غموض حول مصير لقاء البرهان و«حميدتي» في كامبالا

سياسيون سودانيون أشاروا إلى وصول الدعوة للطرفين

قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو في أثناء تحالفهما سابقاً (أرشيفية)
قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو في أثناء تحالفهما سابقاً (أرشيفية)
TT
20

غموض حول مصير لقاء البرهان و«حميدتي» في كامبالا

قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو في أثناء تحالفهما سابقاً (أرشيفية)
قائدا الجيش عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو في أثناء تحالفهما سابقاً (أرشيفية)

توقع سياسيون سودانيون أن يجري لقاء وشيك بين قيادة الجيش السوداني وقيادة «قوات الدعم السريع»، استجابة إلى قرار «مجلس السلم والأمن الأفريقي» ودعوة اللجنة الرئاسية للمجلس بقيادة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، وقادة دول الأقاليم الأفريقية، للجمع بين قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، وقائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو، المعروف بـ«حميدتي».

وأشار البعض إلى صمت قيادة الجيش وعدم توضيح موقفه من اللقاء، على الرغم من مرور أكثر من أسبوع على صدور الإعلان، وفسّروا ذلك الغموض بوجود «انقسام في معسكر الجيش» بين الراغبين في إنهاء الحرب ومن يريدون استمرارها، «بدعم من مجموعة الإسلاميين المتشددين داخل الجيش».

وأصدر «مجلس السلم والأمن الأفريقي» في 21 يونيو (حزيران) الحالي، قراراً بإنشاء لجنة برئاسة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، لتسهيل التواصل المباشر بين قادة الجيش السوداني وقادة «قوات الدعم السريع» في أقرب وقت ممكن.

موسيفيني والبرهان في لقاء سابق (موقع الرئيس الأوغندي على «إكس»)
موسيفيني والبرهان في لقاء سابق (موقع الرئيس الأوغندي على «إكس»)

الجيش لم يعلّق

وعلى الرغم من مرور أكثر من أسبوع على صدور قرار المجلس، لم يعلّق الجيش السوداني أو الحكومة المؤقتة بالرفض أو الإيجاب، كما اعتادت في مثل هذه الظروف، وهو ما فسّره المحلل السياسي والحقوقي حاتم إلياس، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بقوله إن «القرار السياسي والعسكري ربما خرج عن يد الجيش، فمنذ مدة طويلة هناك مؤشرات على وجود تأثير قوي للحركة الإسلامية داخل الجيش». وأضاف قائلاً: «لو وافق الجيش على دعوة موسيفيني فربما سيواجه مخاطرة ويدخل في مواجهة مع الإسلاميين».

وأوضح إلياس أن سر الصمت ربما يعود إلى اعتبارات ترتبط بـ«خوف قيادة الجيش من مواجهة غير محسوبة مع الإسلاميين، خصوصاً مجموعة الأمين العام للحركة الإسلامية، علي كرتي. فإذا قررت قيادة الجيش المضي قدماً في عملية سياسية تنهي الحرب، بعيداً عن رضا الإسلاميين، فقد يتعرضون لمخاطر ربما تصل إلى حد التصفية».

ويرفض الجيش التعامل مع مبادرات الاتحاد الأفريقي تحت ذريعة «تجميد عضوية السودان» في الاتحاد، ويشترط لقبول هذه المبادرات إعادة عضوية السودان التي علّقها الاتحاد الأفريقي عقب انقلاب 21 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، الذي نفّذه قائدا الجيش و«الدعم السريع» ضد حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

لقاء سابق بين حميدتي وموسيفيني في عنتيبي أثار جدلاً في الخرطوم («إكس»)
لقاء سابق بين حميدتي وموسيفيني في عنتيبي أثار جدلاً في الخرطوم («إكس»)

شرط البرهان

ووفق تسريبات نقلتها منصات اجتماعية مؤيدة لقيادة الجيش، فإن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان اشترط للقاء غريمه قائد «قوات الدعم السريع» محمد دقلو، «أن يكون اللقاء على انفراد». وعدّ الصحافي الإسلامي الداعم للجيش عادل الباز، دعوة القادة الأفارقة، بأنها «تهديد من مجموعات المرتشين وداعمي التمرد. والغريب أن الاتحاد الأفريقي يفعل ذلك ولا يستحي من استجداء الحكومة ذاتها، التي عُلقت عضويتها لتقبل بسلسلة مبادراتهم الفارغة التي لا تنتهي».

