يمثل ترشح سيدة المال والأعمال، سعيدة نغزة، لانتخابات الرئاسة الجزائرية، المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل، حدثاً سياسياً جديداً في البلاد، لأنها المرة الأولى التي يشارك فيها رئيس شركة خاصة، ومسؤول أول عن منظمة أرباب عمل خاصة في استحقاق لنيل المنصب الأعلى في البلاد.
وأعلنت نغزة (63 سنة)، مساء الاثنين، بالعاصمة أمام وسائل الإعلام عن رغبتها في الوصول إلى قمة الدولة عن طريق الانتخابات، من موقعها بوصفها سيدة أعمال ورئيسة تنظيم لأرباب العمل، يسمى «الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية».
ووفق مراقبين لتطورات المشهد السياسي التي تسبق موعد الانتخابات، فإنه من شأن هذه الخطوة، التي أقدمت عليها نغزة، أن تفتح الشهية لبقية أرباب العمل في السنوات المقبلة لبلوغ آفاق بعيدة في المسؤوليات بالدولة.
ومنذ الانتخابات التشريعية لعام 2007 لم يتوقف أرباب العمل في القطاع الخاص عن كسب حصص كبيرة من السلطة. وبلغ ذلك ذروته ابتداء من الولاية الثالثة للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (2009 - 2014)، حينما كان تكتل أرباب العمل المسمى «منتدى رؤساء المؤسسات»، هو الركيزة المالية والسياسية الأولى للسلطة. لكن انهارت هذه المنظومة بعدما اندلع الحراك الشعبي في 22 فبراير (شباط) 2019، عندما أجبر بوتفليقة على الاستقالة، وتم سجن كل رجال الأعمال المقربين منه، وأولهم علي حداد، رئيس «المنتدى» و«كبير أرباب العمل» في البلاد.
وتعهد الرئيس عبد المجيد تبون منذ توليه الرئاسة نهاية 2019 بـ«فصل المال عن السياسة»، على أساس التجربة السيئة التي عاشتها البلاد، حسبه، خلال حكم بوتفليقة (1999 - 2019). كما أن تبون نفسه يعد نفسه «ضحية» رجال الأعمال أصحاب النفوذ في ذلك الوقت. فقد كتبت الصحافة بأن حداد هو من كان وراء إقالته من رئاسة الوزراء في صيف 2017 بعد ثلاثة أشهر من تسلمه المنصب، وذلك بسبب خطاب له في البرلمان، أظهر فيه حزماً على إبعاد رجال الأعمال، من محيط الحكومة وأجهزتها.
وتعد نغزة الترشيح النسائي الثالث للانتخابات، بعد ترشح زعيمة «حزب العمال» اليساري لويزة حنون، والمحامية المعروفة بالدفاع عن معتقلي الحراك زبيدة عسول، رئيسة الحزب المعارض «الاتحاد من أجل الرقي».
كما ترشح للاستحقاق، الوزير السابق بلقاسم ساحلي بصفته رئيساً لحزب «التحالف الوطني الجمهوري»، وعبد العالي حساني رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، المحسوبة على تيار «الإخوان». فيما ينتظر أن يعلن تبون رغبته في ولاية ثانية، قريباً.
وأفادت نغزة في خطاب الترشح الذي قرأته في فندق بالعاصمة بأنها «اتخذت هذا القرار بعد تفكير طويل، وإدراك تام بحجم الآمال الكبيرة التي يتطلع إليها الشعب الجزائري»، مؤكدة أنه «من واجبنا تغيير الذهنيات، كما يجب أن نشمر عن سواعدنا، ونواجه بكل شجاعة وإصرار جميع هذه المعارك المتعلقة بمستقبلنا».
يشار إلى أن نغزة ترأس «الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية» منذ 2016، وقد برز اسمها في واجهة الأحداث في البلاد في سبتمبر 2023 عندما نددت في رسالة إلى الرئيس تبون بالعقبات التي يواجهها رواد الأعمال. وتضمنت أنهم يشكون «من الغرامات التي تفرضها لجنة من خمسة وزراء، دون إعطائهم الحق في الاطلاع على ملفاتهم، وهي غرامات تتجاوز بالنسبة للبعض حجم أصول شركاتهم، ولن يتمكنوا أصلا من دفعها». وذكرت وسائل إعلام محلية أنه تم تجميد هذه اللجنة لاحقاً.
وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة نغزة بسبب رسالتها، واصفة إياها بأنها «امرأة تحن إلى عهد بائد»، بمعنى أنها ترغب في العودة إلى مرحلة تحكم أرباب العمل في مقاليد الحكم. وقد دفعها هذا الهجوم إلى مغادرة البلاد، حيث أقامت عدة أشهر في الخارج قبل أن تعود إلى أعمالها في الجزائر.