ليبيا: حبس مسؤولين سابقين بتهم «فساد»

النائب العام يصعّد في مواجهة «ناهبي المال العام»

النائب العام الليبي الصديق الصور خلال اجتماع سابق ببعض المسؤولين بوزارة «الوحدة» (مكتب النائب العام)
النائب العام الليبي الصديق الصور خلال اجتماع سابق ببعض المسؤولين بوزارة «الوحدة» (مكتب النائب العام)
TT

ليبيا: حبس مسؤولين سابقين بتهم «فساد»

النائب العام الليبي الصديق الصور خلال اجتماع سابق ببعض المسؤولين بوزارة «الوحدة» (مكتب النائب العام)
النائب العام الليبي الصديق الصور خلال اجتماع سابق ببعض المسؤولين بوزارة «الوحدة» (مكتب النائب العام)

أمر النائب العام الليبي، المستشار الصديق الصور، بحبس مسؤولين سابقين من بينهم وزير التعاون الدولي بحكومة ما يعرف بـ«الإنقاذ» السابقة؛ لاتهامهم بتحقيق «منافع غير جائزة قانوناً»، وذلك في أحدث ضربة توجهها النيابة للمتهمين بـ«التورط في تجاوزات مالية».

وتعاني ليبيا بشكل لافت من انتشار الفساد، فمنذ عام 2012 تراجع ترتيبها إلى الأسوأ، وصولاً إلى تصنيفها من بين الدول العشر الأكثر فساداً، وفقاً لـ«مؤشر مدركات الفساد»، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية هذا العام. كما تعلن النيابة العامة من وقت إلى آخر ضبط متهمين بتهم استغلال وظائفهم والتطاول على المال، وفق تقارير رقابية رسمية، وسبق لها أن أمرت بسجن عشرات الشخصيات على ذمة التحقيقات، لكنها بدأت مؤخراً التصعيد على نحو غير مسبوق، وفق متابعين.

النائب العام الليبي الصديق الصور (مكتب النائب العام)

وكشف مكتب النائب العام عن أحدث عملياته في بيان، الثلاثاء، وقال إن نائب النيابة بمكتب النائب العام تولى التحقيق في تقارير سابقة صادرة عن ديوان المحاسبة، تناولت إساءة العمل الإداري والمالي المنسوب إلى وزير التعاون الدولي بحكومة ما يعرف بـ«الإنقاذ»؛ ومسؤول الشؤون الإدارية والمالية في الوزارة. وأشار مكتب النائب العام إلى أنه تكشفت أمام المحقق «أنماط إساءة ترتَّب عنها حصول غيرهما من موظفي الوزارة على منافع غير جائزة قانوناً»؛ رأى معها المحقق حبسهما احتياطياً على ذمة التحقيق.

ويثمّن سياسيون ليبيون التحقيقات التي تجريها النيابة العامة، والتي تسفر عادة عن توقيف مسؤولين حاليين وسابقين، لكنهم يطالبون بمزيد من تعقّب ما يسمونهم «لصوص المال العام، وتهريب نفط».

وسبق لرئيس حكومة «الوحدة الوطنية» عبد الحميد الدبيبة، التحدث عن «استشراء الفساد في عدد من القطاعات الحكومية»، وقال إن الفساد «يكبّد الاقتصاد الوطني خسائر كبيرة»، لكنه أعلن حينها «تبرؤ حكومته من المفسدين، وعدم التسامح معهم»، ورأى «إمكانية القضاء عليه».

عبد الحميد الدبيبة تحدث سابقاً عن «استشراء الفساد في عدد من القطاعات الحكومية» (الوحدة)

وكانت حكومة ما يعرف بـ«الإنقاذ»، التابعة لـ«المؤتمر الوطني العام»، تمارس مهامها من العاصمة الليبية طرابلس، قبل توقيع اتفاق «الصخيرات» الذي أتى بالمجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني» برئاسة فائز السراج نهاية عام 2015.

واستبقت النيابة العامة حبس المسؤولين بحكومة «الإنقاذ» بتوقيف مسؤولين سابقين بوزارة العمل بحكومة «الوحدة» الوطنية، الاثنين، وهم مسؤولون عن الشؤون الإدارية والمالية؛ والخزينة؛ والقسم المالي؛ والرقابة المالية.

وقال مكتب النائب العام إن نائب النيابة تولى التحقيق في واقعة الاستيلاء على أموال عامة مودعة في حساب وزارة العمل لدى مصرف ليبيا المركزي؛فاستدلَّ المحقق على تسبُّب المسؤولين في «إلحاق ضرر جسيم بالمال؛ نتيجة انتهاجهم سلوكاً لا يتآلف مع الفروض الوظيفية». موضحاً أن الضرر تمثل في «تزوير بيانات الصكوك؛ مما سهل الاستيلاء على مليون و347 ألفاً ومائة وخمسة وأربعين ديناراً؛ وبذلك انتهى المحقق إلى حبس المتهمين على ذمة التحقيق؛ وأمر بضبط وإحضار المستفيد من المبلغ المالي المستولى عليه.

وفي السادس من يونيو (حزيران) الحالي، قضت محكمة طرابلس بسجن رئيسة البعثة السياسية الليبية لدى مملكة بلجيكا ودوقيّة لوكسمبورغ الكبرى، السفيرة أمل الجراري، سبع سنوات بعد إدانتها بتهمة «الاستيلاء على المال العام»، وغرّمتها ضعف المبلغ المختلس.

