توترات المنطقة... هل تذيب «جليد التباينات» بين القاهرة وطهران؟

وزير الخارجية الإيراني تحدث عن «تفاهم سياسي» مع مصر

الرئيسان المصري والإيراني خلال محادثاتهما في الرياض على هامش القمة العربية - الإسلامية الطارئة (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والإيراني خلال محادثاتهما في الرياض على هامش القمة العربية - الإسلامية الطارئة (الرئاسة المصرية)
TT

توترات المنطقة... هل تذيب «جليد التباينات» بين القاهرة وطهران؟

الرئيسان المصري والإيراني خلال محادثاتهما في الرياض على هامش القمة العربية - الإسلامية الطارئة (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والإيراني خلال محادثاتهما في الرياض على هامش القمة العربية - الإسلامية الطارئة (الرئاسة المصرية)

بين مربّعي «الثقة» و«التشكيك» تأرجحت قراءات سياسية لتصريحات وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، عن «تقارب وتفاهم» مع مصر، في ظل ظرف دولي صعب يعمق هامش عزلة طهران.

وتحدث وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، لوكالة أنباء «إرنا» الرسمية، الأحد، عن رؤية استراتيجية للحوار والتعاون تشمل مصر، وقال إن لقاءات واتصالات مسؤولي البلدين تحمل مؤشراً على «تفاهم سياسي» في طريق تعزيز العلاقات الثنائية التي تتوقف عند مستوى القائم بالأعمال منذ عام 1991.

وتأتي تصريحات عبداللهيان الذي لا تنقطع اتصالاته ومشاوراته مع نظيره المصري سامح شكري، وكان آخرها قبل أسبوعين، مع مسار تقارب متدرج يسلكه البلدان، منذ أشهر.

وأعادت تصريحات عبداللهيان الاهتمام لمسار تقارب جمع القاهرة وطهران، وشهد محطات مختلفة في الفترة الماضية، بين لقاءات منخفضة المستوى، ثم قمة تاريخيّة، فاتصال هاتفي، لكن إكمال المهمة بحاجة لوضع كثير من الحبر على الورق، وفق خبراء مصريين وإيرانيين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

محمد عباس ناجي، رئيس تحرير مجلة «مختارات إيرانية»، بمركز الأهرام الاستراتيجي في مصر، يقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك نقاط تباين بين البلدين أبرزها الملف الفلسطيني الذي تعمل طهران على توظيفه بما يتوافق مع مصالحها، على عكس موقف مصر الداعم والمحوري من قبل اندلاع حرب غزة وقبل عقود».

ورغم ذلك، يتابع ناجي: «تعكس التصريحات الإيرانية المتكررة تحسناً في العلاقات بين مصر وإيران، وبدا ذلك منذ فترة في لقاءات على مستوى رئيسيْ البلدين، وأخرى وزارية، وهذا يبرز وجود نقاط اتفاق أيضاً».

وترجم البلدان مسار التقارب المتدرج عبر لقاء جمع رئيس مجلس الشورى، محمد باقر قاليباف، مع رئيس البرلمان المصري حنفي جبالي، في سبتمبر (أيلول) 2023، وجرى أول لقاء يجمع الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، بنظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، بالرياض في نوفمبر (تشرين الأول) 2023، وأعقبه بعد شهر واحد أول اتصال هاتفي يجمعهما؛ إذ خيمت قضايا غزة، وحل القضايا العالقة على المحادثات.

ويتوقع الخبير في الشؤون الإيرانية أن «تكون هناك ملفات أساسية تتمتع باهتمام خاص من البلدين الفترة المقبلة، بخلاف القضية الفلسطينية، أولها الملف الأمني بالبحر الأحمر، وإيران ليست بعيدة عنه، في ظل تصعيد حوثي ضد السفن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وثانيها، علاقات طهران مع دول الخليج، على أساس أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي».

الملفات محور الاهتمام الخاص، تفسر وفق ناجي، «مساعي تذويب التباينات، والتوافق على وضع ثوابت لبناء علاقات على مستوى أعلى، عبر لقاءات واتصالات وحديث عن خريطة طريق لوضع البلدين على مسار صحيح قائم على أفعال تدعم الاستقرار على الأرض وليس الأقوال».

الأمر أقرب للتوافق

ويقف رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، محمد محسن أبو النور، على مسافة متقاربة من ناجي، ويقول في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن «الواقع يشير إلى أن الطرق باتت ممهدة نحو تطبيع شامل للعلاقات المصرية الإيرانية مع كثافة الاتصالات واللقاءات التي لم تحدث بهذا الشكل في تاريخ علاقات البلدين من قبل، وتؤشر على وجود توافق وتقارب في ملفات عديدة».

ولا يستبعد أبو النور أن تكون التوترات بالمنطقة سبباً في دعم التقارب، قائلاً: «الجميع يريد أن يتوافق ضد قوى ما تريد أن تسيطر على الإقليم، ومصر وإيران لديهما نقاط شبه متطابقة فيما يخص الحرب الإسرائيلية على غزة».

