خطة بـ200 مليون دولار لمواجهة «أزمة العطش» بالجزائر

مشروعات مستعجلة مطلوب تنفيذها في 4 أشهر لسد احتياجات السكان

جانب من المظاهرات ضد انقطاع المياه في بداية الأزمة الشهر الماضي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)
جانب من المظاهرات ضد انقطاع المياه في بداية الأزمة الشهر الماضي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)
TT

خطة بـ200 مليون دولار لمواجهة «أزمة العطش» بالجزائر

جانب من المظاهرات ضد انقطاع المياه في بداية الأزمة الشهر الماضي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)
جانب من المظاهرات ضد انقطاع المياه في بداية الأزمة الشهر الماضي (حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي)

تبحث الحكومة الجزائرية خطة عاجلة لمواجهة شح مياه الشرب في عدد من مناطق البلاد؛ لتفادي احتجاجات شعبية أخرى، بعد تلك التي شهدتها محافظة تيارت (300 كيلومتر غرب) يوميْ عيد الأضحى.

وعقدت رئاسة الحكومة، أمس الخميس، اجتماعاً بقيادة الوزير الأول نذير عرباوي، «تناول مختلف التدابير المتخَذة بخصوص تزويد الساكنة بالمياه الصالحة للشرب»، وفق بيان للحكومة أشار إلى وجود «برنامج خاص للتخفيف من حدة نقص مياه الشرب، ضمن مشروع يهدف إلى الاستجابة بشكل مستدام لاحتياجات المواطنين من المياه».

وزير الموارد المائية يتوقف عند مشروع للمياه في تيارت (الوزارة)

كان وزير الموارد المائية، طه دربال، قد تحدث عن هذا المشروع، في 15 من الشهر الحالي، عندما زار مناطق بمحافظة تيارت، حيث نشبت عدة احتجاجات ضد انقطاع المياه الذي استمر لمدة تجاوزت الشهر. وقطع شباب المنطقة الطرقات بالحجارة، وأحرقوا عجلات السيارات؛ تعبيراً عن غضبهم.

وأعلن الوزير حينها تخصيص 27 مليار دينار (نحو 200 مليون دولار)، مشروعات استعجالية لتوفير المياه للمناطق المعرضة لـ«الشح المالي عبر كامل البلاد»، كما أعلن، بهذا الخصوص، إطلاق «برنامج جديد لتقليل الضغط على المياه، قد يكون للمزارعين فيه مكان في المستقبل»، دون توضيح ما يقصد، مشيراً إلى مشروع لتزويد مدينة تيارت يومياً بـ10 آلاف لتر مكعب إضافية من المياه، ما يرفع الكمية الموزعة على سكان المدينة إلى 34 ألف متر مكعب، وفق عضو الحكومة، علماً بأن عدد سكان المحافظة يبلغ 1.300 مليون.

وزير الموارد المائية الجزائري خلال اجتماع بأعضاء «خلية اليقظة» الخاصة بمشكلة المياه (الوزارة)

وتعهّد الوزير بمشروع آخر يخص المياه، ينطلق بعد غد الأحد، يمكّن 11 بلدية بتيارت، والولاية المنتدبة الجديدة قصر الشلالة، من التزود بالمياه الصالحة للشرب من الحوض المائي المسمى «الجرماية».

وأعلنت الوزارة نفسها، أمس الخميس، تنصيب «خلية يقظة ومتابعة»، تتكون من كوادر تابعين لها مكلفين بـ«ضمان السير الحسن للخدمة العمومية للمياه، عبر كامل التراب الوطني».

وفي مؤتمر صحافي عقده، الأسبوع الماضي، ذكر الوزير دربال أن محافظي الولايات (58) «تسلموا مراسلات للتواصل مع مديري الموارد المائية الولائيين من أجل البدء فوراً في تنفيذ المشروعات، التي تشمل حفر آبار، وتهيئة منشآت التخزين، وغيرها من المشروعات لتعبئة الموارد المائية؛ بشرط ألا تتجاوز فترات التنفيذ أربعة أشهر».

