هدنة غزة: مخاوف اتساع نطاق الحرب تستنفر جهود الوسطاء

جنود إسرائيليون يقفون بجوار دبابة بالقرب من حدود إسرائيل مع لبنان (رويترز)
جنود إسرائيليون يقفون بجوار دبابة بالقرب من حدود إسرائيل مع لبنان (رويترز)
TT

هدنة غزة: مخاوف اتساع نطاق الحرب تستنفر جهود الوسطاء

جنود إسرائيليون يقفون بجوار دبابة بالقرب من حدود إسرائيل مع لبنان (رويترز)
جنود إسرائيليون يقفون بجوار دبابة بالقرب من حدود إسرائيل مع لبنان (رويترز)

جهود مكثفة للوسطاء في مفاوضات هدنة غزة، لإنجاز اتفاق بـ«أسرع وقت ممكن»، جراء مخاوف من اندلاع اتساع نطاق الحرب، في ظل تصعيد يزداد على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية.

ووفق دبلوماسيين وسياسيين من مصر والأردن ولبنان، في أحاديث مع «الشرق الأوسط»، فإن تلك المخاوف المحتملة «استنفرت جهود الوسطاء في محاولة لإحداث اختراق في الموقف الإسرائيلي، الذي لن يتمكن من نيل موافقة أميركية في إشعال حرب جديدة بجبهة لبنان».

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حذر الجمعة، من أن «شعوب المنطقة والعالم لا يمكنها تحمل أن يصبح لبنان غزة أخرى».

وجاء تحذير غوتيريش، تزامناً مع تصريحات لرئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أكد خلالها أن «وقف إطلاق النار الفوري في غزة السبيل الوحيد للحد من التصعيد على كل الجبهات»، لافتاً إلى «مواصلة الوسطاء جهودهم دون توقف من أجل التوصل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن».

شاركه الرأي وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، الذي كان بجواره في مؤتمر صحافي بمدريد، قائلاً: «نعمل مع شركائنا على خفض التصعيد في جنوب لبنان، وهذا سبب آخر لوقف الحرب في غزة، لا يمكن السماح باتساع دائرة العنف في الشرق الأوسط»، بينما شدد الجانبان في بيان مشترك السبت، على «أهمية التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، للحد من التوترات في الجبهات الإقليمية الملتهبة الأخرى».

وبينما تستمر أعمال المبعوث الأميركي للبنان آموس هوكشتاين لتخفيض التصعيد، كشفت القناة 14 الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي نفذ، السبت، محاولتيْ اغتيال في شرق لبنان وغزة، أسفرتا عن مقتل القيادي بـ«الجماعة الإسلامية»، أيمن الغطمة، والقيادي في الجناح العسكري لـ«حماس» رائد سعد.

التصعيد يأتي غداة كشف هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن تل أبيب تستعد للإعلان قريباً عن هزيمة الذراع العسكرية لـ«حماس» بعد انتهاء معركة رفح، تمهيداً لتوسيع المواجهة مع «حزب الله» في لبنان.

جندي إسرائيلي يسير أمام دبابة بالقرب من الحدود الإسرائيلية مع لبنان (رويترز)

وقف مشروط

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق رخا أحمد حسن، في حديث مع «الشرق الأوسط»، يرى أن وقف الحرب في غزة، تعني هدوء كل الجبهات المشتعلة سواء في البحر الأحمر عبر الحوثيين، أو جنوب لبنان.

ويعتقد أن استنفار جهود وسطاء المفاوضات في هذا المسار لوقف الحرب وخفض التصعيد، مرتبط نجاحه بموقفين رئيسيين؛ أولهما: الموقف الأميركي، الذي يجب أن يزيد من ضغوطه على إسرائيل، وثانيهما: موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي لا يرغب في وقف الحرب بغزة خشية عدم بقائه بالسلطة.

ويرى أن التصعيد المستمر في لبنان، تحبذه تل أبيب، ضمن خطة محتملة لإبعاد الأنظار عن غزة، والضغط على واشنطن لمنحها مزيداً من الأسلحة، لافتاً إلى أن سيناريو التصعيد لن يصل إلى درجة حرب شاملة.

وعقب طرح مقترح الرئيس الأميركي، جو بايدن، نهاية مايو (أيار) الماضي، بشأن وقف الحرب بغزة، دعم مجلس الأمن في 10 يونيو (حزيران) المقترح، بينما أبدت «حماس» ترحيباً إيجابياً، وسلمت الوسطاء ملاحظات تشترط، بحسب تقارير إعلامية، وقفاً دائماً لإطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وهو ما رفضته تل أبيب وحال دون استئناف المفاوضات، وسط مساعٍ للوسطاء لتقليل الفجوة وحث الطرفين على تقديم تنازلات.

