المتحدث باسم «يونيسيف» في السودان لـ«الشرق الأوسط»: سوء الأوضاع الإنسانية يهدد حياة ملايين الأطفال

حذر من الوفيات بسبب الجوع وتفشي الوبائيات

مئات الآلاف من أطفال السودان باتوا من النازحين (اليونيسيف)
مئات الآلاف من أطفال السودان باتوا من النازحين (اليونيسيف)
TT

المتحدث باسم «يونيسيف» في السودان لـ«الشرق الأوسط»: سوء الأوضاع الإنسانية يهدد حياة ملايين الأطفال

مئات الآلاف من أطفال السودان باتوا من النازحين (اليونيسيف)
مئات الآلاف من أطفال السودان باتوا من النازحين (اليونيسيف)

قال الناطق باسم منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) في السودان عثمان شيبة، إن وصول المساعدات الإنسانية إلى دارفور والخرطوم وكردفان، لا يزال يواجه عوائق كثيرة، وإن منظمته بحاجة عاجلة إلى 240 مليون دولار، للوقاية من المجاعة في الأشهر الستة المقبلة، والوصول إلى ثلاثة ملايين ونصف المليون طفل دون سن الخامسة يقيمون في أكثر المناطق هشاشة في السودان.

وأكد شيبة، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، أن العوائق البيروقراطية، وانقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية والنهب ومنع الوصول إلى السكان المتضررين، بالإضافة إلى عدم وجود حركة آمنة ومستدامة للإمدادات الإنسانية والمساعدات الإنسانية، عبر الخطوط الأمامية والحدود، كل ذلك، يعيق بشدة ضمان حصول الأطفال على الخدمات والإمدادات الإنسانية المنقذة للحياة التي يحتاجون إليها.

الناطق باسم «اليونيسيف» في السودان عثمان شيبة (الشرق الأوسط)

وأوضح شيبة أن المنظمات الإنسانية بحاجة ماسة إلى تبسيط المتطلبات الإدارية، بما في ذلك عمليات التفتيش والتخليص لتسهيل العمليات عبر الخطوط ووصول المساعدات الإنسانية عبر جميع نقاط العبور، خاصة من تشاد وجنوب السودان، بما يتماشى مع الالتزامات والتعهدات الدولية التي تم التعهد بها في جدة.

وقال: «الانقطاع المستمر للاتصالات يعيق قدرة الجهات الإنسانية في الاستجابة على نطاق واسع، ويقيد وصول الأسر إلى الخدمات الأساسية»، وأضاف: «أدى انقطاع شبه كامل للاتصالات في السودان، بعد إغلاق الشبكة بالكامل والإنترنت في أوائل فبراير (شباط) الماضي، إلى تقييد قدرة ملايين المواطنين على التواصل مع عائلاتهم، وتلقي التحويلات المالية والتحويلات من الخارج، والحصول على المساعدات المنقذة للحياة».

وأكد على الحاجة لموارد إضافية لمعالجة الأثر الإقليمي للأزمة، وقال: «إذا لم تتوفر المساعدات فإن الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل، في البلدان المضيفة قد يخلق توترات بين المجتمعات المحلية، ويؤدي إلى تفاقم آثار النزاع خارج حدود السودان».

صبي يحمل طفلاً وهو يقف بجانب أطفال آخرين يجلسون خارج خيمة في مخيم للنازحين في ولاية القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

ووفقا للمتحدث باسم «اليونيسيف»، فإن الوضع الغذائي في السودان كان متدهورا قبل اندلاع الصراع قبل أكثر من عام، ومنذ ذلك الحين ازدادت الظروف الإنسانية سوءا، ما أدى لنزوح جماعي للسكان، وتعطل الوصول إلى الخدمات الأساسية، وتفشي الأمراض، وتدهور الأمن الغذائي، ويشكل كل من هذه الحالات، تهديدا كبيرا لحياة ملايين الأطفال دون سن 5 سنوات، فضلا عن النساء والفتيات الحوامل والمرضعات، وهن الأكثر عرضة للهزال (سوء التغذية الحاد).

وذكر أن توقعات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في ديسمبر (كانون الأول) 2023 أشارت إلى أن 17.7 مليون شخص واجهوا المرحلة الثالثة من انعدام الأمن الغذائي الحاد أو أعلى «الأزمات والطوارئ والكوارث والمجاعة» في الفترة بين أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وفبراير 2024.

