دبلوماسي متقاعد يتحدث عن دور جزائري مزعوم في الانتخابات الفرنسية

بعد دعوة «مسجد باريس» إلى التصويت ضد اليمين المتطرف

الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة مجموعة الـ7 بإيطاليا في 13 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة مجموعة الـ7 بإيطاليا في 13 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)
TT

دبلوماسي متقاعد يتحدث عن دور جزائري مزعوم في الانتخابات الفرنسية

الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة مجموعة الـ7 بإيطاليا في 13 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة مجموعة الـ7 بإيطاليا في 13 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

بدت أوساط الحكم في الجزائر غير مهتمة لـ«اتهامات» سفير فرنسي سابق لدى الجزائر، بـ«إصدار توجيهات لمسجد باريس الكبير بشن حملة للتصويت ضد (التجمع الوطني)»، وهو الحزب الذي يمثل اليمين المتطرف في فرنسا والمرشح بقوة للفوز بالأغلبية في الاستحقاق البرلماني الذي تبدأ دورته الأولى غداً الأحد.

وكتب غزافييه دريانكور، سفير فرنسا لدى الجزائر مرتين؛ الأولى بين عامي 2008 و2012، والثانية من 2017 إلى 2020، مقالاً نشرته صحيفة «لوفيغارو»، أمس الجمعة، جاء فيه أن الجزائر لا تتوانى عن التدخل في النقاش السياسي الفرنسي. وقال إنها «أرسلت متحدثيها المعتادين إلى الجبهة، من وسائل الإعلام والصحافيين القريبين أو الممولين من السلطة، ثم استدعت عميد مسجد باريس على الفور إلى الجزائر، وكلفته بتحذير الناخبين الفرنسيين، من أصل جزائري، مما أسمته الخطر الفاشي والحنين إلى الجزائر الفرنسية، وفقاً للمصطلحات المستخدمة في الجزائر».

سفير فرنسا لدى الجزائر سابقاً كزافييه دريانكور مع رئيس مجلس الأمة الجزائري صالح قوجيل في 2019 (الشرق الأوسط)

وأكد أن السلطة الجزائرية «تعرف كيف تتأقلم مع الواقع، وسيتعين عليها بالطبع التكيف»، في إشارة إلى أنها ستعرف كيف تتعامل مع وضع سياسي جديد محتمل في فرنسا، إذا تأكدت توقعات غالبية المراقبين، بتولي جوردان بارديلا رئيس «التجمع الوطني» اليميني المتطرف، الذي يملك جذوراً جزائرية لجهة والدته، رئاسة الحكومة الفرنسية.

يشار إلى أن المراقبين يرجحون تولي الدبلوماسي المتقاعد دريانكور، وزارة الخارجية، في حكومة اليمين المتشدد المتوقعة، بعد الدورة الثانية من الانتخابات المقررة في السابع من يوليو (تموز) المقبل. وأمام هذا الاحتمال، تبدي الجزائر مخاوف على مصير ملفات مشتركة مع فرنسا، خصوصاً ما تعلق بالآلاف من مهاجريها السريين في فرنسا وحتى المقيمين بطريقة قانونية، و«قضية التأشيرات» و«مسألة الذاكرة وآلام الاستعمار» التي تكسّرت عليها محاولات عديدة لتطبيع العلاقات الثنائية.

المعروف أن «مسجد باريس الكبير» يتبع للجزائر من ناحية تمويله (مليونا يورو سنوياً)، لكن تسييره الإداري يتم وفق القوانين الفرنسية. كما أن رئاسته وأغلب مسؤوليه تختارهم الجزائر، وفي الغالب يتحدرون منها.

