ما الآلية المحتملة لإعادة تشغيل معبر رفح؟

عقب حديث أميركي - مصري عن بحثها

شاحنات تقف عند معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (رويترز)
شاحنات تقف عند معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (رويترز)
TT

ما الآلية المحتملة لإعادة تشغيل معبر رفح؟

شاحنات تقف عند معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (رويترز)
شاحنات تقف عند معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (رويترز)

أثار تأكيد الولايات المتحدة الأميركية ومصر بحثهما «آلية قانونية لتشغيل معبر رفح الفاصل بين الأراضي المصرية وغزة»، تساؤلات حول هذه الآلية وكيفية تنفيذها على الأرض، في ظل التوتر المرتبط بسيطرة إسرائيل على المعبر من الجانب الفلسطيني. في حين تحدث خبراء في الشؤون الدولية والعسكرية والقانونية مع «الشرق الأوسط» عن «سيناريوهات محتملة للآلية القانونية، تشترط جميعها انسحاب إسرائيل من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح».

وأفادت الرئاسة المصرية، مساء الجمعة، بأن الاتصال الهاتفي الذي تلقاه الرئيس عبد الفتاح السيسي من نظيره الأميركي جو بايدن شهد «اتفاقهما على دفع كميات من المساعدات الإنسانية والوقود، لتسليمها إلى الأمم المتحدة في معبر كرم أبو سالم (الإسرائيلي)، وذلك بصورة مؤقتة، لحين التوصل إلى آلية قانونية لإعادة تشغيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني». وجاء الاتفاق في ضوء «الموقف الإنساني الصعب للفلسطينيين في قطاع غزة، وانعدام سبل الحياة بالقطاع، وعدم توافر الوقود اللازم للمستشفيات والمخابز»، بحسب البيان الرئاسي.

كما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، عن مصدر وصفته بـ«رفيع المستوى»، قوله إن «مصر لن تقبل سياسة الأمر الواقع»، مؤكداً أن «معبر رفح مصري - فلسطيني، وإدخال المساعدات عبر (كرم أبو سالم) مؤقت، ومن باب حرص مصر على التخفيف من وطأة نقص المساعدات ولحين عودة معبر رفح للعمل بشكل طبيعي وفق آلية متفق عليها».

معبر رفح من الجانب الفلسطيني (رويترز)

الرئاسة الفلسطينية دعمت الخطوة المصرية. وقالت، في بيان، إنه «على ضوء الاتصالات الرسمية التي جرت مع الأشقاء في مصر، تم الاتفاق على إدخال المساعدات الإغاثية لشعبنا المحاصر في قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم بشكل مؤقت لحين الاتفاق على تشغيل الجانب الفلسطيني الرسمي لمعبر رفح». لكن البيانات المتتالية لم تكشف عن شكل الآلية القانونية المحتملة لإدارة معبر رفح.

ويعد معبر رفح شرياناً اقتصادياً وأمنياً على الحدود بين مصر وقطاع غزة، يُسهل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع وخروج المسافرين والمصابين منه.

وشهدت الفترة الأخيرة سيناريوهات مطروحة لإدارة المعبر؛ منها محادثات أميركية مع منظمة أوروبية لتولي الإدارة، وفق ما نقلته صحيفة «بوليتيكو» الأميركية عن مسؤول بالبيت الأبيض. كما تحدثت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن أن شركة أمن أميركية خاصة ستتولى الإدارة، مقابل «تمسك مصري بإدارة فلسطينية للمعبر».

ورأى الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي أن «الحديث الدائر عن أطراف أوروبية فلسطينية ستدير المعبر، يعكس مؤشرات على عودة لسيناريو 2005، في ظل تفاهمات تُجرى بشأن ذلك»، لكنه قال إن إسرائيل «ستبقى عائقاً لقبول آلية 2005 مع رفضها وجود السلطة الفلسطينية في إدارة معبر رفح»، لافتاً إلى أن «لجوء مصر لمعبر كرم أبو سالم مؤقت ويهدف لإنهاء الأزمة الإنسانية في قطاع غزة».

