«أطباء السودان»: أكثر من 40 ألف قتيل بالحرب

متحدث باسم النقابة أكد لـ«الشرق الأوسط» مقتل 58 طبيباً في المواجهات

طفل سوداني نازح من دارفور يتلقى العلاج في مستشفى للاجئين شرق تشاد (إ.ب.أ)
طفل سوداني نازح من دارفور يتلقى العلاج في مستشفى للاجئين شرق تشاد (إ.ب.أ)
TT

«أطباء السودان»: أكثر من 40 ألف قتيل بالحرب

طفل سوداني نازح من دارفور يتلقى العلاج في مستشفى للاجئين شرق تشاد (إ.ب.أ)
طفل سوداني نازح من دارفور يتلقى العلاج في مستشفى للاجئين شرق تشاد (إ.ب.أ)

قدّر المتحدث باسم نقابة الأطباء في السودان (مستقلة)، أحمد عباس، أن أكثر من 40 ألف شخص قتلوا في الحرب الدائرة بين الجيش وقوات «الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) العام الماضي، متوقعاً أن يكون العدد الفعلي للضحايا أكبر، خاصة أن «أعداداً كبيرة من الحالات لم تصل إلى المستشفيات، وتم دفنهم أو (تحللت جثثهم) ولم يشملهم الحصر».

وتكتنف عملية الحصر الدقيق لأعداد الضحايا في السودان صعوبات جمة، غير أن التقديرات الأممية والحقوقية المتحفظة تدور حول 12 ألف شخص قتلوا حتى أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وشرح المسؤول الطبي السوداني، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن تقديراته تشير إلى أن «ما لا يقل عن 20 ألف قتلوا خلال الاشتباكات بين الأطراف المتحاربة، وتوفي 16 ألف بسبب انعدام العلاج والجوع، أو بانهيارات المنازل جراء المعارك العنيفة التي استخدمت فيها الغارات الجوية والمدفعية، كما قتل نحو 4 آلاف في مدينة الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور».

وأفاد تقرير لـ«الأمم المتحدة»، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص قُتلوا في مدينة الجنينة السودانية، غرب دارفور، العام الماضي.

وقال عباس لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع الصحي في السودان «منهار تماماً»، ويزداد خطورة مع دخول فصل الخريف وتفشي أمراض الملاريا وحمى الضنك والحصبة وغيرها. وأكد أن «80 في المائة من الخدمات الصحية متوقفة كلياً، وما تبقى منها يفتقد المستلزمات الطبية والأدوية المنقذة للحياة مع الانقطاع المستمر في خدمات الماء والكهرباء».

المتحدث باسم نقابة الأطباء في السودان أحمد عباس (الشرق الأوسط)

كما أوضح أن 28 مستشفى ومركزاً صحياً تعرضوا للتدمير الكامل، بينما تم إخلاء 22 من المرافق الطبية، بعضها يستخدم كسكن وارتكازات للقوات المتقاتلة.

وقال المتحدث باسم النقابة إن «الوضع الصحي في الفاشر والمناطق المحيطة بها (حرج جداً) جراء الحصار الكامل الذي تعرضت له من قبل (الدعم السريع)، وحال لم تحدث عملية تدخل عاجلة سيقع مزيد من الضحايا المدنيين».

وذكر عباس كذلك أن «عدد الضحايا منذ نشوب المعارك في الفاشر في مايو (أيار) الماضي تجاوز 4 آلاف قتيل، فيما جُرح أكثر من 5 آلاف آخرين»، متوقعاً أن تكون الحصيلة المؤكدة للضحايا أكبر.

وكشف عباس عن نزوح 13 ألفاً من المدنيين الأسبوع الماضي من الفاشر، بعد ما واجهه سكان المدينة من قتل واغتصاب وسلب ونهب، منبهاً إلى أن «الوضع في دارفور بشكل عام أسوأ مما كان عليه عام 2003، حيث الآن أزمة إنسانية شاملة».

وأكد عباس وقوع مئات حالات الاغتصاب وسط النساء والفتيات، لافتاً إلى أن بعض الناجيات لم يبلغن، إما بسبب الوصمة الاجتماعية والخوف أو لعدم توفر مراكز علاجية لتقديم الخدمة للمغتصبات.

وكانت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل في السودان، سليمى إسحاق، أشارت في تصريحات إعلامية إلى توثيق وإحصاء 191 حالة عنف جنسي منذ بداية الحرب حتى الشهر الحالي، مشيرة إلى أن «المناطق التي تسيطر عليها (قوات الدعم السريع) سجلت أعلى نسبة في العنف الجنسي».

