«الحركة الشعبية» تطالب بوقف شامل للعدائيات وترفض اتفاقاً جزئياً يسعى له الجيش السوداني

نائب القائد العام للجيش الفريق أول شمس الدين كباشي (يمين) ورئيس «الحركة الشعبية» عبد العزيز آدم الحلو (يسار) في جوبا بحضور توت قلواك مستشار الرئيس سلفا كير (أرشيفية - وكالة الأنباء السودانية)
نائب القائد العام للجيش الفريق أول شمس الدين كباشي (يمين) ورئيس «الحركة الشعبية» عبد العزيز آدم الحلو (يسار) في جوبا بحضور توت قلواك مستشار الرئيس سلفا كير (أرشيفية - وكالة الأنباء السودانية)
TT

«الحركة الشعبية» تطالب بوقف شامل للعدائيات وترفض اتفاقاً جزئياً يسعى له الجيش السوداني

نائب القائد العام للجيش الفريق أول شمس الدين كباشي (يمين) ورئيس «الحركة الشعبية» عبد العزيز آدم الحلو (يسار) في جوبا بحضور توت قلواك مستشار الرئيس سلفا كير (أرشيفية - وكالة الأنباء السودانية)
نائب القائد العام للجيش الفريق أول شمس الدين كباشي (يمين) ورئيس «الحركة الشعبية» عبد العزيز آدم الحلو (يسار) في جوبا بحضور توت قلواك مستشار الرئيس سلفا كير (أرشيفية - وكالة الأنباء السودانية)

اشترطت «الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال» التوقيع على اتفاق وقف عدائيات شامل، يسمح بتوصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين في كافة ولايات السودان المتأثرة بالحرب، ورفضت مقترحاً من «حكومة بورتسودان» بتوقيع اتفاقية تقتصر على ولايات بعينها، وذلك ضمن التفاوض الجاري بين الطرفين في عاصمة جنوب السودان، جوبا، فيما وصف رئيس الحركة عبد العزيز آدم الحلو الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» بأنها «صراع إثني على السلطة والهيمنة في البلاد». وبدأت في جوبا، اليوم (الخميس)، جولة مفاوضات بين «الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال» برئاسة الحلو، والحكومة السودانية بوساطة من دولة جنوب السودان، اتفق عليها أثناء زيارة عضو مجلس السيادة نائب القائد العام للجيش، الفريق أول شمس الدين كباشي، في الثالث من الشهر الحالي، ونصت على توقيع اتفاق وقف عدائيات يسمح بإيصال المساعدات الإنسانية لمناطق سيطرة الحكومة والحركة في ولاية جنوب كردفان وولاية النيل الأزرق. وقال السكرتير العام للحركة الشعبية، رئيس وفدها المفاوض، عمار آمون دلدوم، في خطاب افتتاح المفاوضات التي يترأسها من الجانب السوداني وزير الدفاع، الفريق ركن ياسين إبراهيم ياسين، إن المفاوضات تستهدف توقيع وثيقة «وقف عدائيات» تسمح بتمرير المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب في ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق وغرب كردفان.

لقطة من فيديو تظهر دخاناً أسود وحريقاً في سوق مدينة أم درمان بالسودان 15 مايو 2023 (رويترز)