برلماني تيارت الذي أبلغ الحكومة أواخر 2021 بأزمة مياه الشرب (حساب البرلماني)

وخلال تفاعله بمنصات الإعلام الاجتماعي مع أزمة المياه الحادة التي تضرب تيارت، كتب عضو البرلمان، بلجيلالي أحمد، المنتخب عن سكان المحافظة، أن منتخبيها «بلّغوا الحكومة، في أواخر 2021، بأننا نتوجه إلى أزمة مياه»، مشدداً على أن «كل المراسلات والتبليغات مثبتة ومسجلة، والشيء نفسه فعلته السلطات الولائية، وعلى الأقل أشهد بهذا لوالي تيارت (علي بوقرة)، وأعي أن واجب التحفظ لديه يمنعه من التصريح بذلك، ولكن الحق يجب أن يقال».

كانت مصادر صحافية قد أشارت إلى احتمال عزل الوالي من منصبه، على أساس أنه «لم يتحرك في الوقت المناسب لتفادي أزمة العطش»، فيما يبدو عكس ذلك، وفق البرلماني، ما يعني أن الحكومة كانت على دراية بالمشكلة، ولم تبادر بحلها لتفادي المظاهرات التي قامت مؤخراً.

ووفق البرلماني نفسه، «كانت هناك مبالغة في الاحتجاجات وإغلاق الطرقات، حتى أمام صهاريج المياه المعبَّأة، ومنعها من الوصول للخزانات في بعض المناطق وليس كلها». ولفت إلى «ظهور عشرات الحسابات الوهمية (بالإعلام الاجتماعي)، التي تتهجم على كل من يدعو للتهدئة وضبط النفس».


مقالات ذات صلة

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

شمال افريقيا السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

أعلنت السلطات الجزائرية، السبت، مناطق شاسعة بأقصى الجنوب الشرقي «بؤرة وباء»، وذلك إثر تفشي الملاريا والدفتيريا وسط السكان.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (إ.ب.أ)

الجزائر تعيد فرض تأشيرات دخول على مواطني المغرب

قررت الجزائر «إعادة العمل الفوري» بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، وفق ما أكدت وزارة الخارجية، على خلفية نشاطات «تمسّ باستقرار» البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج وزير الخارجية السعودي يلتقي نظيره الجزائري في نيويورك (واس)

مباحثات سعودية في نيويورك تناقش أوضاع غزة وتطورات لبنان

عقد الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، سلسلة لقاءات ثنائية مع نظرائه في دول عدة، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا جلسة لأعضاء البرلمان الجزائري (الشرق الأوسط)

البرلمان الجزائري يبحث طلب التحقيق في «تزوير» الاستحقاق الرئاسي

يبحث مكتب البرلمان الجزائري طلباً تسلمه من كتلة نواب الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، يتعلق بإطلاق «لجنة تحقيق» في الظروف التي جرت فيها انتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)

الجزائر: تبون يبدأ ولايته الثانية بإعلان «حرب على لوبيات الاستيراد»

يشتكي المستوردون من تدابير حكومية «مفاجئة»، حالت دون تجديد تراخيص الاستيراد لهم، بينما تتهمهم الحكومة بـ«محاولة ابتزاز الدولة عن طريق افتعال ندرة في السوق».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
TT

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)

كثّفت مصر من تحركاتها الدبلوماسية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لدعم موقفها في نزاع سد النهضة الإثيوبي. وبينما تؤكد القاهرة «محورية حقوقها المائية» من مياه النيل وترفض «الممارسات الأحادية» من جانب أديس أبابا، تواصل إثيوبيا ملء «السد».

وشدّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت، على «أهمية قضية الأمن المائي وسد النهضة بالنسبة إلى بلاده».

وتبني إثيوبيا سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي منذ 2011 لإنتاج كهرباء تلبي احتياجات 60 في المائة من المنازل. ويواجه مشروع «السد» باعتراضات من دولتي المصب مصر والسودان، للمطالبة باتفاق قانوني ينظّم عمليات ملئه وتشغيله، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس (آب) الماضي، من «التأثيرات الخطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائية». وقالت إن «السد الإثيوبي يمثّل خطراً وجودياً على مصر». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيات صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».

وشدد وزير الخارجية المصري، خلال لقائه نظيره الصيني، وانغ يي، في نيويورك، على «أهمية قضية الأمن المائي والسد الإثيوبي بالنسبة إلى مصر»، وعدّها «قضية وجودية تتعلّق بشكل مباشر بالأمن القومي المصري، ولا يمكن التهاون بشأنها». كما أكد «رفض بلاده أي ممارسات أحادية تضرّ بمصالح دولتي المصب وتخالف القواعد الدولية المستقرة في حوكمة المياه العابرة للحدود»، حسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، السبت.

