ترجيحات بتأجيل مؤتمر القوى السودانية بالقاهرة

مصادر توقعت تنظيمه عقب تشكيل الحكومة المصرية الجديدة

مؤتمر لقوى سياسية سودانية بالقاهرة في مايو الماضي (الشرق الأوسط)
مؤتمر لقوى سياسية سودانية بالقاهرة في مايو الماضي (الشرق الأوسط)
TT

ترجيحات بتأجيل مؤتمر القوى السودانية بالقاهرة

مؤتمر لقوى سياسية سودانية بالقاهرة في مايو الماضي (الشرق الأوسط)
مؤتمر لقوى سياسية سودانية بالقاهرة في مايو الماضي (الشرق الأوسط)

رجحت مصادر مصرية وسودانية تأجيل مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية الموسع الذي دعت مصر لاستضافته نهاية شهر يونيو (حزيران) الحالي في القاهرة. وتوقعت عقده خلال شهر يوليو (تموز) المقبل، «من أجل جذب أكبر عدد من المشاركين، فضلاً عن انتهاء مشاورات تشكيل الحكومة المصرية الجديدة».

والشهر الماضي، دعت «الخارجية المصرية» للمؤتمر، بهدف «الوصول إلى توافق حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان، عبر حوار وطني سوداني - سوداني»، بحضور «الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين».

جانب من دمار مدينة بحري في العاصمة المثلثة السودانية (رويترز)

ويسعى المؤتمر لوقف الحرب السودانية المشتعلة منذ أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والتي راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت نحو 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً، حسب تقديرات أممية.

وقال مصدر مصري مطلع، إن «هناك اتجاهاً لتأجيل مؤتمر القاهرة من أجل مزيد من المشاورات مع الأطراف السودانية». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تحضيرات المؤتمر لم تكتمل بعد، فضلاً عن ترقب التغيير الوزاري في مصر، والمنتظر الإعلان عنه في الأيام المقبلة».

وتداولت بعض القوى السودانية «أنباءً غير رسمية»، عن تأجيل المؤتمر، إلى شهر يوليو (تموز) المقبل. وقال الصحافي السوداني كمال الشريف، قبل أيام عبر حسابه بمنصة (إكس)، إن «مصادر مطلعة كشفت عن تأجيل المؤتمر الذي ترعاه مصر بالقاهرة إلى نهاية يوليو».

وقال القيادي بـ«الكتلة الديمقراطية السودانية»، مبارك أردول، إن «بعض الدوائر المطلعة أبلغته بتأجيل مؤتمر القاهرة ليوليو»، لكنه نفى «إخطاره بشكل رسمي حتى الآن»، مشيراً إلى وجود «اجتماعات مرتقبة في الأيام المقبلة للنظر في التحضيرات الخاصة بالمؤتمر، وتقصي الموقف النهائي بخصوص موعده».

صورة تظهر امرأة وطفلاً في مخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر بشمال دارفور بالسودان في يناير 2024 (رويترز)

ولا يرى أردول، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، أي «إشكالية في تأجيل موعد مؤتمر القوى السودانية بالقاهرة»، ورأى أن «التأجيل في إطار التحضيرات أمر طبيعي»، عادّاً المؤتمر حال انعقاده «فرصة كبيرة».

وأضاف: «هناك تجاوب كبير من قبل القوى الفاعلة في السودان للمشاركة في دعوة القاهرة»، مشيراً إلى أنهم «يعولون على الدور المصري لإنجاز خطوة الحوار السوداني - السوداني، وتحقيق نتائج لإنهاء الأزمة في بلاده، بعد تعثر بقية المبادرات الدولية والإقليمية».

وسبق أن رحبت «الكتلة الديمقراطية السودانية» (كيان سياسي يضم أحزاباً سياسية وحركات مسلحة وكيانات أهلية ومدنية)، بالمشاركة في مؤتمر القاهرة، ودعت «ألا يستثني الحوار أحداً».

وأوصى المكتب السياسي للكتلة بالقاهرة، نهاية الأسبوع الماضي، بـ«مزيد من التواصل مع الجهات ذات الصلة، لمزيد من النقاش، والتعاطي معها، على أساس أن مصر لها دور محوري وموقف قوي مع أهل السودان».

بدوره، طالب أمين عام «الجبهة الشعبية السودانية» جمال عنقرة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، «بتعميق التنسيق بين مصر والسودان، بخصوص المشاركين في المؤتمر، حتى لا تضيع فرصة لتسوية الأزمة السودانية سلمياً»، على حد وصفه، في ظل تعقيدات وتشابكات القوى السياسية والمدنية.

