الجيش الجزائري: القمة المغاربية تقطع الطريق أمام التدخلات الأجنبية

قائد الجيش الجزائري مستقبِلاً الرئيس تبون بوزارة الدفاع (وزارة الدفاع)
قائد الجيش الجزائري مستقبِلاً الرئيس تبون بوزارة الدفاع (وزارة الدفاع)
TT

الجيش الجزائري: القمة المغاربية تقطع الطريق أمام التدخلات الأجنبية

قائد الجيش الجزائري مستقبِلاً الرئيس تبون بوزارة الدفاع (وزارة الدفاع)
قائد الجيش الجزائري مستقبِلاً الرئيس تبون بوزارة الدفاع (وزارة الدفاع)

أكدت قيادة الجيش الجزائري أن «الاجتماعات التشاورية» التي بدأت بين الجزائر وتونس وليبيا في إطار ما سمي «قمة مغاربية مصغّرة»، تعد «خطوة مهمة على نهج التأسيس لآلية جديدة خاصة بدول المنطقة». وكانت الرئاسة الجزائرية ذكرت في وقت سابق، أن هذه الاجتماعات «ليست موجهة ضد أي أحد ولا تهدف إلى إقصاء أحد»، في إشارة إلى المغرب وموريتانيا.

ونشرت «مجلة الجيش»، لسان حال قيادة القوات المسلحة، في عدد شهر مايو (أيار) الحالي، مقالاً جاء فيه أن القمة التي جمعت في تونس، الرئيسين الجزائري عبد المجيد تبون، والتونسي قيس سعيّد، ورئيس «المجلس الرئاسي الليبي» محمد المنفي، في 22 من الشهر الماضي، «خطوة مهمة تضاف إلى الانتصارات المتتالية التي حققتها الدبلوماسية الجزائرية في الآونة الأخيرة».

وقالت إن الاجتماع «عُقد في ظرف حساس تمر به منطقتنا، وفي ظل تطورات خطيرة على الصعيد الإقليمي وأزمات دولية غير مسبوقة، تستلزم تنسيق المواقف بين دول المغرب العربي وتعزيز الجهود وتكثيف التشاور، وتعميقه لرفع التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية بفعالية، وذلك للحؤول دون التأثر بالمتغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة والعالم».

اجتماع قادة تونس والجزائر وليبيا في 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)

آلية للتشاور

ونسبت «مجلة الجيش»، الفضل في إطلاق مسار جديد لتعاون مغاربي إلى رئيس البلاد «الذي ألحّ في مناسبات عديدة على ضرورة إيجاد آلية للتشاور المنتظم والدوري، خاصة بدول شمال أفريقيا، تسعى من خلالها لبلورة حلول مناسبة للمشاكل التي تعترضها على نحو يجعل منطقتنا بمنأى عن التهديدات الحقيقية التي تحيط بها، ويعزز مقومات أمنها واستقرارها ونمائها، بما سيعود بالنفع على شعوبها».

وتم إطلاق «القمة الثلاثية المصغّرة» في نهاية فبراير (شباط) الماضي، بمناسبة اجتماع للدول المصدرة للغاز بالجزائر. وقالت الرئاسة الجزائرية يومها، إن الهدف منها «تكثيف الجهود وتوحيدها، لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية بما يعود على شعوب البلدان الثلاثة بالإيجاب»، كما قالت إن «القمة» ستُعقد مرة كل ثلاثة أشهر، في أحد البلدان الثلاثة.

وفي نهاية مارس (آذار) الماضي، صرّح تبون للصحافة بأن بلاده «لا تبحث عن إقصاء أحد»، من وراء إطلاق «القمة المغاربية المصغّرة الدورية»، مؤكداً أنها «خطوة لتأسيس كيان مغاربي هدفه التشاور، ولا يعادي أي دولة من دول المغرب العربي».

الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عُقد بتونس في 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)

ازدواجية المعايير

ومما تضمنه مقال «مجلة الجيش» أن الاجتماعات الثلاثية «ستقطع الطريق نهائياً أمام التدخلات الخارجية، وما ينجر عنها من مخاطر على دول المنطقة التي تصر على تمسكها المشروع باستقلال قرارها الوطني، وإقامة نظام دولي متعدد الأطراف وعلاقات دولية تستند لمبادئ التعاون والتضامن والعدل ومساواة جميع دول المعمورة أمام القانون الدولي، خلافاً لما هو حاصل حالياً». وأشارت المجلة إلى أن «سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير، أصبحت هي السائدة والطاغية في معالجة النزاعات على المستوى الدولي».

