الجيش السوداني و«الشعبية» يتبادلان الاتهامات بفشل مفاوضات جوبا

بعد تعليق جنوب السودان وساطتها

نائب قائد الجيش السوداني شمس الكباشي (يمين) وقائد «الحركة الشعبية» عبد العزيز الحلو (يسار) ويتوسطهما مستشار رئيس جنوب السودان (سونا)
نائب قائد الجيش السوداني شمس الكباشي (يمين) وقائد «الحركة الشعبية» عبد العزيز الحلو (يسار) ويتوسطهما مستشار رئيس جنوب السودان (سونا)
TT

الجيش السوداني و«الشعبية» يتبادلان الاتهامات بفشل مفاوضات جوبا

نائب قائد الجيش السوداني شمس الكباشي (يمين) وقائد «الحركة الشعبية» عبد العزيز الحلو (يسار) ويتوسطهما مستشار رئيس جنوب السودان (سونا)
نائب قائد الجيش السوداني شمس الكباشي (يمين) وقائد «الحركة الشعبية» عبد العزيز الحلو (يسار) ويتوسطهما مستشار رئيس جنوب السودان (سونا)

بعدما علّقت جنوب السودان وساطتها بشأن المفاوضات «الإنسانية» بين الجيش و«الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال»، أشعل الطرفان حرب بيانات وحملة اتهامات حمّل من خلالها كل منهما الآخر المسؤولية عن فشل المفاوضات، التي كان من المأمول أن تنتهي بوقف إطلاق نار إنساني وإيصال المساعدات الإنسانية لعدد من المناطق المتأثرة بالحرب.

وعقب عودته من جوبا أطلق وزير الدفاع ياسين إبراهيم اتهامات ضد «الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال بقيادة عبد العزيز الحلو»، بأنها أصرت على مشاركة «قوات الدعم السريع» في المفاوضات الرامية لإيصال المساعدات الإنسانية في ولايات «جنوب كردفان، إقليم النيل الأزرق، عرب كردفان».

من جهتها، قالت «الحركة الشعبية» في بيان، الثلاثاء، إن «الطرفين اتفقا على عدم الذهاب إلى الإعلام للحيلولة دون تعقيد الأمور وتسميم الأجواء، بيد أن وفد (حكومة بورتسودان)، (يقصد الحكومة التابعة لمجلس السيادة)، عقد مؤتمراً صحافياً، أطلق فيه عدة أكاذيب وروايات لم تحدث في جولة التفاوض، ما استدعى توضيحها وتفنيدها».

واستخدم بيان الشعبية تعبير «حكومة بورتسودان» لوصف وفد التفاوض الذي سخرت من وفده العسكري المكون من وزير الدفاع وضباط مخابرات عامة، وألمحت إلى أنه يبدو من تكوينه «ليس مهموماً بالمساعدات الإنسانية»، وأضافت: «الجواب بكفيك عنوانه».

وقال بيان الشعبية إن الوفد الحكومي «طلب الاتفاق على جسر جوي لإيصال ما يعتقد أنها مساعدات لرئاسة فرقه العسكرية (14 كادوقلي، 22 بابنوسة، 10 أبوجبيهة) المحاصرة من قبل قوات الدعم السريع».

وتابع: «هذا ما سمته حكومة بورتسودان في مقترحها الممرات الجوية»، واتخاذ تدابير أمنية وتكوين لجان فنية عسكرية لإدارة القوات المشتركة التي ستقوم بحماية مطارات المدن المذكورة.

وأوضحت الشعبية أنها بالمقابل «اقترحت إيصال المساعدات الإنسانية دون اتفاق مبرم والاكتفاء بتأمين كل طرف لقوافل المساعدات فيما يليه، أو توقيع كل طرف اتفاقاً منفرداً مع وكالات الأمم المتحدة بإشراف ووساطة جنوب السودان، أو ضم الأطراف كافة لتوقيع إعلان وقف عدائيات لإيصال المساعدات الإنسانية لكل المحتاجين»، لكن الحركة قالت إن وفد الحكومة التابعة لمجلس السيادة رفض مقترحاتها.

وتساءلت الحركة: «لماذا يرفض وفد حكومة بورتسودان كل هذه المقترحات العملية، وماذا يريد؟... وسخرت مما سمته الاهتمام المفاجئ بمناطق بعينها». ملمحة إلى أن «غرض الجيش ليس المساعدات الإنسانية وحدها»، بقولها: «حكومات المركز كلها، استخدمت الغذاء سلاحاً في مواجهة المدنيين».

