السجن عقوبة الغش... في الجزائر

أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)
أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)
TT

السجن عقوبة الغش... في الجزائر

أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)
أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)

أثار حكم قضائي ضد شابتين في الجزائر حالة من الجدل الواسع، وسط أزمة البلاد المتجددة في مواجهة حالات الغش بالامتحانات الخاصة بالتعليم المتوسط والبكالوريا خلال السنوات الماضية.

وأول أمس، قضت محكمة تبسة (شرق الجزائر) بالحبس عامين نافذين في حق مترشحة حرة وأخرى مشتبه فيها لتورطهما في تسريب مواضيع وأجوبة امتحانات شهادة التعليم المتوسط، باستعمال وسائل الاتصال عن بعد، حسب ما أفادت الإذاعة الجزائرية.

وأوضح موقع الإذاعة أن قرار النيابة الجزائرية جاء فيه «عملاً بأحكام المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية، يعلم وكيل الجمهورية لدى محكمة تبسة الرأي العام أنه في إطار مكافحة جرائم المساس بنزاهة الامتحانات، تم بتاريخ اليوم 2024/06/04 تقديم مترشحة حرة تبلغ من العمر 25 سنة ومشتبه فيها تبلغ من العمر 34 سنة أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة تبسة».

وبعد محاكمتهما، تمت إدانتهما بالتهم المنسوبة إليهما والحكم عليهما بعامين حبساً نافذاً و200 ألف دينار (نحو 1500 دولار) غرامة نافذة مع الإيداع بالجلسة.

وأثار الحكم حالة من الجدل بين مؤيد ومعارض وحالة من القلق خوفاً من تكرار سيناريو 2016 بعد تسريب امتحانات البكالوريا، ويصنف القانون الجزائري ظاهرة الغش في الامتحانات عن طريق تسريب ونشر مواضيع الامتحانات جريمةً تنجرّ عنها عقوبات قاسية، كما أنها تعرّض المترشح (الطالب) إلى الإقصاء من اجتياز امتحانات الأقسام النهائية لمدة قد تصل إلى ثلاث سنوات كاملة.

ويجتاز أزيد من 800 ألف مترشح على مستوى الجزائر امتحانات شهادة التعليم المتوسط، خلال يونيو (حزيران) الحالي، موزعين على 3040 مركز إجراء على مستوى البلاد.

عقوبة جنائية وأحكام سابقة

وينص قانون العقوبات الجزائري على «السجن حتى ثلاث سنوات ضد كل من قام قبل الامتحانات أو أثناءها بنشر أسئلة الامتحانات النهائية وإجاباتها في كل الأطوار التعليمية».

وشددت الحكومة منذ ثلاث سنوات عقوبات الغش في الامتحانات النهائية، لتصل إلى السجن 3 سنوات، وقد تصل العقوبة إلى 15 سنة في حال التسبب في إلغاء الامتحان وإعادته.

خلال موسم امتحانات البكالوريا العام الماضي، أدانت محكمة عزابة بولاية سكيكدة الجزائرية مترشحة لشهادة البكالوريا بالحبس 6 أشهر مع غرامة مالية قدرت بـ50 ألف دينار.

وحسب بيان النيابة، تم ضبط الطالبة بصدد محاولة الغش في امتحان شهادة البكالوريا باستعمال وسيلة إلكترونية جهاز «بلوتوث» وهاتف نقال.

عقوبات جنائية وقطع الإنترنت

وشهدت الجزائر خلال السنوات الماضية محاولات عدّة لمواجهة حالات تسريب أسئلة الامتحانات وحالات الغش داخل لجان امتحانات الثانوية العامة، حيث شهد عام 2016 عملية غش واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل أو في بداية كل امتحان؛ مما سمح للمتأخرين الاستفادة من ذلك. وفي 2017 حجبت شركات الهاتف المحمول والثابت الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، لكن ذلك لم يمنع البعض من الولوج إليها. وفى عام 2018 قطعت الحكومة الجزائرية خدمة الاتصال بشبكة الإنترنت خلال الساعة الأولى من أول امتحانين لشهادة الثانوية العامة. واستمر قطع الشبكة كل يوم ساعة قبل كل امتحان في الصباح وفي الظهيرة إلى نهاية الامتحانات «طبقاً لتعليمات الحكومة من أجل ضمان السير الحسن لامتحانات الثانوية العامة»، بحسب «اتصالات الجزائر».

وفي تصريحات حكومية في مطلع الشهر الحالي، كان وزير التربية الجزائرية عبد الحكيم بلعابد، قد أكد أنه تم اتخاذ جميع الإجراءات التنظيمية البشرية والمادية لضمان «السير الحسن» للامتحانات المدرسية الوطنية، بما فيها «وضع جهاز للمتابعة على مستويات عدة لتوفير أكبر قدر من الصرامة».