عميد مسجد باريس شمس الدين حفيز (مسجد باريس)

وحث رئيس «مسجد باريس الكبير»، شمس الدين حفيز، في مقال نشره بحساب المؤسسة الدينية الاسلامية بالإعلام الاجتماعي، الناخبين الفرنسيين من أصول جزائرية، وكل مسلمي فرنسا الذين سينتخبون الأحد، إلى «التصويت بكثافة والوقوف ضد شياطين الكراهية»، في إشارة ضمناً إلى مرشحي اليمين المتشدد في الانتخابات الفرنسية، وقال أيضاً: «بصفتي عميد (المسجد الكبير) في باريس، المكان الذي أنقذ العديد من اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، أتوجه إلى مواطني اليهود وإلى أصدقائي، وجيراني وما بعدهم: العدو ليس المسلم».

وتابع: «الإسلام ليس عدوكم. يشهد التاريخ أنه على مر القرون، وجد أهل الكتاب ملاذاً وتقديراً في الإمبراطوريات الإسلامية... استيقظوا. إذا كان معاداة السامية حقيقيةً، فهي ليست حكراً على المسلمين، كما أن الإسلاموفوبيا ليست حكراً على اليهود. مجرد استمرار خطابات الكراهية لا يعني أنها تصبح حقيقة».

ودرج دريانكور، في العامين الأخيرين، على توجيه انتقادات لاذعة للسلطة الجزائرية، من خلال مقالات صحافية، خصوصاً كتابه الشهير «اللغز الجزائري»، عاداً نفسه أكثر الشخصيات السياسية الفرنسية دراية بشؤون المستعمرة سابقاً.

ومطلع عام 2023، أثار السياسي السبعيني سخط الجزائر بمقال في «لوفيغارو» سماه: «الجزائر تنهار وستجر معها فرنسا»، قال فيه «إننا في باريس نغمض أعيننا عن الواقع الجزائري، نتظاهر بالاعتقاد بأن السلطة الجزائرية شرعية حتى إن لم تكن ديمقراطية، وبأن الخطاب (في الجزائر) المعادي للفرنسيين شر ضروري».

وسرعان ما جاء الرد عليه عن طريق الرجل الثاني في الدولة، صالح قوجيل، رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، الذي أكد في خطاب رسمي أن «اللجوء إلى شخصيات في فرنسا والاستعانة بالأشخاص الذين لديهم تجربة في الجزائر لاستغلالهم بشكل سيئ ودفعهم إلى الإدلاء بتصريحات تصل إلى حد التنديد بالوضع في الجزائر، إنما هي نوع من أنواع المناورات الجديدة التي تستعمل للطعن في إنجازات البلاد وما حققته على أكثر من صعيد».


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (د.ب.أ)

استطلاع: 86 % من الديمقراطيين سيصوتون لبايدن في الانتخابات

ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن 86 في المائة من الديمقراطيين قالوا إنهم سيصوتون للرئيس جو بايدن أمام منافسه الرئيس السابق دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية المرشح الرئاسي الإصلاحي الإيراني مسعود بزشكيان (وسط) بعد الإدلاء بصوته في مركز اقتراع (إ.ب.أ)

الإصلاحي بزشكيان يفوز برئاسة إيران... ويتعهد بـ«مد يد الصداقة للجميع»

فاز المرشّح الإصلاحي مسعود بزشكيان اليوم (السبت) في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة الإيرانيّة أمام المرشّح المحافظ المتشدّد سعيد جليلي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني الجديد برفقة زوجته فيكتوريا خارج مقر 10 داونينغ ستريت في لندن 5 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

4 قضايا سترسم ملامح سياسة ستارمر الخارجية

التزم وزير الخارجية البريطاني الجديد ديفيد لامي انتهاج سياسة "واقعية تقدمية"، محذرا من "عالم أكثر تقلباً".