وبشأن عدد الضحايا من الأطباء، أفاد عباس بأن «أكثر من 58 طبيباً قتلوا في الحرب، بينما تعرض عدد كبير منهم إلى الاعتقال والتعذيب والاستجواب».

وشرح أن استهداف الكوادر الطبية التابعة للمنظمات الطبية في الولايات، التي اشتعلت فيها الحرب، دفع بعض المنظمات إلى مغادرة البلاد عموماً، أو وقف العمل في بعض الولايات، مثل: الجزيرة، والفاشر. وهو ما فعلته منظمة «أطباء بلا حدود».

وقال عباس إن «الدعم السريع» منعت وصول مساعدات إنسانية لمواطنين في بعض مناطق سيطرتها، بينما مساعدات أخرى وصلت عبر ميناء بورتسودان (شرق البلاد) ولم يتم توزيعها للمحتاجين وتسربت إلى الأسواق .

وناشد المسؤول الطبي المجتمعين الدولي والإقليمي أن يتم توزيع المساعدات بالتنسيق مع منظمات الأطباء ولجان الخدمات، وإيجاد مراكز أخرى في دول الجوار لضمان وصولها للمستحقين.


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

شمال افريقيا الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة play-circle 01:27

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

عاش سكان العاصمة السوداني الخرطوم شللاً مفاجئاً، فيما قال شهود ومصادر عسكرية إن الجيش السوداني شن قصفاً مدفعياً وجوياً في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الخميس.

محمد أمين ياسين (نيروبي) أحمد يونس (كامبالا)
العالم العربي الرئيس السوداني السابق عمر البشير (أرشيفية - رويترز)

محامي البشير: نقل الرئيس السوداني السابق إلى مدينة شمالية لتلقي العلاج

قال محامي الرئيس السوداني السابق عمر البشير اليوم الثلاثاء إن موكله نُقل من العاصمة السودانية التي مزقتها الحرب إلى مدينة مروي بشمال البلاد لتلقي العلاج.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري أُقيم بمناسبة يوم الجيش في القضارف مؤخراً (أ.ف.ب)

باحثة بريطانية تعوِّل على الضغوط الدولية لمنع تفكك السودان

في ظل تصاعد النزاع في السودان تزداد المخاوف من تقسيم البلاد إلى كيانات متنازعة تحت حكم حكومتين متنافستين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا أشخاص يسيرون على طول شارع يحمل آثار الدمار في أم درمان... السودان 27 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

حاكم الخرطوم: «إمدادات» ساعدت الجيش في دحر «الدعم» من أم درمان

عدّ حاكم ولاية الخرطوم «العاصمة السودانية»، أحمد حمزة، أن إمدادات عسكرية تلقاها الجيش السوداني، ساعدت في دحر «الدعم السريع» من أجزاء في أم درمان.

وجدان طلحة (بورتسودان)
العالم العربي المدير العام المساعد لمنظمة «فاو» وممثلها الإقليمي عبد الحكيم الواعر يتوسط الصورة (الشرق الأوسط)

ممثل «فاو»: إنهاء المجاعة في السودان ممكن إذا توقفت العدائيات

يواجه السودان راهناً أزمة أمن غذائي غير مسبوقة تسجل أسوأ المستويات تاريخياً، حسب تصنيفات أممية.

هلا صغبيني (الرياض)

موريتانيا تطالب الأوروبيين بتنفيذ بنود اتفاقية الهجرة

مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء على متن قارب قبالة سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)
مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء على متن قارب قبالة سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)
TT

موريتانيا تطالب الأوروبيين بتنفيذ بنود اتفاقية الهجرة

مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء على متن قارب قبالة سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)
مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء على متن قارب قبالة سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

طلبت الحكومة الموريتانية من الاتحاد الأوروبي الالتزام ببنود «إعلان مشترك»، وقع عليه الطرفان في شهر مارس (آذار) الماضي حول الوقاية من الهجرة غير النظامية، تتضمن تسهيل إجراءات التأشيرة لصالح الموريتانيين الراغبين في دخول الفضاء الأوروبي.

الرئيس الموريتاني وعد الأوروبيين بمحاربة الهجرة السرية المنطلقة من سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

وعقد الأمين العام لوزارة الداخلية الموريتانية، الجمعة، اجتماعاً مع وفد من بعثة الاتحاد الأوروبي في نواكشوط، طالبهم خلاله بـ«تطبيق الالتزامات المتعلقة بالتأشيرات»، قبل أن يؤكد أن الحكومة الموريتانية «مستعدة للتعاون التام في مجال الوقاية من الهجرة غير النظامية».