كما قال المحلل السياسي عادل إبراهيم حمد، في تصريحات إعلامية، إن دعوة الاتحاد الأفريقي جاءت في وقت استنزفت فيه الحرب طرفيها، وكلفت الشعب السوداني كثيراً، وفقدت بسببها الدولة منشآتها ومرافقها المهمة. وتابع: «أي دعوة إلى إيقاف الحرب لا بد أن تجد استجابة من طرفي الحرب، لما وصلت الحال إليه من سوء، ولا يمكن ألاّ يقبلها عاقل أو حريص على الوطن ومستقبله».

ووصف القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» شهاب إبراهيم، لـ«الشرق الأوسط»، دعوة مجلس السلم والأمن الأفريقي بأنها «دعوة جادة»، قائلاً: «من المؤكد أن الدعوات وصلت للطرفين بسرية تامة». وأرجع إبراهيم عدم تعليق الجيش وحكومة الأمر الواقع التي يرأسها البرهان من مدينة بورتسودان الساحلية، على قرارات الاتحاد الأفريقي، إلى ما سماه «حالة انقسام معسكر الجيش»، مؤكداً أن اللقاء سيُجرى ولن يعلن ذلك قبل انعقاده، وأن الموقف من الاتحاد الأفريقي لن يمنع الانعقاد لوجود أطراف كثيرة تضغط على الطرفين من أجل اللقاء المرتقب. وقال: «الطرفان سيذهبان إلى كامبالا».

محاولات سابقة

محاولة موسيفيني ليست المحاولة الأفريقية الأولى لجمع قيادة الجيش وقيادة «قوات الدعم السريع»، إذ في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2023 أعلنت الهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد» موافقة البرهان وحميدتي على لقاء ثنائي بينهما، لكن اللقاء لم يتم، وقال الجيش في 27 من الشهر ذاته إن جيبوتي، التي تترأس «إيغاد»، أبلغته بتأجيل اجتماع القائدين قبل يوم واحد من موعده. ومنذ ذلك الوقت واصلت قيادة الجيش اتهاماتها لقائد «الدعم السريع»، بـ«المماطلة وعدم تحكيم صوت العقل، وعدم الرغبة في إيقاف تدمير السودان وشعبه».

وأعلنت قيادة الجيش رفضها أي ترتيبات مماثلة وتمسّكها بمواصلة القتال حتى القضاء على «قوات الدعم السريع»، في حين دأب قائد «الدعم السريع» على تأكيد رغبته في وقف الحرب عبر التفاوض، واستعداده للمشاركة في أي محادثات من أجل وقف القتال.


مقالات ذات صلة

هل تدفع انتصارات الجيش السودانيين الفارين إلى ليبيا للعودة إلى بلادهم؟

تحليل إخباري من عملية توزيع السلال الغذائية على السودانيين في الكفرة الليبية (أرشيفية - بلدية الكفرة)

هل تدفع انتصارات الجيش السودانيين الفارين إلى ليبيا للعودة إلى بلادهم؟

فرضت أوضاع السودانيين الموجودين في ليبيا نفسها على الساحة، في ظل ما يُمثله ذلك من ضغوط على بلدية الكفرة التي تستضيف الآلاف منهم.

