«تقدم» تختتم مؤتمرها وتختار حمدوك رئيساً

لن نستجيب للتخوين وواثقون من نهاية الحرب

حمدوك يتوسط قيادة «تقدم» (الشرق الأوسط)
حمدوك يتوسط قيادة «تقدم» (الشرق الأوسط)
TT

«تقدم» تختتم مؤتمرها وتختار حمدوك رئيساً

حمدوك يتوسط قيادة «تقدم» (الشرق الأوسط)
حمدوك يتوسط قيادة «تقدم» (الشرق الأوسط)

اختتمت «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) مؤتمرها باختيار رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك رئيساً للهيئة القيادية، كما اختارت الهادي إدريس عضو مجلس السيادة السابق، وممثل «المهنيين» طه عثمان إسحاق، نائبين للرئيس، والأمين العام لـ«حزب الأمة القومي» الواثق البرير أميناً عاماً لـ«التنسيقية»... وفي كلمته في ختام المؤتمر، أبدى حمدوك تفاؤله بقرب الوصول لسلام ووقف الحرب.

وعقدت «تقدم» مؤتمرها التأسيسي خلال الفترة من 26 - 30 مايو (أيار) الجاري، بحضور تجاوز 600 عضو، من ولايات البلاد الـ18، وأكثر من 30 دولة مهجر، وأجازت خلاله «رؤية سياسية لوقف الحرب وإعادة الإعمار»، والهيكل التنظيمي، وقضايا العون الإنساني، وآليات إيصال الإغاثات للمتضررين من الحرب، وعدداً من القضايا الأخرى التي تستهدف وقف الحرب واستعادة الانتقال المدني الديمقراطي.

من مراسم اختتام المؤتمر (الشرق الأوسط)

وقالت القيادية في «التيار الثوري الديمقراطي» بثينة دينار، في البيان الختامي، إن المؤتمرين أكدوا «على الوقف الفوري غير المشروط لإطلاق النار، وأدانوا فشل طرفي الحرب في الجلوس للتفاوض، وعرقلة توصيل الإغاثات، واستخدام الغذاء كسلاح، ما أدى لتهديد أكثر من 25 مليون مواطن من جملة سكان البلاد البالغ عددهم 45 مليوناً بالجوع، وطالبوا الأسرة الدولية بالضغط على طرفي الحرب لفتح المسارات الإنسانية».

وأدان المؤتمر ما أطلق عليها الانتهاكات «الفظيعة» التي ارتكبتها القوات المسلحة «الجيش» و«قوات الدعم السريع» والميليشيات المتحالفة معهما، ودعا «للشروع الفوري في عقد مائدة مستديرة تضم كل السودانيين ما عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول وواجهاته»، كما أدان طرفي الحرب «في إشاعتهما وتصعيدهما لخطاب الكراهية».

وأعلن المؤتمرون ترحيبهم بـ«المبادرة السعودية الأميركية ومنبر جدة التفاوضي، ومساعي وجهود الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، والجهود المصرية، وجهود دول الجوار لصناعة السلام في السودان»، وناشدوا المجتمع الدولي بـ«ممارسة الضغوط كافة على الطرفين للعودة للمفاوضات».

لقطة أرشيفية من فيديو تظهر دخاناً أسود وحريقاً في سوق مدينة أم درمان بالسودان (رويترز)

وأجاز المؤتمر «رؤية سياسية لإيقاف الحرب وتأسيس الدولة واستكمال أهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، تقوم على وقف وإنهاء الحرب وإعادة الأمن والاستقرار، وعودة النازحين واللاجئين، ووحدة السودان شعباً وأرضاً، وإقامة دولة مدنية ديمقراطية تقف على مسافة واحدة من الأديان والهويات والثقافات، وتعترف بالتنوع وتعبر عن مكوناتها بلا تمييز».

ونصت الرؤية السياسية على «تأسيس منظومة عسكرية وأمنية احترافية بعقيدة قتالية وطنية، وإنشاء نظام حكم فيدرالي حقيقي، يعترف بالحقوق الأصيلة لجميع الأقاليم في إدارة شؤونها، وبدء التحضير لعقد مؤتمر مائدة مستديرة يشارك فيها كل السودانيين من (قوى الثورة والتغيير)، والقوى الرافضة للحرب والمؤمنة بالتحول الديمقراطي، باستثناء حزب المؤتمر الوطني المحلول وواجهاته، بما يحول دون جعل العملية السياسية أداة ومدخلاً لإحياء النظام البائد وقبر ثورة ديسمبر (كانون الأول)، وتفادياً للإغراق السياسي».

