تململ في صفوف «إخوان الجزائر» بسبب «رئاسية» 2024

آلية الترشيحات أثارت سخط رئيسهم السابق

عبد العالي حساني مرشح إخوان الجزائر للانتخابات (حساب الحزب)
عبد العالي حساني مرشح إخوان الجزائر للانتخابات (حساب الحزب)
TT

تململ في صفوف «إخوان الجزائر» بسبب «رئاسية» 2024

عبد العالي حساني مرشح إخوان الجزائر للانتخابات (حساب الحزب)
عبد العالي حساني مرشح إخوان الجزائر للانتخابات (حساب الحزب)

يحتدم خلاف كبير داخل الحزب الإسلامي الجزائري؛ «حركة مجتمع السلم»، المحسوب على «تيار الإخوان»، بخصوص «آلية الاختيار» التي تم على أساسها ترشيح رئيسه عبد العالي حساني لانتخابات الرئاسة المقررة يوم 7 سبتمبر (أيلول) المقبل.

وكان الحزب، المعروف اختصاراً بـ«حمس»، أعلن السبت، عزمه دخول سباق «الرئاسية»، بعد أن غاب عنها في دورتي 2014 و2019، وتم ذلك في اجتماع لـ«مجلسه الشوري» الذي بحث في موقفين: المشاركة في الاستحقاق الرئاسي بمرشح الحزب، أو المقاطعة. وتم الحسم لصالح الخيار الأول. غير أنه بعد 24 ساعة من صدور القرار، خرج الرئيس السابق لـ«حمس» عبد الرزاق مقري، بمنشور في حسابه بالإعلام الاجتماعي، ينتقد فيه بشدة مجريات «المجلس الشوري»، مؤكداً أن «الاتصال بي لا يتوقف منذ إعلان (حركة مجتمع السلم) قرارها بخصوص الانتخابات الرئاسية، وذلك للسؤال عن عدم ترشحي، وبعض التحليلات والتعليقات في الوسائط الاجتماعية، ذهبت بعيداً في شرح الموقف ودوري فيه، بما لا علاقة له بالواقع وبما يتصادم مع مبادئي وأخلاقي وقناعاتي السياسية».

رئيس «حمس» السابق: لديّ القدرة لأصبح رئيساً للجمهورية (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

ويقصد مقري قراءات محللين وصحافيين، نسبت إليه أنه هو من وضع حساني على رأس الحزب في العام الماضي بعد نهاية ولايتيه (10 سنوات). وهي قراءات خاطئة، حسبه. وكان مقرّي كرّس نهج «المغالبة» لكل سياسات السلطة خلال السنوات العشر التي قضاها على رأس «حمس»، والتي غطت 7 السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، ونحو 3 سنوات ونصف من الولاية الأولى للرئيس الحالي عبد المجيد تبون.

وأوضح مقري في منشوره، أنه كان يرغب في أن يصبح رئيساً للجمهورية عن طريق ترشيحه من طرف حزبه، مبرزاً أنه «قادر على قيادة البلد، وبما يحقق تنميته ونهوضه بين الأمم، غير أنني لا أتحكم بالفرصة التي تملكها مؤسسات الحركة وتتحكم فيها السلطات».

عبد الرزاق مقري رئيس «مجتمع السلم» سابقاً (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

وفي كلام مقري إشارة إلى أن القرار الذي انتهى إليه «مجلس الشورى»، وهو أعلى هيئة ما بين مؤتمرين في الحزب، فرضته السلطة عليه. بعكس تماماً ما ذكره عبد العالي حساني، السبت، في خطاب بعد ترشيحه للانتخابات، حينما شدد على أن «قرارنا مستقل وسيادي».

ولفت مقري إلى علمه مبكّراً أن «الحسم (بشأن الترشيحات للانتخابات) داخل الحركة سيكون حسماً تنظيمياً، لا تتاح فيه الفرصة للمنافسة السياسية بين الرجال والأفكار، فلم أترشح ولم أطلب من أحد ولم أتصل بأحد ولم أجتمع بأي كان لدعم ترشحي، رغم الاتصالات الحثيثة من العديد من الأطراف، ومن المواطنين حيثما ذهبت، ولو علمت أن المنافسة مفتوحة داخل الحركة لقبلت الترشح».

تهنئة رئيس «حمس» بترشيحه لانتخابات الرئاسة (إعلام الحزب)

وأضاف: «أؤكد للمواطنين والمناصرين المهتمين بترشحي، أنه ما زالت تهمني قيادة البلد، وما زلت أعتقد أن لديّ الرؤية والقدرة على جعل الجزائر بلداً صاعداً مزدهراً، وأنا متأكد أنه ستتوفر الفرصة في وقت آخر، تكون الظروف فيه أكثر ملاءمة، والمنافسة الديمقراطية على رئاسة الجمهورية حقيقية وممكنة، وأنني سأستمر في الكفاح من أجل توفير هذه الفرصة لصالح الجزائر والجزائريين، مع كثير من الشرفاء في الوطن الفسيح، وفي مختلف المواقع والميادين وفق رؤية حضارية جادة، مستفيداً من التجربة، وأنا واثق تمام الوثوق في تحقيق ذلك بحول الله».