الحرب أجبرت الآلاف على الفرار من ولاية الجزيرة إلى ولايات مجاورة (أ.ف.ب)

ورحبت الخارجية السودانية، بدعوة مصر لمؤتمر القوى السودانية، وطالبت في إفادة لها نهاية مايو (أيار) الماضي، بضرورة «تمثيل المقاومة الشعبية في المؤتمر»، وأن يكون أساس المشاركة «قائماً على تأكيد الشرعية في البلاد، وصيانة المؤسسات الوطنية على رأسها القوات المسلحة»، ورفض مشاركة «رعاة الدعم السريع».

ووضعت الدعوة المصرية محددات لضمان فاعلية مخرجات المؤتمر، شملت أن «النزاع الراهن في السودان قضية سودانية بالأساس، وأن أي عملية سياسية مستقبلية ينبغي أن تشمل كل الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة السودانية، وفي إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها».

وقال نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير صلاح حليمة، إن «دعوة مصر للحوار السوداني، جاءت استجابة لمطالب القوى السياسية والمدنية السودانية»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «مشاورات المبادرة المجتمعية السودانية التي رعاها المجلس المصري للشئون الخارجية خلال الأشهر الماضية، تضمنت مطالب من القوى السودانية لتبني مصر مبادرة رسمية لحوار سوداني».

وأضاف حليمة أن المستهدف من مؤتمر القاهرة «الخروج بنتائج في 4 مسارات أساسية لحل الأزمة السودانية، هي المسار الأمني والعسكري، والسياسي، والإنساني، وإعادة الأعمار».


مقالات ذات صلة

السودان... تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر

شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش في الخرطوم 26 سبتمبر (رويترز)

السودان... تصاعد وتيرة القتال في الخرطوم والجزيرة والفاشر

تصاعدت حدة القتال، الجمعة، بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في عدد من الجبهات مع سقوط عشرات القتلى والجرحى خلال الـ24 ساعة الماضية بصفوف الجانبين.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان يدلي بخطابه في الأمم المتحدة بنيويورك 26 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

البرهان: لا شروط مسبقة للحوار ونطالب بتنفيذ «اتفاق جدة»

أكد رئيس مجلس السيادة قائد القوات المسلحة السودانية الفريق عبد الفتاح البرهان أنه «لا يضع شروطاً مسبقة» للحوار، وطالب «قوات الدعم السريع» بتنفيذ «اتفاق جدة».

علي بردى (نيويورك)
الخليج الربيعة يلقي كلمة السعودية في اجتماع بشأن الوضع الراهن للمساعدات الإنسانية بالسودان (واس)

الربيعة: السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإعادة الأمل للسودانيين

أكد الدكتور عبد الله الربيعة المشرف على «مركز الملك سلمان للإغاثة» أن السعودية بذلت جهوداً حثيثة لإيجاد سبل لإعادة الأمل إلى شعب السودان منذ بداية أزمة بلادهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة play-circle 01:27

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

عاش سكان العاصمة السوداني الخرطوم شللاً مفاجئاً، فيما قال شهود ومصادر عسكرية إن الجيش السوداني شن قصفاً مدفعياً وجوياً في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الخميس.

محمد أمين ياسين (نيروبي) أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو أيام تحالفهما (أرشيفية)

البرهان: أدعم جهود إنهاء «احتلال» قوات «الدعم السريع» أراضي بالسودان

قال قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، اليوم (الخميس)، إنه يؤيد الجهود الرامية لإنهاء الحرب المدمرة في بلده.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (نيويورك)

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
TT

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)

كثّفت مصر من تحركاتها الدبلوماسية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لدعم موقفها في نزاع سد النهضة الإثيوبي. وبينما تؤكد القاهرة «محورية حقوقها المائية» من مياه النيل وترفض «الممارسات الأحادية» من جانب أديس أبابا، تواصل إثيوبيا ملء «السد».

وشدّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت، على «أهمية قضية الأمن المائي وسد النهضة بالنسبة إلى بلاده».

وتبني إثيوبيا سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي منذ 2011 لإنتاج كهرباء تلبي احتياجات 60 في المائة من المنازل. ويواجه مشروع «السد» باعتراضات من دولتي المصب مصر والسودان، للمطالبة باتفاق قانوني ينظّم عمليات ملئه وتشغيله، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس (آب) الماضي، من «التأثيرات الخطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائية». وقالت إن «السد الإثيوبي يمثّل خطراً وجودياً على مصر». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيات صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».