وأكدت الحركة تمسكها بـ«إيصال المساعدات الإنسانية» لكل مناطق السودان «دون تحيز جغرافي أو إثني، وفي توقيت واحد وبواسطة وكالات الأمم المتحدة وفقاً للقانون الدولي الإنساني». ودعت الأطراف المتحاربة لتوقيع «اتفاق وقف عدائيات فوراً»، من أجل تسهيل مهام وكالات الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية ولضمان حركة التنقل والحركة لكل السودانيين، وهو ما يستلزم مشاركة «قوات الدعم السريع» في الاتفاق لأنها تسيطر على مساحات واسعة من البلاد.

وفي مؤتمره الصحافي الذي عقده ببورتسودان، الاثنين، قال رئيس وفد التفاوض من جانب الحكومة، وزير الدفاع السوداني ياسين إبراهيم، إن الحركة الشعبية «أصرت على مشاركة قوات الدعم السريع» في مفاوضات إيصال المساعدات للمتأثرين بالحرب في ولايات «جنوب كردفان، إقليم النيل الأزرق، غرب كردفان».

واتهم إبراهيم «الحركة الشعبية» بما أطلق عليه «التماهي مع الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها الميليشيا الإرهابية (يقصد الدعم السريع)، في حق الشعب السوداني»، مبدياً أسف حكومته على «تعنت الحركة الشعبية ورفضها التوقيع على وثيقة المساعدات الإنسانية، وانهيار جولة التفاوض الناتج عن عدم التزام وفد الحركة بموجهات لجنة الوساطة»، وفق قوله.

وزير الدفاع السوداني ياسين إبراهيم خلال مؤتمر صحافي (إكس)

وبينما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي أوراق الطرفين المتفاوضين، فإن وزير الدفاع نفى تقديم الحركة لأي «مسودة اتفاق»، وأنها اكتفت بـ«رد إنشائي» لم يتضمن القضايا الجوهرية، وتابع: «العمل الإنساني يجب أن يُعنى فقط بحياة الإنسان بعيداً عن أي أهداف أخرى سياسية أو أمنية».

وفي آخر تقاريره، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» إن أكثر من 8.8 مليون سوداني نزحوا من منازلهم، جراء الحرب، وإنهم بحاجة للحصول على الغذاء، والخدمات الصحية والمياه والصرف الصحي؛ خصوصاً في إقليمي دارفور وكردفان، ومن بينهم مليونان لجأوا إلى دول الجوار.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السوداني: لا بديل لـ«منبر جدة»

شمال افريقيا وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

وزير الخارجية السوداني: لا بديل لـ«منبر جدة»

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إنَّ حكومته أكَّدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، الذي زار البلاد السبت، تمسكها بـ«منبر جدة» لحل الأزمة.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا اندلع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش في أبريل 2023 (أرشيفية - رويترز)

«الدعم السريع» تستعيد السيطرة على قاعدة رئيسية في دارفور

قالت «قوات الدعم السريع» السودانية إنها استعادت السيطرة على قاعدة لوجيستية رئيسية في شمال دارفور، اليوم (الأحد).

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
خاص وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

خاص وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إن حكومته أكدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، تمسكها بمفاوضات «منبر جدة» لحل الأزمة السودانية.

وجدان طلحة (بورتسودان) محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

تشهد مدينة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال بوصل المبعوث الأممي، رمطان لعمامرة، ومباحثات خاطفة أجراها نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، طرفي النزاع في السودان إلى «إلقاء السلاح» بعد عام ونصف العام من الحرب التي تعصف بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
TT

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

عمّت حالة من التوتر بني وليد (شمال غربي ليبيا) إثر منع الأجهزة الأمنية فعالية سياسية تدعو لطرد «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية من البلاد، وأعقب ذلك القبض على قيادات قبائلية ونشطاء، ما أدى إلى تسخين الأجواء بالمدينة التي أمضت ليلتها في حالة انتفاضة.

وكان مقرراً أن تستضيف بني وليد، التي لا تزال تدين بالولاء لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، المشاركين في حراك «لا للتدخل الأجنبي» مساء السبت، قبل أن تدهم قوات الأمن الاجتماع المخصص لذلك، وتقتاد بعض قياداته إلى مقار أمنية، ما تسبب في تصعيد حالة الغضب.

