«الوحدة» الليبية تتمسك باستبعاد وزيرها للنفط رغم انتهاء التحقيق معه

أخبرت «أوبك» بأن خليفة عبد الصادق هو المكلف بتسيير هذا القطاع

الدبيبة وبجواره عون وبن قدارة وعادل جمعة وزير شؤون مجلس الوزراء في لقاء سابق (حكومة الوحدة)
الدبيبة وبجواره عون وبن قدارة وعادل جمعة وزير شؤون مجلس الوزراء في لقاء سابق (حكومة الوحدة)
TT

«الوحدة» الليبية تتمسك باستبعاد وزيرها للنفط رغم انتهاء التحقيق معه

الدبيبة وبجواره عون وبن قدارة وعادل جمعة وزير شؤون مجلس الوزراء في لقاء سابق (حكومة الوحدة)
الدبيبة وبجواره عون وبن قدارة وعادل جمعة وزير شؤون مجلس الوزراء في لقاء سابق (حكومة الوحدة)

بدا أن صراعاً سيمتد على منصب وزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بعدما خاطبت الأخيرة الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» بأن خليفة عبد الصادق، هو وزير النفط بها، بدلاً من محمد عون، الذي أخضع للتحقيق مؤخراً من قبل هيئة الرقابة الإدارية.

وكانت وزارة النفط بطرابلس قد أعلنت (الثلاثاء) الماضي أن الوزير عون باشر مهام عمله مرة أخرى، بعد رفع الوقف الاحتياطي، الذي دام لشهرين لدواعي التحقيق، مشيرة إلى أنه أخطر الحكومة بذلك.

محمد عون الذي أخضع للتحقيق مؤخراً من قبل هيئة الرقابة الإدارية (الوحدة)

وظهر عون في صورة بثتها الوزارة وهو يجلس على مكتبه، ويتابع مهام عمله، قائلة إن الوزير «باشر مهامه هذا الصباح»، ما ظنه البعض انتهاء مهمة عبد الصادق، وعودة عون لوظيفته، لكن حكومة «الوحدة» خاطبت «أوبك» لتعلمها بأن عبد الصادق هو وزير النفط بحكومة الدبيبة.

وتداولت وسائل إعلام محلية خطاباً ممهوراً من عادل جمعة، وزير الدولة لشؤون رئيس حكومة «الوحدة»، موجهاً للأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، ما عدّه البعض تجاهلاً لقرار هيئة الرقابة الإدارية التي سبق أن أعلنت انتهاء التحقيق مع عون.

وصدر قرار بالوقف الاحتياطي لوزير النفط والغاز في حكومة «الوحدة الوطنية» في طرابلس في مارس (آذار) الماضي من قِبل هيئة الرقابة الإدارية للتحقيق، فيما قالت: «يأتي ذلك لدواع ومقتضيات مصلحة التحقيق». وذكرت الوزارة أن الهيئة رفعت الوقف في 12 مايو (أيار) الحالي بعد انتهاء التحقيق معه.

وفيما توقع مراقبون أن تمثل هذه الخطوة «صراعاً إضافياً» داخل قطاع النفط، رأوا أن «إبعاد عون هو إجراء من الدبيبة، يستهدف إنهاء الخلافات مع المؤسسة الوطنية للنفط برئاسة فرحات بن قدارة».

سياسيون ليبيون وغربيون طالبوا بإبعاد النفط عن التجاذبات السياسية (الشرق الأوسط)

وتشرف هيئة الرقابة الإدارية على أداء الحكومة، وتشمل صلاحياتها التدقيق في تعيينات المناصب العامة، وتعزيز المساءلة العامة.

وكان مسؤول بقطاع النفط الليبي عبّر عن مخاوفه من «تجدد الخلاف بين عون وبن قدارة مرة ثانية، في ظل اتساع الفجوة بينهما، وتباين موقفيهما بشأن كثير من الملفات»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الأول لديه «ملاحظات كثيرة بشأن التعاقدات التي تجريها مؤسسة النفط مع شركات أجنبية؛ لذا فإن أي تجدد للخلافات لن يكون في صالح القطاع».

وبينما ذهب المسؤول إلى أن الانتخابات الرئاسية المؤجلة «هي السبيل الوحيد لإنهاء فوضى الانقسام السياسي، والتجاذبات بشأن النفط وموارده»، تساءل عن مصير «اللجنة المالية العليا»، التي سبق أن شكّلها ويترأسها رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، بهدف تحديد أوجه الإنفاق العام، ومراقبة التوزيع العادل لإيرادات النفط.

