سودانيون في مصر يثيرون أزمة بخرائط لـ«حلايب وشلاتين»

نازحون سودانيون بمعبر قسطل المصري (الشرق الأوسط)
نازحون سودانيون بمعبر قسطل المصري (الشرق الأوسط)
TT
20

سودانيون في مصر يثيرون أزمة بخرائط لـ«حلايب وشلاتين»

نازحون سودانيون بمعبر قسطل المصري (الشرق الأوسط)
نازحون سودانيون بمعبر قسطل المصري (الشرق الأوسط)

أثارت خرائط رفعها سودانيون لبلادهم، في مدن مصرية، تضم مثلث «حلايب وشلاتين»، جدلاً واسعاً خلال الأيام الماضية، ما دفع السلطات المصرية لاتخاذ إجراءات بترحيل أحدهم إلى بلده مرة أخرى.

وبين الحين والآخر يتجدد الجدال التاريخي داخل البلدين حول تبعية منطقة مثلث حلايب وشلاتين (أقصى جنوب مصر على الحدود السودانية). وبينما تخضع المنطقة لسيطرة مصرية فعلية، عدّت القاهرة، في تصريحات رسمية سابقة، أن الهدف من إثارة هذه القضية إحداث «فتنة بين البلدين».

وتبلغ مساحة مثلث حلايب نحو 20.5 كلم2، وتضم 3 بلدات كبرى هي حلايب وأبو الرماد وشلاتين، وتقطنها قبائل تمتد جذورها التاريخية بين مصر والسودان، أبرزها قبيلة البجة والبشارية.

وتداول مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي في مصر لافتات لمحال ومؤسسات تعليمية سودانية في مصر، مصحوبة بخريطة السودان تضم منطقة حلايب وشلاتين. وحذر مراقبون من هذه الممارسات، مؤكدين أنها «ستثير مشاكل للسودانيين المقيمين في مصر».

وتعددت وقائع نشر خرائط للسودان مصحوبة بمثلث حلايب وشلاتين، ما بين محال تجارية في القاهرة والإسكندرية، ومؤسسات تعليمية. وحسب وسائل إعلام محلية قامت السلطات الأمنية بترحيل صاحب «ماركت» للمنتجات السودانية بالقاهرة وضع على واجهة المحل خريطة لبلاده تضم منطقة حلايب، بداعي «مخالفة القواعد والشروط والقوانين المصرية».

وبعد الجدل الذي أثارته الخريطة على منصات التواصل، عدَّ منشور بصفحة «محل المنتجات السودانية» على موقع «فيسبوك»، أن «الخطأ في الشعار غير مقصود، وليست له أبعاد سياسية، وأنه تم إزالته».

سبق تلك الواقعة، اعتذار مؤسسة تعليمية سودانية في القاهرة، تضم مدارس خاصة، عن نشر صورة دعائية لشعار المؤسسة الكائنة بإحدى مناطق محافظة الجيزة بمصر، تضم خريطة السودان، وبها منطقتا حلايب وشلاتين، وبعد حالة الجدل التي أثارتها الصورة، عدّت إدارة المؤسسة أيضاً «الخطأ غير مقصود، ولا توجد أي نيّات سياسية من خلف هذا الخطأ».

تكررت الوقائع نفسها، مع تداول مستخدمي منصات التواصل لافتات محال تابعة لسودانيين، منها محال تجارية في الإسكندرية، وأخرى تابعة «لحلاق» سوداني بالقاهرة، خلال الأيام الماضية.

حلاق سوداني يعتذر عن وضع خريطة تشير إلى سودانية «حلايب وشلاتين»
حلاق سوداني يعتذر عن وضع خريطة تشير إلى سودانية «حلايب وشلاتين»

وتضاعفت أعداد السودانيين الفارين من الحرب الداخلية بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» والقائمة منذ أبريل (نيسان) من العام الماضي، وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، في مارس (آذار) الماضي، إن بلاده «استقبلت أكثر من نصف مليون سوداني منذ بدء الحرب، بالإضافة إلى أكثر من 5 ملايين سوداني يعيشون في مصر دون تفرقة بينهم وبين المواطنين المصريين».

ولاقت وقائع نشر خرائط السودان مصحوبة بمنطقة حلايب انتقادات واسعة من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي في مصر.

وتساءلت بعض الحسابات عن «دور رؤساء الأحياء المسؤولة عن الرقابة والتفتيش على المحلات التي تم تأجيرها للسودانيين في كل المحافظات». فيما عدَّ البعض الأمر «مقصوداً ومنظماً».

ويرى الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، أن تداول سودانيين خرائط لبلادهم تضم منطقة حلايب «يثير مزيداً من المشاكل للمقيمين في مصر، حتى ولو بشكل غير مقصود»، وقال إن «مثل هذه الوقائع تدفع لمزيد من حملات الهجوم على اللاجئين السودانيين».

ودعا خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، السودانيين، إلى «ضرورة احترام قوانين ولوائح البلد المضيف، وعدم إثارة القضايا الحدودية، لأنها أمور تتعلق بالأنظمة السياسية بين البلدين».

تزامنت الأزمة الأخيرة مع حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر تنادي بوضع حد لازدياد أعداد اللاجئين في مصر، كونهم «تسببوا في تفاقم الأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار»، في مقابل مدافعين عن وجودهم تعاطفاً مع أوضاعهم الإنسانية الصعبة.

