ليبيا تواري الثرى 14 جثة لمهاجرين «مجهولي الهوية»

محاولات لإنقاذ 30 مهاجراً في البحر المتوسط

جانب من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
جانب من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
TT

ليبيا تواري الثرى 14 جثة لمهاجرين «مجهولي الهوية»

جانب من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
جانب من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

في حين كان عاملون محليون في ليبيا يوارون الثرى 14 جثة بمدينة صبراتة تعود لمهاجرين «مجهولي الهوية»، كانت الأنباء تتوالى عن تعرض قارب يقل 30 مهاجراً للغرق، قبالة ساحل غرب ليبيا.

جانب من دفن 14 جثة لمهاجرين مجهولي الهوية بصبراتة الليبية (مركز طب الطوارئ والدعم)

وقال «مركز طب الطوارئ والدعم والطب الشرعي» بغرب ليبيا إن طواقمه أمضت ليل السبت - الأحد، تواري جثامين 14 مهاجراً، بناءً على التكليف المباشر من المحامي العام في الزاوية، وبالتعاون مع «مستشفى صبراتة التعليمي»، مشيراً إلى أن عملية الدفن جرت في «مقبرة جماعية»، بعد أخذ عينات الحمض النووي من الجثث مجهولة الهوية.

يأتي هذا العمل ضمن مهام اللجنة الدائمة لـ«المقابر الجماعية والهجرة غير المشروعة»، المشكَّلة بقرار وزيرة العدل، بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، وعضوية «مركز طب الطوارئ والدعم»، وجهاز المباحث الجنائية، والطب الشرعي.

ولا تزال ليبيا تعاني بشكل واسع تدفق المهاجرين غير النظاميين عبر حدودها، من خلال عصابات محلية ودولية، بالإضافة إلى بعض الأجهزة الأمنية الرسمية، وفق تقارير ومختصين في مجال حقوق الإنسان.

ومع انتشار الأنباء عن تعرض قرابة 30 مهاجراً للغرق في البحر المتوسط، بعد تعطّل قارب انطلق بهم من شاطئ مدينة زوارة، قالت السلطات المحلية في المدينة، التي تُعد نقطة إطلاقة مشهورة للمهاجرين، إنها «تعمل على استجلاء حقيقة الأمر، والمساعدة في إنقاذهم».

يأتي ذلك في حين أكدت مجموعة «آلارم فون» الإغاثية أن 30 شخصاً على متن قارب يواجهون خطر الغرق في البحر المتوسط، قبالة السواحل الليبية، مؤكدة، عبر منصة «إكس»، أنها «طلبت من خفر السواحل الليبي البحث عن القارب».

مهاجرون غير نظاميين في أحد شوارع طرابلس (أ.ف.ب)

وتفيد تقارير إعلامية محلية بأن القارب انطلق من ساحل مدينة زوارة، لكنه تعطّل في المياه الإقليمية، وبدأ إرسال إشارات استغاثة.

وتضبط الأجهزة المعنية بالهجرة في ليبيا مئات المهاجرين، قبيل هروبهم عبر البحر المتوسط، فتعيدهم منه وتعتقلهم في مراكز إيواء، سواء في شرق البلاد أم غربها، لحين ترحيلهم إلى بلدانهم.

وتُعدّ زوارة، الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والتي تبعد عن العاصمة طرابلس نحو 120 كيلومتراً غرباً، من أهم نقاط انطلاق المهاجرين غير النظاميين إلى دول أوروبا، بجانب مدن أخرى مثل الزاوية والقرة بوللي.

وقال مسؤول أمني إن أجهزة الشرطة في مدن صبراتة والزاوية وزوارة (بغرب البلاد) تشن حملات مكثفة «على أوكار العصابات التي تستخدمها نقاط تجميع لمئات من الشباب الراغبين في الهجرة غير المشروعة، مقابل الأموال»، مشيراً إلى أن هذه المداهمات تسفر دائماً عن ضبط مجموعات من الشباب من مختلف الجنسيات الأفريقية والآسيوية «جرى إخفاؤهم في شقق سكنية، بعيداً عن عيون الأجهزة الأمنية، لحين تسريبهم إلى البحر خلسة».

ويسعى الاتحاد الأوروبي للحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين، بعقد اتفاقيات مع ليبيا وتونس لمكافحة الظاهرة، وهو ما يعده بعض المتابعين الليبيين سبباً في تراجع أعداد المهاجرين من شرق ليبيا إلى إيطاليا عن ذي قبل.

وتحدّث الحقوقي الليبي طارق لملوم عن «تحرير» 6 مهاجرين من الجنسية الباكستانية كانوا محتجَزين لدى تشكيل عصابي في مدينة صبراتة يمارس الاتجار بالبشر من خلال مساومة أُسرهم على دفع الفدية مقابل منعهم حريتهم.