واتفق الخبير العسكري المصري اللواء نصر سالم، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا بمصر، مع الشوبكي، بشأن احتمالية العودة لآلية 2005 في إدارة معبر رفح. ووصف اتفاق مصر والولايات المتحدة على بحث آلية قانونية لإدارة المعبر بأنه «خطوة جيدة».

لكن سالم قال إن «إسرائيل سوف تتذرع برفض وجود السلطة الفلسطينية بإدارة معبر رفح، وبالتالي الآلية الأسرع لإعادة تشغيل المعبر هي تولي قوات متعددة الجنسيات الإدارة من الجانب الفلسطيني».

وخضع الجانب الفلسطيني من المعبر في 2005 عقب انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة إلى «اتفاقية تسمح بوجود فلسطيني ورقابة أوروبية»، قبل أن تسيطر «حماس» على القطاع في 2007 وينسحب الأوروبيون.

مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا بمصر شدد على أن «القاهرة سوف ترفض رفضاً تاماً بقاء إسرائيل أو جهة محسوبة عليها في الجانب الفلسطيني من المعبر، وبالتالي لا بديل عن الذهاب لحل وسط يرضي القاهرة، ومن غير المستبعد قبول إسرائيل بسيناريو إدارة أميركية للمعبر، من دون قبول بدور مصري – عربي».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المدمرة في خان يونس (إ.ب.أ)

وعاودت إسرائيل، في 7 مايو (أيار) الحالي، السيطرة على معبر رفح وإغلاقه، وحمّلت مصر مسؤولية الإغلاق وعدم تمرير مساعدات. لكن القاهرة رفضت الاعتراف بالسيطرة الإسرائيلية على المعبر، والتنسيق مع تل أبيب بشأنه.

أستاذ القانون الدولي بجامعة القدس الدكتور أمجد شهاب رأى أن الآلية المتوافقة مع القانون الدولي «يجب أن يسبقها انسحاب إسرائيلي، وحال هذا الانسحاب أمامنا سيناريو يتمثل في العودة لاتفاق 2005»، مشدداً على أن «معبر رفح مصري – فلسطيني».

شهاب يعتقد أن السلطة الفلسطينية «قد لا تقبل العودة لذلك الاتفاق (أي 2005) الذي نص على مشاركة أوروبية؛ إلا بعد الانسحاب الإسرائيلي من المعبر، حتى لا يقال إنها جاءت تحت غطاء الاحتلال، ومن جانب آخر قد لا تقبل (حماس) سيناريو استبعادها».

وحول قبول مصر تسليم مساعدات للأمم المتحدة بمعبر كرم أبو سالم بشكل مؤقت، قال أستاذ القانون الدولي إنه «موقف إنساني للإسراع بإنقاذ الفلسطينيين من الكارثة الإنسانية، ومشروط بالسعي لإيجاد آلية قانونية لإدارة معبر رفح».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تعزّز قواتها في الضفة لأغراض «تشغيلية ودفاعية»

المشرق العربي عناصر من الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية 11 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

إسرائيل تعزّز قواتها في الضفة لأغراض «تشغيلية ودفاعية»

دفع الجيش الإسرائيلي 3 كتائب احتياط إلى الضفة الغربية استعداداً لتصعيد إقليمي محتمل، بغرض تعزيز الوجود الأمني في الضفة عشية الأعياد اليهودية الشهر المقبل.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

مصر تشدد على وقف إطلاق النار في غزة ولبنان لتفادي «الحرب المفتوحة»

ندد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي بـ«إمعان إسرائيل في توسيع رقعة الصراع»، مجدداً مطالبة تل أبيب بالانسحاب من معبر رفح و«محور فيلادلفيا».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع بشأن فلسطين في الأمم المتحدة (الجامعة العربية)

هل تُسهم التحركات العربية في الضغط لتنفيذ «حل الدولتين»؟

شهدت فعاليات الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة حالياً في نيويورك، تحركات ومساعي عربية من أجل تنفيذ «حل الدولتين».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي دمار جرّاء الغارات الإسرائيلية على السكسكية بجنوب لبنان (رويترز)