سجن رئيسة البعثة السياسية الليبية لدى مملكة بلجيكا أمل الجراري لإدانتها بتهمة «الاستيلاء على المال العام» (الشرق الأوسط)

ولم تكن تهم الفساد الموجهة لسفيرة ليبيا لدى بلجيكا هي الوحيدة، التي تُوجّه لمسؤولين نافذين بالسلك الدبلوماسي، فقد سبقتها اتهامات عدة لرؤساء بعثات دبلوماسية، بالإضافة إلى مسؤولين في حكومة «الوحدة الوطنية».

ويتضمن تقرير ديوان المحاسبة (أكبر جهاز رقابي يتخذ من طرابلس مقراً له)، العديد من وقائع الفساد الذي تطال غالبية الوزارات ومؤسسات الدولة، والتي انتهت بمقتضاها حينها إلى حبس مسؤولين، من بينهم مسؤول ديوان «هيئة صياغة الدستور» احتياطياً على ذمة التحقيقات؛ لاتهامه في وقائع «فساد».


مقالات ذات صلة

ليبيا: إطلاق آلية لتثبيت «هدنة طرابلس»

شمال افريقيا 
جانب من القوات التي تفصل بين المتقاتلين في طرابلس (شعبة الاحتياط بقوة مكافحة الإرهاب)

ليبيا: إطلاق آلية لتثبيت «هدنة طرابلس»

أعلن المجلس الرئاسي الليبي، بعد اجتماع عقده مع قادة عسكريين وبحضور المبعوثة الأممية هانا تيتيه، عن إطلاق آلية لتثبيت الهدنة في العاصمة طرابلس، بعد التطورات.

جمال جوهر (القاهرة) خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع «الرئاسي» الليبي مع البعثة الأممية وقيادات عسكرية بغرب البلاد (الرئاسي الليبي)

«الرئاسي» الليبي يطلق آلية لتثبيت الهدنة في طرابلس

أطلق المجلس الرئاسي في ليبيا، بحضور رئيس الأركان العامة، ورؤساء الأركان النوعية للجيش في غرب البلاد آلية لتثبيت الهدنة، لتعزيز الاستقرار في العاصمة طرابلس.

جمال جوهر (القاهرة)
تحليل إخباري الدبيبة مستقبلاً في مكتبه وفداً من الهيئة الطرابلسية السبت (مكتب الدبيبة)

تحليل إخباري تساؤلات حول مستقبل «الوحدة» الليبية

يعتقد سياسيون ومراقبون أن بقاء الدبيبة في السلطة لم يعد ممكناً بعد الحراك الشعبي الليبي ضد حكومته، متحدثين عن احتمالات عدة بشأن حكومته في الأيام المقبلة.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس حكومة «الوحدة» الليبية عبد الحميد الدبيبة مستقبلاً وفداً من أعيان ووجهاء مدينة صبراتة... الأحد (حكومة «الوحدة»)

الدبيبة يتهم صالح والمشري وحفتر بـ«إغراق طرابلس في الفوضى»

دعا عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة المؤقتة في العاصمة الليبية، الميليشيات إلى «الانضمام لمؤسسات الدولة»، موجهاً اتهامات للأطراف السياسية المعارضة له.

خالد محمود
شمال افريقيا واحدة من الجثث الـ9 التي كشف عثر عليها جهاز المباحث الجنائية بغرب ليبيا (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

ما حقيقة العثور على 45 جثة لجنود تابعين لحفتر في طرابلس؟

كشف جهاز أمني تابع لحكومة طرابلس الليبية عن وجود 9 جثث داخل ثلاجة مهجورة بأحد المشافي، بينما سارعت ميليشيات للحديث عن أن عددها 45 جثة وتعود لـ«الجيش الوطني».

جمال جوهر (القاهرة)

ليبيا: إطلاق آلية لتثبيت «هدنة طرابلس»


جانب من القوات التي تفصل بين المتقاتلين في طرابلس (شعبة الاحتياط بقوة مكافحة الإرهاب)
جانب من القوات التي تفصل بين المتقاتلين في طرابلس (شعبة الاحتياط بقوة مكافحة الإرهاب)
TT

ليبيا: إطلاق آلية لتثبيت «هدنة طرابلس»


جانب من القوات التي تفصل بين المتقاتلين في طرابلس (شعبة الاحتياط بقوة مكافحة الإرهاب)
جانب من القوات التي تفصل بين المتقاتلين في طرابلس (شعبة الاحتياط بقوة مكافحة الإرهاب)

أعلن المجلس الرئاسي الليبي، بعد اجتماع عقده مع قادة عسكريين وبحضور المبعوثة الأممية هانا تيتيه، عن إطلاق آلية لتثبيت الهدنة في العاصمة طرابلس، بعد التطورات الأخيرة.

وأوضح المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي أن الاجتماع خلص إلى «إطلاق آلية لتثبيت الهدنة، ودعم ترتيبات أمنية تفضي لتهدئة دائمة وتعزز الاستقرار»، في إطار مسؤوليات المجلس الرئاسي بوصفه سلطة عليا للقيادة العسكرية في البلاد.

ونقل المجلس الرئاسي أن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، شددت على «دعم البعثة الكامل لخطوات المجلس في هذا الاتجاه».

لكن رغم ذلك، رصدت وسائل إعلام محلية ما وصفته بحالة «شلل تام» في حركة الحياة اليومية، بعد إقدام المحتجين المناهضين لحكومة «الوحدة» على «إغلاق طرق شرق طرابلس كافة».