«هيومن رايتس ووتش» تطالب بتحقيق «فوري ومحايد» في مقتل ناشط ليبي

وسط مطالب بالكشف عن مصير النائب إبراهيم الدرسي المخطوف ببنغازي

الناشط السياسي الليبي الراحل سراج دغمان (حسابات موثوق بها على مواقع التواصل الاجتماعي)
الناشط السياسي الليبي الراحل سراج دغمان (حسابات موثوق بها على مواقع التواصل الاجتماعي)
TT

«هيومن رايتس ووتش» تطالب بتحقيق «فوري ومحايد» في مقتل ناشط ليبي

الناشط السياسي الليبي الراحل سراج دغمان (حسابات موثوق بها على مواقع التواصل الاجتماعي)
الناشط السياسي الليبي الراحل سراج دغمان (حسابات موثوق بها على مواقع التواصل الاجتماعي)

دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» سلطات شرق ليبيا والنائب العام الصديق الصور إلى إجراء تحقيق «فوري ومحايد» في وفاة الناشط السياسي سراج دغمان (35 عاماً).

وأُعْلِنَ عن وفاة دغمان، الذي كان يعمل مديراً لـ«مركز أبحاث ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية»، فرع بنغازي، منتصف أبريل (نيسان) الماضي بأحد المقار الأمنية بشرق ليبيا، وسط موجة غضب واسعة في جميع أنحاء البلاد.

وقالت «هيومن رايتس ووتش» في بيان، الجمعة، إنه ينبغي للسلطات الليبية إجراء تحقيق «فوري ومحايد» في وفاة دغمان داخل «الإدارة العامة للأمن الداخلي - فرع بنغازي»، مشيرة إلى ضرورة «محاسبة المسؤولين عن أي أعمال غير قانونية».

ورأت حنان صلاح، المديرة المساعدة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش»، أن ما سمته «السجل المعيب» لسلطات شرق ليبيا فيما يتعلق بظروف «الاحتجاز المؤسفة، والافتقار إلى الإجراءات القانونية الواجبة» يثير تساؤلات جدية حيال ظروف وفاة دغمان، داعية سلطات شرق ليبيا والنائب العام في طرابلس إلى «التحقيق في وفاته بشكل عاجل».

واعتقل جهاز الأمن الداخلي بشرق ليبيا دغمان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع 4 نشطاء آخرين، وأُعلن عن وفاته في ظروف يراها مقرّبون منه «غامضة وغير طبيعية».

وتعددت الروايات الرسمية وغير الرسمية حول وفاة دغمان. وقال جهاز الأمن الداخلي في بنغازي في بيان إن دغمان «توفي إثر سقوطه على رأسه أثناء تسلقه على مواسير الصرف الصحي في محاولة للهروب من نافذة دورة مياه».

حفتر مجتمعاً في لقاء سابق بقيادات أمنية بشرق ليبيا لبحث مصير الدرسي (القيادة العامة)

وقالت المنظمة الدولية إن جهاز الأمن الداخلي اعتقل دغمان إلى جانب فتحي البعجة، الأستاذ الجامعي والعضو السابق في «المجلس الوطني الانتقالي» في 2011، والسياسي طارق البشاري، واتهمهم بالتخطيط لـ«إسقاط الجيش». كما اعتقل في التوقيت نفسه الصحافي والدبلوماسي السابق ناصر الدعيسي، والناشط السياسي سالم العريبي، واحتجزهما على ذمة القضية نفسها، لكن منذ اعتقالهما لم توجه السلطات الليبية إلى أي منهم اتهامات بارتكاب جريمة معترف بها.

وسبق للبعثة الأممية أن حثت في 21 من أبريل السلطات على إجراء «تحقيق شفاف ومستقل في الظروف المحيطة بوفاة دغمان، وذكّرت بأنه «اعتُقل واحتُجز تعسفياً» منذ مطلع أكتوبر 2023، بمعية كل من فتحي البعجة وطارق البشاري، ودعت إلى «الإفراج الفوري وغير المشروط عنهما».