شعبية نتنياهو ترتفع بفضل الحرب ضد «حزب الله»

أظهر استطلاعان للرأي العام في إسرائيل أن حزب «الليكود»، برئاسة بنيامين نتنياهو، سيفوز بـ25 مقعداً في «الكنيست» إذا أُجريت الانتخابات اليوم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عمال فلسطينيون يعبرون من شمال غزة للعمل في إسرائيل (أ.ف.ب)

نقابات ترفع شكوى لمنظمة العمل الدولية بشأن معاملة إسرائيل لعمال فلسطينيين

رفعت عشر نقابات عمالية عالمية شكوى، الجمعة، لمنظمة العمل الدولية تتهم فيها إسرائيل بأن معاملتها للعمال الفلسطينيين منذ بدء حرب غزة تنتهك معاهدة عالمية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

مصر تنوع دعمها للصومال بقافلة طبية وسلع غذائية

القافلة الطبية المصرية للصومال (وزارة الصحة المصرية)
القافلة الطبية المصرية للصومال (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر تنوع دعمها للصومال بقافلة طبية وسلع غذائية

القافلة الطبية المصرية للصومال (وزارة الصحة المصرية)
القافلة الطبية المصرية للصومال (وزارة الصحة المصرية)

عززت مصر من دعمها للصومال بإرسال قافلة طبية موسعة والإعلان عن تعاون مع مقديشو في مجال الأمن الغذائي، وذلك بعد أيام من إعلان القاهرة إرسال مساعدات عسكرية لمقديشو.

وقال خبراء إن تنوع مجالات الدعم المصري للصومال في هذه الفترة، يستهدف «دعم وحدة الصومال». وأشاروا إلى أن «القاهرة توفر احتياجات الشعب الصومالي تلبية لطلب الحكومة في مقديشو».

وتشهد العلاقات المصرية - الصومالية تطوراً في الفترة الحالية. وأعلنت القاهرة دعمها لمقديشو، إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالي في بداية العام الحالي، يسمح لإثيوبيا باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وسط رفض مصري وعربي.

ووقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود، في القاهرة، أغسطس (آب) الماضي، «بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين». وأعلن السيسي وقتها، مشاركة بلاده في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي بالصومال، بداية من يناير (كانون ثاني) 2025.

ودعماً للمنظومة الصحية الصومالية. أعلنت وزارة الصحة المصرية «إرسال قافلة طبية للصومال، تضم فريقاً طبياً متخصصاً في التخصصات النادرة، مدعوماً بالاحتياجات اللازمة لمناظرة المرضى وإجراء الجراحات المتخصصة». وقالت «الصحة» في إفادة، السبت، إن «القافلة الطبية بدأت خدماتها منذ 20 سبتمبر (أيلول) الحالي في مستشفى ديمارتينو العام بمقديشو، في تخصصات الجراحة، والجهاز الهضمي، والأورام، والعظام، وأمراض القلب، والأمراض الباطنية، وأمراض النساء والتوليد، وأمراض الأطفال والتخدير، والحالات الحرجة».

وأوضحت الوزارة أنه تمت «مناظرة 1674 حالة من خلال 7 عيادات خارجية، وتقديم العلاج لهم، بالإضافة إلى إجراء 436 جراحة في التخصصات المختلفة»، وأشارت إلى «تدريب الكوادر الطبية الصومالية في التخصصات المختلفة»، إلى جانب «تقديم خدمات المبادرة الرئاسية في مصر للكشف المبكر عن أمراض السمنة والأنيميا والتقزم».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل نظيره الصومالي في قصر الاتحادية بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

من جانبه، أشاد السفير الصومالي بالقاهرة، علي عبدي أواري، بالدعم المصري للمنظومة الصحية في بلاده. وقال في إفادة، السبت، إن «إرسال القاهرة قافلة طبية يعكس موقفها الثابت بدعم الصومال في شتى المجالات»، مشيراً إلى «أهمية الدور المصري في تدريب الكوادر الطبية الصومالية، ورفع كفاءتها وجاهزيتها»، معرباً عن «تطلعه لإرسال المزيد من القوافل المصرية لبلاده».

