تونس: استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب... وإحالات جديدة بتهم «التآمر»

الرئيس التونسي قيس سعيد عقد اجتماع عمل مع وزير الداخلية

الرئيس التونسي قيس سعيد خلال اجتماع أمني قبل يومين مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بن الصادق حول الموسم السياحي (موقع رئاسة الجمهورية)
الرئيس التونسي قيس سعيد خلال اجتماع أمني قبل يومين مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بن الصادق حول الموسم السياحي (موقع رئاسة الجمهورية)
TT

تونس: استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب... وإحالات جديدة بتهم «التآمر»

الرئيس التونسي قيس سعيد خلال اجتماع أمني قبل يومين مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بن الصادق حول الموسم السياحي (موقع رئاسة الجمهورية)
الرئيس التونسي قيس سعيد خلال اجتماع أمني قبل يومين مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بن الصادق حول الموسم السياحي (موقع رئاسة الجمهورية)

أعلنت السلطات الأمنية التونسية عن إطلاق «حملة اتصالية متكاملة للتعريف بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف العنيف والإرهاب للأعوام الخمسة المقبلة».

وأوردت مواقع تابعة لوزارة الداخلية التونسية أنباء عن إطلاق هذه الحملة حتى عام 2027، لتعريف كل المتدخلين في القضايا التي لديها علاقة بـ«التطرف العنيف والإرهاب» بمضامين هذه الاستراتيجية الوطنية وأولوياتها.

استنفار أمني في شوارع تونس (أرشيفية - وسائل إعلام تونسية)

وأوردت الإدارة العامة للحرس الوطني؛ في بلاغ بثه موقعها الرسمي، أن من بين أهدافها حث «كل الأطراف المتدخلة على تنفيذها»، وأن شعارها: «وحدة الوطن وتماسك أفراده». كما أكد البلاغ على «المسؤولية المشتركة في الوقاية من التطرف العنيف الذي يفضي إلى الإرهاب»، وعلى أن «اليقظة الدائمة ركيزة أساسية لإنجاح جهود الوقاية».

وكشفت مصادر أمنية تونسية بالمناسبة أن تونس اعتمدت أول «استراتيجية وطنية لمكافحة التطرف العنيف والإرهاب» في 2016، وأنها أعادت في العامين الماضيين صياغة الاستراتيجية الجديدة بأبعادها الأمنية والثقافية والإعلامية، وأنه تقرر إطلاقها هذه الأيام.

خطة أمنية صيفية

من جهة أخرى؛ انطلقت الاستعدادات على أعلى مستوى لتطبيق «الخطة الأمنية لمرحلة الصائفة الحالية» التي تتزامن مع توافد ملايين السياح العرب والأجانب وعودة أكثر من مليون تونسي من بين المقيمين في الخارج لقضاء إجازاتهم السنوية في موطنهم.

في هذا السياق، عقد الرئيس التونسي، قيس سعيد، منذ يومين بقصر الرئاسة في قرطاج، اجتماع عمل مع وزير الداخلية خالد النوري، وكاتب الدولة المكلف الأمن الوطني سفيان بالصادق.

وأعلن بلاغ رسمي من رئاسة الجمهورية أن هذا الاجتماع ناقش «الوضع العام الأمني في البلاد» إلى جانب «الاستعدادات الجارية لتوفير أحسن الظروف لعودة التونسيين المقيمين بالخارج وتأمين الموسم السياحي المقبل».

ويقترن الموسم السياحي الصيفي وموعد عودة المهاجرين في تونس بتكثيف الإجراءات الأمنية في المطارات والموانئ والطرقات و المناطق السياحية والشواطئ العمومية التي تمتد على أكثر من 1200 كيلومتر من سواحل البلاد.

كما تتكثف الحركة صيفاً من جهة البوابات البرية مع الجزائر وليبيا؛ إذ يقترن موسم الصيف غالباً بتوافد ملايين السياح الجزائريين والليبيين نحو تونس، وبتنقل مئات آلاف السياح التونسيين نحو شمال شرقي الجزائر وغرب ليبيا بهدف السياحة والمواطنين للتجارة.