واعتقل الأمن الداخلي دغمان والبعجة والبشاري مطلع أكتوبر الماضي بعد مشاركتهم في مناقشات خلال ندوة حول تداعيات انهيار سد درنة، على إثر فيضانات كارثية أودت بحياة الآلاف.

كان دغمان يرأس فرع بنغازي لـ«مركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية»، وهو مركز أبحاث ليبي والجهة المنظمة للندوة. وقال المركز في بيان له إن الاجتماع كان يهدف إلى مناقشة الوضع العام في ليبيا في أعقاب فيضانات شرق ليبيا.

يشار إلى أن البعجة هو رئيس المكتب السياسي لحزب «ليبيا للجميع»، بينما يشغل الدعيسي منصب عضو المكتب السياسي، والبشاري أمين عام الحزب.

وأدت الفيضانات الكارثية التي شهدتها مدن شرق ليبيا في سبتمبر (أيلول) 2023، والتي أثرت بشكل رئيسي في مدينة درنة الساحلية، إلى مقتل قرابة 4352 شخصاً، وتركت 8 آلاف آخرين في عداد المفقودين.

وقالت صلاح: «أمام جهاز الأمن الداخلي في بنغازي أسئلة كثيرة عليه الإجابة عنها فيما يتصل بوفاة دغمان أثناء احتجازه. وينبغي للسلطات الإفراج فوراً عن جميع المحتجزين تعسفياً على خلفية هذه القضية».

وكانت السفارة الأميركية لدى ليبيا قد دعت إلى إجراء تحقيق «شفاف ومستقل» في وفاة دغمان، مؤكدة «ضرورة اتباع الإجراءات القانونية الواجبة في جميع أنحاء ليبيا»، وحضّت على «الإفراج السريع عن جميع المحتجزين تعسفياً».

النائب الليبي المخطوف إبراهيم الدرسي (صفحته على فيسبوك)

في شأن ذي صلة، لا يزال مصير عضو مجلس النواب الليبي إبراهيم الدرسي، الذي خُطف من منزله بمدينة بنغازي مساء 16 من مايو (أيار) الحالي، غامضاً، وذلك بعد حضوره الاحتفال بذكرى «عملية الكرامة» التي نظمها «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر.

وبينما لم تنته بعد التحقيقات التي تجريها سلطات شرق ليبيا في خطف الدرسي، طالب نواب برلمانيون بعقد جلسة طارئة لمجلسهم لمناقشة مصير زميلهم.

وكان الباحث الليبي في مجال حقوق الإنسان، محمود الطوير، قد صرح لـ«الشرق الأوسط» بأن خطف الدرسي «جريمة إخفاء قسري»، وعدّ إدانة المؤسسات الأمنية والعسكرية في شرق ليبيا لعملية خطفه بأنها محاولة «لذر الرماد في العيون»، بالنظر إلى تكرار مثل هذه الجرائم التي تطول نشطاء كثيرين.


مقالات ذات صلة

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

شمال افريقيا صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

يرى ليبيون من أسر ضحايا «المقابر الجماعية» في مدينة ترهونة غرب البلاد أن «الإفلات من العقاب يشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»

شمال افريقيا السايح خلال إعلان نتائج الانتخابات في 58 بلدية ليبية (مفوضية الانتخابات)

«مفوضية الانتخابات» الليبية: نسب التصويت كانت الأعلى في تاريخ «البلديات»

قال عماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات إن نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية للمجموعة الأولى التي تجاوزت 77.2 % هي الأعلى بتاريخ المحليات

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

تحدّث عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عن 4 أطراف قال إنها هي «أسباب المشكلة في ليبيا»، وتريد العودة للحكم بالبلاد.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

حسمت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا الجدلَ حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

تتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير».