نجلاء حبريري (لندن)
أوروبا زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر يتحدث في حفل إطلاق برنامج حزب العمال الانتخابي في مانشستر ببريطانيا في 13 يونيو 2024 (رويترز)

قصة حزب العمال منذ التأسيس حتى فوزه الجديد بالانتخابات البريطانية

بمناسبة مرور مائة عام على تسلّم حزب العمال السلطة في بريطانيا للمرة الأولى عام 1924، يعود الحزب المحسوب على يسار الوسط، ليترأس السلطة التنفيذية بعد غياب 15 سنة.

شادي عبد الساتر (بيروت)

«قوى سودانية» تجتمع في القاهرة بحثاً عن «توافق» لوقف الحرب

مشاركون في مؤتمر لقوى سياسية سودانية بالقاهرة مايو الماضي (الشرق الأوسط)
مشاركون في مؤتمر لقوى سياسية سودانية بالقاهرة مايو الماضي (الشرق الأوسط)
TT

«قوى سودانية» تجتمع في القاهرة بحثاً عن «توافق» لوقف الحرب

مشاركون في مؤتمر لقوى سياسية سودانية بالقاهرة مايو الماضي (الشرق الأوسط)
مشاركون في مؤتمر لقوى سياسية سودانية بالقاهرة مايو الماضي (الشرق الأوسط)

في محاولة للبحث عن «توافق» لوقف الحرب في السودان، تستضيف مصر، السبت والأحد، مؤتمراً لقوى سياسية سودانية في غياب «الدعم السريع». وقال سياسيون سودانيون ومصريون إن «مؤتمر القاهرة يجمع عدداً كبيراً من القوى والأفرقاء على مائدة حوار واحدة».

ودعت مصر إلى مؤتمر يجمع القوى السياسية السودانية بهدف «الوصول لتوافق حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان، عبر حوار وطني سوداني - سوداني يتأسس على رؤية سودانية خالصة»، وذلك «بالتعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين، لا سيما دول جوار السودان، وأطراف مباحثات جدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الإيغاد»، وفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية في نهاية مايو (أيار) الماضي.

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعلى مدى نحو خمسة عشر شهراً، من اندلاع الحرب، لم تحقق المبادرات التي قدمتها أطراف دولية وإقليمية، نجاحاً في وقف الاقتتال الداخلي.

سودانيون فرّوا من ولاية سنار بعد وصولهم إلى مدينة القضارف (أ.ف.ب)

وذكرت مصادر سودانية لـ«الشرق الأوسط» أن «مؤتمر القاهرة سيشهد مشاركة من القوى السياسية والمدنية الفاعلة في السودان، والشخصيات السودانية المؤثرة»، لكنها أشارت إلى «عدم حضور ممثلين عن (قوات الدعم السريع)».

المصادر أوضحت أنه من المقرر مشاركة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار، ورئيس الوزراء السوداني السابق ورئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) عبد الله حمدوك، ووزير المالية السوداني جبريل إبراهيم، ورئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، ورئيس حزب التجمع الاتحادي بابكر فيصل، إلى جانب القوى المشكلة لتجمع «الكتلة الديمقراطية»، وممثلي أحزاب وقوى سياسية مؤثرة.

وأكدت أن القاهرة «تسعى لبناء الثقة بين مختلف الأطراف السودانية»، موضحة أن «دعوات المشاركة في الحوار السوداني، قدمتها مصر للأحزاب والحركات السياسية والمدنية والشخصيات المؤثرة، في صيغة دعوات منفردة، وليس على أساس الكتل السياسية».

كما أكدت «الخارجية المصرية» في وقت سابق على بعض محددات الحوار السوداني المرتقب، تضمنت «التأكيد على أن النزاع الراهن قضية سودانية، وأي عملية سياسية مستقبلية ينبغي أن تشمل الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة السودانية كافة، وفي إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها».