حالة استنفار في المناطق السياحية والمطارات والمدن صيفاً (موقع وزارة الداخلية)

وقد أعلن قبل أسبوع عن فتح جزئي لمعبر رأس الجدير الحدودي الرابط بين جنوب شرقي تونس وليبيا، على أن يفتح فتحاً كاملاً يوم أمس الخميس. لكن السلطات الأمنية أعلنت عن تأجيل عملية الفتح الكامل إلى يوم الاثنين المقبل 24 يونيو (حزيران) الحالي.

وكان هذا الانفراج تحقق بعد لقاءات عدة جمعت وزيري داخلية البلدين ومساعديهما، وبعد محادثات مباشرة وهاتفية بين الرئيس التونسي قيس سعيد مع رئيس مجلس الرئاسة الليبي محمد المنفي، ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة.

إحالات جديدة إلى القضاء

وعلى صعيد آخر؛ أعلنت مصادر قضائية رسمية في «محكمة تونس» عن توجيه اتهامات جديدة إلى 11 شخصية سياسية وعمومية بتهم أمنية متفرقة؛ من بينها «التآمر على أمن الدولة» و«الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضاً»، على خلفية تصريحات صدرت عن رئيس البرلمان السابق، راشد الغنوشي، خلال مسامرة رمضانية نظمتها «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة حذر فيها من سيناريو «الحرب الأهلية». وقد أوقف الغنوشي بعد تلك التصريحات التي عدّتها أوساط أمنية وقضائية وسياسية «تحريضاً على العنف والعصيان المدني»، بينما عدّها محاموه «دعوة إلى الحوار ونبذ الإقصاء لتجنب القطيعة والصدام».

واللافت للانتباه أن قائمة المتهمين في «قضية التآمر الجديدة على أمن الدولة» شملت كذلك اثنين من أصهاره؛ أحدهما وزير الخارجية الأسبق رفيد السلام الذي سافر إلى أوروبا منذ أكثر من 3 أعوام.

متهمون في حالة فرار

لذلك يحال عبد السلام في هذه القضية وفي قضايا أمنية أخرى «في حالة فرار» على غرار عدد من السياسيين السابقين؛ بينهم رؤساء الحكومات السابقون يوسف الشاهد وهشام المشيشي والمهدي جمعة، وعدد من الوزراء والبرلمانيين وكبار الضباط الأمنيين السابقين وكبار رجال الأعمال «الفارين»، والمتهمين في قضايا أحيلت إلى «قطب مكافحة الإرهاب» أو إلى «قطب مكافحة الفساد».

ووفق تصريحات جديدة أدلى بها الناطق باسم «محكمة تونس»، الحبيب الطرخاني، فإن من بين المتهمين حضورياً وغيابياً في هذه القضية الأمنية الجديدة صهراً آخر لرئيس البرلمان السابق رجل الأعمال موفق الكعبي، ومدير مكتب رئاسة البرلمان سابقاً أحمد المشرقي، والبرلماني السابق عن حزب «ائتلاف الكرامة» والمدون ماهر زيد، والإعلامي الموجود منذ سنوات خارج تونس مقداد الماجري.

وكانت هيئات قضائية أحالت؛ بصفة رسمية، قبل أسابيع، عدداً من الشخصيات السياسية السابقة ورجل أعمال ونشطاء في «جمعيات غير حكومية» إلى القضاء ضمن ما عرفت بملفات «التسفير إلى بؤر التوتر».

وكشفت حنان قداس، الناطقة باسم «القطب القضائي لمكافحة الإرهاب» والمساعدة الأولى لوكيل الجمهورية في «محكمة تونس»، عن إصدار بطاقات «إيداع بالسجن في حق مسؤولين سابقين وأمناء مال جمعيات» متهمين بـ«التورط في ما يسمى (تسفير الشباب إلى بؤر التوتر)» قبل 2014. وكانت الأبحاث في هذه القضية شملت منذ أكثر من عام رئيس الحكومة ووزير الداخلية في عامي 2012 و2013، ورجل الأعمال محمد الفريخة الذي كان يملك شركات طيران خاصة ومؤسسة دولية لتكنولوجيا المعلومات.