جاكلين زاهر (القاهرة)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
TT

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)
نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

قال رئيس منظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، إن كثيراً من النساء وأطفالهن يعانون من صدمات نفسية سيئة جراء الحرب الدائرة في السودان، مشيراً إلى أن بعض الأطفال الذين لا تتعدى أعمارهم بضعة أشهر تعرضوا لإصابات بالذخيرة الحية في مناطق الرأس والصدر.

وأضاف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أننا إزاء أسوأ أزمة إنسانية شهدتها المنظمة على الإطلاق... آلاف الأسر تفرقت، خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً، أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم، ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية، يبدو هذا الأمر مستحيلاً في بعض أجزاء البلد.

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم زمزم للنازحين (أ.ف.ب)

ورأى أن «الحرب تعد مشكلة حقيقية للنساء والأطفال تحديداً... أجرينا في أحد المستشفيات العاملة بالعاصمة الخرطوم فحوصات لنحو 4200 امرأة وطفل، ووجدنا أن ثلثهم يعاني من سوء التغذية الحاد، وهذا القياس يدل على أن كل الذين أجريت لهم فحوصات، يعانون من سوء التغذية المتوسط والحاد بدرجات متفاوتة».

وأوضح أن «واحداً من كل 6 جرحى يعالجون في المستشفى ذاته، يعاني من أمراض مصاحبة... لدينا أطفال لا تتعدى أعمارهم شهوراً تعرضوا لإصابات بالرصاص في الرأس أو الصدر، وللأسف في بعض الأحيان لا تتوفر المواد الطبية اللازمة لعلاجهم، في ظل حالة الحصار على المستشفى، ومنع وصول المعونات الطبية إليه».

الوضع في دارفور

وكشف الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، عن ارتفاع نسبة حالات الإصابة بسوء التغذية وسط النساء الحوامل والمرضعات والأطفال الرضع في إقليم دارفور (غرب البلاد)، «وهو ما يتسبب في الوفيات لأسباب بسيطة يمكن علاجها لو توفرت الإمدادات الطبية».

امرأة وطفلها في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور بالسودان (أرشيفية - رويترز)

وقال إن «نسبة انتشار أمراض سوء التغذية وفقر الدم أعلى بكثير من قدرة فرقنا على علاجها».

وأضاف كريستو: «في أغسطس (آب) الماضي، أجرينا فحوصات لنحو 30 ألف طفل في عمر سنتين وأقل، حيث أثبتت أن ثلث هذا العدد يعاني من سوء تغذية حاد».

وكشف تقرير سابق لمنظمة «أطباء بلا حدود» في فبراير (شباط) الماضي عن وفاة طفل كل ساعتين في «مخيم زمزم» للنازحين في ولاية شمال دارفور.

ووفقاً للمنظمة، فإن الصراع في إقليم دارفور «أخذ طابعاً عرقياً، وعلى وجه الخصوص أحداث العنف التي جرت في ولاية غرب دارفور، وأدت إلى مقتل الآلاف ولجوء أكثر من 500 ألف شخص إلى تشاد».

وتجاوزت نسبة وفيات الأمهات في جنوب دارفور منذ مطلع العام الحالي التي سجلتها مرافق «أطباء بلا حدود»، 7 في المائة، وبينت الفحوصات التي أُجريت لرصد سوء التغذية بين الأطفال، معدلات هائلة تتجاوز عتبات الطوارئ.

وحض كريستو المجتمع الدولي «على بذل مزيد من الجهود للضغط على الأطراف المتحاربة للسماح بمرور المساعدات الإنسانية العاجلة؛ لتوفير الغذاء والدواء للآلاف من المدنيين في السودان».

وعالجت فرق «أطباء بلا حدود» أكثر من 4214 إصابة ناجمة عن العنف، بما في ذلك الأعيرة النارية وانفجارات القنابل، وشكلت نسبة الأطفال دون سن الخامسة عشرة، 16 في المائة منهم.