بيد أن أمون قال إن حركته ترى أن الجماعات والشعوب السودانية في كل من «إقليم جبال النوبة، وإقليم الفونج الجديد، وولايات دارفور وكردفان والجزيرة والخرطوم»، تحتاج للمساعدات الإنسانية العاجلة، لإنقاذ حياة سكانها وصيانة كرامتهم الإنسانية. وقطع بأن حركته ثابتة في موقفها المتمثل في التوصل لاتفاق يسمح بتوصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين في كافة أقاليم البلاد المتضررة من الحرب، لأنها لا تؤمن بما أسماه «تجزئة الحلول السياسية»، وقال: «لا نؤمن بمبدأ التحيز الجغرافي والجهوي في تقديم المساعدات الإنسانية، وكل متضرري الحرب الأهلية في السودان، أينما كانوا يجب أن تصلهم المساعدات الإنسانية». ويأمل الجيش السوداني الوصول لاتفاق مع «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، لاتفاق وقف عدائيات يمكّن من إيصال المساعدات الإنسانية في جنوب كردفان، وتطويره لاتفاق سياسي وعسكري، تقف بموجبه «قوات الحركة الشعبية» إلى جانبه في الحرب ضد «الدعم السريع»، وهو ما دفع، حسب محللين، الفريق أول شمس الدين كباشي للعودة إلى جوبا مرة أخرى لتذليل الصعوبات التي قد تعترض التفاوض. ويسيطر الجيش على وسط وبعض مناطق شرق ولاية جنوب كردفان والعاصمة كادوقلي، بينما تسيطر قوات «الحركة الشعبية» على الأجزاء الجنوبية منها، والمتاخمة لجنوب السودان، فيما تسيطر «قوات الدعم السريع» على الأجزاء الشمالية من الولاية، وخاضت الأطراف الثلاثة مواجهات عسكرية، بعضها ضد بعض، ما أدى لتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل حاد في الولاية.

رئيس «الحركة الشعبية» عبد العزيز آدم الحلو (موقع الحركة)

رئيس «الحركة الشعبية» عبد العزيز الحلو، قال في كلمة بمناسبة الذكرى الـ41 لتأسيس حركته، إن «الصراع الجاري منذ 15 أبريل (نيسان) 2023 بين البرهان وحميدتي لا يمثل إلا الجزء المرئي من جبل الجليد، وهو لا يعدو إلا أن يكون صراعاً إثنياً على السلطة والهيمنة في البلاد». ورأى الحلو أن الحرب مجرد «تناقض ثانوي بين قطبين اثنين من أقطاب الصراع المتعددة في البلاد»، ودعا للنظر إلى ما أسماه «مستوى أعمق للصراع، وهو الجاري منذ 1956 بين السودان القديم والسودان الجديد»، باعتباره التناقض الرئيس. وأكد الحلو أن وقف الحرب والمحافظة على وحدة «ما تبقى من السودان بعد انفصال الجنوب» يتطلب مخاطبة جذور الأزمة والتوصل لعقد اجتماعي يجيب على سؤال: «كيف يحكم السودان؟ وليس: من يحكم السودان؟»، وأن حركته تتمسك منذ تأسيسها في 1983 بوحدة السودان على أسس جديدة تقوم على الحرية والمساواة والعدالة. وأكد على أهمية التداول السلمي للسلطة، باعتباره أحد أعمق أسباب الصراعات والحروب والعنف في المجتمعات، وعدّه العلاج الأمثل لما أطلق عليه «فشل النُخب السياسية في إدارة التنوع والتعدد في البلاد». وتتكون «الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال» من مواطنين سودانيين، انحازوا لجنوب السودان إبان الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، وشاركوا في القتال ضد الجيش السوداني تحت راية «الحركة الشعبية لتحرير السودان» الأم، بقيادة مؤسسها جون قرنق دمبيور، وبعد انفصال جنوب السودان احتفظت بالاسم نفسه، وأضافت إليه الشمال. وفي عام 2011 وبعيد انفصال جنوب السودان بوقت قصير، دخلت «الحركة الشعبية – الشمال» في حرب مع الحكومة السودانية، بقيادة الرئيس السابق عمر البشير، إثر تملص الأخيرة من تنفيذ نص اتفاقية السلام «نيفاشا» 2005، التي أعطت ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ما اتفق على تسميته بـ«المشورة الشعبية». ومنذ ذلك الوقت، تسيطر «الحركة الشعبية» على منطقة «كاودا» الحصينة بولاية جنوب كردفان وبعض المناطق في جنوب ولاية النيل الأزرق، وتعدّها «مناطق محررة»، وظلت المنطقة تشهد بين فينة وأخرى اشتباكات بين الجيش الحكومي وقوات الحركة. وبعد سقوط نظام البشير، لم توقع «الحركة الشعبية» اتفاق سلام مع الحكومة المدنية، أسوة بحركات دارفور المسلحة، واشترطت النصّ على «سودان علماني ديمقراطي» قبل توقيع أي اتفاق بين الطرفين، بيد أنها أعلنت وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد، لكن بعد اندلاع الحرب بين الجيش و«الدعم السريع» خاضت معارك ضد كلا الطرفين في جنوب كردفان.