مقالات ذات صلة

إردوغان: تركيا ستعيد تقييم علاقاتها بأميركا بعد انتخاب رئيسها الجديد

شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي (الرئاسة التركية)

إردوغان: تركيا ستعيد تقييم علاقاتها بأميركا بعد انتخاب رئيسها الجديد

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده ستعيد تقييم علاقاتها مع الولايات المتحدة عقب الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
أفريقيا صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

أعلنت السلطات في دولة بنين اعتقال قائد الحرس الجمهوري ورجل أعمال مُقرّب من رئيس البلاد ووزير سابق في الحكومة، إثر تورّطهم في مخطط لقلب نظام الحكم بالقوة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا عنصرا أمن يقتادان منفذ هجوم الطعن في زولينغن إلى التحقيق (د.ب.أ)

حملة تفتيش جديدة للشرطة الألمانية على خلفية هجوم إرهابي

على خلفية الهجوم الإرهابي الذي وقع أخيراً في مدينة زولينغن الألمانية، أجرت الشرطة مرة أخرى حملة تفتيش في إحدى المناطق بالمدينة. وقالت مصادر أمنية، إن قوات…

«الشرق الأوسط» (برلين)
الخليج الملتقى سيشهد على مدى 3 أيام أوراقاً علمية وحلقات نقاش بمشاركة عربية ودولية (الشرق الأوسط)

الرياض تستضيف ملتقى حول الذكاء الاصطناعي في المجالات الأمنية

بدأت في الرياض، الثلاثاء، أعمال «الملتقى الثاني لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في المجالات الأمنية: التركيز على مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة».

غازي الحارثي (الرياض)
شمال افريقيا عربات عسكرية في واغادوغو (أرشيفية رويترز)

بعد «هجوم باماكو»... عواصم دول الساحل تعيش حالة طوارئ غير معلنة

أعلنت سلطات بوركينا فاسو أن سيارات الإسعاف والمركبات الدبلوماسية وعربات نقل الموتى، ستخضع للتفتيش في العاصمة واغادوغو خشية استغلالها لشن هجوم إرهابي.

الشيخ محمد (نواكشوط)

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
TT

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)

أعلنت السلطات الجزائرية، السبت، مناطق شاسعة بأقصى الجنوب الشرقي «بؤرة وباء»، وذلك إثر تفشي الملاريا والدفتيريا وسط السكان. وفيما أكدت وزارة الصحة أن «عدوى وصلت إلينا من بلدان مجاورة»، قالت مصادر طبية محلية إن الأضرار التي لحقت بشبكة توزيع المياه الصالحة للشرب في الأيام الأخيرة، بعد الفيضانات التي اجتاحت المنطقة، كانت سبباً في انتشار أوبئة.

لم يجد سكان تيمياوين وتين زاوتين، وبرج باجي مختار، إلا حساباتهم بالإعلام الاجتماعي لإبراز مدى خطورة الوضع الوبائي في مناطقهم، وذلك بنشر صور المصابين منتشرين في الشوارع وعند مداخل المشافي. ووفق ما جاء في هذه الحسابات، فإن هذه المناطق تواجه الدفتيريا والملاريا منذ 25 من سبتمبر (أيلول) الحالي. وأبرز أصحابها أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على هذه المناطق الصحراوية، الأسبوع الماضي، تسببت في اختلاط مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي، ما أدى إلى مئات الإصابات، حسبهم، مبرزين أن عدداً من المصابين توفوا بسبب عدم توفر الرعاية الصحية اللازمة.

