نازحون سودانيون بلا مأوى بعد إجلائهم من مدارس لاستئناف التعليم

طفلة نازحة تحمل شقيقها (وكالة أنباء العالم العربي)
طفلة نازحة تحمل شقيقها (وكالة أنباء العالم العربي)
TT

نازحون سودانيون بلا مأوى بعد إجلائهم من مدارس لاستئناف التعليم

طفلة نازحة تحمل شقيقها (وكالة أنباء العالم العربي)
طفلة نازحة تحمل شقيقها (وكالة أنباء العالم العربي)

تستظلّ النازحة السودانية أميمة بدر الدين وأطفالها الثلاثة بشجرة في أحد شوارع مدينة عطبرة في ولاية نهر النيل شمال البلاد، بعد أن أخلت السلطات مدارس كان النازحون حوّلوها مراكز إيواء.

كان هدف السلطات من عملية الإخلاء، هو استئناف الدراسة في الولاية؛ لكن أميمة، التي نزحت مع عائلتها من مدينة أم درمان في الأشهر الأولى للحرب المستمرة منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023 بين «قوات الدعم السريع» والجيش، لا تدري إلى أين تذهب بعد إجلائها بالقوّة من المدرسة التي كانت تؤويها.

طفل نازح (وكالة أنباء العالم العربي)

تقول أميمة: «ألقونا في الشوارع دون توفير مأوى بديل؛ أنا وأطفالي الآن بلا ماء وطعام، نقضي اليوم كلّه تحت الشمس»، مشيرة إلى أن منطقتها ما زالت تشهد معارك بين الجيش و«الدعم السريع».

وكانت معظم المدارس في الولايات الآمنة نسبياً شمال البلاد وشرقها، قد تحوّلت دور إيواء لآلاف النازحين، مع توقّف العمليّة التعليميّة وتصاعد موجة النزوح من العاصمة الخرطوم والجزيرة وسط البلاد والمدن الأخرى التي تشهد نزاعاً مسلحاً.

وأصدرت وزارة التربية والتعليم السودانية قراراً باستئناف الدراسة في جميع الولايات السودانية التي يسيطر عليها الجيش شمال البلاد وشرقها؛ لكنّ القرار لم يُنفّذ إلا في ولاية البحر الأحمر شرق البلاد منتصف أبريل الماضي.

ومنذ أواخر ذاك الشهر، بدأت قوات الأمن إجلاء نازحين عن مدارس في الولايات الآمنة نسبياً الواقعة تحت سيطرة الجيش.

من مخيمات اللجوء (وكالة أنباء العالم العربي)

وقالت: «لجان مقاومة عطبرة»، التي تضم متطوّعين، في بيان، إن السلطات رحّلت النازحين الذين كانوا يقيمون في إحدى المدارس الداخليّة إلى قرية نائية، حيث صُدموا بواقع مأساوي في عدم توفّر ماء أو كهرباء أو مركز صحيّ؛ مما اضطرهم للعودة إلى المدينة.

ووفقاً لذلك البيان، فإنّ النازحين افترشوا الأرض بجوار أمتعتهم في ميدان مجاور للمدرسة الداخليّة؛ ما جعل الشرطة تُطلق عليهم قنابل غاز مسيل للدموع من أجل تفريقهم.

وأبلغ نازحون «وكالة أنباء العالم العربي» بأنّ أكثر من 35 أسرة في مدينة عطبرة، التّي تضمّ 95 مركزاً لإيواء النازحين موزعة في عدد من المواقع، بينها 39 مدرسة تضررت من قرار إخلاء المدارس. ويقيم هؤلاء في طرق المدينة تحت الأشجار.

النازح عبد المعز محمد قال بدوره، إنّه أُبلِغ بقرار الإخلاء شفاهيّاً قبل يوم واحد من تنفيذه، معتبراً أن القرار «جائر ويفاقم معاناة عشرات الأسر التي فقدت كل شيء».

أضاف: «المدرسة التي كنّا نُقيم فيها كانت مكاناً آمناً، رغم افتقارها لأدنى مقومات الحياة... انتقلنا إلى قطعة أرض مسوّرة، ونصبنا عليها خياماً من الأدوات البلديّة، وننتظر مصيرنا».

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من ستة ملايين شخص نزحوا داخلياً في السودان، في حين فرّ ما يقرب من مليوني شخص إلى البلدان المجاورة؛ ووفقاً لمنظمة «يونيسيف»، فإن نحو 19 مليون طفل في السودان ليسوا في المدارس.

أطفال لاجئون في أحد المخيمات (وكالة أنباء العالم العربي)

واعتبر سامي الباقر، المتحدث باسم لجنة المعلمين السودانيين، استئناف العمليّة التعليميّة في السودان خلال هذه الفترة الصعبة «أمراً في غاية الأهمية». لكنّه اشترط أن تتبنى الدولة سياسة عادلة وشاملة تجاه الطلّاب في كلّ المُدن السودانيّة.

وقال الباقر في حديث لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، إنّ استمرار الصراع في عدد من الولايات في إقليم دارفور وكردفان والجزيرة والخرطوم يتسبّب في حرمان الكثير من التلاميذ من التعليم.

كما أشار، إلى أنّ توقف صرف مرتبات أكثر من 350 ألف عامل في قطاع التعليم منذ بداية الحرب ما «يجعلهم غير قادرين على أداء مهامهم، خصوصاً وأن معظمهم إما نازحون داخلياً أو لاجئون في دول الجوار؛ كما أنّ معينات العمليّة التعليميّة منعدمة وغير مدرجة ضمن اهتمامات وزارة المالية وحكام الولايات».

