الجزائر: خلافات الطبقة السياسيّة تمتدّ للأحزاب الداعمة لتبّون

قبل 5 أيّام فقط من البدء في إجراءات تنظيم الانتخابات الرئاسيّة

قادة الائتلاف الداعم للرئيس تبون (حزب جبهة التحرير)
قادة الائتلاف الداعم للرئيس تبون (حزب جبهة التحرير)
TT

الجزائر: خلافات الطبقة السياسيّة تمتدّ للأحزاب الداعمة لتبّون

قادة الائتلاف الداعم للرئيس تبون (حزب جبهة التحرير)
قادة الائتلاف الداعم للرئيس تبون (حزب جبهة التحرير)

دبّ خلاف في صفوف الأحزاب السياسيّة الجزائريّة، وذلك قبل خمسة أيّام فقط من استدعاء الهيئة الناخبة لبدء إجراءات تنظيم الانتخابات الرئاسيّة، المقرّرة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل. وطال هذه المرّة ما تُسمى أحزاب الموالاة الداعمة للرئيس عبد المجيد تبّون، الذي لم يُعلن بعد ترشّحه. وكان قد ثار جدل مطلع هذا الأسبوع بين جبهة القوى الاشتراكية (الأفافاس) و«حزب العمال» المعارضيْن، بسبب ما عدّته وسائل إعلام محليّة اتهاماً ضمنيّاً من الحزب للجبهة بالسعي لإلغاء تجمّع كانت ستنظّمه مرشّحته المحتملة للانتخابات الرئاسيّة لويزة حنون في إحدى قرى ولاية تيزي وزو بمنطقة القبائل.

الرئيس تبون أثناء استقباله قادة أحزاب (الرئاسة)

وقبل أن يحل موعد ذلك التجمّع بنحو 36 ساعة، أبلغ مسؤولو «حزب العمال» بأنّ عضوين من لجنة القرية في حزب سياسيّ، تربطه به «علاقات أخويّة يشهد لها الجميع» أعلنا سحب دعمهما لهذا اللقاء، بناء على تعليمات قيادتهما السياسيّة، ووضعا شروطاً للاجتماع، وفقاً لما ذكره الحزب، وهو ما جعل وسائل إعلام تتحدّث عن أن الجبهة وراء الموضوع.

لويزة حنون الأمينة العامة لـ«حزب العمال» (حسابات الحزب بالإعلام الاجتماعي)

غير أنّ (الأفافاس) نفت مسؤوليّتها عن منع حنون من تنظيم فعاليتها، وأبدت في بيان استغرابها مما قالت إنها تأويلات وتلميحات «غير بريئة وكاذبة»، ربطت بينها وبين التجمّع؛ كما عدّت ما وصفته بالتهجّم الصريح عليها، واتهام قياداتها بالوقوف وراء الأمر دون تحرّ «لا يمُتّ بصلة إلى العمل السياسي الأخلاقي والصادق». والاثنين، بدا أنّ خلافاً دبّ في صفوف أحزاب الموالاة، حيث ذكرت جريدة «الخبر» الجزائريّة أنّ «حركة البناء الوطني» جمّدت عضويّتها في ائتلاف «أحزاب الأغلبيّة من أجل الجزائر» الداعم للحكومة على خلفية خلافات مع حزب «جبهة التحرير الوطني»، بشأن صيغة ترشيح تبّون ودعمه لولاية رئاسيّة ثانية.

«كلٌّ حُرٌّ» فيما يفعل

وقال نصر الدين سالم الشريف، القيادي في «حركة البناء الوطني» ورئيس مجلس شوراها، لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إنّ الحركة لم تتفق مع أي طرف نهائياً على الطريقة التي تدعم بها ترشّح تبون لولاية ثانية. وأضاف الشريف موضحاً أن «كلّ طرفٍ حُرّ في الطريقة التي يراها مناسبة لتقديم الدعم... والذي حدث هو أنّ (حركة البناء الوطني) جمّدت عضويّتها في لجنة التنسيق، بعد أن انسحب وفدها من اللقاء الأخير». وكان وفد الحركة قد انسحب من اجتماع لجنة التنسيق المنبثقة عن ائتلاف «أحزاب الأغلبيّة من أجل الجزائر» أول من أمس، وعُقد الاجتماع، وهو الثالث للجنة، من دون وفد قيادات «حركة البناء الوطني»، بعد انسحابه بسبب خلاف على أثر احتجاج وفد «جبهة التحرير الوطني» على طريقة دعم تبّون.