وفي اجتماعهم الأخير بتونس، أكد زعماء تونس والجزائر وليبيا في بيان مشترك، «الرفض التام للتدخلات الأجنبية في الشأن الليبي»، وأعلنوا عن «تنسيق الجهود لتأمين الحدود المشتركة من مخاطر وتبعات الهجرة غير النظامية، وغيرها من مظاهر الجريمة المنظمة، وتنمية المناطق الحدودية»، وإطلاق مشروعات واستثمارات كبرى في مجالات مثل «إنتاج الحبوب والعلف وتحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الأمن الغذائي للبلدان الثلاثة».


مقالات ذات صلة

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي يُبقي على وزراء الحقائب السيادية والمقربين من تبون

ذكرت «وكالة الأنباء الجزائرية» أن رئيس الوزراء محمد النذير العرباوي قدّم، اليوم الاثنين، استقالة الحكومة إلى الرئيس عبد المجيد تبون.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الخلافات السياسية تعرقل صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر

كانت الجزائر تستورد ما بين مليونين و6 ملايين طن قمح فرنسي سنوياً؛ مما جعلها من أكبر زبائن فرنسا. غير أن الكميات المستوردة انخفضت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)

مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

عطاف اتصل هاتفياً بنظيره الأميركي، وأبلغه بأن «معلوماته بشأن الحرية الدينية في الجزائر، خاطئة وغير دقيقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا لحظة مصادقة المجلس الشعبي الوطني على مشروع قانون الموازنة 2025 (البرلمان)

تعديل حكومي وشيك في الجزائر بعد المصادقة على قانون الموازنة

يتوقع مراقبون أن يكون موعد الإعلان عن التعديل الحكومي المنتظر في الجزائر منذ انتخابات السابع من سبتمبر (أيلول) 2024، أقرب من أي وقت مضى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«قانون اللاجئين» يثير جدلاً في مصر

طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)
طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)
TT

«قانون اللاجئين» يثير جدلاً في مصر

طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)
طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

أثار مشروع قانون ينظم أوضاع اللاجئين في مصر، ويناقشه مجلس النواب (البرلمان)، حالة جدل واسعة في مصر، وسط تساؤلات عن الفائدة التي ستعود على القاهرة من إقراره، وانتقادات لما نصّت عليه بنود مشروع القانون من «امتيازات وحقوق» للأجانب، عدّها البعض محاولة لـ«توطينهم»، ما يزيد من أعباء البلاد الاقتصادية.

وبينما أكّد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أهمية سن تشريع ينظّم ويقنن أوضاع اللاجئين، أرجعوا حالة الجدل بشأنه إلى «عدم التمهيد» للقانون، و«تناقض» مضمونه مع خطاب إعلامي ورسمي كان يشكو من العبء الاقتصادي لزيادة عدد اللاجئين.

وتصدرت وسوم «#قانون_اللاجئين» و«#مجلس_النواب»، «تريند» مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث شارك عدد من روّاد المنصات بنود مشروع القانون، مع تعليقات تراوحت بين الرفض والقبول، والسؤال عن جدواه في هذا التوقيت، تزامناً مع استكمال مجلس النواب مناقشاته، بعد أن وافق عليه مبدئياً قبل أيام، وأنهى، الاثنين، مناقشة 32 مادة من موادّه الـ39.

وتقدّر بيانات حكومية رسمية أعداد الأجانب الموجودين في مصر بأكثر من 9 ملايين من 133 دولة، ما بين لاجئ وطالب لجوء ومهاجر ومقيم، يمثلون 8.7 في المائة من تعداد السكان الذي تجاوز 107 ملايين نسمة.

فيما تشير بيانات «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» إلى تسجيل 818 ألف لاجئ من 60 دولة في مصر، يحتل السودانيون المرتبة الأولى بينهم بواقع 537 ألفاً و882 لاجئاً، يليهم السوريون بواقع 148 ألفاً و938 لاجئاً».

بينما تشير البيانات الأخيرة الصادرة عن حكومة مصر إلى أن أكثر من 1.2 مليون سوداني فروا إلى مصر منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023.

وعبر حسابها على موقع «إكس»، أشارت الإعلامية وعضوة مجلس النواب المصري دينا عبد الكريم إلى «أهمية التوقيت» عند مناقشة أي قانون. وقالت: «أدرك تماماً أن وقع القانون يبدو مخيفاً لبعض الناس في ظل القلق المتزايد من أعداد اللاجئين في مصر وضغطهم على الخدمات العامة»، لكنها أوضحت أن «القانون لم يأتِ بجديد سوى محلية التقييم مستنداً لما هو قائم بالفعل».

