مصر ترحّل سودانيين لاتهامهم بـ«مخالفة شروط الإقامة»

السلطات قالت إنهم دخلوا البلاد بطريقة «غير قانونية»

سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)
سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)
TT

مصر ترحّل سودانيين لاتهامهم بـ«مخالفة شروط الإقامة»

سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)
سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)

رحّلت السلطات المصرية، الخميس، سودانيين لاتهامهم بـ«مخالفة شروط الإقامة»، ودخول البلاد بطريقة «غير قانونية».

وتلقت مديرية أمن قنا (جنوب مصر) إخطاراً يفيد بضبط 7 حافلات بالمحافظة، تحمل ركاباً سودانيين، تبين أنهم وصلوا إلى الأراضي المصرية بـ«طريقة غير مشروعة، ولا يحملون أوراقاً رسمية للإقامة في مصر»، بحسب مواقع مصرية.

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في أبريل (نيسان) من العام الماضي، تزايدت أعداد السودانيين الفارين من الحرب إلى مصر، وانتشرت تجمعاتهم في القاهرة وعدد من المدن المصرية.

وفي مارس الماضي، قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، للمبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو، إن «مصر استقبلت أكثر من نصف مليون مواطن سوداني منذ بدء الحرب، بالإضافة إلى أكثر من خمسة ملايين سوداني يعيشون في مصر دون تفرقة بينهم وبين المواطنين المصريين».

وتضاعف عدد اللاجئين السودانيين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر 5 أضعاف منذ أبريل 2023، ليصل إلى 315 ألف لاجئ سوداني، يمثلون أكثر من 52 في المائة من إجمالي عدد اللاجئين المسجلين في البلاد، وعددهم نحو 590 ألف لاجئ من 60 دولة أجنبية، حسب بيانات مكتب مفوضية اللاجئين بالقاهرة.

وتواجه مصر تدفقات مستمرة من مهاجرين اضطروا إلى ترك بلادهم؛ بسبب الصراعات أو لأسباب اقتصادية ومناخية، خصوصاً من دول الجوار العربي والأفريقي، ومنها سوريا، واليمن، والسودان وفلسطين. ووفق تقديرات الحكومة المصرية، فإن أعداد اللاجئين والأجانب المقيمين على أراضيها «يتعدى 9 ملايين أجنبي من نحو 133 دولة».

أمين عام الامم المتحدة خلال لقائه بشخصيات سودانية بالقاهرة في مارس الماضي (الأمم المتحدة)

وتشكو مصر من عدم تناسب المساعدات الدولية المقدمة إليها، مع زيادة تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى أراضيها. وأشار رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في أبريل الماضي، إلى أن «تكلفة إقامة 9 ملايين أجنبي بمصر أكثر من 10 مليارات دولار سنوياً».

الباحث السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، رأى أن «شبكات تهريب السودانيين زادت خلال الفترة الأخيرة، بهدف تحقيق مكاسب مادية كبيرة». وقال خليل لـ«الشرق الأوسط» إن «تلك الشبكات تستغل ظروف الحرب، والتسهيلات المقدمة من مصر للسودانيين في تهريب أعداد بطرق (غير مشروعة) خصوصاً من الذين لا يريدون انتظار استخراج تأشيرات السفر الرسمية»، مشيراً إلى أن «مصر لم تُوقف التأشيرات المجانية للسودانيين»، كما «تمنح تأشيرات دخول اعتباري للسودانيين الذين يسجلون في مكتب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالقاهرة».

وفي مايو (أيار) الماضي، طالبت وزارة الداخلية المصرية الأجانب المقيمين على أراضيها بضرورة التوجه إلى «الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية» لتقنين أوضاعهم وتجديد إقاماتهم والحصول على «بطاقة الإقامة الذكية» لضمان الاستفادة من كافة الخدمات الحكومية المقدمة إليهم قبل نهاية يونيو (حزيران) الحالي.

والتقى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في مارس الماضي، بمجموعة من اللاجئين السودانيين في القاهرة، حيث استمع لمعاناة الآلاف الذين تركوا منازلهم وممتلكاتهم وأسرهم بسبب الحرب.