الرئيس تبون لم يعلن بعد عن ترشحه لولاية ثانية (أ.ف.ب)

وأسس ائتلاف «أحزاب الأغلبيّة من أجل الجزائر» أربعة أحزاب قبل نحو أسبوعين فقط؛ ويضمّ كلّا من «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمّع الوطني الديمقراطي» و«جبهة المستقبل»، و«حركة البناء الوطني»، وهي أحزاب تُشكّل مجتمعة أغلبيّة برلمانيّة وتدعم ترشّح تبّون لولاية ثانية. وكانت «حركة البناء الوطني» قدْ سبقت شركاءها في التحالف، وأعلنت قبل أسبوع أنّ تبّون سيكون مرشّحها للرئاسة.

تحالف جديد

حول الأنباء المتداولة بشأن سعي قيادة «حركة البناء الوطني» إلى إقامة تحالُف آخر لدعم تبّون، يضّم 13 حزباً سياسياً، قال سالم الشريف إن اتصالات جرت بين قيادة حركته وقيادات أحزاب أخرى في الأسابيع الأخيرة «في إطار الاستشارات التي أطلقتها الحركة بخصوص موضوع الساعة، الذي يشغل الطبقة السياسيّة الجزائريّة، منذ أن أعلن الرئيس تبون موعد الرئاسيات في الجزائر».

اجتماع قيادة مجتمع السلم تحسباً لانتخابات الرئاسة (الحزب)

وقال سالم الشريف إن قيادة الحركة اجتمعت بقيادات 14 حزباً سياسياً منذ أن أطلقت سلسلة مشاورات مع الأحزاب «التي تتقاسم معها التوجه نفسه، وهو دعم استمرار الرئيس عبد المجيد تبون». لكنّه أردف قائلا إنّ «فكرة تطوير هذا التوافق إلى تكتّل لم تتبلور بعد، لكن في المستقبل ربما يُمكن أن يُعلَن عن تحالف لدعم تبون». وكانت الرئاسة الجزائرية قد أعلنت في مارس (آذار) الماضي تقديم موعد الانتخابات، التي كان من المفترض إجراؤها في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، إلى السابع من سبتمبر المقبل؛ واستدعت الرئاسة على هذا الأساس الهيئة الناخبة في الثامن من يونيو (حزيران) الحالي، وهو التاريخ الذي يُمكن بعده للمترشّحين سحب استمارات جمع التوقيعات اللازمة لقبول ترشّحهم. وقال تبّون في وقت لاحق إنّ تنظيم انتخابات رئاسيّة مبكّرة جاء «لأسباب تقنيّة محضَة... لا تؤثّر على الانتخابات أو سيرورتها»، وذلك بعد أن أثار إعلان الرئاسة ردود أفعال على الساحة السياسيّة الجزائريّة، مع عدم نشرها في ذلك الوقت توضيحات بشأن الأسباب التي فرضت هذا التقديم.

ثلاثة تكتّلات

وحتّى الآن، أبدى أربعة مرشّحين محتملين رغبتهم في خوض سباق الانتخابات، وهم حنون؛ والقاضية السابقة زبيدة عسول، رئيسة حزب «الاتحاد من أجل التغيير والرقيّ»؛ وأستاذ الرياضيات السابق بلقاسم ساحلي، رئيس «التحالف الوطني الجمهوري»؛ وعبد العالي حساني شريف، رئيس «حركة مجتمع السلم» ذو التوجه الإسلامي.

زبيدة عسول أول شخصية سياسية تعلن ترشحها لرئاسية الجزائر (حسابها بالإعلام الاجتماعي)

ومن المنتظر أن تُعلن (جبهة القوى الاشتراكيّة) عن مرشّحها المحتمل للانتخابات الرئاسية الخميس المقبل، حيث عقدت الاثنين بمقرّها في الجزائر العاصمة اجتماع لجنة التحضير للمؤتمر الاستثنائي للحزب، الذي سيُعقد الخميس المقبل لتحديد مرشّح الجبهة. وفي الوقت الذي تترقب فيه الطبقة السياسيّة في الجزائر إعلان تبّون ترشّحه رسميّاً لولاية ثانية، برزت ثلاثة تكتّلات أحزاب حتى الآن في إطار المنافسة على أعلى منصب في البلاد. وأول هذه التكتلات هو «تكتل أحزاب الاستقرار والإصلاح»، الذي يضمّ كلاً من «التحالف الوطني الجمهوري»، و«حزب التجديد والتنمية»، و«الجبهة الديمقراطيّة الحرّة»، و«الحركة الوطنيّة للطبيعة»، و«حزب التجديد الوطني». ويدعم هذا التكتل المرشّح المحتمل ساحلي.