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
TT

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)

قضت محكمة تونسية، مساء أمس (الجمعة)، بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر في قضية تتعلق بانتقادها لهيئة الانتخابات، بحسب ما أكد محاميها نافع العريبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ومطلع أغسطس (آب) الماضي، أصدرت محكمة ابتدائية حكماً بالسجن لمدّة عامين بحقّ موسي لانتقادها أداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023.

وأصدرت المحكمة حُكمها بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد عام 2022 لمكافحة «الأخبار الكاذبة»، والذي يواجه انتقادات شديدة من المعارضة ونقابة الصحافيين. وأوقفت موسي، النائبة السابقة البالغة 49 عاماً، في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمام القصر الرئاسي في قرطاج. وأعلنت بعد ذلك ترشحها للانتخابات الرئاسية، لكن هيئة الانتخابات رفضت ملفها لعدم استكمال الوثائق وجمع تواقيع التزكيات اللازمة. وتواجه موسي تهماً خطيرة في قضايا أخرى، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة».

وجاء هذا القرار، بعد أن قال علي البجاوي، المحامي ورئيس هيئة الدفاع عن رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن وضعها الصحي في السجن «متدهور ولا يبشر بخير»، وذلك بعد أن قام بزيارتها في السجن الخميس، مشيراً إلى أنها «تعاني من ضعف وحالة إنهاك شديد».

مظاهرة نظمها مؤيدون لعبير موسي ضد المرسوم 54 الذي أصدره الرئيس سعيد (أ.ف.ب)

وتابع البجاوي موضحاً: «وزنها يتراجع بسبب النقص في التغذية، كما تعاني من أوجاع في الكتف والرقبة»، مبرزاً أن رئيسة «الحزب الدستوري الحر» أجرت تحاليل وخضعت لكشوفات طبية لم يتم الاطلاع على نتائجها بعد. وتواجه موسي، وهي من بين المعارضين الرئيسيين للرئيس الحالي قيس سعيد، تهمة «الاعتداء القصد منه تبديل هيئة الدولة»، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وتعود هذه التهمة إلى قضية «مكتب الضبط» للقصر الرئاسي، حين توجهت موسى إليه لإيداع تظلم ضد مراسيم أصدرها الرئيس قيس سعيد، وأصرت على إيداعه لدى المكتب، قبل أن يتم إيقافها من قبل الأمن وإيداعها لاحقاً السجن.

وعلى أثر ذلك، تقدمت هيئة الدفاع بطعن ضد قرار قضاة التحقيق. وقال المحامي البجاوي إنه «لا توجد جريمة، ورئيسة الحزب قدمت تظلمها وفق الإجراءات القانونية». وعلاوة على ذلك، تلاحق موسي أيضاً في قضايا أخرى، من بينها قضية قامت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتحريكها ضدها بتهمة نشر «معلومات مضللة» عن الانتخابات التشريعية لعام 2022، بعد إطاحة الرئيس سعيد بالنظام السياسي السابق في 2021، وصدر حكم ضدها بالسجن لسنتين في هذه القضية، لكن هيئة الدفاع تقدمت بطعن ضده.

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)

وخلف القضبان تقبع شخصيات معارضة أخرى، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وعصام الشابي وغازي الشواشي، المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين سبقا أن أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة قبل أن يتراجعا عن ذلك. وتنتقد المعارضة ومدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية وتونسية الرئيس التونسي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي بأكثر من 90 في المائة من الأصوات، وتتهمه بـ«التضييق على الحريات».