الجزائر ترفض «اتهامات ومآخذ حقوقية» صادرة عن الأمم المتحدة

شملت ناشطين وتنظيمين سياسيين «وحرية العبادة» لغير المسلمين

أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)
أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)
TT

الجزائر ترفض «اتهامات ومآخذ حقوقية» صادرة عن الأمم المتحدة

أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)
أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)

رفضت الجزائر بحدة اتهامات في شكل «مآخذ وتوصيات»، تخص ممارسة الحقوق والحريات في البلاد، وصلت إليها من خبير أممي زارها في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، ودعاها في تقرير إلى «التخلي عن القوانين المعادية للحريات»، وانتقدها لـ«سجن ناشطين بتهمة الإرهاب بسبب مواقفهم السياسية».

ونشر «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة، ردوداً تسلمها من الجزائر حديثاً (اطلعت عليها «الشرق الأوسط»)، تتعلق بتصنيف «حركة الحكم الذاتي في منطقة القبائل» (معروفة اختصاراً بـ«ماك»)، و«حركة رشاد» الإسلامية، «منظمتين إرهابيتين»، بموجب تعديلات أدخلتها على قانون العقوبات عام 2021. كما شملت التعديلات ذاتها، إطلاق لائحة بأسماء ناشطين بالتنظيمين، عدَتهم «إرهابيين»، وأطلقت مذكرات اعتقال دولية بحق العشرات منهم ممن يقيمون في الخارج.

رئيس مرصد المجتمع المدني الجزائري (يمين) مع الخبير الأممي كليمنت فول في سبتمبر 2023

وأكدت الحكومة الجزائرية أن الإجراءات التي اتخذتها بحقهم، «تتوافق مع الشروط السارية على المستوى الدولي، خصوصاً بمجلس الأمن، وحتى على المستوى الإقليمي، فهي مماثلة لتلك التي يطبقها الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال». وأضافت بهذا الخصوص: «تم تصنيف (ماك) و(رشاد) حركات إرهابية وفقاً للقانون، لا سيما المرسوم التنفيذي الصادر في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، الذي يحدد إجراءات إدراج وشطب الأشخاص والكيانات الإرهابية من اللائحة الوطنية الخاصة بالإرهاب، وما يترتب على ذلك من آثار، مع مراعاة الاتفاقيات والأحكام الدولية المتعلقة بشروط الإدراج في القائمة السوداء للإرهاب، خصوصاً تلك المنصوص عليها في القرارات التي اعتمدها مجلس الأمن».

كما دافعت الحكومة عن قرارات اتخذتها بحق هؤلاء الناشطين، تمثلت في مصادرة أموالهم ومنعهم من السفر، مؤكدة أنها إجراءات مؤقتة تظل سارية «حتى يفصل القضاء فيها نهائياً».

وتعاطى تقرير الحكومة الجزائرية، أيضاً، مع ملاحظات تخص «أقليات دينية» و«حرية ممارسة عباداتها»، موضحاً أن «العبادة بالجزائر مبدأ مكفول في الدستور، وتمارس في إطار احترام القانون». وتضمن تحفظاً على مفهوم «الأقلية»، الذي ورد في ملاحظات «مقرر الأمم المتحدة لحرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات»، نياتولسي كلمنت فول، الذي قاد «مهمة حقوقية» بالجزائر العام الماضي. ففي تقدير الجزائر، «مفهوم الأقلية ليس له أساس قانوني لدينا، كون التشريعات الجزائرية لا تحتوي على أي إشارة له»، داعية إلى حذفه من تقرير المقرر الأممي، الذي كان انتقد «قيوداً على أقليات دينية في الجزائر».

المقرر الأممي لحرية التجمعات أثناء لقائه بناشطين حقوقيين في شهر سبتمبر 2023 (حسابات حقوقيين بالإعلام الاجتماعي)

وبحسب موقف الحكومة من هذه المسألة، «تنشأ الجمعيات الدينية وفقاً للقانون (الخاص بممارسة العبادات لغير المسلمين، صدر عام 2006) وعلى هذا الأساس، فهي لا تواجه أي قيود في ممارسة العبادة سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة». ولفتت إلى أن «الجمعيات ذات الطابع الديني التي لا تزال وضعيتها القانونية غير متوافقة مع القوانين السارية، هي التي تثير هذه القيود المزعومة»، في إشارة ضمناً إلى جمعيات مسيحية احتجت على إغلاق مقرات للعبادة في بعض مناطق البلاد.