وشهدت الساحة الليبية خلال الأشهر الماضية مشادات كلامية بين عون وبن قدارة، بشأن تعاقدات نفطية، وهو ما دفع أعضاء بالمجلس الأعلى للدولة إلى دعوة النائب العام والأجهزة الرقابية للتحقيق بشكل فوري فيما سموه «شبهات فساد»، تتعلق بعقود نفطية أُبرمت خلال السنوات الماضية.

في غضون ذلك، قالت المؤسسة الوطنية للنفط إن بن قدارة التقى مساء (الأربعاء) في مقر المؤسسة بطرابلس، سفير جمهورية مصر العربية لدى ليبيا، تامر الحفني، والوفد المرافق له، مشيرة إلى أنه تم بحث «حزمة من الموضوعات»، من بينها آلية تعزيز التعاون مع الشركات المصرية في مجال المقاولات والخدمات النفطية.

كما نوهت المؤسسة إلى أن رئيسها بحث أيضاً مع سفير تركيا لدى ليبيا، كنعان يلماز، ومسؤولي شركة (Tipec) التركية المشاريع المشتركة بين الجانبين، وسبل تعزيز التعاون الاقتصادي في مجال النفط مع الشركات التركية في مختلف المجالات.


مقالات ذات صلة

جدل ليبي بشأن ازدياد أعداد المهاجرين الأفارقة

شمال افريقيا مهاجرون غير نظاميين في أحد شوارع طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)

جدل ليبي بشأن ازدياد أعداد المهاجرين الأفارقة

تصاعدت في ليبيا حالة من الجدل بشأن ازدياد أعداد المهاجرين غير الشرعيين، خصوصاً من أصحاب البشرة السمراء.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا مشاركة السايح في ندوة حول الانتخابات البلدية بمصراتة (مفوضية الانتخابات)

محادثات أممية - روسية لتنسيق الجهود بشأن حل توافقي للأزمة الليبية

أعلنت القائمة بأعمال البعثة الأممية، ستيفاني خوري، أنها بحثت مع السفير الروسي آيدار أغانين، الوضع الحالي للعملية السياسية في ليبيا. 

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الحداد مستقبلاً خوري في رئاسة أركان قوات «الوحدة» (رئاسة الأركان)

الأمم المتحدة تدعو لتوحيد المؤسسات الليبية

تكثف البعثة الأممية للدعم في ليبيا من تحركاتها لجهة تسهيل إجراء الانتخابات العامة المؤجلة، مشددة على ضرورة توحيد المؤسسات الليبية وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية للساعدي القذافي (أ.ف.ب)

عائلة قتيل ليبي تتمسك بإعادة محاكمة السعدي القذافي

توعّدت أسرة لاعب كرة القدم الليبي المقتول، بشير الرياني، بأنها «لن تفرط في دمه»، بعدما قالت إن المحكمة العليا بالبلاد نقضت الحكم ببراءة الساعدي القذافي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي مستقبِلاً الدبيبة في مقر الحكومة المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة (حكومة «الوحدة»)

ليبيا ومصر لتفعيل «الاتفاقيات المشتركة» والربط الكهربائي

بحث رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، ونظيره المصري مصطفى مدبولي، نتائج اجتماعات اللجنة العليا المشتركة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل اقترب الوسطاء من «اتفاق إطاري» يُنهي حرب غزة؟

دبابتان إسرائيليتان تعبران طريقاً بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)
دبابتان إسرائيليتان تعبران طريقاً بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)
TT

هل اقترب الوسطاء من «اتفاق إطاري» يُنهي حرب غزة؟

دبابتان إسرائيليتان تعبران طريقاً بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)
دبابتان إسرائيليتان تعبران طريقاً بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

في وقت تصاعد فيه الزخم من أجل إنجاز «هدنة»، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، تردّد حديث عن تراجع حركة «حماس» بشأن مطلب «وقف نهائي للحرب»، الذي كان بمثابة «عقبة» عرقلت جهود الوسطاء على مدار الشهر الماضي.

التحركات الجديدة عدّها محلّلون، تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»، بمثابة «نقلة تعزّز اقتراب الوسطاء من إبرام اتفاق إطاري» يُنهي حرباً متواصلة منذ آخر هدنة وقعت في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ولفتوا إلى أن واشنطن تبحث عن حل للأزمة؛ للتفرغ للانتخابات، واقتناص مكاسب للرئيس جو بايدن خلال السباق الحالي أمام دونالد ترمب.

ونهاية مايو (أيار) الماضي، قدّم بايدن مقترحاً لإنهاء الأزمة ينفّذ على 3 مراحل، إلا أنه لم يدخل حيز التنفيذ، رغم تأييده من مجلس الأمن الدولي في 11 يونيو (حزيران) الماضي، بقرار دعا إلى «وقف إطلاق النار، والعودة للمفاوضات السياسية؛ لإيجاد حلول مستدامة تُنهي المعاناة الإنسانية في القطاع».