وتشير المؤسسات المصرية إلى تقديم الرعاية للسودانيين دون تفرقة مع المصريين. وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقباله رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن، عبد الفتاح البرهان، في القاهرة نهاية فبراير (شباط) الماضي، «مواصلة عمل بلاده على تخفيف الآثار الإنسانية للنزاع على الشعب السوداني».


مقالات ذات صلة

«الطماطم» تعاند موائد المصريين وتواصل الارتفاع

شمال افريقيا أسعار الطماطم سجلت مستويات قياسية في مصر (المصدر: موقع سوق العبور)

«الطماطم» تعاند موائد المصريين وتواصل الارتفاع

سجلت أسعار الطماطم، التي تُعد غذاء أساسياً للمصريين يدخل في الوجبات والأكلات كافة، مستويات غير مسبوقة.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا مقر وزارة الداخلية المصرية (صفحة الوزارة على «فيسبوك»)

انتقادات متصاعدة بشأن مقطع صوتي لـ«اعترافات طبيبين بالتحرش» في مصر

تصاعدت في مصر الانتقادات بشأن مقطع صوتي متداول لحديث جرى نسبه إلى «طبيبين»، قالا إنهما «قاما بالتحرش بالمترددات على المستشفيات للعلاج».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا أبو الغيط خلال محادثات مع البرهان في نيويورك (الجامعة العربية)

«الجامعة العربية» تطالب بتمويل خطة مساعدات إنسانية عاجلة للسودان

طالبت جامعة الدول العربية بـ«تمويل خطة مساعدات إنسانية عاجلة للسودان». وأعربت عن استعدادها المشاركة في «أي مساعٍ حميدة» من شأنها إنهاء حالة «الاحتراب الأهلي».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا محادثات عبد العاطي وفيدان في نيويورك (الخارجية المصرية)

ارتياح مصري - تركي لتقدم العلاقات الثنائية

أكدت محادثات بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره التركي هاكان فيدان، في نيويورك، «تطلع القاهرة وأنقرة لمواصلة العمل على دفع العلاقات الاقتصادية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الخبز أحد أهم السلع المدعومة في مصر (وزارة التموين)

«الحوار الوطني» المصري يناقش إعادة هيكلة الدعم الحكومي

يعتزم «الحوار الوطني» المصري، خلال الأيام المقبلة، مناقشة قضية الدعم الحكومي المقدم للمواطنين، في ضوء قرار الحكومة بإعادة هيكلته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الجامعة العربية» تطالب بتمويل خطة مساعدات إنسانية عاجلة للسودان

أبو الغيط خلال محادثات مع البرهان في نيويورك (الجامعة العربية)
أبو الغيط خلال محادثات مع البرهان في نيويورك (الجامعة العربية)
TT

«الجامعة العربية» تطالب بتمويل خطة مساعدات إنسانية عاجلة للسودان

أبو الغيط خلال محادثات مع البرهان في نيويورك (الجامعة العربية)
أبو الغيط خلال محادثات مع البرهان في نيويورك (الجامعة العربية)

طالبت جامعة الدول العربية بـ«تمويل خطة مساعدات إنسانية عاجلة للسودان». وأعربت عن استعدادها المشاركة في «أي مساعٍ حميدة» من شأنها إنهاء حالة «الاحتراب الأهلي» المستمرة في البلاد منذ أكثر من عام، بحسب إفادة رسمية، الجمعة.

وكثفت «الجامعة العربية» تحركاتها لدعم السودان، على هامش اجتماعات للدورة 79 من الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث عقد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، لقاءً، مساء الخميس، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، جدد خلاله «تأكيد موقف الجامعة الثابت القائم على ضرورة الحفاظ على سيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وصون كل مؤسساته الوطنية»، وفق إفادة رسمية للمتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية، جمال رشدي.

وتناولت محادثات أبو الغيط والبرهان «تطورات الوضع على الأرض». وأكد أبو الغيط «جاهزية الجامعة العربية الكاملة لبذل أي مساعٍ حميدة تطلب منها لدعم السلام والاستقرار في السودان».

الأمر نفسه أكده الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، حسام زكي، خلال مشاركته في اجتماع بشأن «سبل الاستجابة الإنسانية في السودان»، عُقد أيضاً على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث أعرب زكي، في كلمته، عن «استعداد جامعة الدول العربية للتنسيق والتعاون بشأن أسرع وأفضل السبل والآليات لإنهاء حالة الاحتراب الأهلي وصون مؤسسات البلاد الوطنية ومقدراتها، ودعم استعادة السلام والأمن في السودان».