وسبق ذلك تأكيد وزير الخارجية المصري موقف بلاده نفسه من قضية السد الإثيوبي، خلال لقائه وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، جون باس، في نيويورك، مساء الجمعة. وحذّر عبد العاطي من أن «بلاده لن تتهاون بشأن قضية (السد)». كما أشار عبد العاطي خلال «قمة المستقبل» بالأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، إلى «ضرورة إعطاء قضية الندرة المائية والأمن المائي الاهتمام البالغ من المجتمع الدولي»، مطالباً «عدم ترك الأمر لأهواء دول معينة، وإن كانت هي دول المنبع، لفرض سياسات أحادية خاطئة تهدد مصالح وشواغل دول المصب».

ويرى نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، السفير صلاح حليمة، أن «وزير الخارجية المصري يقوم بدور نشط ومكثف لحشد التأييد الدولي لدعم الموقف المصري في قضية سد النهضة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التحركات المصرية تتسم بالالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية، التي تخالفها إثيوبيا، بالتصرفات الأحادية في مشروع (السد)».

ووفق حليمة فإن «التحركات المصرية تستهدف تأكيد تهديد السد الإثيوبي للحياة في مصر»، وإظهار «المخاطر الوجودية المرتبطة بعمليات تشغيل السد وملئه، ما يعطي الحق للقاهرة في اللجوء إلى الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، لطلب التدخل، دفاعاً عن حقها وأمنها». وأشار إلى أن «هناك تأييداً للموقف المصري أكدته لقاءات وزير الخارجية المصري مع المسؤولين الدوليين في نيويورك».

وكان وزير الخارجية المصري قد أشار، في تصريحات إعلامية بنيويورك، الأسبوع الماضي، إلى «حشد بلاده الدعم والتأييد الدولي لموقفها في ضرورة الوصول لاتفاق قانوني ملزم بشأن السد الإثيوبي، وكيفية تشغيله، بما لا يضر بدولتي المصب»، وقال إن «حصة مصر المائية (55.5 مليار متر مكعب) تكاد تكفي 60 في المائة من الاحتياجات المائية السنوية لمصر، وبالتالي لا يمكن التفريط في قطرة واحدة منها».

جانب من سد النهضة الإثيوبي (رويترز)

من جانبه، أكد أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، ضرورة قيام مصر بـ«تشكيل رأي عام دولي داعم لحقوقها المائية في قضية (السد)»، مشيراً إلى أهمية «ممارسة المجتمع الدولي ضغوطاً على الجانب الإثيوبي، والوصول لاتفاق قانوني بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، حتى لا يتطور الخلاف».

وكان مجلس الأمن قد أصدر بياناً في سبتمبر (أيلول) 2021 حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

وعدّ شراقي أن «تدخل الأمم المتحدة بات ضرورياً، بسبب المخاطر الطبيعية التي يشكّلها مشروع السد الإثيوبي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول عملية تخزين المياه في (السد) للسعة القصوى سيؤدي إلى زيادة نشاط الزلازل بالمنطقة، وفي حال سنوات الفيضان المرتفع، قد يشكّل مخاطر على بنيته»، مشيراً إلى أن «المشروع يمثّل تهديداً للحياة على السودان؛ ما يستوجب تدخل مجلس الأمن».

وشهدت إثيوبيا، الجمعة، زلزالاً في منطقة الأخدود، التي تبعد 570 كيلومتراً شرق منطقة «سد النهضة»، حسب أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الذي قال إنه «من المتوقع زيادة النشاط الزلزالي في إثيوبيا خصوصاً في منطقة (السد)».

يأتي هذا في وقت تواصل فيه إثيوبيا ملء «السد». وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في أغسطس الماضي، «اكتمال بناء سد النهضة على النيل الأزرق بشكل كامل بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وقال إن «إجمالي المياه المحتجزة مع مرحلة الملء الخامس للسد، بلغ 62.5 مليار متر مكعب»، متوقعاً أن تصل نسبة المياه المحتجزة بنهاية العام «ما بين 70 و71 مليار متر مكعب».