وعلى عكس ما يذكره تقرير كلمنت فول، تقول الحكومة الجزائرية إن «مصطلح أماكن للعبادة غير دقيق، فهي مساحات غير مرخصة. كما أن التقرير (وثيقة الخبير) يشير إلى إغلاق 43 من أصل 43 مكاناً للعبادة، بينما الواقع يتعلق بإغلاق 13 مكاناً ومساحة غير مرخصة، من أصل 49. وقد تم إصدار أوامر إدارية أو قضائية بإغلاقها، بسبب عدم الامتثال لمعايير التخطيط العمراني وشروط السلامة في هذه المنشآت التي تستقبل الجمهور».

وزير الاتصال الجزائري (يمين) مع مقرر الأمم المتحدة لحرية التجمع (وزارة الاتصال)

وتابع تقرير الجزائر: «التشريعات الجزائرية لا تعد حق ممارسة العبادة أو التحول إلى ديانة أخرى، جريمة ولا جنائية، لكنها تحدد إطارها التنظيمي وفقاً للقانون وما يتعلق بجميع الممارسات الدينية المطلوبة لفتح أي مكان للعبادة، لا سيما ضرورة الحصول على ترخيص».

وكان المقرر فول، ذكر في تقريره أنه «يتفهم أن تسعى السلطات في الجزائر إلى نشر الأمن وتثبيت الاستقرار في الدولة، ولكن لا يمكن تحقيق أمن دائم إذا لم تتقيد باحترام الحقوق الأساسية، خصوصاً ما تعلق بحرية التجمعات السلمية وحرية تأسيس جمعيات»، مبرزاً أن السلطات في البلاد «يجب أن تتعامل مع المجتمع المدني كشريك يقدم قيمة مضافة، لا كخصم ومصدر للتهديد».


مقالات ذات صلة

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

شمال افريقيا السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

أعلنت السلطات الجزائرية، السبت، مناطق شاسعة بأقصى الجنوب الشرقي «بؤرة وباء»، وذلك إثر تفشي الملاريا والدفتيريا وسط السكان.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (إ.ب.أ)

الجزائر تعيد فرض تأشيرات دخول على مواطني المغرب

قررت الجزائر «إعادة العمل الفوري» بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، وفق ما أكدت وزارة الخارجية، على خلفية نشاطات «تمسّ باستقرار» البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج وزير الخارجية السعودي يلتقي نظيره الجزائري في نيويورك (واس)

مباحثات سعودية في نيويورك تناقش أوضاع غزة وتطورات لبنان

عقد الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، سلسلة لقاءات ثنائية مع نظرائه في دول عدة، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا جلسة لأعضاء البرلمان الجزائري (الشرق الأوسط)

البرلمان الجزائري يبحث طلب التحقيق في «تزوير» الاستحقاق الرئاسي

يبحث مكتب البرلمان الجزائري طلباً تسلمه من كتلة نواب الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، يتعلق بإطلاق «لجنة تحقيق» في الظروف التي جرت فيها انتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)

الجزائر: تبون يبدأ ولايته الثانية بإعلان «حرب على لوبيات الاستيراد»

يشتكي المستوردون من تدابير حكومية «مفاجئة»، حالت دون تجديد تراخيص الاستيراد لهم، بينما تتهمهم الحكومة بـ«محاولة ابتزاز الدولة عن طريق افتعال ندرة في السوق».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
TT

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)

أعلنت السلطات الجزائرية، السبت، مناطق شاسعة بأقصى الجنوب الشرقي «بؤرة وباء»، وذلك إثر تفشي الملاريا والدفتيريا وسط السكان. وفيما أكدت وزارة الصحة أن «عدوى وصلت إلينا من بلدان مجاورة»، قالت مصادر طبية محلية إن الأضرار التي لحقت بشبكة توزيع المياه الصالحة للشرب في الأيام الأخيرة، بعد الفيضانات التي اجتاحت المنطقة، كانت سبباً في انتشار أوبئة.

لم يجد سكان تيمياوين وتين زاوتين، وبرج باجي مختار، إلا حساباتهم بالإعلام الاجتماعي لإبراز مدى خطورة الوضع الوبائي في مناطقهم، وذلك بنشر صور المصابين منتشرين في الشوارع وعند مداخل المشافي. ووفق ما جاء في هذه الحسابات، فإن هذه المناطق تواجه الدفتيريا والملاريا منذ 25 من سبتمبر (أيلول) الحالي. وأبرز أصحابها أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على هذه المناطق الصحراوية، الأسبوع الماضي، تسببت في اختلاط مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي، ما أدى إلى مئات الإصابات، حسبهم، مبرزين أن عدداً من المصابين توفوا بسبب عدم توفر الرعاية الصحية اللازمة.

