الدبيبة يؤكد أهمية دور الصين في «إعادة إعمار» ليبيا

وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية يزور بنغازي

الدبيبة خلال افتتاح أعمال الملتقى الاقتصادي الصيني الليبي الأول في بكين (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة خلال افتتاح أعمال الملتقى الاقتصادي الصيني الليبي الأول في بكين (حكومة «الوحدة»)
TT

الدبيبة يؤكد أهمية دور الصين في «إعادة إعمار» ليبيا

الدبيبة خلال افتتاح أعمال الملتقى الاقتصادي الصيني الليبي الأول في بكين (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة خلال افتتاح أعمال الملتقى الاقتصادي الصيني الليبي الأول في بكين (حكومة «الوحدة»)

دعا رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، الشركات الصينية لاستكمال المشاريع المتوقفة في بلده، مؤكداً دور بكين في عملية «إعادة الإعمار» التي تشهدها ليبيا.

وافتتح الدبيبة، في العاصمة الصينية بكين، أعمال الملتقى الاقتصادي الصيني الليبي الأول، تحت شعار «ليبيا ـ الصين شركاء في التنمية والإعمار».

وقالت حكومة «الوحدة»، اليوم الجمعة، إن الافتتاح حضرته 84 شركة صينية تعمل في مجالات مختلفة، ومديرو الأجهزة التنفيذية بالحكومة.

وأكد الدبيبة، وفقاً لمكتبه، دور الصين في عملية «إعادة الإعمار»، التي تشهدها ليبيا، وضرورة التركيز على استئناف المشاريع المتوقفة في بلاده، والتعاقد عليها مع شركات صينية، وعدّها المرحلة الأولى من التعاون المشترك، لافتاً إلى وجود أكثر من 23 ألف عامل صيني في ليبيا حالياً، بعدما كان عددهم 5 آلاف فقط خلال الأعوام الماضية.

وانتهى الملتقى إلى عدد من التوصيات؛ من بينها أهمية استمرار التواصل بين ليبيا والصين، سياسياً وفنياً، «لمعالجة الصعوبات التي تواجه العودة الكاملة للشركات الصينية»، والاتفاق على عقد الملتقى الثاني في العاصمة طرابلس، خلال أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وأضافت حكومة «الوحدة» أن الدبيبة ناقش، خلال اجتماعاته السياسية مع المسؤولين الصينيين، عودة السفارة الصينية للعمل في طرابلس، وتفعيل القسم التجاري بها ليتولى دور التنسيق والتواصل مع الوزارات الليبية ذات العلاقة.

الدبيبة ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد خلال لقائهما في بكين (حكومة «الوحدة»)

وكان الدبيبة قد التقى، في العاصمة الصينية، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد. وقال مكتبه إنهما ناقشا ملفات التعاون بين البلدين، وسبل تعزيزها، كما استعرضا الجهود الدولية الرامية لاستقرار ليبيا والوصول بها للانتخابات، ودعم جهود البعثة الأممية في مسارها السياسي، ودعم التعاون الاقتصادي والتنموي بين البلدين في عدد من المجالات.

يأتي ذلك في حين تدفع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا باتجاه إعادة التقريب بين الأجهزة العسكرية والأمنية، وذلك من خلال العمل على مدونة سلوك مشترك لجميع المؤسسات في جميع أنحاء البلاد.

خوري خلال ورشة عمل في تونس (حساب خوري على «إكس»)

ونظمت البعثة، لليوم الثاني على التوالي، ورشة عمل في تونس، لمناقشة مدونة سلوك مشتركة بين المؤسسات والجهات العسكرية والأمنية من جميع أنحاء ليبيا. وقالت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني خوري، إنها تثني على الجهود المبذولة في اتجاه صياغة وتبنّي مدونة سلوك؛ «كونها ستسهم في تحسين الاستقرار والأمن، وتعزيز حماية المدنيين، واحترام حقوق الإنسان في ليبيا».

وأوضحت البعثة أنه، على هامش ورشة العمل، التي بدأت مساء الخميس، التقت خوري في تونس أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، وتحدثت عن «جهود أعضاء اللجنة في تعزيز المسار الأمني، ​​ودعم اتفاق وقف إطلاق النار الموقَّع في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020»، كما جددت تأكيد التزام الأمم المتحدة بدعم أمن واستقرار ليبيا بشكل مستمر.