مقترح بايدن ردّت عليه آنذاك «حماس» بـ3 تعديلات، كان أبرزها ضرورة الوقف الدائم للحرب، وهو ما رفضته إسرائيل، ومن ثم دخلت المفاوضات مرحلة من الكمون، إلا أنه في 24 يونيو الماضي، تحدثت الحركة عن تلقّي تعديلات أميركية، لم يتم الإعلان عن تفاصيلها، على مقترح بايدن لاقت قبولاً لديها.

تصاعُد دخان بعد قصف إسرائيلي على موقع جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

والأربعاء الماضي، سلّمت الحركة ردّها الجديد لإسرائيل، لكنها لم تعلن تفاصيله. وأشار قيادي في «حماس» لـ«رويترز»، السبت، إلى أن الحركة قبلت المقترح الأميركي لبدء المفاوضات، وتخلّت عن مطلب التزام إسرائيل أولاً بوقف دائم لإطلاق النار قبل توقيع الاتفاق، وستسمح بتحقيق ذلك عبر المفاوضات خلال مرحلة أولى تستمر 6 أسابيع.

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، رأى أن الزخم الحالي «مؤشر على أن الوسطاء يقتربون من اتفاق إطاري، وإنهاء أطول حرب بين الطرفين»، في ضوء تواتر معلومات عن تقدّم «حماس» بمقترحات رأت فيها إسرائيل تطوراً إيجابياً، وحراك للوسطاء تقوده واشنطن.

ووفق حجازي، تتجه «حماس» إلى هذا التراجع المؤقت، وترحيل الأزمة لمرحلة تالية بالمفاوضات، على «أمل إحراج بنيامين نتنياهو أمام المجتمع الدولي، ومن ثم استدراج المشهد نحو وقف دائم لإطلاق النار».

تراجع «حماس» فسّره المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، بأنه سيجعل الحركة أمام العالم معنية بـ«إنهاء الحرب، وليست معطّلة له»، مرجحاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي وافق على إرسال الوفد المفاوض إلى قطر؛ للتخلص من «تبعات الضغوطات» التي يواجهها من الشارع الإسرائيلي واحتجاجاته، و«الخلافات مع الجيش»، وأيضاً «الاستعداد لزيارة واشنطن هذا الشهر».

وأضاف العبادي أن الحديث عن اتفاق هدنة قريب مرتبط بـ«جدية» نتنياهو، بحيث لا تكون موافقته «إجراءً تكتيكياً» لإظهار حسن النيات قبل زيارته لواشنطن، ومحاولة لشراء الوقت، واتباع أسلوب المراوغة.

وبحسب أستاذ العلوم السياسية، القيادي بحركة «فتح»، الدكتور أيمن الرقب، فإن إدارة بايدن في عجلة من أمرها قبل الانتخابات، وتريد تحقيق أي إنجاز، ولو كان وقف النار بشكل مؤقت، لذلك «هناك ضغط كبير للذهاب لتلك المرحلة، لكن نتنياهو مستمر في ابتزاز جميع الأطراف».

ويتوقع الرقب أن يذهب نتنياهو إلى إتمام المرحلة الأولى من الاتفاق، مع تأكيد ضرورة وجود ضمانات؛ كون رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يرضخ للضغوط الأميركية، و«هذا يهدّد بانهيار الاتفاق في المرحلة الثانية لو عاد إلى المعارك»، حسبما قال.

فلسطينية تبكي عقب فرارها من الجزء الشرقي من خان يونس (رويترز)

من جهته، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حجازي، أن الداخل الإسرائيلي؛ سواءً عبر الاحتجاجات أو موقف الجيش المخالف لنتنياهو، يمثّل عامل ضغط لاستمرار جهود تثبيت وقف النار، لكن يجب أن يستمر ذلك مع ضغوط الوسطاء أيضاً.

وبحسب ما نقلته «رويترز» عن مصدر في «حماس»، فإن الاقتراح الأميركي الجديد يشمل ضمان الوسطاء تحقيق وقف مؤقت لإطلاق النار، وتوصيل المساعدات، وانسحاب القوات الإسرائيلية طالما استمرت المحادثات غير المباشرة، لتطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق.

وفي هذا الإطار، توقّع الرقب بدء هدنة مؤقتة تستمر نحو 6 أسابيع، تضم صفقة تبادل رهائن وأسرى، على أن يشمل تنفيذ المرحلة الأولى محادثات لتثبيت الهدنة. وفي هذه المرحلة قد يستجيب نتنياهو إلى «فكرة إبداء انسحابات من غزة، والإبقاء على نقاط تمركز داخل القطاع، تسمح بتنفيذ عمليات دقيقة، أو العودة لمعارك جديدة حال أراد العمل على انهيار اتفاق الهدنة».