صورة لمصابين بالملاريا ضاقت بهم المصحات والمشافي (متداول)

وأطلق أحد سكان تيمياوين عبر حسابه بـ«فيسبوك»، الجمعة، نداء استغاثة إلى «جميع السلطات العليا في البلاد، من رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، إلى وزارة الصحة ورئيس الجمهورية»، مطالباً بـ«تدخل سريع في الشريط الحدودي مع مالي، خصوصاً في تين زاوتين تيمياوين، و إن قزام، وبرج باجي مختار، لإنقاذنا من الوباء». مبرزاً أن هذه المناطق «تشهد إصابات كثيرة بحمى الملاريا والدفتيريا، وانتشاراً سريعاً للمرض». ووفق صاحب الحساب، «يتم إحصاء 50 وفاة كل يوم في مناطقنا».

وكتبت صفحة «كل شيء عن تمنغست» (أشهر مدن الصحراء)، أن الملاريا والدفتيريا والبوحمرون «تضرب بقوة... وفيات بالعشرات يومياً، وغياب تام لمخطط استعجالي من الجهات المختصة والمسؤولين لإنقاذ الأرواح، وتوفير المستلزمات الضرورية للعيادات المحلية لتقديم خدمات أفضل للمرضى».

وأرفق مسير الصفحة المنشور بعدة صور لعشرات المصابين وهم ملقون على الأرض، في محيط المشافي والمصحات، التي لم تعد قادرة على تقديم خدماتها، بسبب كثرة المرضى وزيادة أعدادهم بمرور الساعات. وحتى سيارات الإسعاف المتوفرة لم تعد كافية لنقل المصابين إلى مصحات المحافظات المجاورة، التي تبعد نحو 600 كيلومتر.

سيارات الإسعاف المتوفرة لم تعد كافية لنقل المصابين إلى مصحات المحافظات المجاورة (الشرق الأوسط)

من جهتها، قالت وزارة الصحة في بيان إنها «تطمئن» سكان المناطق المتضررة من الوباء، بأنها «ستتكفل بكل حالات الإصابة، وفق بروتوكولات العلاج المعمول بها».

وأكدت أنها «تتابع يومياً الوضع الوبائي على المستويين المركزي و المحلي». موضحة أن ما تشهده هذه المناطق، هو «دفتيريا وملاريا وافدة»، في إشارة إلى أن المصابين بالمرضين ينحدرون من بلدان جنوب الصحراء، وهم من نقلوهما إلى مدن الصحراء الجزائرية المتاخمة لحدود هذه البلدان.

وأوضح بيان الوزارة بأن الجزائر «حصلت على شهادة منظمة الصحة العالمية للقضاء على الملاريا»، مشدداً على أن «الحالات التي تم إحصاؤها هي حالات وافدة من بلدان موبوءة»، من دون ذكر أي بلد.

كما أشار إلى أن الوزارة أوفدت، الجمعة، «لجنة طبية متكونة من 14 خبيراً للمناطق المنكوبة، إلى جانب إرسال طائرة محملة بكميات كبيرة من الأدوية، والأمصال المضادة للدفتيريا، ووسائل الحماية اللازمة إلى مناطق تمنراست و إن قزام و برج باجي مختار».

مصاب بالملاريا في مصحة طبية تواجه ضغطاً شديداً بسبب تفشي الوباء (متداول)

وأضافت الوزارة أنها «أوفدت، الخميس، بعثة خبراء إلى ولايتي تمنراست وإن قزام للوقوف على الوضع السائد، وتوفير حصة من الأدوية والأمصال المضادة للدفتيريا. ومن المقرر أيضاً إرسال مهمة ثانية، الأحد، إلى ولاية برج باجي مختار، مجهزة أيضاً بحصة من الأدوية والأمصال المضادة للدفتيريا».

وأوضح بيان الوزارة أن المنتجات والأدوية التي تحدث عنها «يجري توزيعها على مدار السنة (بالمنطقة)، في إطار تقديم الدعم للمؤسسات الصحية، وما يتم نقله خلال هذه المهمات ما هو إلا مكملات إضافية».