بلقاسم ساحلي مرشح انتخابات الرئاسة مع أعضاء حملته (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

أمّا التكتّل الثاني، فهو تكتّل «الأغلبية من أجل الجزائر» الداعم لتبّون، بينما بدأ يتشكّل تكتّل ثالث لدعم مرشح المعارضة الإسلامي حساني شريف، الذي أعلن مجلس الشورى الوطني لحركة «النهضة الوطنية» ذات التوجه الإسلامي دعمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، يوم الاثنين المقبل، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

وأعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عن استضافة «مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، يوم 2 ديسمبر (كانون الأول)، وقال خلال مشاركته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا الاثنين: «المؤتمر سيبحث إجراءات تعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، حسب إفادة للخارجية المصرية.

وأعاد عبد العاطي التأكيد على محددات الموقف المصري تجاه التطورات الإقليمية، التي تتضمن «ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن أهمية الانتقال لإيجاد أُفق سياسي لتنفيذ حل الدولتين».

وكشفت مصادر مصرية مطلعة أن «المؤتمر سيعقد على مستوى وزراء الخارجية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور سيشمل تمثيلاً إقليمياً، من دول المنطقة، ودولياً، من المجتمع الدولي»، إلى جانب «تمثيل المؤسسات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها (الأونروا)».

وتجري القاهرة استعداداتها المكثفة لاستضافة المؤتمر، لضمان مشاركة واسعة فيه إقليمياً ودولياً، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن «مصر ما زالت تتلقى تأكيدات من الدول التي ستشارك»، وأوضحت أن «المؤتمر سيناقش الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للوضع في قطاع غزة»، وأن «دعم عمل وكالة (الأونروا)، سيكون من فعاليات المؤتمر».

ويعقد المؤتمر في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات لقطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بحظر عمل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويتوقف رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، صلاح عبد العاطي، عند عقد المؤتمر بالتزامن مع الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وقال إن «الفلسطينيين ينظرون بإيجابية لمؤتمر القاهرة الوزاري، أملاً في تحقيق اختراق لأزمة المساعدات الإنسانية، والتدخل لإنفاذ الدعم لسكان القطاع»، مشيراً إلى أن «استمرار الوضع الحالي، مع حلول موسم الشتاء، يفاقم من المعاناة الإنسانية للسكان بغزة».

وتحدث عبد العاطي عن الأهداف التي يأمل الفلسطينيون أن يحققها المؤتمر، ودعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة أن يحقق المؤتمر استجابة إنسانية سريعة لسكان القطاع، كما حدث في التدخلات المصرية السابقة»، إلى جانب «ممارسة ضغوط على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر أمام المساعدات الإغاثية»، كما طالب بـ«تشكيل تحالف دولي إنساني لدعم الإغاثة الإنسانية لغزة».

وتقول الحكومة المصرية إنها قدمت نحو 80 في المائة من حجم المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة، وفق تصريحات لوزير التموين المصري في شهر مايو (أيار) الماضي.

واستضافت القاهرة، في أكتوبر من العام الماضي، «قمة القاهرة للسلام»، بمشاركة دولية واسعة، بهدف «دفع جهود المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار، والعمل على تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، أن «مؤتمر القاهرة الوزاري يستهدف إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، مرة أخرى، في ضوء التطورات الإقليمية»، وقال إن «توقيت ومستوى التمثيل في المؤتمر، يقدمان رسائل تنبيه مبكرة لخطورة الوضع في القطاع، والمسار المستقبلي للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي».

وستتجاوز مناقشات المؤتمر حدود الدعم الإنساني والإغاثي لسكان قطاع غزة، وفقاً لفهمي، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر سياسي بالدرجة الأولى، ويستهدف استعراض الجهود المبذولة، خصوصاً من الدول العربية، لوقف الحرب في القطاع»، مشيراً إلى أن «المؤتمر سيسعى لصياغة مقاربات جديدة للتعاطي مع الأزمة في غزة، والقضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تولي إدارة دونالد ترمب مهامها الرسمية في أميركا».