من جهة ثانية، أغلق ما يسمى «كتائب وسرايا المنطقة الوسطى ببركان الغضب»، المساندة لقوات الدبيبة، على مدار اليومين الماضيين، «بوابة الدافنية» لمطالبة حكومة «الوحدة» بصرف «مستحقاتهم المتأخرة».

ووجّه المحامي العام بدائرة محكمة استئناف مصراتة، عبد الناصر الهمالي، مدير أمن مصراتة، باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد عدد من المتورطين في غلق مدخل مصراتة الغربي بالقوة، ومنع دخول المركبات.

مسلّحون يغلقون طريقاً مؤدية إلى مصراتة (حسابات موثوقة على «إكس»)

وجاء هذا التحرك عقب تقارير تلقّتها النيابة من المجلس البلدي لمصراتة، ومديرية أمن مصراتة، بضلوع عدد من المسلّحين في إغلاق طرق مؤدية إلى مصراتة.

لحظة وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف برفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية إلى مطار بنينا في بنغازي (الجيش الوطني)

في غضون ذلك، وصل نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف، برفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية إلى مطار بنينا الدولي، في مدينة بنغازي، اليوم الجمعة، حيث كان في استقباله وزير الدفاع بالحكومة الليبية، المكلفة من البرلمان، أحميد حومة، ومدير مكتب القائد العام للقوات المسلّحة، الفريق خيري التميمي، ورئيس أركان الوحدات الأمنية، اللواء ركن خالد حفتر.

في شأن مختلف، استكمل الأمير محمد الحسن السنوسي مشاوراته مع بعض القوى الليبية من تركيا. وقال إنه استقبل وفداً من قيادات الاتحادات والمنظمات النسائية، مشيراً إلى أن الوفد «أعطى شرحاً وافياً لرؤيتهن برفقة شقيقاتهن وأشقائهن من أفراد شعبنا العزيز؛ والتي تريد أن ترى بلادنا وقد أخذت مساراً مستقراً نحو بناء الدولة، التي نسعى جميعاً لإرساء دعائمها».

وجاء هذا اللقاء، بعد يوم من اجتماع آخر بوفد من قبيلة الأصابعة من المنطقة الغربية، وقال السنوسي إنه «تبادل مع الوفد الرؤى الكفيلة بإنجاح المساعي، التي نبذلها من أجل جمع شتات الوطن، وتوحيد هدفنا نحو إنقاذ بلادنا من أزماتها المتلاحقة، ومن أجل ضمان مستقبل أجيالنا المستقبلية».


مقالات ذات صلة

ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي الصيني 32 مليار دولار في أغسطس

الاقتصاد مقر البنك المركزي الصيني في بكين (رويترز)

ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي الصيني 32 مليار دولار في أغسطس

ارتفع إجمالي احتياطيات الصين من النقد الأجنبي، بنسبة 0.98 في المائة بنهاية شهر أغسطس (آب) الماضي، ليصل إلى 3.2882 تريليون دولار، بزيادة 31.8 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا الرئيس التايواني لاي شينغ-تي يشاهد عرضاً لقاذفة صواريخ «ستينجر» المتعددة التي قدمها الجنود أثناء زيارته داخل قاعدة عسكرية في مقاطعة بينغو بتايوان في 6 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

رئيس تايوان يزور قوات الجيش في جزيرة قريبة من الصين

أعرب الرئيس التايواني لاي شينغ-تي (الجمعة) عن امتنانه للجيش على حماية البلاد، وتعهد دعمه خلال زيارته سفينة حربية متمركزة في جزيرة نائية تقع غرب تايوان.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
آسيا سفينة خفر السواحل الصينية (يسار) تصطدم بسفينة خفر السواحل الفلبينية BRP Teresa Magbanua بالقرب من جزر سابينا في المياه المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي 31 أغسطس  2024 (أ ف ب )

اتهامات متبادلة بين بكين ومانيلا بشأن تصادم سفن في بحر الصين الجنوبي

تبادلت الصين والفلبين اليوم السبت الاتهامات بتعمد وقوع تصادم بين سفينتين لخفر السواحل من البلدين في بحر الصين الجنوبي، في أحدث حلقة من سلسلة متصاعدة من الحوادث

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مقر بنك الصين في العاصمة بكين (إكس)

رئيس بنك الصين يستقيل من منصبه

قال بنك الصين، إن نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي ليو جين، استقال لأسباب شخصية اعتبارًا من اليوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد عرض سيارة «BYD Seal» الكهربائية «EV» في شنغهاي بالصين (رويترز)

الصين تهدد بسحب استثمارات من أوروبا

هددت الصين بسحب جميع استثماراتها من أوروبا، في حال استمر الاتحاد الأوروبي في فرض رسوم مكافحة الدعم على المركبات الكهربائية الصينية.

