«العيش المدعم» يُربك موائد المصريين ويواصل تصدر «الترند»

أصداء رفع سعره مستمرة

قرار زيادة سعر «الخبز المعدم» يدخل حيز التنفيذ اعتباراً من السبت (وزارة التموين المصرية)
قرار زيادة سعر «الخبز المعدم» يدخل حيز التنفيذ اعتباراً من السبت (وزارة التموين المصرية)
TT

«العيش المدعم» يُربك موائد المصريين ويواصل تصدر «الترند»

قرار زيادة سعر «الخبز المعدم» يدخل حيز التنفيذ اعتباراً من السبت (وزارة التموين المصرية)
قرار زيادة سعر «الخبز المعدم» يدخل حيز التنفيذ اعتباراً من السبت (وزارة التموين المصرية)

يتخوف الستيني سعيد عبد الخالق، الذي يقطن ضاحية حلوان (جنوب القاهرة)، على ميزانية منزله الشهرية، عقب رفع سعر رغيف «الخبز المدعم»، حيث اعتاد أن «يشتري 20 رغيفاً كل يوم لأسرته وأحفاده بسعر خمسة قروش للرغيف، لكن بعد الزيادة الجديدة، لا يعرف كيف سيوفر هذه الكميات».

حال المواطن عبد الخالق يتشابه مع كثير من المصريين، تحدثوا عن ربكة على موائدهم بعد رفع الأسعار. في حين واصل «العيش المدعم»، الجمعة، تصدر «الترند» المصري.

ويدخل، السبت، قرار الحكومة المصرية ببيع الخبز المدعم بسعر 20 قرشاً للرغيف بدلاً من 5 قروش بنسبة زيادة تصل إلى 300 في المائة، حيز التنفيذ، في خطوة قالت الحكومة عنها إنها تهدف إلى «تخفيض فاتورة الدعم على رغيف الخبز بنحو 130 مليار جنيه سنوياً (الدولار يساوي نحو 47 جنيهاً في البنوك المصرية)»، كما أشارت في وقت سابق إلى أن «تكلفة رغيف الخبز على الدولة المصرية تبلغ 1.25 جنيه».

عبد الخالق قال لـ«الشرق الأوسط» إن «ميزانية شراء الخبز سوف تزداد أضعافاً بشكل يومي على أسرته، خصوصاً وأنه لا يستطيع تخفيض هذه الكميات التي يقوم بشرائها».

شاحنات القمح في طريقها إلى الصوامع (وزارة التموين المصرية)

وحسب الإحصاءات الرسمية لوزارة التموين المصرية، فإن «نحو 73 مليون مواطن يحصلون على الخبز المدعم من خلال بطاقات التموين، التي يصل عددها إلى نحو 23 مليون بطاقة».

ورغم أن قرار زيادة سعر «العيش المدعم» أعلنه رئيس مجلس الوزراء المصري، الأربعاء الماضي، فإن هاشتاغ «#الخبز_المدعم» لا يزال يتصدر «الترند» في مصر، خصوصاً مع تصاعد سجالات ومناقشات حول جدوى القرار الحكومي، وتأثيره على حياة المواطنين خلال الفترة المقبلة. وبينما دافع حساب باسم «سوزان فاروق» على «إكس» عن قرار الحكومة، بالقول إنه «بإمكان الشخص التوفير من ثمن السجائر التي يتناولها لسداد فارق سعر زيادة الخبز».

https://x.com/sozyfarouk/status/1796503108534898797

انتقد حساب آخر باسم «الطرابيشي» على «إكس»، «لجوء الدولة إلى رفع سعر الخبز المدعم». كما عبر حساب باسم «أحمد فتحي» على «إكس» عن «صدمته من القرار».

https://x.com/AhmedFa87388172/status/1796364781273977117

أيضاً شكك حساب باسم «العشري» في «وصول تكلفة الخبز المدعم للأرقام التي تعلنها الحكومة».

https://x.com/ALASHRYtwitts/status/1796432646249341225

ودخل عدد من نواب البرلمان المصري على خط أزمة رفع سعر «الرغيف المدعم». وعدّت عضو مجلس النواب (البرلمان)، النائبة سناء السعيد، أن «قرار زيادة سعر رغيف الخبز كارثي». وقالت إنها تقدمت بسؤال برلماني للحكومة عن مدى دراسة القرار قبل تنفيذه ومعرفة تداعياته على الأسر في مختلف الشرائح الاجتماعية المستفيدة من الدعم. وأضافت السعيد لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك إشكاليات اقتصادية كبيرة تواجه موائد الأسر المتوسطة والفقيرة بسبب زيادة إجراءات رفع الدعم»، محذرةً من الآثار المجتمعية لهذه القرارات لكونها «ستؤثر على قدرة المواطن في توفير أبسط السلع التي يمكنه تناولها غير مصحوبة بأي شيء آخر».

