الاتحاد الأوروبي: الوضع في السودان مرعب... وندرس فرض عقوبات جديدة على أفراد

فيبر لـ«الشرق الأوسط»: 24 % من السكان دخلوا مرحلة المجاعة... وتجب العودة إلى منبر جدة

أكدت فيبر أن 24 % من السكان في السودان في حالة مجاعة (تصوير: بشير صالح)
أكدت فيبر أن 24 % من السكان في السودان في حالة مجاعة (تصوير: بشير صالح)
TT

الاتحاد الأوروبي: الوضع في السودان مرعب... وندرس فرض عقوبات جديدة على أفراد

أكدت فيبر أن 24 % من السكان في السودان في حالة مجاعة (تصوير: بشير صالح)
أكدت فيبر أن 24 % من السكان في السودان في حالة مجاعة (تصوير: بشير صالح)

عندما قابلت الدكتورة أنيت فيبر، مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 في العاصمة السعودية الرياض، كانت تتحدث عن «روح مختلفة» في محادثات جدة بين الأطراف السودانية، لكنها اليوم تقول إن 24 في المائة من السكان دخلوا مرحلة المجاعة، محذرةً من «انزلاق البلاد إلى السيناريو السوري أو الصومالي في حال لم تُستأنف المحادثات».

وفي إطار سعيها لوضع حد للانتهاكات والجرائم التي تُرتكب، كشفت فيبر في حوار مع «الشرق الأوسط» عن أن الاتحاد الأوروبي يعمل حالياً على إعداد حزمة جديدة من العقوبات تطول الأفراد هذه المرة، بعد أن فرض عقوبات على بعض أطراف الصراع العام الماضي.

أنيت فيبر تتحدث إلى الزميل عبد الهادي حبتور في العاصمة السعودية الرياض (تصوير: بشير صالح)

وشددت مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي، على أن «منبر جدة» للمحادثات السودانية «يعد المنصة الرئيسية لكل الجهود»، مطالبةً بالعودة واستكمال هذه المحادثات.

وفيما يحتدم الصراع في عديد من المناطق السودانية، اعترفت المبعوثة الأوروبية بأن هناك أطرافاً خارجية «تعمل على تقديم الدعم بالأسلحة»، لكنها تحفظت على إعطاء مزيد من التفاصيل في هذا الخصوص.

وبشأن أمن البحر الأحمر والهجمات الحوثية على السفن التجارية والملاحة، أشارت الدكتورة فيبر إلى أن هذه الهجمات صعَّبت الأوضاع الاقتصادية وخلَّفت مشكلات للجميع، لافتةً إلى أهمية أن تقوم جميع الأطراف على ضفتي البحر الأحمر بمناقشة الأمن البحري وليست حرية الملاحة فقط.

وتحدثت المبعوث الأوروبية كذلك عن الدعوة المصرية الأطراف السودانية إلى الاجتماع الشهر المقبل، وعن اجتماعات كينيا... فإلى تفاصيل الحوار.

حسب الدكتورة أنيت فيبر، فإن الأمور في السودان «ساءت بشكل أكبر خلال الأسابيع الماضية، وانتشر الدمار في عموم البلاد»، تقول: «هناك دمار حدث في السودان، نحن نتحدث عن مليونَي لاجئ، وثمانية ملايين هُجِّروا من مناطقهم، و24 في المائة من السكان دخلوا في المجاعة خلال الأسابيع الماضية، ولا يوجد وصول للمساعدات بما في ذلك في الخرطوم... هناك وضع مرعب في السودان».

منصة جدة

وتعتقد مبعوثة الاتحاد الأوروبي إلى القرن الأفريقي أن «العودة إلى محادثات جدة بين الأطراف السودانية أمرٌ مُلحٌّ الآن أكثر من أي وقت مضى... إذا لم نبدأ المحادثات الآن بأسرع ما يمكن، أعتقد أننا لن نصل إلى أي مكان، أنا أقل تفاؤلاً».

وأضافت: «هناك تفاؤل ومناقشات بين السعودية والولايات المتحدة حول توسيع محادثات جدة، الآن لا نعرف ما الوضع؛ هناك أطراف تتحدث عن المجيء إلى جدة مرة أخرى، نحتاج إلى أن تكون جدة هي مقر المحادثات، إذا لم تُستكمل محادثات جدة فسوف يكون هناك تشعب وتقسيم للجهود، نحتاج إلى ألا يكون هناك أي أعذار للأطراف المتحاربة وأن يأتوا إلى مقر واحد في جدة حتى نستعيد المحادثات».