إيران، وفق أبو النور، «تبدو حالياً مقتنعة بوجهة نظر مصر بضرورة وقف إطلاق النار في غزة دون تصعيد مع إسرائيل، أو توسيع نطاق المعركة معها بالمنطقة».

وفي الاتجاه نفسه، يؤكد أبو النور، أن «قادة إيران باتوا أيضاً مقتنعين بأن العلاقات مع مصر حالياً تخدم المصالح الاستراتيجية الإيرانية، وتخدم مصالح الشعبين، وهو ما يقرب عودة العلاقات».

معوقات

بينما يرى الكاتب الأحوازي أحمد رحمة العباسي، أن «تصريحات إيران بشأن إعادة العلاقات مع مصر رغبة قد تعرقلها أذرعها في المنطقة بما فيها الحوثيون؛ لأنها تهدد الملاحة الدولية، وتؤثر في دخل قناة السويس».

وأوضح أنه «نظراً للظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تمر بها طهران، فإنه من الممكن أن يكون لمسؤولي هذا النظام بعض التصريحات هنا وهناك، لكنها ليست استراتيجية».

كما يستبعد المحلل الإيراني، وجدان عبد الرحمن عفراوي، تحسن العلاقات بين القاهرة وطهران، وعلل ذلك بأن «إيران ليس لديها ما تقدمه للقاهرة اقتصادياً في ظل العقوبات الدولية ضدها، بينما تدعم سياسياً وعسكرياً أذرعاً مسلحة بالمنطقة».

وأضاف عفراوي لـ«الشرق الأوسط»، أن «تحركات إيران ليست عن قناعة بضرورة عودة العلاقات مع مصر، بقدر ما هي مساعٍ لتقليل الحصار الدولي المفروض عليها، والبحث عن موطئ قدم في البحر المتوسط كما تواجدت بالأحمر».

الأكثر من ذلك، أن عفراوي يرى أن مصر «تدرك ذلك، وتعلم أن نقاط التباينات كثيرة، لا سيما أن طهران تُعَدُّ سبباً في إلحاق أضرار اقتصادية بها، في ظل ما تقوم به ذراعها الحوثية في البحر الأحمر، ما أثر في قناة السويس بالسلب».


مقالات ذات صلة

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب) play-circle 01:54

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«مفوضية الانتخابات» الليبية: نسب التصويت كانت الأعلى في تاريخ «البلديات»

السايح خلال إعلان نتائج الانتخابات في 58 بلدية ليبية (مفوضية الانتخابات)
السايح خلال إعلان نتائج الانتخابات في 58 بلدية ليبية (مفوضية الانتخابات)
TT

«مفوضية الانتخابات» الليبية: نسب التصويت كانت الأعلى في تاريخ «البلديات»

السايح خلال إعلان نتائج الانتخابات في 58 بلدية ليبية (مفوضية الانتخابات)
السايح خلال إعلان نتائج الانتخابات في 58 بلدية ليبية (مفوضية الانتخابات)

أعلن عماد السايح رئيس «المفوضية العليا للانتخابات» في ليبيا، أن نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية للمجموعة الأولى، التي «تجاوزت 77.2 في المائة، هي الأعلى في تاريخ المحليات»، فيما برز خلاف جديد بين «الرئاسي» و«النواب» حول قانون المصالحة الوطنية.

وقال السايح في مؤتمر صحافي عقده الأحد بالعاصمة طرابلس، إن نسبة التصويت «هي أعلى نسبة تسجلها المفوضية حتى الآن»، مشيراً إلى أن نسبة المشاركين من الرجال في عملية التصويت بلغت 71.3 في المائة، و29 في المائة من النساء، وعد هذه الأرقام دلالة قطعية على «ارتفاع مستوى الوعي بأهمية العملية الانتخابية».

وأعلن السايح إلغاء الانتخابات في بلدية الشويرف، بسبب التعدي على أصوات الناخبين بمراكز الاقتراع، وأرجع التأخير في إعلان النتائج إلى «التدقيق»، موضحاً أن 92 حالة تطلبت المراجعة في 58 مركزاً، وهو ما استدعى زيادة ثلاثة أيام من أجل التدقيق، وليس بهدف الكشف عن التزوير، لافتاً إلى أن المرحلة الثانية من الانتخابات ستجري في 25 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وقال السايح: «نسعى لتطبيق صحيح للقانون، وأن تكون الآليات والإجراءات المتخذة تخدم مصلحة العملية الانتخابية، وليس لنا أي مصلحة في فوز طرف على طرف آخر أو قائمة على أخرى». وأضاف: «نعمل بمراحل انتقالية تخضع لها الدولة بشكل عام، ومبدأ الحياد هو الأساس في تواصلنا مع الأطراف السياسية».