«الشرق الأوسط» (بكين)

صراع «القرن الأفريقي»… نذر المواجهة تتصاعد بلا أفق للتهدئة

وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا يلتقون على هامش اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك (وزارة الخارجية المصرية)
وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا يلتقون على هامش اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك (وزارة الخارجية المصرية)
TT

صراع «القرن الأفريقي»… نذر المواجهة تتصاعد بلا أفق للتهدئة

وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا يلتقون على هامش اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك (وزارة الخارجية المصرية)
وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا يلتقون على هامش اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك (وزارة الخارجية المصرية)

تصاعدت نذر الصراع في منطقة القرن الأفريقي على مدار الأشهر الماضية، وسط تزايد المخاوف من اندلاع حرب «لا يتحدث عنها أحد»، في ظل عدم وجود «أفق واضح للتهدئة» بين طرفي الأزمة الرئيسيين الصومال وإثيوبيا، ما قد يجر دول المنطقة، التي تعاني نزاعات داخلية متجذرة، إلى منعطف خطير، لا يؤثر عليها فحسب، بل يضرّ بحركة التجارة العالمية أيضاً.

الشرارة الأولى للصراع الحالي كانت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي، عقب توقيع إثيوبيا، الدولة الحبيسة، «مذكرة تفاهم» مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، اعترفت بموجبه أديس أبابا باستقلال الإقليم، مقابل حصولها على ميناء وقاعدة عسكرية على البحر الأحمر.

لم تمر المذكرة بهدوء، ولا سيما أن إقليم «أرض الصومال» مارس بتوقيعه عليها عملاً من أعمال السيادة، برغم أنه لم يحظَ باعتراف دولي منذ أعلن استقلاله بشكل أحادي عام 1991.

عارضت مقديشو الاتفاق، ووقّع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، بعد أسبوع، قانوناً يلغي «مذكرة التفاهم». كما أعلنت جامعة الدول العربية ومؤسسات دولية أخرى دعمها لسيادة الصومال.

مصر أيضاً دخلت على خط الأزمة، وحذّر الرئيس عبد الفتاح السيسي، عقب لقائه نظيره الصومالي في القاهرة، في يناير الماضي، من «المساس بأمن الصومال وسيادته»، وقال: «ماحدش (لا أحد) يجرب مصر».

بدأ الصومال في حشد الدعم الدولي لموقفه ضد إثيوبيا، ووقّع في 21 فبراير (شباط) اتفاقية تعاون دفاعي واقتصادي مع تركيا، و«مذكرة تفاهم» مع الولايات المتحدة لبناء ما يصل إلى 5 قواعد عسكرية لأحد ألوية الجيش. كما هدّد بطرد القوات الإثيوبية من بلاده، علماً بأنها تشارك ضمن قوة أفريقية في جهود «مكافحة الإرهاب».

وفي محاولة لحلّ الأزمة المتصاعدة، أطلقت تركيا، التي تمتلك قاعدة عسكرية في الصومال منذ عام 2017، في 2 يوليو (تموز) الماضي مبادرة للوساطة بين إثيوبيا والصومال، عقدت من خلالها جولتي مباحثات، بينما ألغيت الثالثة التي كانت مقررة الشهر الحالي.

ومع تصاعد الأزمة، وقّع الصومال ومصر بروتوكول تعاون عسكرياً في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة شحنتي أسلحة لدعم مقديشو، كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل كجزء من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي.

وزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور يشهد عملية تفريغ شحنة مساعدات عسكرية مصرية (مديرة مكتب رئيس الوزراء الصومالي - إكس)

التحركات المصرية أثارت غضب أديس أبابا، التي اتهمت مقديشو بـ«التواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة الاستقرار». وفي المقابل، اتهم الصومال إثيوبيا بإدخال شحنة أسلحة إلى إقليم «بونتلاند».

ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية عن وزير خارجية أديس أبابا، تايي أتسكي سيلاسي، قوله إنه «يشعر بالقلق من أن الأسلحة القادمة من قوى خارجية من شأنها أن تزيد من تدهور الوضع الأمني الهش، وأن تصل إلى أيدي الإرهابيين في الصومال».

وردّ وزير خارجية الصومال، أحمد معلم فقي، بقوله إن «الدافع وراء هذه التصريحات المسيئة هو محاولتها (إثيوبيا) إخفاء التهريب غير القانوني للأسلحة عبر الحدود الصومالية، التي تقع في أيدي المدنيين والإرهابيين».

الصراع الحالي ليس إلا «نتيجة ثانوية لمذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال»، بحسب حديث الباحث المتخصص في شؤون شرق أفريقيا في «مجموعة الأزمات الدولية»، عمر محمود، لـ«الشرق الأوسط». لكنه «ليس صراعاً وليد اللحظة حيث يعكس التصعيد الأخير أيضاً قضايا قديمة في منطقة القرن الأفريقي لم تتم معالجتها».

وهو ما يؤكده عضو البرلمان الإثيوبي الباحث السياسي، أسامة محمد، مشيراً في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى «المظالم التاريخية والنزاعات الحدودية التي تؤجج التوترات في القرن الأفريقي»، ضارباً المثل بالنزاع المائي بين مصر وإثيوبيا.

وتعد مكافحة «الإرهاب»، وتحديداً «حركة الشباب»، أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الصومال، جنباً إلى جنب مع المشاكل الداخلية المتعلقة بالعشائر القبلية. وهي تحديات ليست ببعيدة عن إثيوبيا التي تواجه أيضاً نزاعات داخلية في بعض الأقاليم، يرى مراقبون أنه «يمكن استغلالها في الصراع الحالي».

ويدافع عضو البرلمان الإثيوبي عن «دور بلاده التاريخيّ في استقرار الصومال»، وإن «أدت التحديات الداخلية بما في ذلك صراع تيغراي إلى عرقلة جهود أديس أبابا في دعم الدول المجاورة»، على حد قوله.

وتحت عنوان «الحرب المقبلة التي لا يتحدث عنها أحد»، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إنه «بفضل طموحات آبي أحمد التوسعية ومخططاته المتهورة، أصبح القرن الأفريقي على أعتاب حرب، من شأنها أن تعرض المنطقة للخطر، وترتد ضد بقية العالم».

ويرتبط النزاع الحالي بـ«مشاريع آبي أحمد التوسعية»، حسب الباحث الآريتري - الأميركي المتخصص في قضايا القرن الأفريقي، إبراهيم إدريس، الذي يشير، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن أديس أبابا «تحاول تحقيق التنمية على حساب الدول الأخرى».

طموح آبي أحمد في الوصول إلى البحر الأحمر ليس وليد اللحظة، حيث يسعى لتحقيق ذلك منذ توليه مهام منصبه في أبريل (نيسان) 2018، عبر ما يسمى بـ«دبلوماسية الموانئ». وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تحدث آبي أحمد، أمام برلمان بلاده، عن «ضرورة إيجاد منفذ لبلاده على البحر».

وفقدت إثيوبيا إمكانية الوصول إلى البحر الأحمر، عندما حصلت إريتريا على استقلالها في عام 1993، ومنذ ذلك العام تعتمد أديس أبابا على ميناء جيبوتي.

ورغم أن منبع الصراع الحالي هو «مذكرة التفاهم»، فإن «إثيوبيا ترى أن مصر تسعى لفتح جبهة نزاع جديدة مع إثيوبيا في الصومال»، بحسب مدير معهد هيرال لشؤون الأمن في القرن الأفريقي، الباحث الصومالي محمد مبارك، في حديث له مع «الشرق الأوسط».

وبين مصر وإثيوبيا نزاع ممتد لأكثر من 10 سنوات، بسبب «سد النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا على الرافد الرئيس لنهر النيل، وتوقفت المفاوضات بين البلدين إثر «رفض أديس أبابا الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد، ما دفع القاهرة إلى اللجوء لمجلس الأمن».