جاكلين زاهر (القاهرة)
خاص مخبأ تحت الأرض صنعه مدنيون في الفاشر هرباً من الاشتباكات (أ.ف.ب)

خاص السودان: شبح المجاعة يهدد سكان الفاشر شمال دارفور

تشهد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أوضاعاً إنسانية غاية في الخطورة، حيث يعاني السكان من نقص حاد في المواد الغذائية، ما دفع مئات الأسر إلى الفرار.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
الخليج العاصمة الإماراتية أبوظبي (وام)

الإمارات: الشركات المعاقَبة أميركياً بشأن السودان لا تملك نشاطاً مرخصاً محلياً

قالت وزارة العدل الإماراتية إن الشركات السبع التي تتخذ من الإمارات مقراً وأدرجتها الولايات المتحدة على برنامج العقوبات المفروضة على السودان، لا تملك تراخيص.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير يلقي خطاباً في القصر الرئاسي قبل شهرين من عزله في أبريل 2019 (أف.ب)

السلطات السودانية تطلق سراح نائب البشير

أطلقت السلطات السودانية، يوم الخميس، بكري حسن صالح، النائب الأول السابق للرئيس عمر البشير، وأيضاً الوزير السابق في عهده يوسف عبد الفتاح.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا جنود في منطقة استعادها الجيش السوداني مؤخرا من قوات الدعم السريع، 40 كيلومترا جنوب الخرطوم، السودان 27 مارس 2025 (أ.ب)

نشطاء: 85 قتيلاً في هجمات لـ«الدعم السريع» جنوب الخرطوم خلال أسبوع

قُتل 85 شخصا وأصيب عشرات في هجمات تشنّها «قوات الدعم السريع»، منذ أسبوع، على قرى تقع إلى الجنوب من الخرطوم، وفق ما أفاد به نشطاء، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

تجاهل مصري لـ«مزاعم» حول تدخل القاهرة في «حرب السودان»

قوات من الجيش السوداني تحتفل باستعادة أماكن حيوية في الخرطوم (القوات المسلحة السودانية)
قوات من الجيش السوداني تحتفل باستعادة أماكن حيوية في الخرطوم (القوات المسلحة السودانية)
TT
20

تجاهل مصري لـ«مزاعم» حول تدخل القاهرة في «حرب السودان»

قوات من الجيش السوداني تحتفل باستعادة أماكن حيوية في الخرطوم (القوات المسلحة السودانية)
قوات من الجيش السوداني تحتفل باستعادة أماكن حيوية في الخرطوم (القوات المسلحة السودانية)

تجاهلت مصر «مزاعم جديدة» ردّدها نائب قائد «قوات الدعم السريع»، عبد الرحيم دقلو (شقيق محمد حمدان دقلو «حميدتي»)، ادّعى فيها أن «طائرات مصرية شنت غارات جوية خلال حرب السودان».

وقال مصدر مصري مسؤول، السبت، إن «القاهرة لن تعلّق على حديث دقلو»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «(الخارجية المصرية) سبق أن نفت مزاعم مماثلة تحدّث بها قائد (الدعم السريع) العام الماضي».

ومع اقتراب عامَيْن على الحرب الداخلية في السودان، حقّق الجيش السوداني تقدماً ميدانياً أخيراً، بإعلانه تحرير العاصمة الخرطوم كاملة من قبضة «الدعم السريع» التي كانت تسيطر عليها منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023.

وفي تصعيد جديد من «الدعم السريع» ضد مصر، زعم شقيق «حميدتي» تدخل القاهرة في الحرب السودانية، و«شن الطيران المصري غارات جوية على سودانيين ومدنيين».

وظهر عبد الرحيم، في مقطع مصوّر، السبت، وسط أنصاره في دارفور (غرب السودان)، يتحدّث عن «لقاء جمعه بمدير المخابرات المصرية السابق، عباس كامل، في وقت سابق في أثناء توليه المسؤولية، عرض فيه رؤية للحكومة المصرية لوقف الحرب»، وزعم عبد الرحيم أنه «رفض التوقيع على الشروط التي تضمنتها تلك الرؤية»، لافتاً إلى أن «القاهرة تريد اتفاق سلام بتصور جاهز للتوقيع».