وربط الباحث السوداني بين وقائع نشر الخرائط السودانية، وبين ما أثير مؤخراً حول ترحيل مصر لمهاجرين سودانيين غير شرعيين، وقال: «يجب احترام قواعد وقوانين البلد أولاً».

ولم يختلف في ذلك نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير صلاح حليمة، الذي أشار إلى أن «من يتم ترحيله من السودانيين يأتي لاعتبارات أمنية، أو لمخالفة شروط الإقامة»، مؤكداً أن «قضية الحدود المصرية السودانية محسومة، وفقاً لوثائق وخرائط مصرية ودولية، ولا داعي للاقتراب منها».

وأوضح حليمة لـ«الشرق الأوسط» أن «السودانيين في مصر ينقسمون لثلاث فئات، ما بين لاجئين ومقيمين قانونياً ومقيمين بشكل مؤقت لحين انتهاء الحرب»، لافتاً إلى أن «جميع الفئات يتم معاملتهم معاملة خاصة كمصريين»، لكنه طالب في الوقت نفسه بضرورة «احترام المقيمين قواعد وقوانين البلد المضيف».

وقال حليمة إن «مصر تتخذ إجراءات لتقنين أوضاع جميع الأجانب على أراضيها»، بعد أن ارتفع عددهم لأكثر من 10 ملايين أجنبي، بينهم السودانيون.


مقالات ذات صلة

السيسي يبحث في الكويت القضايا الإقليمية والتعاون الاقتصادي

الخليج أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى وصوله إلى البلاد مساء الاثنين (كونا)

السيسي يبحث في الكويت القضايا الإقليمية والتعاون الاقتصادي

استقبل الشيخ مشعل الأحمد، أمير دولة الكويت، مساء الاثنين، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي وصل إلى الكويت، المحطة الثانية لجولته الخليجية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج جانب من المباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الدوحة الاثنين (قنا)

دعوة قطرية - مصرية لمؤتمر دولي لإعمار غزة تستضيفه القاهرة

أكدت قطر ومصر دعمهما الكامل لخطة إعادة إعمار قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
المشرق العربي أمير قطر لدى استقباله الرئيس المصري في الديوان الأميري بالدوحة (الرئاسة المصرية)

الرئيس المصري وأمير قطر يؤكدان ضرورة دعم خطة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين

أكَّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الاثنين، ضرورة دعم الخطة العربية لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري في جولة تفقدية للمجمع الطبي بمحافظة السويس في وقت سابق (مجلس الوزراء المصري)

«هجرة الأطباء» تُثير الجدل في مصر مجدداً بعد حديث عن استقالات عديدة

أثار إعلان رسمي عن خلو عدد كبير من وظائف الأطباء بمستشفيات جامعة الإسكندرية في مصر حالة من الجدل، بعد حديث عن استقالة أصحاب تلك الوظائف.

هشام المياني (القاهرة)
العالم العربي وقفة احتجاجية لـ«محامي شرق القاهرة» ضد الرسوم القضائية (نقابة المحامين المصرية)

محاميو مصر يتظاهرون لرفض زيادة رسوم التقاضي

صعّدت نقابة المحامين المصرية موقفها ضد زيادة في «الرسوم القضائية»، بالتظاهر داخل «المحاكم الفرعية»، الأحد، بمختلف المحافظات المصرية.

أحمد إمبابي (القاهرة)

حرب السودان... عام ثالث ولا حلول في الأفق

نازحون من مخيم زمزم الذي استولت عليه «قوات الدعم السريع» في شمال دارفور 14 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
نازحون من مخيم زمزم الذي استولت عليه «قوات الدعم السريع» في شمال دارفور 14 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
TT
20

حرب السودان... عام ثالث ولا حلول في الأفق

نازحون من مخيم زمزم الذي استولت عليه «قوات الدعم السريع» في شمال دارفور 14 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
نازحون من مخيم زمزم الذي استولت عليه «قوات الدعم السريع» في شمال دارفور 14 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

تدخل حرب السودان، اليوم، عامها الثالث، من دون أفق واضح لحل قريب، إذ يتمسك طرفا الحرب؛ الجيش و«قوات الدعم السريع»، بعدم التفاوض وحسم الصراع عسكرياً.

وقدرت تقارير أممية الخسائر المادية بـ200 مليار دولار، والبشرية بمئات الآلاف من القتلى والجرحى، مع دمار أكثر من 60 في المائة من البنية التحتية، وتشريد نحو 15 مليون شخص بين نازح ولاجئ، في أزمة وصفها الاتحاد الأوروبي بأنها الأسوأ في القرن الـ21، فيما وصفتها منظمة الهجرة الدولية بأنها «أكبر كارثة نزوح في العالم».

في غضون ذلك، تنتشر بكثافة مقاطع تصور المآسي والإعدامات الميدانية، وإطلاق الرصاص على الهوية والعِرق والجهة. وكوْن الحرب دارت داخل المدن، فقد كانت حصيلتها ضخمة؛ إنسانياً ومادياً.

وينظر السودانيون بشيء من الأمل إلى مخرجات مؤتمر دولي يعقد في لندن، اليوم، بمشاركة وزراء خارجية 20 دولة، لبحث سبل إنهاء الصراع الدامي.