مقالات ذات صلة

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

شمال افريقيا الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة (أ.ف.ب)

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية، الذي يأتي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجزائرية، يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ (حسابات ناشطين إسلاميين بالإعلام الاجتماعي)

سلطات الجزائر تضع بن حاج في الإقامة الجبرية بتهمة «الإرهاب»

محكمة في الجزائر العاصمة تضع الرجل الثاني بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» علي بن حاج في الإقامة الجبرية بعد توجيه تهم له، تتعلق بموقفه الرافض لانتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا فتحي غراس رئيس حزب الحركة الديمقراطية رفقة زوجته (حسابه الشخصي على «فيسبوك»)

وضع المعارض الجزائري فتحي غراس تحت الرقابة القضائية

أمر قاضي تحقيق، الخميس، بوضع المعارض الجزائري فتحي غراس وزوجته تحت الرقابة القضائية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أشخاص اعتقلهم الجيش بشبهة التهريب (وزارة الدفاع الجزائرية)

اعتقال 5 جزائريين بشبهة «دعم الإرهاب»

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان، عن اعتقال خمسة أشخاص بشبهة «دعم الجماعات الإرهابية»، وذلك خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني نفذتها قوات الجيش.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
TT

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

أصدر قائد «قوات الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ(حميدتي)، السبت، أوامر مشدّدة لقواته بحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية، التزاماً بالتعهدات التي قطعها وفده في محادثات جنيف في وقت سابق من أغسطس (آب).

وقال في تدوينة على منصة «إكس»: «أصدرت أمراً إدارياً استثنائياً لجميع القوات، بما فيها (قوة حماية المدنيين)، حول عدد من الالتزامات الخاصة بتعزيز حماية المدنيين، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية»، ودعا حميدتي جميع القادة في المستويات كافة للتقيد بالأوامر، وتنفيذ التعليمات وقواعد الاشتباك أثناء القتال، بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني، وكل من يخالف هذه الأوامر يعرّض نفسه للمساءلة القانونية.

وذكر أن هذا الأمر الاستثنائي يأتي تماشياً مع مخرجات محادثات جنيف، ويتَّسق مع الأوامر الإدارية الروتينية التي نصدرها كل 3 أشهر، وتستند تلك الأوامر إلى أحكام قانون «قوات الدعم السريع» لسنة 2017، ووفاءً للتعهدات التي التزمت بها «قوات الدعم السريع» في محادثات جنيف.

أرشيفية تُظهر عناصر من «قوات الدعم السريع» بالعاصمة السودانية الخرطوم (رويترز)

«قوة حماية المدنيين»

وتُتَّهَم «قوات الدعم السريع» بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، بما في ذلك مجازر عديدة في ولاية الجزيرة وسط السودان، لكنها تنفي ذلك. وأعلن حميدتي في أغسطس تشكيل قوة لحماية المدنيين، شرعت فوراً في أداء مهامها في ولايتي الخرطوم والجزيرة.

وتتكون القوة -حسب رئيس وفد «قوات الدعم السريع» للتفاوض في جنيف، عمر حمدان- من 27 عربة قتالية، مدعمة بقوات محترفة للتعامل مع التفلّتات التي تصدر من قواته. والأسبوع الماضي أكّد حميدتي التزامه الكامل بمخرجات محادثات جنيف، التي قاطعها وفد الجيش، وبتعهداته في تلك المحادثات، وعلى رأسها الاستجابة لتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية.

ووافق طرفا القتال في السودان، الجيش و«قوات الدعم السريع»، على توفير ممرَّين آمنَين للمساعدات الإنسانية دون عوائق، وحماية المدنيين، وتطوير إطار عمل لضمان الالتزام بـ«إعلان جدة»، للتخفيف من تداعيات الحرب الدائرة بينهما منذ نحو عام ونصف عام.

وتلقّى الوسطاء الدوليون خلال محادثات جنيف التزامات قوية من «قوات الدعم السريع»، بإصدار توجيهات قيادية إلى جميع المقاتلين بالامتناع عن ارتكاب أي انتهاكات ضد المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها القوات.

صناديق تحتوي على مساعدات مخزَّنة في مستودع تديره مفوضية العون الإنساني (رويترز)

قوافل المساعدات

وفي موازاة ذلك استمر دخول قوافل المساعدات الإنسانية عبر معبر «أدري» مع الحدود التشادية، لتوزيعها على المتضررين في إقليم دارفور غرب السودان. وقالت مفوضية اللاجئين، يوم السبت، إن شاحنات تابعة لها نقلت 200 شحنة إغاثة أساسية من تشاد إلى السودان عبر المعبر، بوصفها جزءاً من قافلة مساعدات الأمم المتحدة.

وأوضحت المفوضية الأممية أن «هذه الإمدادات التي تشمل الأغطية البلاستيكية والبطانيات وأدوات المطبخ، ستدعم الأسر المتضررة من النزاع في ولاية غرب دارفور»، ويزور البلاد هذه الأيام وفد رفيع من الأمم المتحدة برئاسة النائبة الخامسة للأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، وكبار المسؤولين من الوكالات الأممية.

من جانبه، جدّد مجلس السيادة السوداني لدى لقائه الوفد الأممي التزامَه بفتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات الإنسانية عبر المعابر التي تم الاتفاق عليها مع الأمم المتحدة والشركاء في محادثات جنيف. وقالت أمينة محمد إن زيارتها للسودان جاءت للوقوف على تطورات الأوضاع، مشيدةً بالخطوة التي اتخذتها حكومة السودان بفتح معبر أدري لمرور المساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين من الحرب. وأكدت المسؤولة الأممية أن المنظمة الدولية ترحب بتعاون الحكومة السودانية من أجل إيصال الغذاء للمحتاجين.

بدوره قال وزير الخارجية السوداني حسين عوض في تصريحات صحافية: «على الرغم من توجّس حكومة السودان من معبر أدري، إلا أن الحكومة تعاونت في فتح هذا المعبر».