وفي القاهرة، قال المصدر المصري المسؤول إن «بلاده لن تعلّق على هذه المزاعم»، مشيراً إلى أن «مصر تؤكد دائماً ضرورة وقف الحرب في السودان، وحماية المدنيين، وتدعم جهود الإغاثة الإنسانية للمتضررين منها».

وهذه ليست المرة الأولى التي تزعم فيها «الدعم السريع» شن القاهرة غارات جوية في السودان؛ إذ ادّعى «حميدتي» خلال مقطع فيديو مسجل، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «قصف طائرات مصرية قواته»، إلى جانب «دعم الحكومة المصرية للجيش السوداني بطائرات مسيّرة».

غير أن وزارة الخارجية المصرية نفت تلك المزاعم، داعيةً في إفادة وقتها «المجتمع الدولي، إلى الوقوف على الأدلة التي تثبت حقيقة ما ذكره قائد ميليشيا (الدعم السريع)»، ومؤكدة أن «الاتهامات تأتي في وقت تبذل فيه القاهرة جهوداً مكثفة لوقف الحرب، وحماية المدنيين».

مشاورات سياسية بين وزيرَي خارجية مصر والسودان بالقاهرة في فبراير الماضي (الخارجية المصرية)
مشاورات سياسية بين وزيرَي خارجية مصر والسودان بالقاهرة في فبراير الماضي (الخارجية المصرية)

ودعا عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، إلى «تجاهل تصريحات نائب (الدعم السريع) وعدم منحها أهمية»، وقال إن «حديث عبد الرحيم يأتي في وقت تواجه فيه (الدعم السريع) حالة ضعف بسبب خسائرها الأخيرة»، مشيراً إلى أن ترديد هذه «الادعاءات تؤكد ضعف موقف قواته في الحرب الداخلية».

ويعتقد حليمة أن «قوات (الدعم السريع) تواجه حالة ارتباك كبيرة خلال الفترة الحالية، بسبب تراجعها ميدانياً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حديث عبد الرحيم دقلو عن رفض الرؤية المصرية للسلام، يؤكّد تناقض مواقفه، ويعكس رفض (الميليشيا) لأي حلول للسلام، وتحمّلها مسؤولية الجرائم التي ارتُكبت بحق المدنيين في السودان».

سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)
سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)

بينما يرى سفير مصر السابق لدى السودان، حسام عيسى، أن تصريحات شقيق «حميدتي» عن مصر «تأتي لتبرير هزائمه المتتالية في السودان، كونها تخرج دون أي أدلة على تلك المزاعم»، لافتاً إلى أنه «سلوك معتاد من قيادة (الدعم السريع) مع كل هزيمة لهم، كما فعل من قِبل (حميدتي) بعد هزيمته في جبل (مويه) بولاية سنار (جنوب شرقي السودان)».

وحسب عيسى فإن «قيادة (الدعم السريع) فقدت مصداقيتها لدى عناصرها وداعميها في الخارج، خصوصاً بعد حديث (حميدتي) أنه لن يترك القصر الجمهوري في الخرطوم، وبعدها بأيام، استطاع الجيش السوداني استعادته، ضمن مرافق حيوية أخرى في العاصمة».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الميليشيا تعرّضت لانتقادات دولية متعددة أخيراً، ومنها الأمم المتحدة، بشأن جرائمها بحق المدنيين، إذ إن معظم النازحين في الحرب من المناطق التي كانت تسيطر عليها».

ودفعت الحرب الداخلية في السودان نحو 13 مليون سوداني إلى الفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار، حسب تقديرات الأمم المتحدة، من بينهم مليون و200 ألف شخص اتجهوا إلى مصر، وفق تقديرات رسمية.