من جانبه، يرى المحلل السياسي الأردني، صلاح العبّادي، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن مخاطر التصعيد في شمال إسرائيل تزداد في ظل استمرار الأزمة بغزة. ويرجح العبّادي «سعي بنيامين نتنياهو للخروج من معركة وحل غزة بطريقة تكتيكية من خلال افتعال مواجهات عسكرية على الجبهة الشمالية بصورة أكبر، وشن هجوم عسكري على لبنان لإطالة أمد بقائه بالحكومة».

ولذا تسعى الولايات المتحدة مع الوسطاء إلى «خفض التصعيد وإنهاء معركة غزة تجنباً لزيادة التوترات في المنطقة»، على حد قوله.

تصعيد معرقل

في المقابل، يرى المحلل السياسي اللبناني، طارق أبو زينب، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن هناك «تطورات مقلقة تنذر بتعاظم احتمالات خطر اندلاع الحرب الشاملة التي يظهر الجانب الأميركي تحديداً اندفاعاً قوياً لمنع حصولها».

ويستدرك: «لكن التطورات الميدانية الأخيرة التي واكبت جولة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين مؤخراً للبنان، أبرزت تراكم مزيد من التعقيدات أمام المسعى الأميركي ورفض المساعي الدبلوماسية، لأن (حزب الله) يربط موقفه بوقف الحرب على غزة».

ويستبعد أن يؤثر ذلك التصعيد بالإيجاب على مفاوضات إنهاء الحرب بغزة، لأسباب بينها أن «العدو الإسرائيلي» حريص على بقائها من أجل تعزيز مواقفه.


مقالات ذات صلة

مصر تشدد على وقف إطلاق النار في غزة ولبنان لتفادي «الحرب المفتوحة»

شؤون إقليمية طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

مصر تشدد على وقف إطلاق النار في غزة ولبنان لتفادي «الحرب المفتوحة»

ندد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي بـ«إمعان إسرائيل في توسيع رقعة الصراع»، مجدداً مطالبة تل أبيب بالانسحاب من معبر رفح و«محور فيلادلفيا».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي صور لنصر الله وقاسم سليماني بالعاصمة اليمنية صنعاء في 28 سبتمبر (إ.ب.أ)

ما خيارات إيران بعد «نكسة» نصر الله؟

وجّهت إسرائيل بقتل أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله ضربة قوية إلى جوهرة التاج في المشروع الإيراني الإقليميّ. فكيف سيكون رد طهران؟

المحلل العسكري
المشرق العربي تجمع الناس ورجال الإنقاذ بالقرب من الأنقاض المشتعلة لمبنى دمر في غارة جوية إسرائيلية على مقر قيادة حزب الله (أ.ف.ب)

بعد مقتل نصر الله... مَن أبرز قادة «حزب الله» و«حماس» الذين اغتالتهم إسرائيل؟

مني «حزب الله» في لبنان وحركة «حماس» في غزة منذ اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بضربات قاسية استهدفت أبرز قياداتهما.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة لمجلس الأمن بشأن غزة في نيويورك (الأمم المتحدة)

السعودية تدعو لشراكة جادة تحقق السلام في المنطقة

أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن بلاده تؤمن بأن تنفيذ حل الدولتين هو الأساس لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

جبير الأنصاري (الرياض)

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
TT

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)

أعلنت السلطات الجزائرية، السبت، مناطق شاسعة بأقصى الجنوب الشرقي «بؤرة وباء»، وذلك إثر تفشي الملاريا والدفتيريا وسط السكان. وفيما أكدت وزارة الصحة أن «عدوى وصلت إلينا من بلدان مجاورة»، قالت مصادر طبية محلية إن الأضرار التي لحقت بشبكة توزيع المياه الصالحة للشرب في الأيام الأخيرة، بعد الفيضانات التي اجتاحت المنطقة، كانت سبباً في انتشار أوبئة.