ووفقاً لإعلان المبادئ في باريس –حسب فيبر– فإن أي توسيع للجهود، سواء الأميركية أو من الاتحاد الأفريقي أو من الجيران مثل مصر أو دولة الإمارات، «يجب أن يكون في جدة (...) إذا لم يحدث هذا سوف نرى مبادرات على مستويات مختلفة، وإذا نجح الأمر في جدة سوف ينجح التنسيق».

مخاوف الحرب الأهلية

وحذرت الدكتورة أنيت فيبر من أن السودان «قد ينزلق إلى سيناريوهات الحرب الأهلية في سوريا... أو صومال عام 1991». وتابعت: «كنا نتحدث عن أن أسوأ سيناريو هو الانقسام، اليوم نتحدث عن السيناريو السوري، أو الصومالي في 1991، هناك المئات من الفئات الصغيرة التي لا يستطيع أحد التحكم بها، لا توجد حدود (...) كل هيئة وجهة صغيرة سوف تستخدم السكان بما يتوافق مع مصالحها».

وأضافت: «إذا لم يكن هناك اتفاق قريب فإن ما سنراه سيكون أمراً مروعاً وحرباً أهلية... وإذا دخل السودان في حرب أهلية فلن تستقر المنطقة (...) سوف تعاني المنطقة بأكملها».

24 % من السكان دخلوا مرحلة المجاعة... حسب مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي (الأمم المتحدة)

وتحدثت مبعوثة الاتحاد الأوروبي عن «حزمة جديدة» من العقوبات ستطول أفراداً خلال الفترة القادمة جراء الانتهاكات وجرائم الحرب التي تُرتكب. وقالت: «كما تعرفون لدينا أول حزمة من العقوبات العام الماضي ضد بعض الجهات التي تمول الحرب في السودان وتسهم في استمراريتها، الحزمة الثانية نعمل عليها الآن: عقوبات سوف تطول الأفراد».

واعترفت فيبر، بوجود أطراف خارجية تدعم استمرار الحرب في السودان، وأشارت بقولها: «كما في كل حرب، هناك أطراف خارجية... هناك عدد كبير من الأطراف الذين يقدمون الدعم. لا أود الحديث بالتفصيل عمّن الذي يقدم أي نوع من الأسلحة، ولكن هناك جهات مختلفة تدعم الجانبين، إذاً هذه الحرب أصبحت حرباً دولية».

وأوضحت الدكتورة أنيت، أن الاتحاد الأوروبي يركز بشكل كبير على معالجة الأزمة الإنسانية التي صنعها الإنسان على حد تعبيرها، وأضافت: «هذه كارثة من صنع الإنسان، هناك اثنان من القادة شنَّا حرباً ضد الشعب، هذا أول شواغلنا، ونحاول تقديم 3 مليارات يورو من الدعم الإنساني، كما نحاول توحيد المدنيين وتجهيزهم للدخول في مرحلة الانتقال المدني، بعد وقف إطلاق النار يجب أن تكون هناك حكومة مدنية».

في تعليقها على بعض الاتهامات من أطراف سودانية بـ«انحياز الاتحاد الأوروبي» في الأزمة السودانية، أكدت فيبر أن «هذا غير صحيح، هناك عديد من الأصوات السودانية تحدثت معها، تحدثت مع (قائد الجيش عبد الفتاح) البرهان، وهو يفهم أن الاتحاد الأوروبي يقف على الحياد بشكل كبير».

وتابعت قائلة: «نحتاج إلى حماية الشعب السوداني، هذا هو موقفنا، لا نقف مع أيٍّ من الأطراف، نودّ دعم السودان والحكومة الانتقالية المدنية».

وعبَّرت المبعوث الأوروبية للقرن الأفريقي عن أملها في أن تنجح الاجتماعات المختلفة للأطراف السودانية في الحوار وإنهاء الحرب، لافتةً إلى أن «اختيار النظام السياسي الذي يريدونه لبلدهم يعود إليهم، المشكلة هنا أن الاجتماعات المختلفة يعمل بعضها ضد بعض، بالطبع يجب أن نكون حذرين لأن كل هذه الاجتماعات عليها في النهاية أن تؤثر في إنهاء الحرب، ولكن الاجتماعات بغرض الاجتماعات أعتقد أنها ليست حلاً».