وبحث مستشار وزير الصحة المصري للعلاقات الصحية الخارجية، محمد جاد (رئيس القافلة الطبية للصومال)، مع وزيرة الصحة الصومالية، مريم محمد، «مقترح إنشاء مركز طبي مصري بالصومال، في التخصصات المطلوبة والنادرة، وإنشاء صيدلية مصرية لتقديم الدواء المصري، إلى السوق الصومالية والدول المجاورة، ووضع آلية مشتركة لاستقدام المرضى الصوماليين للعلاج داخل المستشفيات المصرية»، حسب «الصحة المصرية».

يأتي هذا وسط تحركات مصرية لدعم الصومال في مختلف المجالات، وبحث وزير التموين المصري، شريف فاروق، مع السفير الصومالي في القاهرة، «تطوير التعاون بين البلدين في مجال تحقيق الأمن الغذائي والتبادل السلعي والتجاري»، حسب إفادة للسفير الصومالي، الأسبوع الماضي.

وكانت وزارة الخارجية المصرية قد أعلنت الأسبوع الماضي «تقديم شحنة من المساعدات العسكرية للجيش الصومالي، بهدف دعم وبناء قدراته». وقالت إنها «تأتي لمواصلة الدور المصري المحوري لدعم الجهود الصومالية لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية».

ويرى الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، السفير أحمد حجاج، أن تنوع الدعم المصري للصومال يستهدف «دعم مقديشو لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية»، مشيراً إلى أن «القاهرة تقدم مساعدات عسكرية، ومنحاً دراسية مجانية، وبرامج تدريبية للكوادر الصومالية، لتعزيز قدراتها، ودعم وحدتها الكاملة». وأوضح حجاج لـ«الشرق الأوسط» أن المساعدات الطبية والغذائية المقدمة من مصر للصومال تأتي «تلبية لمطالب الحكومة الصومالية، ومشاركة من القاهرة في توفير المتطلبات السياسية والعسكرية والتعليمية والغذائية، التي يحتاج إليها الشعب الصومالي»، مشيراً إلى أن «الدعم المصري ليس بجديد، حيث سبق أن ساعدت القاهرة الصومال بعد الاستقلال ببعثات تعليمية وعسكرية». وقال إن «الدعم الحالي يستند إلى ميثاق التعاون العربي والأفريقي المشترك، لكون الصومال عضواً بالجامعة العربية والاتحاد الأفريقي».

وزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور يشهد عملية تفريغ شحنة مساعدات عسكرية مصرية (مديرة مكتب رئيس الوزراء الصومالي على «إكس»)

وبحث رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، مع نظيره الصومالي حمزة عبدي بري، في القاهرة، نهاية أغسطس (آب) الماضي، «إجراءات تنويع وزيادة الدعم المصري للصومال، في مختلف المجالات، خصوصاً الاقتصادية والتجارية والاستثمارية». وأشار إلى «عمل بلاده على تسهيل التمويلات للأعمال التجارية والاستثمارية، وتشجيع إقامة استثمارات مصرية جديدة في الصومال»، حسب «مجلس الوزراء المصري».

وأكد حجاج أن «التحركات المصرية ليست موجهة لأحد وليست رداً على التحركات الإثيوبية داخل الصومال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تستهدف وحدة وسيادة الصومال على كامل أراضيه».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، أشار خلال لقائه المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي، مايك هامر، ومساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، مولي في، في واشنطن الأسبوع الماضي، إلى «حرص بلاده على وحدة الصومال، من خلال دعم مؤسساته المركزية، ومساندة جهود الحكومة الصومالية لتحقيق الأمن ومكافحة الإرهاب وإنفاذ سيادة الدولة على إقليمها»، مؤكداً أن «الدعم المصري يأتي وفقاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، وميثاق جامعة الدول العربية».