولة على وسائط التواصل الاجتماعي لجسر «شمبات» الذي يربط بين مدينتي أم درمان وبحري بعد تدميره

السيطرة على الجسور

وتسيطر «قوات الدعم السريع» بصورة كاملة على جسري «سوبا» و«المنشية»، اللذين يربطان شرق مدينة الخرطوم بشرق مدينة بحري. كما تسيطر على جسري «المك نمر» و«القوات المسلحة» اللذين يربطان شمال الخرطوم بجنوب بحري، وتسيطر أيضاً على جسر «توتي» الذي يربط وسط العاصمة بجزيرة توتي حيث ملتقى النيلين الأزرق والأبيض وبداية نهر النيل.

وتسيطر «الدعم السريع» أيضاً على جانب من جسر «خزان جبل أولياء» الذي يربط جنوب الخرطوم بجنوب مدينة أم درمان، والذي تعرّض هو الآخر للتدمير، قبل أن تعيد «قوات الدعم السريع» ترميمه باعتباره الجسر الوحيد الذي يربط قواتها بأم درمان وغرب البلاد بالمناطق الشرقية للنيل الأبيض.

ويتقاسم الجيش و«الدعم السريع» السيطرة على جسر «الفتيحاب» الرابط بين أم درمان والخرطوم، إذ يسيطر الجيش عليه من جهة أم درمان، وتسيطر «الدعم السريع» على الجانب الآخر. وينطبق السيناريو نفسه على جسر «النيل الأبيض» الذي يربط المدينتين، في حين خرج جسر «شمبات» الرابط بين بحري وأم درمان من الخدمة بعد تدميره في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتتضارب المعلومات بشأن السيطرة على جسري «كوبر» و«النيل الأزرق». ويتعرّض الآن جسر «الحلفايا»، الذي كان الطرفان يتقاسمان السيطرة عليه شرقاً وغرباً، إلى تدمير واتهامات متبادلة حول الجهة التي تسبّبت في ذلك.

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بين قواته في سنار قبل هجوم «الدعم السريع» عليها (موقع مجلس السيادة في «فيسبوك»)

معركة سنار

ميدانياً، أعلنت «قوات الدعم السريع»، الاثنين، استيلاءها على لواءين عسكريين جديدين قرب مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في وسط السودان، التي سيطرت عليها أول من أمس، في حين تحدثت تقارير عن تمدد القوات شرقاً.

وقالت «قوات الدعم السريع»، في بيان، بثته على صفحتها الرسمية على منصة «إكس»، إنها «حررت اللواء 67 مشاة واللواء 165 مدفعية، التابعين للفرقة 17 في مدينة سنجة»، وبسطت سيطرتها التامة على المنطقة، وتوعدت بالزحف نحو أهداف جديدة، في حين تشهد المدن والقرى في المنطقة نزوح آلاف السكان هرباً من الحرب، إذ نزحوا شرقاً نحو ولاية القضارف على الحدود مع إثيوبيا.

وأشار شهود عيان إلى أن «قوات الدعم السريع» سيطرت كذلك على مدخل جسر النيل الأزرق الرابط بين مدينة سنجة ومناطق شرق ولاية سنار، وسط أنباء عن تمددها شرقاً نحو محلية الدندر في الحدود مع ولاية القضارف. وبثت منصات تابعة لـ«الدعم السريع» عدداً من مقاطع الفيديو أظهرت الوجود الكثيف لقواتها في أنحاء واسعة من مدينة سنجة.

واستولت «قوات الدعم السريع»، السبت، على سنجة، بعد تحريك قواتها من مناطق «جبل موية» عبر الطرق الترابية، وسيطرت على مقر رئاسة الفرقة 17 التابعة للجيش في المدينة، مشيرة إلى أن ذلك يفتح الباب أمامها لـ«تحرير ما تبقى من الوطن من براثن الحركة الإسلامية الإرهابية وكتائبها وقياداتها في القوات المسلحة، الذين أشعلوا هذه الحرب، وتسببوا في كل المآسي التي يعانيها شعبنا».

نازحون هاربون من ولاية سنار (أ.ف.ب)

نزوح الآلاف

وأُصيب المدنيون في ولايتي سنار والنيل الأزرق المجاورة لها بحالة من الرعب أدت إلى نزوح عشرات الآلاف من السكان. ولا توجد إحصاءات دقيقة لأعداد النازحين، لكن شهوداً قدروا أن يصل عدد النازحين من مدينة سنجة وحدها إلى ما يقارب 50 ألفاً، بالإضافة إلى الذين نزحوا من القرى المحيطة بها.

وشهدت مدينة سنار، العاصمة التاريخية للولاية، حالات نزوح ضخمة، تحسباً لاستيلاء «قوات الدعم السريع» عليها، على الرغم من العدد الكبير من قوات الجيش التي جرى تجميعها في المدينة للدفاع عنها. ونقل البعض على منصات التواصل الاجتماعي أن مدينة سنار أصبحت شبه خالية من المدنيين، بسبب الخوف من وصول الحرب إلى مدينتهم، خصوصاً بعد استيلاء «قوات الدعم السريع» على مدينة سنجة، عاصمة الولاية. وجرى تداول مقاطع مصورة لأعداد غفيرة من الفارين.