ومع الساعات الأولى من ليل السبت، احتشد مئات المتظاهرين، وخاصة أهالي قبيلة ورفلة، وبعضهم موالٍ أيضاً لسيف الإسلام نجل القذافي، أمام ديوان مديرية أمن بني وليد، في ما يشبه انتفاضة، منددين باعتقال بعض قيادات الحراك، ومرددين الهتاف الشهير: «الله ومعمر وليبيا وبس»، لكنهم أيضاً هتفوا ضد عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

ونجح المتظاهرون في الضغط على السلطات في بني وليد لاستعادة المحتجزين، لكنهم ظلوا يصعّدون هتافاتهم ضد الدبيبة وحكومته.

وعبّرت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» بليبيا عن «قلقها البالغ» لعملية «الاحتجاز التعسفي لعدد من المواطنين المجتمعين في مدينة بني وليد، المطالبين بإخراج القوات والقواعد الأجنبية الموجودة على الأراضي الليبية»، مشيرة إلى أن مواطنين طاعنين في السنّ كانوا من بين المعتقلين.

وقالت المؤسسة، في بيان، الأحد، إن «أفراد الأمن التابعين للمديرية التابعة لوزارة الداخلية بحكومة (الوحدة) أطلقوا الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين من أمام مقر المديرية».

وأضرم غاضبون من شباب بني وليد النار في الكاوتشوك اعتراضاً على اعتقال 4 مشايخ من قبيلة ورفلة بالمدينة، كما أغلقوا بعض الطرقات، بعد مظاهرة حاشدة في ميدان الجزائر بالمدينة.

ودافعت مديرية أمن بني وليد عن نفسها، وقالت إنها تشدد على منتسبيها «الالتزام بتنفيذ التعليمات واللوائح التي تمنعهم من التدخل في أي عمل سياسي، وتلزمهم بحماية أي تعبير سلمي للمواطنين»، لكنها «لا تتحمل مسؤولية تأمين أنشطة اجتماعية أو سياسية لا تملك بخصوصها أي بيانات أو موافقات رسمية تسمح بها».

وأبدت مديرية الأمن تخوفها من «اختراق أي تجمع لسكان المدينة، عبر أي مشبوهين، لغرض توريط بني وليد في الفوضى خدمة لمصالح شخصية»، وانتهت إلى «التذكير بأن الثوابت الوطنية المرتبطة بوحدة ليبيا، وحماية سيادتها ومواطنيها، هي مسؤولية دائمة بالنسبة لها، وليست موضع تشكيك أو تخوين».

وتصعّد قبائل موالية لنظام القذافي منذ أشهر عدّة ضد وجود «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية في البلاد، مطالبة بإخراجهم، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية «في أسرع وقت».

وسبق للعميد العجمي العتيري، آمر كتيبة «أبو بكر الصديق»، التي اعتقلت سيف الإسلام القذافي، أن أعلن أن الاجتماع التحضيري للقبائل، الذي عملت عليه قبيلة المشاشية تحت عنوان «ملتقى لمّ الشمل»، اتفق على اختيار اللجنة التنسيقية للملتقى العام، مجدداً المطالبة بإخراج القواعد الأجنبية من ليبيا وطرد «المرتزقة».

ورأت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» أن التظاهر السلمي بالعديد من المدن والمناطق الليبية يُعد «تعبيراً طبيعياً عن التذمّر والاستياء من الوجود الأجنبي للقوات والقواعد الأجنبية والمرتزقة في عموم ليبيا»، محملة وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» ومدير أمن بني وليد «المسؤولية القانونية الكاملة حيال ما قام به أفراد الأمن بالمديرية من قمع للمواطنين المتظاهرين السلميين، واعتقال عدد منهم».

وتحذر المؤسسة من «استمرار محاولة المساس بحياة المتظاهرين وتعريضهم للترويع والإرهاب المسلح وحجز الحرية بالمخالفة للقانون»، وانتهت إلى أنه «في جميع الأحوال لا يجب استخدام الأسلحة النارية، بشكلٍ عشوائي، لتفريق المعتصمين السلميين».

وتستعين جبهتا شرق ليبيا وغربها بآلاف من عناصر «المرتزقة السوريين» المواليين لتركيا، وآخرين مدعومين من روسيا، وذلك منذ وقف الحرب على العاصمة طرابلس في يونيو (حزيران) 2020، إلى جانب 10 قواعد عسكرية أجنبية، بحسب «معهد الولايات المتحدة للسلام».

وسبق أن هتف مواطنون للقذافي، وذلك إثر خروج جمهور كرة القدم الليبية من «استاد طرابلس الدولي» بعد هزيمة المنتخب أمام نظيره البنيني في تصفيات التأهل لـ«أمم أفريقيا».