صورة وزعها مكتب السايح لاجتماعه مع مبعوث ألمانيا الخاص بطرابلس

وقبل إعلان النتائج، أدرج السايح زيارة المبعوث الخاص للحكومة الألمانية كرستيان بوك، إلى مقر المفوضية بطرابلس، في «إطار دعم المجتمع الدولي للمسار الديمقراطي في ليبيا، والاطلاع على مستوى جاهزية المفوضية، لتنفيذ المرحلة الثانية من انتخابات المجالس البلدية».

ونقل السايح عن بوك: «تقدير حكومته لجهود المفوضية لإنجاح المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية»، وفق ما وصفه بـ«أعلى المعايير المعمول بها في العالم»، مجدداً «استعدادها لتقديم الدعم الفني والاستشاري مما يعزز جاهزية المفوضية لتنفيذ الاستحقاقات المرتقبة».

وكانت المفوضية، قد دعت مجدداً مرشحي الانتخابات البلدية، لتقديم تقرير مالي مفصل ومصدق من محاسب قانوني، يتضمّن إجمالي الإيرادات التي حصلوا عليها أثناء حملتهم الانتخابية والمصروفات خلال عشرة أيام من تاريخ يوم الاقتراع.

لقاء صالح بالقبة الليبية مع وفد المنطقة الغربية (مجلس النواب)

في المقابل، وبعد ساعات من إعلان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، خلال لقائه مساء السبت، بمدينة القبة، مع وفد من المنطقة الغربية، أن مجلسه سيصدر في الأيام المقبلة قانون «العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية»، طالب رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، صالح بإقرار قانون «المصالحة الوطنية» الذي أحاله في شهر فبراير (شباط) الماضي، في جلسة المجلس المزمع عقدها الاثنين.

وطالب المنفي، في رسالة وجهها مدير مكتبه إلى صالح: «بإقرار القانون دون إجراء أي تعديلات عليه في جلسة شفافة صحيحة الانعقاد»، وعدّ أن طبيعة المرحلة الانتقالية «لا تستلزم إصدار أي قوانين تمس حقوق الإنسان، أو البنية الاقتصادية والمالية للدولة»، ودعا إلى «العودة إلى الاتفاق السياسي والاحتكام إليه والتوقف عن الإجراءات الأحادية».

وكان صالح، قد أبلغ أعيان وحكماء ومكونات وأعضاء البلديات من المنطقة الغربية خلال اجتماع مساء السبت في مدينة القبة، أن تنفيذ قانون «العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية»، الذي سيصدره مجلس النواب في جلسته المقبلة، سينهي كثيراً من القضايا العالقة.

وعدّ، أن ليبيا في حاجة لنظام سياسي واقتصادي «لا يُظلم فيه أحد ولا يُقصى ولا يُهمش، وكل المدن والقرى لها الحق في التنمية والإعمار والتطوير والتحديث»، لافتاً إلى أن «الصراع السياسي لن يتوقف، فالوصول إلى السلطة مطلب الجميع المشروع».

ورأى أن «ذلك يتحقق بدستور وقوانين تحقق التداول السلمي عبر صناديق الانتخاب حتى لا يخرج الصراع عن جادة الصواب ويتحول إلى فوضى».

وقال إن «من يفرط في تراب الوطن وسيادة ليبيا التي لا تتجزأ، وكرامة أهلها، ويعمل بعقلية الغنيمة على حساب مصالح الوطن العليا، ويغلب النفع الخاص على النفع العام، ويعرقل المصالحة الوطنية ولم الشمل، فهو خائن لوطنه، وملعون على ألسنة الأنبياء والمرسلين والناس أجمعين»، مؤكداً أن «ليبيا ليست للمساومة، وهي غير قابلة للتصرف والتقسيم».

من جهة أخرى، أعلن «اللواء 444 قتال»، التابع لحكومة «الوحدة»، تمكنه من إلقاء القبض على المدعو محمد الصالحين، المطلوب لدى محكمة «الجنايات الدولية» ومكتب النائب العام، ومن أكبر المطلوبين في قضايا «المقابر الجماعية» بمدينة ترهونة، مشيراً إلى أنه متورط في تصفية 60 مواطناً في سجن ترهونة.

ولفت إلى أنه تم تسليمه إلى مكتب النائب العام، كما تعهد بمواصلة اعتقال على كل المطلوبين المتورطين فيما وصفه بـ«قضية العصر في ليبيا».

وكانت شعبة الإعلام بـ«الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، أعلنت إرسال شحنة إغاثة ومساعدات إنسانية إلى المناطق المنكوبة في إسبانيا، في إطار تقديم الدعم للمتضررين وتخفيف معاناتهم في مواجهة الظروف القاسية، التي خلفتها كارثة الفيضانات المدمرة، وأسفرت عن خسائر بشرية ومادية كبيرة.