لم يجد سكان تيمياوين وتين زاوتين، وبرج باجي مختار، إلا حساباتهم بالإعلام الاجتماعي لإبراز مدى خطورة الوضع الوبائي في مناطقهم، وذلك بنشر صور المصابين منتشرين في الشوارع وعند مداخل المشافي. ووفق ما جاء في هذه الحسابات، فإن هذه المناطق تواجه الدفتيريا والملاريا منذ 25 من سبتمبر (أيلول) الحالي. وأبرز أصحابها أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على هذه المناطق الصحراوية، الأسبوع الماضي، تسببت في اختلاط مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي، ما أدى إلى مئات الإصابات، حسبهم، مبرزين أن عدداً من المصابين توفوا بسبب عدم توفر الرعاية الصحية اللازمة.

صورة لمصابين بالملاريا ضاقت بهم المصحات والمشافي (متداول)

وأطلق أحد سكان تيمياوين عبر حسابه بـ«فيسبوك»، الجمعة، نداء استغاثة إلى «جميع السلطات العليا في البلاد، من رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، إلى وزارة الصحة ورئيس الجمهورية»، مطالباً بـ«تدخل سريع في الشريط الحدودي مع مالي، خصوصاً في تين زاوتين تيمياوين، و إن قزام، وبرج باجي مختار، لإنقاذنا من الوباء». مبرزاً أن هذه المناطق «تشهد إصابات كثيرة بحمى الملاريا والدفتيريا، وانتشاراً سريعاً للمرض». ووفق صاحب الحساب، «يتم إحصاء 50 وفاة كل يوم في مناطقنا».

وكتبت صفحة «كل شيء عن تمنغست» (أشهر مدن الصحراء)، أن الملاريا والدفتيريا والبوحمرون «تضرب بقوة... وفيات بالعشرات يومياً، وغياب تام لمخطط استعجالي من الجهات المختصة والمسؤولين لإنقاذ الأرواح، وتوفير المستلزمات الضرورية للعيادات المحلية لتقديم خدمات أفضل للمرضى».

وأرفق مسير الصفحة المنشور بعدة صور لعشرات المصابين وهم ملقون على الأرض، في محيط المشافي والمصحات، التي لم تعد قادرة على تقديم خدماتها، بسبب كثرة المرضى وزيادة أعدادهم بمرور الساعات. وحتى سيارات الإسعاف المتوفرة لم تعد كافية لنقل المصابين إلى مصحات المحافظات المجاورة، التي تبعد نحو 600 كيلومتر.

سيارات الإسعاف المتوفرة لم تعد كافية لنقل المصابين إلى مصحات المحافظات المجاورة (الشرق الأوسط)

من جهتها، قالت وزارة الصحة في بيان إنها «تطمئن» سكان المناطق المتضررة من الوباء، بأنها «ستتكفل بكل حالات الإصابة، وفق بروتوكولات العلاج المعمول بها».

وأكدت أنها «تتابع يومياً الوضع الوبائي على المستويين المركزي و المحلي». موضحة أن ما تشهده هذه المناطق، هو «دفتيريا وملاريا وافدة»، في إشارة إلى أن المصابين بالمرضين ينحدرون من بلدان جنوب الصحراء، وهم من نقلوهما إلى مدن الصحراء الجزائرية المتاخمة لحدود هذه البلدان.

وأوضح بيان الوزارة بأن الجزائر «حصلت على شهادة منظمة الصحة العالمية للقضاء على الملاريا»، مشدداً على أن «الحالات التي تم إحصاؤها هي حالات وافدة من بلدان موبوءة»، من دون ذكر أي بلد.

كما أشار إلى أن الوزارة أوفدت، الجمعة، «لجنة طبية متكونة من 14 خبيراً للمناطق المنكوبة، إلى جانب إرسال طائرة محملة بكميات كبيرة من الأدوية، والأمصال المضادة للدفتيريا، ووسائل الحماية اللازمة إلى مناطق تمنراست و إن قزام و برج باجي مختار».

مصاب بالملاريا في مصحة طبية تواجه ضغطاً شديداً بسبب تفشي الوباء (متداول)

وأضافت الوزارة أنها «أوفدت، الخميس، بعثة خبراء إلى ولايتي تمنراست وإن قزام للوقوف على الوضع السائد، وتوفير حصة من الأدوية والأمصال المضادة للدفتيريا. ومن المقرر أيضاً إرسال مهمة ثانية، الأحد، إلى ولاية برج باجي مختار، مجهزة أيضاً بحصة من الأدوية والأمصال المضادة للدفتيريا».

وأوضح بيان الوزارة أن المنتجات والأدوية التي تحدث عنها «يجري توزيعها على مدار السنة (بالمنطقة)، في إطار تقديم الدعم للمؤسسات الصحية، وما يتم نقله خلال هذه المهمات ما هو إلا مكملات إضافية».