د.أنيت فيبر مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي تتحدث إلى «الشرق الأوسط» (تصوير: بشير صالح)

وتقول الدكتورة أنيت فيبر إن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر «سبَّبت مشكلات للجميع»، وأثَّرت في الاقتصاد سواء للدول المطلّة على البحر الأحمر أو أوروبا التي يمر نحو 20 في المائة من تجارتها من خلاله. وأضافت: «البحر الأحمر يحتل نسبة كبيرة من التجارة والكابلات تحت المياه، يجب أن يكون حراً في الملاحة. الهجمات الحوثية لا تساعد حرية الملاحة».

وأضافت: «من الجيد أن تكون هناك عملية (أسبيدس) لمساعدة السفن على المرور، هل تساعد على حل المشكلة الأساسية؟ لا، بل تساعد على حماية سفننا، والسؤال ليس فقط عن حرية الملاحة بل عن حرية الأمن البحري، وهنا الأمر يجب أن تتم معالجته على ضفتَي البحر الأحمر والتنسيق والتبادل بين دول القرن الأفريقي ومصر ودول الخليج، أعتقد أن مجلس البحر الأحمر إذا بدأ عمله فسوف يساعد ويكون هناك تفكير استراتيجي للأمن البحري، ولا يمكن أن تكون هناك سفن حربية طوال الوقت للحماية».


مقالات ذات صلة

مسؤول يمني يتهم الحوثيين بعرقلة صفقة تبادل الأسرى في مشاورات مسقط

العالم العربي وفد الحكومة اليمنية وفريق التفاوض المشترك لدول التحالف الخاص بملف المحتجزين والمخفيين قسراً (الشرق الأوسط)

مسؤول يمني يتهم الحوثيين بعرقلة صفقة تبادل الأسرى في مشاورات مسقط

اتهم مصدر يمني مسؤول الحوثيين بإفشال جولة التفاوض حول تبادل الأسرى التي أسدل ستارها، السبت، من دون التوصل لاتفاق بين الطرفين.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الولايات المتحدة​ المدمرة الأميركية «يو إس إس كيد» في مناورة نورثرن إيدج 2019 في خليج ألاسكا في 16 مايو 2019 (رويترز)

الجيش الأميركي: دمّرنا قاربين مسيّرين لجماعة الحوثي في البحر الأحمر

أعلنت القيادة المركزية الأميركية أن قوات الجيش دمرت بنجاح قاربين مسيرين تابعين لجماعة الحوثي اليمنية في البحر الأحمر وموقع رادار تابعاً للجماعة باليمن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مشهد وزعه الحوثيون لمهاجمة سفينة «ترانس وورلد نافيجيتور» في البحر الأحمر بزورق مسير مفخخ (أ.ف.ب)

زعيم الحوثيين يتبنى مهاجمة 162 سفينة خلال 30 أسبوعاً

تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة 162 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في 19 نوفمبر الماضي، وأقر بتلقي جماعته 19 غارة غربية خلال أسبوع من دون ضحايا.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أدت الحرب التي أشعلها الحوثيون قبل نحو 10 سنوات لأكبر أزمة إنسانية في العالم (أ.ف.ب)

سفير بريطانيا الأسبق لدى اليمن يصف الحوثيين بالطغاة واللصوص

وصف دبلوماسي بريطاني سابق جماعة الحوثي بأنها «مجموعة خبيثة وشوفينية وعنيفة»، تتألّف من «الطغاة واللصوص»، مبينا أن قادة الحوثيين لا يكترثون لعدد القتلى من الشعب.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع في عمان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين المختصين بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

تقدم في مشاورات مسقط واتفاق على مبادلة محمد قحطان بـ50 أسيراً حوثياً

شهدت جولة المفاوضات لتبادل الأسرى بين وفد الحكومة الشرعية والحوثيين في مسقط اختراقاً كبيراً، بعد اتفاق الجانبين على مبادلة محمد قحطان بـ50 أسيراً حوثياً.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«التعليم» المصرية تتعهد بعقوبات مشددة ضد مُسربي امتحانات «الثانوية»

وزير التربية والتعليم خلال تفقد أعمال امتحانات «الثانوية» من غرفة عمليات الوزارة (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم خلال تفقد أعمال امتحانات «الثانوية» من غرفة عمليات الوزارة (وزارة التربية والتعليم)
TT

«التعليم» المصرية تتعهد بعقوبات مشددة ضد مُسربي امتحانات «الثانوية»

وزير التربية والتعليم خلال تفقد أعمال امتحانات «الثانوية» من غرفة عمليات الوزارة (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم خلال تفقد أعمال امتحانات «الثانوية» من غرفة عمليات الوزارة (وزارة التربية والتعليم)

تعهدت وزارة التربية والتعليم في مصر بـ«تطبيق عقوبات مشددة ضد مُسربي امتحانات الثانوية العامة»، بعد تداول أسئلة مادتي الكيمياء والجغرافيا، عقب وقت قصير من بدء لجان الامتحانات، السبت.