والتدخل المصري في الأزمة الصومالية يأتي في سياق تعزيز وجودها في القرن الأفريقي، مع أهمية المنطقة المطلة على البحر الأحمر، وهو «ليس جديداً»، بحسب الخبير الأمني المصري، اللواء محمد عبد الواحد، الذي كان في الصومال في التسعينات من القرن الماضي، في ظل وجود قوات مصرية «ساهمت في إعادة الاستقرار لمقديشو، وكذلك تقريب وجهات النظر بين العشائر المتحاربة».

لكن عضو البرلمان الإثيوبي يرى أن «تدخل مصر أدى إلى تعقيد الجهود الدبلوماسية في المنطقة».

بينما يرى إدريس أن دخول مصر وإريتريا على خط الأزمة «أمر طبيعي مرتبط بعلاقات البلدين التاريخية مع الصومال»، مؤكداً أن «القاهرة وأسمرة تهدفان إلى تعزيز سيادة الجيش الصومالي، وفرض الاستقرار والأمن في البحر الأحمر».

وعلى هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، عقد وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا اجتماعاً قبل أيام لتنسيق المواقف وحماية استقرار المنطقة.

وبينما لا يرجح الباحث في مجموعة الأزمات الدولية «اندلاع صراع مباشر بين إثيوبيا والصومال، بسبب تكلفته الباهظة»، لا يستطيع، في الوقت نفسه، استبعاد هذا السيناريو، «إذا لم يتم حل المشكلة، واستمرت التوترات في التصاعد».

ويستبعد الباحث الإرتيري أيضاً «نشوب حرب عسكرية في المنطقة»، وإن أشار إلى «استمرار صراع النفوذ بين القوى الغربية المختلفة على منطقة القرن الأفريقي، ولا سيما روسيا والصين، وفي ظل وجود قواعد عسكرية أجنبية عدة في دول المنطقة».

واحتمالات التصعيد، وفق الباحث الصومالي، «متوسطة إلى عالية». ويشير مبارك إلى «توترات عدة في المنطقة لم تتطور إلى نزاع مسلح»، لكنه يرى أن «الصراع المسلح قد يصبح حقيقة إذا اعترفت إثيوبيا فعلياً بأرض الصومال».

ويعتقد عضو البرلمان الإثيوبي بإمكانية «كبيرة» للتصعيد، ولا سيما أن «تقاطع المصالح الوطنية والعابرة للحدود الوطنية، والتنافس على الموارد مثل المياه والأراضي والنفوذ السياسي قد يؤدي إلى إشعال مزيد من الصراعات». ويقول: «أي سوء فهم أو سوء تواصل، وخاصة في ما يتعلق بمياه النيل، من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من المواجهات بين إثيوبيا ومصر».

في المقابل، يخشى الخبير الأمني المصري من «تحركات عدائية إثيوبية ضد القوات المصرية قد تشعل الوضع في ظل عدم وجود أطر للتسوية أو حل الأزمة». ويشير إلى أن «أديس أبابا لديها تأثير في الصومال، وعلاقات بأمراء الحرب الذين أشعلوا الصومال في التسعينات، الأمر الذي يثير القلق من استخدامهم في النزاع الحالي».

ومع تصاعد الصراع الصومالي - الإثيوبي، اقترحت جيبوتي تأمين وصول أديس أبابا لمنفذ على البحر. وحتى الآن لم تتمكن جهود الوساطة، من «سد الفجوات بين الجانبين».

يتطلب حل الأزمة جهداً دولياً منسقاً، «تصطف فيه الوساطات في مسار واحد»، حيث يرى الباحث في مجموعة الأزمات الدولية أنه «لا يمكن لجهة فاعلة واحدة حلّ الصراع بمفردها.

مثله، يقترح عضو البرلمان الإِثيوبي «مزيجاً من التعاون الإقليمي والوساطة الدولية والإصلاحات الداخلية لحل الأزمة».

ويبدو أن الصراع الحالي ينذر بمخاطر عدة، ويثير مخاوف «حرب بالوكالة»، وفق الباحث في مجموعة الأزمات الدولية، «بحيث قد يدعم كل طرف القوات المناهضة للحكومة في أراضي الآخر» على حد قوله.

وبالفعل، حذّر تقرير مشروع «كريتكال ثريتس» التابع لـ«معهد إنتربرايز» الأميركي للأبحاث السياسية العامة، قبل أيام، من «زيادة خطر اندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقاً، وإطالة أمد الأزمة في القرن الأفريقي».