وشدد الأمين العام المساعد على أن «الوضع الإنساني المتدهور وازدياد تهديدات المجاعة وانعدام الأمن الغذائي وندرة الأدوية المنقذة للحياة، كل ذلك يتطلب ضرورة الدعم المالي العاجل لتمويل خطط منسقة عاجلة وقصيرة المدى لتوريد المساعدات الغذائية واستعادة سبل العيش، وإنقاذ الموسم الزراعي».

وفي اجتماع آخر عقد بنيويورك أيضاً، حول «دعم السلام في السودان»، أكد زكي «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية»، مشدداً في هذا الإطار على أن «إنشاء آليات لمراقبة وقف إطلاق النار وحماية المدنيين السودانيين ومنع تدفق الأسلحة وفقاً لقرارات مجلس الأمن، مسؤولية سودانية كاملة».

متطوع يوزّع الطعام على النازحين في أحد أحياء أم درمان بالسودان (أرشيفية - رويترز)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023، حرباً داخلية بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة. وتزامن ذلك مع تحذيرات دولية وأممية من «خطر المجاعة» في البلاد.

وعولت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتورة أماني الطويل، على التحركات العربية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بشأن السودان «كوسيلة فاعلة لدعم فكرة التفاوض، عبر البناء على المجهودات السابقة في هذا المجال»، لكنها في الوقت نفسه رهنت نجاح تلك الجهود بـ«نوايا الأطراف الداخلية». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «اجتماعات جنيف شهدت تحضيرات على مستويات عدة، لكنها أجهضت في النهاية بسبب الإرادة الداخلية لطرفي الصراع على الأرض».

واستضافت مدينة جنيف السويسرية، في أغسطس (آب) الماضي، محادثات دولية هدفت إلى وقف إطلاق النار في السودان، ووضع الحلول للأزمة الإنسانية الناتجة عنها، بمشاركة وفد «قوات الدعم السريع»، وغياب ممثلين عن الجيش السوداني، وبحضور أميركي وسعودي وسويسري ومصري وإماراتي، إلى جانب الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. لكنها لم تخلص إلى اتفاق على وقف الحرب.

جانب من الاجتماع التشاوري حول السودان يونيو 2024 (الجامعة العربية)

وكانت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية قد أبدت نوعاً من الامتعاض إزاء عدم دعوتها لمحادثات جنيف. وقالت، في إفادة رسمية في حينها، إن «دعوتها، التي لم تصل - حتى الآن - للمشاركة في الجهد المطلق بجنيف، هي بمثابة تطبيق لقرار مجلس الأمن رقم 2736 بتاريخ 13 يونيو (حزيران) 2024. وأشارت إلى أن الفقرة الثامنة من قرار مجلس الأمن تنص على «التواصل المنسق مع الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسية الأخرى للمساعدة في النهوض بالسلام بالسودان».

عودة إلى الطويل التي أكدت أن «الجامعة العربية لها دور مهم في تحريك المسألة السودانية، لا سيما أن وجودها يعكس التنوع السوداني». وقالت: «لم يكن هناك معنى لاستبعاد الجامعة العربية من محادثات جنيف، لا سيما مع حضور الاتحاد الأفريقي؛ إلا إذا كانت هناك مساعٍ لخلق معادلة سياسية مختلفة في السودان، وهو أمر غير مقبول». وأضافت أن «الجامعة العربية تفاعلت مع الأزمة منذ بدايتها، واستضافت اجتماعات عدة في هذا الصدد، من بينها اجتماع لتنسيق المبادرات المتعلقة بحلحلة الأزمة».

وفي يونيو الماضي، استضافت جامعة الدول العربية اجتماعاً إقليمياً - عربياً لمناقشة سبل تنسيق الجهود الرامية لاستعادة السلم والاستقرار في السودان، دعا إلى تنفيذ «إعلان جدة» الإنساني. وكانت مدينة جدة السعودية استضافت مفاوضات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، في مايو (أيار) 2023، خلصت إلى اتفاق أطلق عليه «إعلان جدة - الالتزام بحماية المدنيين في السودان»، وعقدت بعد ذلك عدة جولات لم تحقق تقدماً.