وأدى 515711 طالباً ينتمون للشعبة العلمية امتحان الكيمياء، السبت، بالتزامن مع تأدية طلاب الشعبة الأدبية، وعددهم 193544 طالباً، امتحان مادة الجغرافيا. وأعلنت وزارة التربية والتعليم ضبط 4 حالات غش من محافظات مختلفة «حاول خلالها الطلاب استخدام الهواتف المحمولة لتصوير ورقة الامتحان وإرسالها عبر تطبيقات إلكترونية لمجموعات الغش، بالإضافة إلى محاولة بعضهم استخدام سماعات الأذن للحصول على إجابات الأسئلة عبر الهاتف».

وقالت الوزارة في بيان رسمي، السبت، إنه «تم ضبط الطلاب وتطبيق القرار الوزاري بشأن تنظيم أحوال إلغاء الامتحان وحرمانهم منه، مع اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه كل واقعة باعتبارها مخالفة».

إحدى لجان الثانوية العامة في محافظة الغربية بدلتا مصر (صفحة محافظة الغربية على «فيسبوك»)

وحسب مصدر مسؤول في وزارة التربية والتعليم، فإن فريق «مكافحة الغش الإلكتروني» بالوزارة يستفيد من تقنيات تكنولوجية متطورة تسمح له بمتابعة ورصد مجموعات الغش التي يحاول القائمون عليها الإخلال بسير الامتحانات. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «مع وجود (باركود) داخل ورقة الامتحان، والتواصل المستمر بين مسؤولي تأمين الامتحانات وأعمال المراقبة، يتم الوصول للطلاب المتسببين في التسريب خلال وقت قصير».

وأضاف المصدر أن «الإجراءات المتبعة في تأمين وصول أوراق الامتحانات للّجان وسرية الأسئلة والتوقيتات التي تصل فيها لمختلف المدارس، تجعل من المستحيل حدوث أي تسريب قبل بدء اللجان»، مشدداً على أن «كل واقعة للغش الإلكتروني يجري التعامل معها بشكل منفرد، وفق عقوبات متدرجة تصل للحرمان عامين من الامتحانات».

وشهدت مصر خلال السنوات الماضية محاولات «غش وتسريب» للامتحانات بطرق كثيرة، أبرزها عبر تطبيقات التواصل مثل «واتساب» و«تلغرام».

مقر وزارة التربية والتعليم في مصر (حساب الوزارة عبر «فيسبوك»)

كان وزير التربية والتعليم المصري، محمد عبد اللطيف، قد كلف نائبه أحمد ضاهر، السبت، بتولي رئاسة امتحانات الثانوية العامة، وهي المهمة التي كان يتولاها حتى نهاية الأسبوع الماضي الوزير السابق رضا حجازي.

وقال أستاذ المناهج بجامعة عين شمس، حسن شحاتة، إن «تطبيق القانون على الطلاب الذين حاولوا تسريب الأسئلة وتصويرها باستخدام الهاتف المحمول سيكون رادعاً للكثيرين»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار حظر دخول الهواتف المحمولة للمدارس التي تشهد الامتحانات ساعد في تقليل محاولات الغش».

في السياق، تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لإحدى المدارس بمحافظة الدقهلية في دلتا مصر، يظهر وجود أولياء أمور خارج المدرسة، حيث «يقومون بتلقين أبنائهم إجابات امتحان الكيمياء عقب تداول ورقة الأسئلة»، ما دفع وزارة التعليم إلى تشكيل لجنة خاصة لتصحيح أوراق إجابات الطلاب في اللجنة محل الواقعة.

وأكد المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، شادي زلطة، السبت، أنه «حال ثبوت صحة واقعة الغش الجماعي وتطابق الإجابات بين طلاب اللجنة، سيتم إلغاء الامتحان، وإعادته لطلاب اللجنة بالكامل في الدور الثاني، مع اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المسؤولين عن التقصير في الواقعة».