وأوضح لملوم، في تصريح إعلامي، «أن النيابة العامة تؤكد أن المحتجَزين تعرضوا للتعذيب والمعاملة المُهينة، خلال فترة احتجازهم»، منوهاً بأن «جميع التحقيقات التي يُجريها مكتب النائب العام تؤكد صحة البلاغات والنداءات التي يطلقها نشطاء ومؤسسات ليبية حول ظاهرة الاتجار بالبشر يتورط فيها عدد من الأفراد والجهات في عدة مدن ليبية».

جانب من مهاجرين غير نظاميين جرى تحريرهم (مكتب النائب العام)

وأمرت النيابة العامة، السبت، بحبس 13 فرداً قالت إنهم «ينتمون لتشكيل عصابي تورَّط في تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر؛ وحجز حرية فئة منهم لغرض الارتزاق بالبشر في مدينتي الكفرة وتازربو».

وكانت سفينة إنقاذ، تابعة لمنظمة «أطباء بلا حدود»، قد انتشلت جثث 11 مهاجراً قبالة ساحل ليبيا، السبت، إلى جانب إنقاذ أكثر من 160 شخصاً من قوارب، ثم أعلنت منظمة «سي ووتش» غير الربحية، على منصة «إكس»، أن طائرتها رصدت جثة أخرى.

وسجلت «الأمم المتحدة» أكثر من 20 ألف حالة وفاة واختفاء في وسط البحر المتوسط منذ عام 2014، مما يجعله أخطر طريق لعبور المهاجرين في العالم.

وقالت منظمة «أطباء بلا حدود»، على منصة «إكس»: «لا نعرف السبب الدقيق لهذه المأساة، لكننا نعلم أن الناس ما زالوا يموتون، في محاولة يائسة للوصول إلى بر الأمان. يجب أن تنتهي هذه المذبحة»، وفق قولها.


مقالات ذات صلة

توتر أمني مفاجئ غرب العاصمة الليبية

شمال افريقيا المنفي خلال حضور حفل العشاء مع الرئيس الأميركي (المنفي)

توتر أمني مفاجئ غرب العاصمة الليبية

أعلن أعضاء في مجلس النواب الليبي، أن جلسته المرتقبة، الاثنين المقبل، ستخصص للمصادقة على اعتماد تعيين محافظ المصرف المركزي للبلاد ونائبه.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي خلال لقاء خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس الشهر الماضي (المجلس الرئاسي الليبي)

تجدد الخلافات حول «الميزانية الموحدة» يفجِّر مخاوف الليبيين

أبدى سياسيون ومحللون ليبيون تخوفهم من وقوع أزمة جديدة تتعلق بالمطالبة بـ«قانون موحد للميزانية»، بينما لا تزال البلاد تتعافى من تأثير أزمة المصرف المركزي.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا مستشارو المحكمة الدستورية العليا عقب أداء اليمين أمام نائب رئيس مجلس النواب الليبي (المجلس)

ليبيا: «قانون الدستورية العليا» يجدد الجدل بين «الرئاسي» والبرلمان

تصاعدت حالة من الجدل في ليبيا بعد أداء مستشاري المحكمة الدستورية العليا اليمين القانونية، أمام مجلس النواب، في ظل معارضة واسعة من المجلس الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي يلتقي البرهان على هامش أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة (المجلس الرئاسي الليبي)

11 دولة تدعو ليبيا لضخ النفط... وإخراج «المرتزقة»

حثت أميركا ودول أوروبية وعربية الأطراف الليبية كافة على العمل لاستئناف إنتاج وتصدير النفط «بالكامل دون تعطيل أو تدخل أو تسييس».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من الحضور خلال توقيع اتفاق ينهي أزمة الصراع على مصرف ليبيا المركزي (البعثة الأممية)

اتفاق يطوي أزمة «المركزي» الليبي

بحضور دبلوماسي عربي وغربي، وقّع ممثلان عن مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا اتفاقاً يقضي بتعيين محافظ مؤقت للمصرف المركزي ونائب له.

جمال جوهر (القاهرة)

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
TT

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)

كثّفت مصر من تحركاتها الدبلوماسية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لدعم موقفها في نزاع سد النهضة الإثيوبي. وبينما تؤكد القاهرة «محورية حقوقها المائية» من مياه النيل وترفض «الممارسات الأحادية» من جانب أديس أبابا، تواصل إثيوبيا ملء «السد».

وشدّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت، على «أهمية قضية الأمن المائي وسد النهضة بالنسبة إلى بلاده».

وتبني إثيوبيا سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي منذ 2011 لإنتاج كهرباء تلبي احتياجات 60 في المائة من المنازل. ويواجه مشروع «السد» باعتراضات من دولتي المصب مصر والسودان، للمطالبة باتفاق قانوني ينظّم عمليات ملئه وتشغيله، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس (آب) الماضي، من «التأثيرات الخطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائية». وقالت إن «السد الإثيوبي يمثّل خطراً وجودياً على مصر». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيات صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».