أطفال السودان ضحايا الحرب (وكالة أنباء العالم العربي)

واتفق مصدر في وزارة التربية والتعليم السودانية مع المتحدث باسم لجنة المعلّمين السودانييّن في أنّ هناك تحديات كبيرة تُواجه استئناف العام الدراسي، أهمها عدم سداد متأخّرات رواتب المعلّمين لقرابة العام.

وقال المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه: «هناك نقص كبير في الكتب التي لم تُطبع حتى الآن، خصوصاً كتب المرحلة المتوسّطة، فضلاً عن أنّ عدداً من الولايات لا يُمكن الوصول إليها، مثل ولايات إقليم دارفور، وسنّار، والقضارف، والنيل الأبيض، والنيل الأزرق، والخرطوم وولايات كردفان».


مقالات ذات صلة

«فسيفساء جبهات القتال المتغيرة» في السودان

شمال افريقيا إيمان وأيمن التوأمان داخل وحدة سوء التغذية بمستشفى الأطفال بأم درمان (نيويورك تايمز)

«فسيفساء جبهات القتال المتغيرة» في السودان

ديكلان والش، كبير مراسلي صحيفة «نيويورك تايمز» في أفريقيا، يكتب من السودان... بلد لم يتمكن سوى عدد قليل من الصحافيين من الدخول إليه وسط حرب أهلية.

ديكلان والش (نيروبي)
شمال افريقيا رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

في الوقت الذي يتجه فيه السودان صوب المجاعة، يمنع جيشه شاحنات الأمم المتحدة من جلب كميات هائلة من الغذاء إلى البلاد عبر معبر «أدري» الحدودي الحيوي مع تشاد.

ديكلان والش (نيويورك)
شمال افريقيا قائد الجيش البرهان وقائد «الدعم السريع» حميدتي خلال إحدى المناسبات السابقة على الحرب (أرشيفية)

حملات «إسفيرية» وشعبية لحث الجيش السوداني على التفاوض

علت الأصوات المطالبة بوقف الحرب وإحلال السلام في السودان، متحديةً التضييق الذي تفرضه الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن وحلفاؤهما ضد كل من ينادي بـ«لا للحرب».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

«الخارجية السودانية»: ندرس المبادرة الأميركية لوقف إطلاق النار

تقتصر المحادثات بين طرفي القتال في السودان؛ الجيش و«الدعم السريع»، على بحث وقف إطلاق النار والعنف في جميع أنحاء البلاد، لتمكين وصول المساعدات.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا مسلّحون من «الدعم السريع» في سنار (مواقع التواصل)

«الدعم السريع» يعلن الاستيلاء على السوكي وإحكام الحصار على سنار

تعد مدنية السوكي واحدة من مدن ولاية سنار الاستراتيجية وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق وتبعد عن العاصمة الخرطوم بنحو 300 كيلومتر.

أحمد يونس (كمبالا)

تركيا: تحييد 4 «إرهابيين» مطلوبين جنوب شرقي البلاد

عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)
TT

تركيا: تحييد 4 «إرهابيين» مطلوبين جنوب شرقي البلاد

عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)

أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي قايا، السبت، تحييد 4 «إرهابيين» مطلوبين في عملية ضد تنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) «الإرهابي» في ريف ولاية سيرت، جنوب شرقي البلاد، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية.

وذكر يرلي قايا في بيان أن «الإرهابيين الأربعة شاركوا في 9 عمليات إرهابية» استشهد فيها 6 حراس أمن و5 مواطنين مدنيين، وأصيب 6 حراس أمن، و11 مواطناً مدنياً بجروح، حسب وكالة «الأناضول» التركية للأنباء.

وتستخدم تركيا كلمة تحييد للإشارة إلى المسلحين، الذين يتم قتلهم أو أسرهم أو إصابتهم من جانب القوات التركية.

ويشن الجيش التركي أيضاً عمليات عسكرية في شمال سوريا والعراق ضد حزب العمال الكردستاني «بي كيه كيه». ووفقاً لبيانات تركية، فقد تسبب «بي كيه كيه» في مقتل حوالي 40 ألف شخص (مدنيون وعسكريون) خلال أنشطته الانفصالية المستمرة منذ ثمانينات القرن الماضي.

وقالت وزارة الدفاع التركية في بيان: «بموجب حقنا في الدفاع عن النفس (...)، تم تنفيذ عمليات جوية ضد أهداف إرهابية في شمال العراق في مناطق كارا وقنديل وأسوس». وأوضح الجيش التركي، الذي ينفذ غارات في المنطقة بانتظام، أنه ضرب 25 هدفاً، «من بينها كهوف ومخابئ وملاجئ ومستودعات ومنشآت» لحزب العمال الكردستاني، الذي يشن حرب عصابات ضد السلطات التركية منذ عام 1984، وتصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة «إرهابية».

ووصف مصدر أمني في شمال العراق هذه الضربات بأنها «مكثفة». ووفق كمران عثمان، عضو منظمة فرق صناع السلام المجتمعية ومقرها في كردستان العراق، فقد استمرت الغارات نحو 45 دقيقة، ولم يتم تسجيل أي إصابات بين المدنيين، حسب المصدر الذي تحدث عن أضرار في الأراضي الزراعية.