صورة لمصابين بالملاريا ضاقت بهم المصحات والمشافي (متداول)

وأطلق أحد سكان تيمياوين عبر حسابه بـ«فيسبوك»، الجمعة، نداء استغاثة إلى «جميع السلطات العليا في البلاد، من رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، إلى وزارة الصحة ورئيس الجمهورية»، مطالباً بـ«تدخل سريع في الشريط الحدودي مع مالي، خصوصاً في تين زاوتين تيمياوين، و إن قزام، وبرج باجي مختار، لإنقاذنا من الوباء». مبرزاً أن هذه المناطق «تشهد إصابات كثيرة بحمى الملاريا والدفتيريا، وانتشاراً سريعاً للمرض». ووفق صاحب الحساب، «يتم إحصاء 50 وفاة كل يوم في مناطقنا».

وكتبت صفحة «كل شيء عن تمنغست» (أشهر مدن الصحراء)، أن الملاريا والدفتيريا والبوحمرون «تضرب بقوة... وفيات بالعشرات يومياً، وغياب تام لمخطط استعجالي من الجهات المختصة والمسؤولين لإنقاذ الأرواح، وتوفير المستلزمات الضرورية للعيادات المحلية لتقديم خدمات أفضل للمرضى».

وأرفق مسير الصفحة المنشور بعدة صور لعشرات المصابين وهم ملقون على الأرض، في محيط المشافي والمصحات، التي لم تعد قادرة على تقديم خدماتها، بسبب كثرة المرضى وزيادة أعدادهم بمرور الساعات. وحتى سيارات الإسعاف المتوفرة لم تعد كافية لنقل المصابين إلى مصحات المحافظات المجاورة، التي تبعد نحو 600 كيلومتر.

سيارات الإسعاف المتوفرة لم تعد كافية لنقل المصابين إلى مصحات المحافظات المجاورة (الشرق الأوسط)

من جهتها، قالت وزارة الصحة في بيان إنها «تطمئن» سكان المناطق المتضررة من الوباء، بأنها «ستتكفل بكل حالات الإصابة، وفق بروتوكولات العلاج المعمول بها».

وأكدت أنها «تتابع يومياً الوضع الوبائي على المستويين المركزي و المحلي». موضحة أن ما تشهده هذه المناطق، هو «دفتيريا وملاريا وافدة»، في إشارة إلى أن المصابين بالمرضين ينحدرون من بلدان جنوب الصحراء، وهم من نقلوهما إلى مدن الصحراء الجزائرية المتاخمة لحدود هذه البلدان.

وأوضح بيان الوزارة بأن الجزائر «حصلت على شهادة منظمة الصحة العالمية للقضاء على الملاريا»، مشدداً على أن «الحالات التي تم إحصاؤها هي حالات وافدة من بلدان موبوءة»، من دون ذكر أي بلد.

كما أشار إلى أن الوزارة أوفدت، الجمعة، «لجنة طبية متكونة من 14 خبيراً للمناطق المنكوبة، إلى جانب إرسال طائرة محملة بكميات كبيرة من الأدوية، والأمصال المضادة للدفتيريا، ووسائل الحماية اللازمة إلى مناطق تمنراست و إن قزام و برج باجي مختار».

مصاب بالملاريا في مصحة طبية تواجه ضغطاً شديداً بسبب تفشي الوباء (متداول)

وأضافت الوزارة أنها «أوفدت، الخميس، بعثة خبراء إلى ولايتي تمنراست وإن قزام للوقوف على الوضع السائد، وتوفير حصة من الأدوية والأمصال المضادة للدفتيريا. ومن المقرر أيضاً إرسال مهمة ثانية، الأحد، إلى ولاية برج باجي مختار، مجهزة أيضاً بحصة من الأدوية والأمصال المضادة للدفتيريا».

وأوضح بيان الوزارة أن المنتجات والأدوية التي تحدث عنها «يجري توزيعها على مدار السنة (بالمنطقة)، في إطار تقديم الدعم للمؤسسات الصحية، وما يتم نقله خلال هذه المهمات ما هو إلا مكملات إضافية».