وشدد وزير الخارجية المصري، خلال لقائه نظيره الصيني، وانغ يي، في نيويورك، على «أهمية قضية الأمن المائي والسد الإثيوبي بالنسبة إلى مصر»، وعدّها «قضية وجودية تتعلّق بشكل مباشر بالأمن القومي المصري، ولا يمكن التهاون بشأنها». كما أكد «رفض بلاده أي ممارسات أحادية تضرّ بمصالح دولتي المصب وتخالف القواعد الدولية المستقرة في حوكمة المياه العابرة للحدود»، حسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، السبت.

وسبق ذلك تأكيد وزير الخارجية المصري موقف بلاده نفسه من قضية السد الإثيوبي، خلال لقائه وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، جون باس، في نيويورك، مساء الجمعة. وحذّر عبد العاطي من أن «بلاده لن تتهاون بشأن قضية (السد)». كما أشار عبد العاطي خلال «قمة المستقبل» بالأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، إلى «ضرورة إعطاء قضية الندرة المائية والأمن المائي الاهتمام البالغ من المجتمع الدولي»، مطالباً «عدم ترك الأمر لأهواء دول معينة، وإن كانت هي دول المنبع، لفرض سياسات أحادية خاطئة تهدد مصالح وشواغل دول المصب».

ويرى نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، السفير صلاح حليمة، أن «وزير الخارجية المصري يقوم بدور نشط ومكثف لحشد التأييد الدولي لدعم الموقف المصري في قضية سد النهضة». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التحركات المصرية تتسم بالالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية، التي تخالفها إثيوبيا، بالتصرفات الأحادية في مشروع (السد)».

ووفق حليمة فإن «التحركات المصرية تستهدف تأكيد تهديد السد الإثيوبي للحياة في مصر»، وإظهار «المخاطر الوجودية المرتبطة بعمليات تشغيل السد وملئه، ما يعطي الحق للقاهرة في اللجوء إلى الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، لطلب التدخل، دفاعاً عن حقها وأمنها». وأشار إلى أن «هناك تأييداً للموقف المصري أكدته لقاءات وزير الخارجية المصري مع المسؤولين الدوليين في نيويورك».

وكان وزير الخارجية المصري قد أشار، في تصريحات إعلامية بنيويورك، الأسبوع الماضي، إلى «حشد بلاده الدعم والتأييد الدولي لموقفها في ضرورة الوصول لاتفاق قانوني ملزم بشأن السد الإثيوبي، وكيفية تشغيله، بما لا يضر بدولتي المصب»، وقال إن «حصة مصر المائية (55.5 مليار متر مكعب) تكاد تكفي 60 في المائة من الاحتياجات المائية السنوية لمصر، وبالتالي لا يمكن التفريط في قطرة واحدة منها».

جانب من سد النهضة الإثيوبي (رويترز)

من جانبه، أكد أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، ضرورة قيام مصر بـ«تشكيل رأي عام دولي داعم لحقوقها المائية في قضية (السد)»، مشيراً إلى أهمية «ممارسة المجتمع الدولي ضغوطاً على الجانب الإثيوبي، والوصول لاتفاق قانوني بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، حتى لا يتطور الخلاف».

وكان مجلس الأمن قد أصدر بياناً في سبتمبر (أيلول) 2021 حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

وعدّ شراقي أن «تدخل الأمم المتحدة بات ضرورياً، بسبب المخاطر الطبيعية التي يشكّلها مشروع السد الإثيوبي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول عملية تخزين المياه في (السد) للسعة القصوى سيؤدي إلى زيادة نشاط الزلازل بالمنطقة، وفي حال سنوات الفيضان المرتفع، قد يشكّل مخاطر على بنيته»، مشيراً إلى أن «المشروع يمثّل تهديداً للحياة على السودان؛ ما يستوجب تدخل مجلس الأمن».

وشهدت إثيوبيا، الجمعة، زلزالاً في منطقة الأخدود، التي تبعد 570 كيلومتراً شرق منطقة «سد النهضة»، حسب أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، الذي قال إنه «من المتوقع زيادة النشاط الزلزالي في إثيوبيا خصوصاً في منطقة (السد)».

يأتي هذا في وقت تواصل فيه إثيوبيا ملء «السد». وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في أغسطس الماضي، «اكتمال بناء سد النهضة على النيل الأزرق بشكل كامل بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وقال إن «إجمالي المياه المحتجزة مع مرحلة الملء الخامس للسد، بلغ 62.5 مليار متر مكعب»، متوقعاً أن تصل نسبة المياه المحتجزة بنهاية العام «ما بين 70 و71 مليار متر مكعب».