وقالت الداخلية الموريتانية في إيجاز إن البعثة الأوروبية ردت بشكل إيجابي على الطلب الموريتاني، و«نوهت بمستوى التعاطي من قبل السلطات الموريتانية»، فيما يتعلق بالجهود المشتركة للحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين على الشواطئ الأوروبية عبر المحيط الأطلسي.

مهاجر أفريقي في طريقه لتلقي الإسعافات بعد وصوله إلى جزر الكناري الإسبانية عن طريق السواحل الموريتانية (إ.ب.أ)

وخلصت الوزارة في الإيجاز إلى أن البعثة «أكدت مضي الاتحاد الأوروبي في تنفيذ مضامين الاتفاق»، الذي وقعه الطرفان في السابع من مارس الماضي، خلال زيارة وفد أوروبي رفيع المستوى إلى نواكشوط، ضم رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وناقشا مع المسؤولين الموريتانيين ملف الهجرة غير النظامية.

* ملف التأشيرة والعمل

في الوقت الذي تراهنُ فيه دول الاتحاد الأوروبي، وخاصة إسبانيا، على السلطات الموريتانية في الحد من تدفق المهاجرين عبر المحيط الأطلسي، تسعى السلطات الموريتانية إلى تحقيق مكاسب، من أبرزها الحصول على استثمارات وخلق فرص عمل وزيادة حصتها من تأشيرات دخول الفضاء الأوروبي.

وفي نهاية العام الماضي، عقد وفد من الحكومة الموريتانية اجتماعاً في العاصمة البلجيكية بروكسل مع وفد من الاتحاد الأوروبي وإسبانيا وفرنسا وألمانيا، وتقدم الموريتانيون بطلب رسمي لزيادة حصة موريتانيا من التأشيرات، وإعفاء جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات العمل من التأشيرات في كافة دول الاتحاد الأوروبي.

كما ناقش الوفدان ملفات الهجرة غير الشرعية، والتدفق المتزايد للاجئين إلى موريتانيا، وقال الوفد الموريتاني إن تزايد أعداد المهاجرين «يشكل ضغطاً على الخدمات والمرافق العمومية وفرص العمل والموارد الطبيعية».

خفر السواحل الموريتاني ينقل ناجين من غرق القارب نحو شواطئ نواكشوط الأربعاء (و.م.أ)

واتفق الطرفان على مسودة «وثيقة» حول التعاون في مجال الهجرة، قادت في النهاية إلى توقيع «إعلان مشترك» مطلع شهر مارس الماضي حول الوقاية من الهجرة غير النظامية وتسييرها، وتعهد الأوروبيون باستثمار أكثر من 200 مليون يورو في موريتانيا، مقابل أن تزيد موريتانيا من جهودها لمحاربة تدفق المهاجرين عبر أراضيها.

* هجرة العمل

في سياق متصل، زار رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز العاصمة الموريتانية، نهاية أغسطس (آب) الماضي، حيث وقع اتفاقية تمكن الموريتانيين من دخول إسبانيا للعمل في بعض المواسم، وقال إن بلاده تحتاج سنوياً 250 ألف وظيفة حتى عام 2050.

وحسب الاتفاقية، فإن إسبانيا ستساعد موريتانيا في تطوير برامج التشغيل وعروض العمل، بالإضافة إلى التكوين والتأطير، فضلاً عن أن العمالة الموريتانية ستعود إلى السوق المحلية بخبرات جديدة.

ووصف المسؤولون الإسبان هذا النوع من الهجرة بأنه «موسمي»، في حين قال سانشيز إنه «نموذج هجرة نظامية ودائرية، أكثر إنسانية وأمناً».

مهاجر أفريقي في طريقه لتلقي الإسعافات بعد وصوله إلى جزر الكناري الإسبانية عن طريق السواحل الموريتانية (إ.ب.أ)

وتتوجه إسبانيا إلى جلب ربع مليون مهاجر للعمالة من بلدان غرب أفريقيا، وليس من موريتانيا وحدها، حيث وقعت اتفاقيات مشابهة مع كل من السنغال وغامبيا، وهي الدول الثلاث التي تنطلق منها النسبة الكبرى من المهاجرين لعبور المحيط الأطلسي نحو جزر الكناري الإسبانية.

ويوصف هذا الطريق بأنه الأكثر خطورة على المهاجرين، ولكن ذلك لم يمنع تضاعف أعداد المهاجرين خلال الأشهر الأخيرة؛ إذ وصل إلى جزر الكناري خلال النصف الأول من العام الجاري أكثر من 22 ألف مهاجر غير نظامي، مقابل أقل من عشرة آلاف في نفس الفترة من العام الماضي، وهو ما يشكل زيادة بنسبة 126 في المائة.