وتهاطلت ردود الفعل على مقري بعد هذا الموقف المثير، وتراوحت بين مؤيد له ومعارض. وبدا من خلال الردود أن أصحابها في أغلبهم أعضاء في «حمس»؛ فهناك من عدّه «الأنسب» ليكون مرشحها للانتخابات، في حين عاب عليه البعض «إنكار الديمقراطية التي ميزت النقاش في (المجلس الشوري)»، وأنه «طعن في استقلالية قرار الحركة التي كانت لك فيها مساهمة معتبرة»، وفق تقدير أحد المعلقين.


مقالات ذات صلة

مناكفات انتخابية فرنسية بظل جزائري

شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي خلال قمة مجموعة السبع بإيطاليا في يونيو الحالي (الرئاسة الجزائرية)

مناكفات انتخابية فرنسية بظل جزائري

بينما تتخوّف الجزائر من مصير ملفات مشتركة مع فرنسا حال تحقيق اليمين المتطرف فوزاً عريضاً تجدّدت مناكفات بين متنافسين فرنسيين على خلفية حرب غزة وجرائم الاستعمار.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)

الجزائر: مرشحون لـ«الرئاسية» يتحدثون عن «عقبات وعراقيل»

«سلطة الانتخابات» مسؤولة، بموجب الدستور، عن «توفير الظروف والشروط القانونية الفعلية لانتخابات رئاسية مفتوحة وشفافة ونزيهة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)

الجزائر ترفض «اتهامات ومآخذ حقوقية» صادرة عن الأمم المتحدة

أكدت الحكومة الجزائرية أن الإجراءات التي اتخذتها «تتوافق مع الشروط السارية على المستوى الدولي، خصوصاً بمجلس الأمن، وحتى على المستوى الإقليمي».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس حزب «صوت الشعب» مع الرئيس تبون (الرئاسة)

الجزائر: رئيس حزب مؤيد لتبون يؤكد «رغبته في ولاية ثانية»

يعد «صوت الشعب» حزباً صغيراً قياساً بوزن الأحزاب التي تملك مقاعد كثيرة في البرلمان على رأسها «جبهة التحرير الوطني» (100 نائب).

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا ترقب مستمر في الجزائر لإعلان الرئيس تبون ترشحه لولاية ثانية (د.ب.أ)

تبون يحصل على دعم جديد في طريقه لولاية رئاسية ثانية

دعا حزبا «التجمع الوطني الديمقراطي» و«جبهة المستقبل» في الجزائر يوم السبت رئيس البلاد عبد المجيد تبون إلى الترشح لعهدة ثانية خلال الانتخابات الرئاسية

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«مذبحة سجن أبو سليم» لا تزال تطارد نظام القذافي

«بانر» يضم عدداً من ضحايا «سجن أبو سليم» (رابطة أسر شهداء سجن أبو سليم)
«بانر» يضم عدداً من ضحايا «سجن أبو سليم» (رابطة أسر شهداء سجن أبو سليم)
TT

«مذبحة سجن أبو سليم» لا تزال تطارد نظام القذافي

«بانر» يضم عدداً من ضحايا «سجن أبو سليم» (رابطة أسر شهداء سجن أبو سليم)
«بانر» يضم عدداً من ضحايا «سجن أبو سليم» (رابطة أسر شهداء سجن أبو سليم)

تُحيي أُسر ضحايا «مذبحة سجن أبو سليم» في العاصمة الليبية طرابلس، هذه الأيام الذكرى الـ28 للواقعة المروعة التي جرت في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، وسط دعوات متجددة إلى «إنصاف» مئات الضحايا، و«الثأر» لهم.

تجمع في ميدان الشهداء بطرابلس لأسر ضحايا «مذبحة سجن أبو سليم» (رابطة أسر شهداء سجن أبو سليم)

وقبل 28 عاماً، اقتحمت مجموعة من «القوات الخاصة» التابعة لنظام القذافي، زنازين «سجن أبو سليم»، بضواحي العاصمة، الذي كان يضم حينها 1269 سجيناً، وفتحت النيران عليهم فأردتهم قتلى، في قضية شهيرة لا تزال متداولة في المحاكم حتى الآن.

وتحتشد أفراد الأسر المكلومة في ميدان الشهداء بوسط طرابلس منذ بداية الأسبوع الحالي، للتذكير بقضية أبنائهم، وحضّ السلطات القضائية على التسريع بمحاكمة الجناة، ملوّحين بالعلم الليبي، ورافعين صور الضحايا وشعارات تطالب «بسرعة العدالة».

وعبّرت رابطة أهالي «شهداء مذبحة سجن أبو سليم» عن غضبها لـ«عدم إنجاز القضية حتى الآن وتحقيق العدالة»، متسائلة: «أما آن لضحايا المذبحة أن يُؤخذ بثأرهم، وأن يُنصفوا أمواتاً، بعد أن ظُلموا وقُهروا أحياءً؟».

وطالبت الرابطة «بكشف خبايا الجريمة وإحقاق الحق ووقوع القصاص، وأن ينال كل من شارك في هذه المذبحة المريعة الآثمة جزاءه العادل».