وتنظيمياً، أجاز المؤتمر نظاماً أساسياً منح 40 في المائة من المقاعد في هياكل «تقدم» للنساء، و40 في المائة للشباب، في خطوة تعد الأولى من نوعها، بما يتيح للأجيال الجديدة صناعة مستقبل البلاد، فيما توافق المجتمعون على تولي رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك رئاسة الهيئة القيادية المكونة من 160 عضواً، وينوب عنه ممثل «الجبهة الثورية» الهادي وممثل «المهنيين» طه عثمان إسحاق، وفي الأمانة العامة الأمين العام لحزب «الأمة القومي» الواثق البرير.

قوة للجيش السوداني في أحد شوارع العاصمة الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأجاز المؤتمر أسس ومبادئ «تأسيس جيش قومي مهني واحد، لا يتدخل في السياسة والاقتصاد، باعتبار ذلك بداية طريق الاستقرار ووقف الحروب وإغلاق أبواب الانقلابات العسكرية التي عانت منها البلاد طويلاً، مع وضع تصور للعدالة الانتقالية يهدف لمنع الإفلات من العقاب ومحاسبة المتورطين في الجرائم كافة، بما في ذلك جرائم الحرب وجرائم التطهير العرقي، ومجزرة اعتصام القيادة العامة، وجرائم حرب 15 أبريل (نيسان) 2023».

بدوره، قال رئيس «تقدم» حمدوك، في كلمته في الجلسة الختامية، إن «(تقدم) ملتزمة بوقف الحرب والعمل على استعادة الانتقال الديمقراطي، ومدنية الدولة، وأن تبقى أبواب (تقدم) مفتوحة للراغبين في الالتحاق بها من (قوى الثورة) والمناهضين للحرب والمدافعين عن الانتقال الديمقراطي».

وقطع حمدوك بعدم انحياز «تقدم» لأي من طرفي الحرب، بقوله: «مهما حاول البعض وصمنا بالانحياز لطرف، فهذا غير صحيح»، وتابع: «بذلنا كل الجهود لمنع الصراع المسلح، وواصلنا المحاولات لوقفه، ولن نتوقف»، وأضاف: «ونحن غير مسؤولين عن أي قطرة دم مواطن سوداني سالت في الحرب».

وندد حمدوك بـ«أطراف الحرب» بقوله: «لم تقدم (أطراف الصراع) أي حل غير الدمار، فموت إنسان سوداني واحد، خسارة يجب أن تتوقف على الفور، ونعاهد الشعب على الوقوف ضد هذه الحرب، ولن نستجيب للتخوين، ونحن واثقون من عودة السلام، والحرب ستتوقف قريباً».

أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)

يذكر أن عدداً من ضيوف الشرف شاركوا في أعمال المؤتمر بصفة مراقب، وأبرزهم عمار آمون الأمين العام لـ«الحركة الشعبية - الشمال» بقيادة عبد العزيز الحلو، ومحمد بدر الدين الأمين العام لحزب «المؤتمر الشعبي»، وإبراهيم الميرغني نائب رئيس الحزب «الاتحادي الديمقراطي الأصل»، تيار محمد الحسن الميرغني، الذين أبدوا استعدادهم للعمل والتنسيق مع «تقدم» من أجل وقف الحرب واستعادة الانتقال المدني الديمقراطي.

كما شاركت في أعمال المؤتمر شخصيات وطنية ومبدعون، من بينهم الشاعر فضيل جماع، والشاعر عالم عباس، والقيادي الدارفوري شريف حرير، و«شاعر الثورة» أزهري محمد علي، وعدد من الفنانين وعلى رأسهم الفنان أبو بكر سيد أحمد.


مقالات ذات صلة

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

للمرة الثالثة تستضيف مدينة جنيف السويسرية ما عرفت باجتماعات «المائدة المستديرة» بين القوى السياسية السودانية، تهدف لتقريب وجهات النظر بين أطراف الحرب لوقفها.