وانتقد بعض روّاد منصات التواصل الاجتماعي مشروع القانون، معربين عن مخاوفهم من أن يكون مقدمة لـ«توطين» الأجانب في مصر، أو أن يفتح الباب نحو زيادة أعداد اللاجئين بما يشكّل عبئاً إضافياً على الخدمات في البلاد، في وقت دافع فيه آخرون عن مشروع القانون.

وخشي البعض من «تحويل اللاجئ من ضيف لمستوطن»، واصفين مشروع القانون بأنه «يساوي بين اللاجئ وبين المواطن في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية».

غير أن عضو مجلس النواب المصري، محمود بدر، قال عبر حسابه على «إكس»، إن «القانون لا علاقة له بتوطين اللاجئين ومعظم مواده تأتي متوافقة تماماً مع اتفاقية اللاجئين التي وقّعت عليها مصر عام 1951». وأضاف أن القانون «يتيح حصر اللاجئين وينهي حالة الفوضى والعشوائية بشأن وجودهم».

وردّ بدر على ما يتردد بشأن منح الجنسية المصرية للاجئين، وقال: «القانون ليس له علاقة بذلك، والجنسية ينظمها تشريع آخر، واللاجئ كأي أجنبي يمكنه التقدم بطلب للحصول على الجنسية إذا انطبق عليه القانون الخاص بها».

ووفقاً لمجلس النواب، فإن القانون يأتي «في ضوء ما شهدته المنطقة من تفاقم بالأوضاع السياسية والأمنية والإنسانية في العديد من دول الجوار، ما أدى إلى تنامي موجات عديدة من النزوح وزيادة التدفقات الوافدة إلى مصر»، مشيراً إلى أن «مصر تحتل المرتبة الثالثة على مستوى العالم بين الدول الأكثر استقبالاً لطلبات لجوء جديدة عام 2023».

وأرجع مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتور عمرو الشوبكي، حالة الجدل إلى «دهشة كثيرين من سعي الحكومة لسن قانون ينظّم شؤون اللاجئين، في وقت روّج الخطاب الإعلامي والرسمي طوال الفترة الماضية لما يشكّله وجود الأجانب من عبء اقتصادي على البلاد».

وقال الشوبكي لـ«الشرق الأوسط»: «كان لا بد من التمهيد للقانون وتوضيح الأسباب التي دفعت إلى إقراره لمنع حالة الجدل والبلبلة الموجودة حالياً».

في المقابل، أكد أستاذ العلاقات الدولية ومدير «مركز دراسات الهجرة واللاجئين» في الجامعة الأميركية بالقاهرة، الدكتور إبراهيم عوض، «أهمية سن قانون ينظم وجود اللاجئين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من المفترض أن يكون لكل دولة قانون ينظم أوضاع اللاجئين وألا يتم الاعتماد فقط على المفوضية الأممية في هذا الشأن»، مشترطاً أن «يتماشى القانون مع الالتزامات الدولية في ضوء الاتفاقيات التي وقّعت عليها مصر في هذا الشأن».

ورفض عوض إطلاق اسم «امتيازات» على ما يحصل عليه اللاجئ، وقال: «لا يوجد شيء اسمه امتيازات، هناك 3 اختيارات أمام من يحمل صفة لاجئ، إما البقاء في بلد اللجوء أو العودة لبلاده، أو إعادة توطينه في دولة أخرى».

وشدّد على أن «وجود قانون للاجئين لا يعني بأي حال من الأحوال توطينهم في بلد اللجوء»، مؤكداً أن «حصر أعداد اللاجئين أمر مهم للاجئ وللدولة المضيفة في آنٍ واحد».

وقدّر رئيس مجلس الوزراء المصري، في وقت سابق، التكلفة المباشرة لاستضافة مصر ما يزيد على 9 ملايين شخص، بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً.

ويرى الشوبكي أن «مضمون مواد قانون اللاجئين بشكل عام لا ينطوي على مشكلات»، مشيراً إلى أن «حصر أعداد اللاجئين بدقة قد يسهم في زيادة الدعم الذي تحصل عليه مصر من المنظمات الدولية لتقديم الخدمات للاجئين».

وحسب مشروع القانون، «يتمتع اللاجئ فور اكتسابه هذا الوصف بحقوق منها الحق في الحصول على وثيقة سفر، وحظر رده أو إعادته قسرياً لموطنه أو بلد إقامته»، كما «يخضع اللاجئ في مسائل الأحوال الشخصية لقانون بلد موطنه أو لقانون بلد إقامته».