وشدد وزير الخارجية المصري، خلال لقائه نظيره الصيني، وانغ يي، في نيويورك، على «أهمية قضية الأمن المائي والسد الإثيوبي بالنسبة إلى مصر»، وعدّها «قضية وجودية تتعلّق بشكل مباشر بالأمن القومي المصري، ولا يمكن التهاون بشأنها». كما أكد «رفض بلاده أي ممارسات أحادية تضرّ بمصالح دولتي المصب وتخالف القواعد الدولية المستقرة في حوكمة المياه العابرة للحدود»، حسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، السبت.

وسبق ذلك تأكيد وزير الخارجية المصري موقف بلاده نفسه من قضية السد الإثيوبي، خلال لقائه وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، جون باس، في نيويورك، مساء الجمعة. وحذّر عبد العاطي من أن «بلاده لن تتهاون بشأن قضية (السد)». كما أشار عبد العاطي خلال «قمة المستقبل» بالأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، إلى «ضرورة إعطاء قضية الندرة المائية والأمن المائي الاهتمام البالغ من المجتمع الدولي»، مطالباً «عدم ترك الأمر لأهواء دول معينة، وإن كانت هي دول المنبع، لفرض سياسات أحادية خاطئة تهدد مصالح وشواغل دول المصب».

ويرى نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، السفير صلاح حليمة، أن «وزير الخارجية المصري يقوم بدور نشط ومكثف لحشد التأييد الدولي لدعم الموقف المصري في قضية سد النهضة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التحركات المصرية تتسم بالالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية، التي تخالفها إثيوبيا، بالتصرفات الأحادية في مشروع (السد)».

ووفق حليمة فإن «التحركات المصرية تستهدف تأكيد تهديد السد الإثيوبي للحياة في مصر»، وإظهار «المخاطر الوجودية المرتبطة بعمليات تشغيل السد وملئه، ما يعطي الحق للقاهرة في اللجوء إلى الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، لطلب التدخل، دفاعاً عن حقها وأمنها». وأشار إلى أن «هناك تأييداً للموقف المصري أكدته لقاءات وزير الخارجية المصري مع المسؤولين الدوليين في نيويورك».

وكان وزير الخارجية المصري قد أشار، في تصريحات إعلامية بنيويورك، الأسبوع الماضي، إلى «حشد بلاده الدعم والتأييد الدولي لموقفها في ضرورة الوصول لاتفاق قانوني ملزم بشأن السد الإثيوبي، وكيفية تشغيله، بما لا يضر بدولتي المصب»، وقال إن «حصة مصر المائية (55.5 مليار متر مكعب) تكاد تكفي 60 في المائة من الاحتياجات المائية السنوية لمصر، وبالتالي لا يمكن التفريط في قطرة واحدة منها».

جانب من سد النهضة الإثيوبي (رويترز)

من جانبه، أكد أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، ضرورة قيام مصر بـ«تشكيل رأي عام دولي داعم لحقوقها المائية في قضية (السد)»، مشيراً إلى أهمية «ممارسة المجتمع الدولي ضغوطاً على الجانب الإثيوبي، والوصول لاتفاق قانوني بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، حتى لا يتطور الخلاف».

وكان مجلس الأمن قد أصدر بياناً في سبتمبر (أيلول) 2021 حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

وعدّ شراقي أن «تدخل الأمم المتحدة بات ضرورياً، بسبب المخاطر الطبيعية التي يشكّلها مشروع السد الإثيوبي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول عملية تخزين المياه في (السد) للسعة القصوى سيؤدي إلى زيادة نشاط الزلازل بالمنطقة، وفي حال سنوات الفيضان المرتفع، قد يشكّل مخاطر على بنيته»، مشيراً إلى أن «المشروع يمثّل تهديداً للحياة على السودان؛ ما يستوجب تدخل مجلس الأمن».

وشهدت إثيوبيا، الجمعة، زلزالاً في منطقة الأخدود، التي تبعد 570 كيلومتراً شرق منطقة «سد النهضة»، حسب أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الذي قال إنه «من المتوقع زيادة النشاط الزلزالي في إثيوبيا خصوصاً في منطقة (السد)».

يأتي هذا في وقت تواصل فيه إثيوبيا ملء «السد». وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في أغسطس الماضي، «اكتمال بناء سد النهضة على النيل الأزرق بشكل كامل بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وقال إن «إجمالي المياه المحتجزة مع مرحلة الملء الخامس للسد، بلغ 62.5 مليار متر مكعب»، متوقعاً أن تصل نسبة المياه المحتجزة بنهاية العام «ما بين 70 و71 مليار متر مكعب».