الحكومة أكدت الالتزام بنفس الوزن لرغيف العيش (وزارة التموين المصرية)

ورغم رفض الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور كريم العمدة، «فكرة التوجه للانتقاص من الدعم باعتباره الطريق الوحيد للحد من عجز الموازنة في البلاد»، فإنه أكد لـ«الشرق الأوسط»، «ضرورة تحديد الدعم وفق معيار النسبة والتناسب، فلا يوجد دعم في المطلق أمام تغير الأسعار العالمية، وفي الوقت نفسه يجب البحث عن آليات غير نمطية للتعامل مع التحديات الاقتصادية».

في غضون ذلك، نفى المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري، الجمعة، «تقليص حصة المواطن من الخبز المدعم على البطاقات التموينية». وقال في إفادة إنه «لم يتم إصدار أي قرارات في هذا الشأن، وإنه يصرف لكل مواطن 5 أرغفة يومياً بإجمالي 150 رغيفاً شهرياً بسعر 20 قرشاً للرغيف، من دون أي انتقاص، سواء من حيث العدد أو الوزن».

وأشار المجلس إلى أنه «يتم احتساب الأرغفة التي يتم توفيرها على البطاقة خلال الشهر بنقاط مجمعة، على أن يقوم حاملو البطاقات التموينية بصرف فارق نقاط الخبز في شكل سلع غذائية وغير غذائية من المنافذ التموينية المختلفة». وناشد المواطنين بـ«التقدم بشكاوى حال عدم التزام المخابز بصرف عدد أرغفة الخبز المدعم المخصصة للشخص على بطاقات الدعم التمويني بشكل كامل».


مقالات ذات صلة

مؤتمر لـ«الإفتاء المصرية» يناقش مكافحة التطرف عالمياً

شمال افريقيا مقر دار الإفتاء المصرية (دار الإفتاء)

مؤتمر لـ«الإفتاء المصرية» يناقش مكافحة التطرف عالمياً

يناقش مؤتمر دولي لدار الإفتاء المصرية «مكافحة التطرف وخطاب الكراهية» وينطلق الاثنين لمدة يومين بأحد فنادق القاهرة

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة) في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصياتها على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

يواصل مسؤولون مصريون جولاتهم المفاجئة على الأسواق للتأكد من توافر السلع بـ«أسعار مناسبة»، عقب زيادة أسعار الوقود.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

حلّ الماس الكهربائي بوصفه «متهماً أول» في الحرائق التي اندلعت أخيراً بأسواق تجارية «شهيرة» في وسط القاهرة.

أحمد عدلي (القاهرة)

​عتاد الميليشيات بغرب ليبيا يفجر مخاوف المواطنين

تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)
تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)
TT

​عتاد الميليشيات بغرب ليبيا يفجر مخاوف المواطنين

تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)
تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)

أعادت الانفجارات التي شهدتها مدينة زليتن (بغرب ليبيا) إثر اندلاع النيران في مخزن للذخيرة مخاوف ومطالب المواطنين بضرورة إخلاء المناطق كافة من عتاد الميليشيات المسلحة، كما وجه رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، بسرعة فتح تحقيق في تلك الانفجارات.

وكانت انفجارات ضخمة متتالية هزّت زليتن الساحلية، فجر الجمعة الماضي، إثر انفجار المخزن الذي تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، الأمر الذي دفع المجلس البلدي لزليتن، إلى مطالبة الجهات الأمنية والعسكرية بـ«سرعة التعامل مع مخازن الذخائر وإبعادها عن المناطق المأهولة بالسكان».

انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

ومنذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي في عام 2011 اتخذت التشكيلات المسلحة من بعض البنايات قواعد عسكرية، ودشنت بها مخازن للعتاد الذي تستخدمه كلما اندلعت اشتباكات على توسيع النفوذ.

وأمام ازدياد مخاوف الليبيين، قال أستاذ القانون والباحث السياسي، رمضان التويجر، لـ«الشرق الأوسط» إن ليبيا بصفتها دولة «بكل أسف تفتقر لمبدأ احتكار القوة العسكرية التي أصبحت موزعة على قبائل ومدن بعينها».

وتحوّل العتاد المخزّن لدى المجموعات المسلحة، وبعض المواطنين خارج إطار الدولة، إلى مصدر قلق للسلطات الليبية وللمواطنين أيضاً. وهو ما دفع «الأمم المتحدة» لدعوة الأطراف كافة إلى ضرورة إبعاده عن مناطق المدنيين، ودمج هذه التشكيلات في أجهزة الدولة الرسمية.

وعقب انفجار مخزن الكتيبة التي يطلق عليها أيضا «فرسان زليتن» بالمدينة الواقعة على بعد (150 كيلومتراً شرق العاصمة طرابلس)، ذكّر المجلس البلدي للمدينة بتكرار حوادث انفجار مخازن الذخائر في الفترة الماضية، معرباً عن «قلقه البالغ» حيال ذلك.