ونقلت الرابطة عن أسر الضحايا: «أنه لا يعقل بعد مرور 28 عاماً على المذبحة، و13 عاماً على سقوط نظام القذافي، الذي ارتكبت الجريمة في عهده، أن يظلّ القانون عاجزاً عن قول كلمته العادلة الناجزة في هذه المأساة الفادحة، وإبراء ذمته منها ومن تبعاتها».

وفي مطلع مارس (آذار) الماضي، أعادت المحكمة العليا في العاصمة الليبية، قضية «مذبحة سجن أبو سليم» إلى «استئناف طرابلس» ثانيةً للنظر فيها من قبل هيئة قضائية جديدة، لتتواصل «دوامة التقاضي»، في دهاليز وردهات المحاكم.

وقال مصطفى المجذوب، المستشار القانوني للرابطة: «لا نزال نطالب الجهات القانونية بالإسراع في الفصل بالقضية بعد سنوات من المماطلة»، مشدداً على «معرفة الحقيقة الغائبة من 28 سنة».

وطالب المجذوب - في تصريح صحافي «القضاء الوطني بسرعة الفصل في القضية لإنهاء ارتباطات متعلقة بحقوق الميراث لأسر الضحايا»، لافتاً إلى أن أسرهم يعيشون على أمل معرفة ماذا جرى لأبنائهم في السجن منذ عام 1996.

ووفق المجدوب، فإن هناك 86 متهماً في القضية، أبرزهم عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي، إضافة إلى منصور ضو، رئيس الحرس الخاص بالنظام السابق.

جانب من معرض لصور ومتعلقات الضحايا (رابطة أسر شهداء سجن أبو سليم)

ونظمت الرابطة معرضاً في ذكرى المذبحة، ضمّ متعلقات الضحايا التي وصلت إليهم من السجن، إضافة إلى صورهم الشخصية، وسط حالة من الألم والحسرة انعكست في تمسكهم بـ«القصاص» رغم مرور 28 عاماً.

وينظر إلى الجريمة، التي روّعت الليبيين، وشغلتهم منذ ارتكابها في 29 يونيو (حزيران) عام، 1996 على أنها «واحدة من جرائم القتل الجماعي، الكاشفة لما يجري داخل ردهات وزنازين سجون ومعتقلات ليبيا، قديماً وحديثاً، قبل إسقاط نظام القذافي وبعده».

وقال علاء الرقيق، نائب رئيس الرابطة في تصريح صحافي: «في الذكري الثامنة والعشرين للمذبحة، ننتظر الإنصاف في المسار القانوني والقصاص والمحاكمة العادلة من الجناة، وهذه مطالب لن نتنازل عنها».

«بانر» يضم عدداً من ضحايا «سجن أبو سليم» (رابطة أسر شهداء سجن أبو سليم)

واستنكرت الرابطة الإبقاء على «المجرمين في سجون 7 نجوم آمنين متمتعين بحقوق ومزايا لم يكن لسجنائهم الأبرياء في سجن أبو سليم شيئاً منها»، وذلك في إشارة إلى بعض رموز نظام القذافي الموقوفين في «سجن معيتيقة» بطرابلس.

وفي عام 2015، صدر حكم الإعدام بحق السنوسي، المسجون راهناً في طرابلس، في قضية «قتل ثوار 17 فبراير (شباط)». وبعد مداولات عدة قضت محكمة استئناف طرابلس في منتصف ديسمبر (كانون الأول)، 2019 بإسقاط التهمة عن المدانين «لانقضاء مدة الخصومة»، لكن المحكمة العليا بالبلاد نقضت الحكم قبل نحو عام، وأعادت المحاكمة بإسنادها لدائرة جنايات جديدة.

وبعد مداولات كثيرة، قضت محكمة استئناف طرابلس في منتصف يونيو (حزيران) 2022، بعدم اختصاصها بالنظر في قضية «المذبحة»، وأحالت ملفها إلى القضاء العسكري «لعدم الاختصاص الولائي للمحكمة المدنية». ووفق ما أفادت هيئة الدفاع الموكلة من قِبل أسر الضحايا لـ«الشرق الأوسط»، آنذاك، فإن هيئة المحكمة رأت أن «حيثيات القضية في مجملها ذات طابع عسكري، وجرى إحالة ملفها إلى القضاء العسكري للاختصاص والنظر فيها».

غير أن الدائرة الجنائية بالمحكمة العليا بطرابلس، قررت مطلع مارس (آذار) الماضي، إعادة قضية «مذبحة سجن أبو سليم» إلى محكمة استئناف طرابلس، وطالبت بالنظر فيها مجدداً، لتستمر «دوامة التقاضي»، وسط مطالب أسرة الضحايا بـ«القصاص العادل».

السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)

وشُيّد «سجن أبو سليم» في عهد القذافي عام 1984، ليحل محل سجن «الحصان الأسود»، الباقي من فترة الاحتلال الإيطالي. ويقع داخل أسوار معسكر قيادة الشرطة العسكرية في العاصمة، ويتكون من سجنين عسكري ومركزي.