أحمد يونس (كمبالا )
شمال افريقيا امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية بالقاهرة)

المدارس السودانية في مصر بانتظار انفراجة بعد 3 شهور من إغلاقها

تأمل الجالية السودانية في مصر انفراجة في أزمة المدارس السودانية العاملة في البلاد، والمغلقة منذ نحو 3 أشهر لحين استيفائها الشروط المطلوبة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

آلاف الأسر تفرقت حيث خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية

وجدان طلحة (بورتسودان)

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»
TT

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

حمّلت مصر مجدداً «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويواجه باعتراضات دولتي المصب (مصر والسودان). وقال وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، الاثنين، إن «التصرفات الأحادية الإثيوبية تتسبب في تخبط كبير في منظومة إدارة المياه بنظام النهر، وارتباك في منظومة إدارة السدود».

واستعرض سويلم، خلال لقائه عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج، رؤية مصر للتعامل مع قضية «سد النهضة»، وتاريخ المفاوضات، ونقاط الاختلاف مع إثيوبيا، مع «إبراز أوجه التعنت الإثيوبي خلال العملية التفاوضية، وخطورة التصرفات الإثيوبية الأحادية».

سويلم يلتقي عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج (وزارة الري المصرية)

وفشلت آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا والسودان في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي دون التوصل لاتفاق.

وقال الوزير المصري إن «دول منابع حوض النيل تتمتع بوفرة في مواردها المائية، إذ يصل حجم الأمطار المتساقطة على حوض نهر النيل إلى حوالى 1600 مليار متر مكعب سنوياً، بينما يصل حجم الأمطار المتساقطة على دول حوض النيل - داخل حوض نهر النيل أو غيره من الأحواض بهذه الدول - إلى حوالي 7000 مليار متر مكعب سنوياً، في وقت تصل حصة مصر من المياه إلى 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، تعتمد عليها مصر بنسبة 98 في المائة لتوفير مواردها المائية».

وحذر خبراء مصريون من عدم التوصل لاتفاق قانوني بشأن «سد النهضة» يضمن حقوق دولتي المصب، وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطورة عدم التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة لا تتوقف عند ما يثيره السد من مخاوف، إذ إنه قد يتحول لسابقة تدفع دولاً أخرى من دول المصب إلى إنشاء سدود دون اتفاقيات ودون التشاور مع دولتي المصب».

وأكد شراقي أن «النهج الإثيوبي في بناء سد النهضة في كل مراحله ينطوي على قدر كبير من التخبط وعدم الوضوح، ففي الوقت الراهن مثلاً لا نعرف متى تعمل توربينات توليد الكهرباء ومتى تتوقف». وحسب شراقي، فإن «الممارسات الإثيوبية بشأن سد النهضة تعمق الخلافات بين دول حوض النيل وتتسبب في توترات».

وتحرص مصر، وفق وزير الري، على دعم جهود التنمية المستدامة في دول حوض النيل بتنفيذ «العديد من المشروعات في مجال المياه لخدمة المواطنين في هذه الدول مثل مشروعات تطهير المجاري المائية من الحشائش، وإنشاء سدود لحصاد مياه الأمطار، وآبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية بالمناطق النائية، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالأمطار وقياس نوعية المياه بتكلفة إجمالية 100 مليون دولار لكافة المشروعات».

وزير الموارد المائية والري المصري يلقي كلمة عن التحديات المائية لبلاده (وزارة الري المصرية)

ويرى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر الدكتور أيمن عبد الوهاب أن «استمرار السياسات الإثيوبية الأحادية يزيد مخاطر توتر العلاقات بين دول حوض النيل، ويحول قضية المياه إلى أداة للصراع، خصوصاً مع ازدياد متطلبات التنمية بالعديد من دول الحوض»، وحسب تصريحات عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط»، فإنه «لا يمكن إدارة ملف المياه بين دول حوض النيل دون اتفاق قانوني بشأن سد النهضة».

بدورها، أشارت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، إلى خلاف آخر بين مصر وإثيوبيا يتعلق بما يعرف بـ«اتفاقية عنتيبي»، وهي الاتفاقية التي أبرمت عام 2010، وتعارضها مصر والسودان، وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية دون التوافق مع دولتي المصب.

وقالت الطويل لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاقية أحدثت شرخاً في العلاقات بين دول المنابع والمصب، وهو ما سيؤدي إلى عرقلة أي جهود تنموية أو مشروعات مائية بدول حوض النيل، لأن الشرط الأساسي للمؤسسات الدولية المانحة هو وجود توافق وإجماع بين دول الحوض حول هذه المشروعات».

ووفق الطويل، فإن «السياسات الإثيوبية الإقليمية في مجملها تؤثر سلباً على العلاقات بين دول حوض النيل».