ودعا المجلس البلدي أيضاً الجهات الأمنية والعسكرية، إلى «تطبيق المعايير المتعارف عليها على تلك المخازن، بحيث يتم نقلها خارج المدن»، مشدداً على ضرورة «فتح تحقيق عاجل من قبل جهات الاختصاص، لتحديد أسباب هذه الظاهرة التي تكررت أكثر من مرة، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم تكرارها».

وعادة ما تُحدث انفجارات مخازن العتاد خسائر في الأرواح وممتلكات المواطنين التي تجاور ديارهم، القواعد العسكرية للميليشيات المسلحة. وكانت مقاطع فيديو متداولة عقب حادث زليتن، أظهرت تدميراً في محيط «كتيبة العيان»، وهو ما أكده مدير فرع جهاز الإسعاف والطوارئ، الطاهر الشطشاطي.

وبث مواطنون ليبيون بالعاصمة مخاوفهم من تراكم هذه الأسلحة بالقرب من ديارهم، لوسائل إعلام محلية، وتتكرر المخاوف كلما اندلعت اشتباكات مسلحة.

من اجتماع سابق في طرابلس للدبيبة مع محمود حمزة آمر «اللواء 444 قتال» (حكومة الوحدة)

وبصفته وزيراً للدفاع بها، قالت حكومة «الوحدة»، إن الدبيبة أصدر تعليماته للمدعي العام العسكري باتخاذ الإجراءات، وفتح تحقيق في الانفجار الذي وقع فجر الجمعة بمدينة زليتن.

وأعلن في ليبيا عن إطلاق مبادرات عدة لجمع السلاح بداية من عام 2012، انطلقت أولاها بمدينتي طرابلس وبنغازي، تحت شعار «أمن بلادك بتسليم سلاحك». وفي فبراير (شباط) 2013 وضعت الولايات المتحدة مع ليبيا خطة سرية، تقضي بتوفير برنامج مخصص لشراء الأسلحة، وتحديداً الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات، والمقدّر عددها بـ20 ألف صاروخ، لكن هذا الأمر لم يحدث.

وبمواجهة أزمة عتاد التشكيلات المتراكم في المدن الليبية، يرى التويجر، أن «عملية إخلائها لن تكون بالمطالبات، وإنما بتنفيذ عملي من الدولة، حينما تكون قوية»، ويعتقد أن هذا الأمر: «لن يتم في ظل الوضع القائم، ولن يتغير الحال أو تقوم الدولة بهذا الشكل».

وتعاني ليبيا من انقسام حكومي حاد منذ عام 2014، حكومة في العاصمة طرابلس بقيادة الدبيبة، وثانية برئاسة أسامة حماد، وتدير شرق ليبيا وبعض مدن الجنوب.

من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

وسبق أن أعلن عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، في 21 فبراير الماضي، أنه بعد مشاورات ومفاوضات، امتدت لأكثر من شهر، تم التوصل إلى «اتفاق مع الأجهزة الأمنية لإخلاء العاصمة بالكامل قريباً من بعض الأجهزة الأمنية».

ولم يحدد الطرابلسي حينها موعداً زمنياً لتنفيذ هذا التعهد، لكنه قال حينها إنه سيتم إرجاع كل هذه الأجهزة إلى ثكناتها، باستثناء الجهات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، على أن يقتصر العمل الأمني على «الداخلية»... وحتى الآن، لم يتم شيء من ذلك.

والميليشيات التي وصفها الطرابلسي بـ«الأجهزة الأمنية» هي: «جهاز قوة الردع»، و«جهاز الأمن العام»، و«الشرطة القضائية»، و«جهاز دعم الاستقرار»، و«اللواء 444 قتال»، و«اللواء 111»، بالإضافة إلى «قوة دعم المديريات».

وقال مصدر مقرب من حكومة «الوحدة الوطنية» إن النيابة العامة أُخطرت الأحد بطلب الدبيبة للتحقيق في تفجير مخزن الذخيرة، لكنه يعتقد «بعدم التوصل إلى نتيجة واضحة وحاسمة بشأن أي شيء يتعلق بمثل هذه الوقائع؛ لارتباط الأمر بتشكيلات وثيقة الصلة بالدبيبة».

ويلفت المصدر في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، إلى إن أزمة الميليشيات وعتادها «ستظلان صداعاً في رأس ليبيا ومواطنيها ما دام يستمد ساستها في عموم البلاد، قوتهم ونفوذهم من هذه التشكيلات المدعومة بسخاء».

يشار إلى أن «البرنامج الليبي للإدماج والتنمية»، الذي عرف بعد تأسيسه بـ«هيئة شؤون المحاربين»، قدم في السابق استراتيجية مفصلة لجمع السلاح، بالتعاون مع «المنظمة الدولية للعدالة الانتقالية». غير أن الوضع يراوح مكانه راهناً.