ورأى القيادي في «الكتلة الديمقراطية» السودانية، مبارك أردول، أن «مؤتمر القاهرة مختلف عن غيره من الفعاليات والمبادرات التي تناولت الأزمة السودانية». وأرجع ذلك إلى كونه «يجمع عدداً كبيراً من القوى والأفرقاء السياسيين على مائدة حوار واحدة»، معرباً عن أمله في أن «يقدم المؤتمر رؤى وأفكاراً حول كيفية إنهاء الحرب بالسودان، وكيفية إيصال المساعدات الإنسانية، والتأسيس لحوار سياسي شامل يجمع أطراف الأزمة السودانية»، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الوقت حان لوقف الاقتتال، وتحقيق السلام وعودة النازحين واللاجئين لديارهم، في ظل فاتورة الحرب التي تتضاعف يومياً».

وعدّ الأمين العام لتنسيقية «تقدم»، الصديق الصادق المهدي، أن المؤتمر «انعكاس للاهتمام المصري بالأزمة السودانية». وقال في إفادة صحافية، الخميس: «منفتحون للتداول بشفافية من أجل وقف الحرب»، لافتاً إلى أن «ما يتمخض عن مؤتمر القاهرة، يؤسس لواقع جديد يتطلب تكامل الأدوار لتوحيد الموقف المدني والضغط على طرفي الحرب لوقف الاقتتال».

وأعلنت تنسيقية «تقدم» تلبية مكوناتها دعوة المشاركة في مؤتمر القاهرة. وقالت الأسبوع الماضي، إنها «ستعمل على الدفع بأولوية معالجة الكارثة الإنسانية التي يعاني منها السودانيون داخلياً، وفي مناطق النزوح واللجوء، وستطرح رؤاها حول كيفية تسريع جهود الحل السلمي للنزاع في السودان».

في المقابل، قلل أمين عام «الجبهة الشعبية» السودانية، جمال عنقرة، من فرص وصول المؤتمر إلى «إعلان موقف موحد لوقف الحرب». وأرجع ذلك إلى «عدم دعوة بعض القوى السودانية، مثل المقاومة الشعبية والإسلاميين الذين يقاتلون (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أنه «من بين نحو خمسة عشر حزباً وحركة مسلحة تمت دعوة ثلاثة فقط من المناصرين للجيش السوداني».

جانب من قمة دول «جوار السودان» في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وكانت «الخارجية السودانية» قد طالبت نهاية مايو الماضي بضرورة «تمثيل المقاومة الشعبية في مؤتمر القاهرة»، وأن يكون أساس المشاركة «قائماً على تأكيد الشرعية القائمة في البلاد وصيانة المؤسسات الوطنية وعلى رأسها القوات المسلحة». ورفضت في نفس الوقت مشاركة «مؤيدي (الدعم السريع)».

في سياق ذلك، أوضح نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، أن «المؤتمر يستهدف الخروج بنتائج في 4 مسارات أساسية لحل الأزمة السودانية، بدايةً من المسار الأمني والعسكري، والمسار السياسي، والمسار الإنساني، ومسار إعادة الإعمار»، مشيراً إلى أن المؤتمر «يجمع كل الجوانب الإيجابية في المبادرات السابقة، ويسعى لتمثيل كل أطياف المجتمع السوداني دون إقصاء».

وقال حليمة لـ«الشرق الأوسط» إن «استضافة القاهرة للحوار، جاءت بناءً على مطالب من القوى السودانية، خلال لقاءات المبادرة المجتمعية التي رعاها المجلس المصري للشؤون الخارجية، مع القوى والكيانات السياسية السودانية للتوافق على صيغة للحل السياسي في السودان»، مشيراً إلى أن «نتاج عمل تلك المبادرة امتد لنحو 70 ساعة، على مدى ثلاثة أشهر».

وتتزامن الدعوة المصرية للحوار السوداني، مع الذكرى الأولى لاستضافة القاهرة «قمة دول جوار السودان»، التي عُقدت في يوليو (تموز) 2023 بمشاركة قادة الدول المجاورة للسودان، وممثلي منظمات إقليمية ودولية، بهدف توحيد جهود وقف الحرب بالسودان.