وقال: «يعاني حالياً نحو 3.6 مليون طفل من سوء التغذية الحاد ويشمل ذلك ما يزيد على 730 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم، وهو أكثر أشكال سوء التغذية تهديدا للحياة ويتطلب التدخل الطبي العاجل».

وتوقع شيبة تدهور الأوضاع أكثر، وقال: «إن شبكة نظم الإنذار المبكر بالمجاعة أفادت بأن الأسر ستواجه نتائج الكوارث، في المناطق الأكثر تضررا من النزاع، بما في ذلك أجزاء من الخرطوم، وغرب دارفور، وبين السكان النازحين في المناطق التي يصعب الوصول إليها في دارفور الكبرى، والسكان النازحين في الفاشر وحولها».

صناديق تحتوي على مساعدات مخزَّنة في مستودع تديره مفوضية العون الإنساني السودانية (رويترز)

وأوضح أن منظمته «اتخذت جميع التدابير الممكنة لضمان حصول الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد في جميع أنحاء السودان، وفي مناطق النزاع، على إمدادات التغذية العلاجية المنقذة للحياة، وأنه منذ يناير (كانون الثاني) 2023 أخضعت اليونيسيف وشركاؤها 6.8 مليون طفل لفحص سوء التغذية، وتلقى 370 ألف طفل العلاج المنقذ للحياة».

وكشف شيبة عن تحديات تواجه عمليات توزيع اللقاحات والرعاية الصحية الأساسية في السودان، بقوله: «تعد القيود المفروضة على الوصول، وانعدام الأمن من العقبات الرئيسية التي تعوق حركة اللقاحات، إضافة إلى أن النظام الصحي على حافة الانهيار، ولا يحصل العاملون في الخطوط الأمامية على رواتبهم منذ أشهر، واستنفدت الإمدادات ولا تزال البنية التحتية الممثلة في المستشفيات والعاملين في النظام الصحي، تتعرض للهجوم بشكل مستمر، بما في ذلك سلاسل التبريد».

وشدد المتحدث باسم «اليونيسيف» في السودان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، على أولوية منع وقوع خسائر كارثية محتملة في الأرواح، وهو أمر يستلزم، بحسب قوله، «توفير المساعدة المنقذة للحياة للأطفال والأسر، ومنع إصابة المزيد من الأطفال والنساء بأمراض خطيرة ناتجة عن سوء التغذية، وبناء حزمة متكاملة من دعم الاتصالات، وفي مجالات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية والتغذية والصحة والدعم النفسي والاجتماعي وتغيير السلوك»، وأضاف: «منذ يناير 2023، وصلت اليونيسيف وشركاؤها إلى أكثر من 10 ملايين طفل وأسرة بمياه الشرب المأمونة».

صفوف للحصول على الطعام في أم درمان حيث يسيطر الجيش السوداني (رويترز)

وحذر من استشراء الأمراض الوبائية بين الأطفال بالقول: «منذ بداية الحرب، قامت اليونيسيف بتوزيع الإمدادات الصحية الطارئة للوصول إلى 7.3 مليون شخص، منهم ما لا يقل عن 3.2 مليون طفل وأسرهم حصلوا على الخدمات الصحية المنقذة للحياة على مستوى الرعاية الصحية الأولية، خلال شهر مارس (آذار)، وتمكنت اليونيسيف من الوصول إلى 202000 من الأمهات والأطفال الضعفاء في مناطق النزاع وتزويدهم بالإمدادات الصحية، لكن الصعوبات التي تواجه العمل، تشكل تحديات جدية لإيصال المساعدات اللازمة».

وأشار شيبة إلى إعلان السلطات الصحية الحكومية في السودان، عن عدد كبير من حالات الحصبة وحمى الضنك والملاريا المشتبه فيها، لا سيما في المناطق التي تضم أعدادا كبيرة من النازحين، وإلى النظم الصحية المنهكة في عدد من المناطق مثل ولاية النيل الأبيض، وقال: «نشهد تفشي الأمراض بما في ذلك الحصبة، مع الإبلاغ عن الوفيات المرتبطة بها، لا سيما في مواقع النزوح شديدة الازدحام وغير الصحية». وحذر من اقتراب تفشي وباء الكوليرا من نهايته، مشيرا إلى العدد التراكمي للحالات المستمر في الزيادة، وقال: «بلغ حتى 31 مارس أكثر من 11000 حالة إصابة بالكوليرا، مقارنة بـ 10841 حالة حتى 29 فبراير الماضي».

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.