الجزائر: 20 سنة سجناً لنجل رئيس حكومة سابق لاتهامه بـ«الخيانة» و«بيع أسرار»

الحكم يأتي في سياق صدور قانون جديد يتضمن عقوبات صارمة

علي بن فليس خلال حملة انتخابات الرئاسة 2019 (الشرق الأوسط)
علي بن فليس خلال حملة انتخابات الرئاسة 2019 (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: 20 سنة سجناً لنجل رئيس حكومة سابق لاتهامه بـ«الخيانة» و«بيع أسرار»

علي بن فليس خلال حملة انتخابات الرئاسة 2019 (الشرق الأوسط)
علي بن فليس خلال حملة انتخابات الرئاسة 2019 (الشرق الأوسط)

نفذ القضاء الجزائري التعديلات الجديدة، الخاصة بقانون العقوبات في الأسبوع نفسه، الذي صدرت فيه على نجل رئيس الحكومة ومرشح انتخابات الرئاسة السابق، علي بن فليس، الذي أدانته محكمة الاستئناف بالعاصمة بالسجن 20 سنة مع التنفيذ، بتهم «الخيانة العظمى»، و«إقامة علاقات مع كيانات أجنبية بنية الإضرار بالمصالح الدبلوماسية والأمنية الاقتصادية للبلد، وغسل أموال».

وواجه وافق بن فليس، المحامي والابن الأكبر لبن فليس، ليل الأحد الماضي، ظرفاً عصيباً لما أخرج القاضي قرصاً مضغوطاً، يتضمن مواد مستخرجة من جواله تخص صوراً له مع مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين، ومسؤولين فرنسيين، تقول النيابة إنه «باعهم دفتر أعباء» يخص صفقة كانت الحكومة الجزائرية بصدد التحضير لها، تتعلق بشراء 15 طائرة مدنية. وعرف وافق بن فليس بإدارته مكتب دراسات بكندا، حيث يقيم منذ سنين طويلة، كما أنه يملك الجنسية الكندية.

صورة أرشيفية لاجتماع خصص لصفقة شراء 15 طائرة جرت المصادقة عليها في مجلس الوزراء (مجلس الوزراء)

وشملت الأحكام القضائية متهمين آخرين، هما نائب المدير المكلف بالتطوير بشركة الطيران الحكومية، وهو في الوقت نفسه عضو بلجنة الصفقات بالشركة (سجن سبع سنوات مع التنفيذ)، ومضيفة طيران بالشركة نفسها (سجنت 3 سنوات مع التنفيذ)، وتم اتهامهما بـ«التواطؤ في بيع أسرار مرتبطة بأمن واقتصاد البلاد»، علماً أن وافق بن فليس هو صاحب شركة نشطة في مجال الإطعام لفائدة شركة الطيران الوحيدة في البلاد، الأمر الذي يُفسر اطلاعه على المشروعات الخاصة بها؛ وفق ما ورد في ملف القضية.

ووفق التحقيقات التي أجراها قسم الشرطة المختص بـ«الإجرام الإلكتروني» في هذه القضية التي تعود إلى 2022، فقد «حصل وافق بطرق غير قانونية على معطيات تتضمنها الصفقة بغرض تسليمها إلى شركات أجنبية نشطة في مجال الطيران المدني، مقابل الحصول على أموال». وأثناء مساءلة بن فليس في المحاكمة الابتدائية التي جرت نهاية 2023، قال ممثل النيابة إنه «تسلم عمولة قدرها 50 مليون دولار مقابل تسريب هذه المعلومات». وأكد أن «الأفعال التي تورط فيها السيد بن فليس مصنفة من أسرار الدولة الحساسة، التي تطول الاقتصاد الوطني وأمن البلاد، وعقوبتها الإعدام». وتمت إدانته يومها بالسجن 15 سنة مع التنفيذ، لكن النيابة والدفاع استأنفا الحكم.

واحتج الدفاع خلال المرافعة في الدرجة الثانية من التقاضي على حديث القاضي عن «القرص المضغوط»، بحجة أنه لم يطلع على محتوياته، وشكّك في «احتمال إدراجه في الملف بعد إحالة غرفة الاتهام الملف إلى المحكمة»، ولفت محامو المتهم إلى أن المحكمة الابتدائية لم تأخذ به. أما ممثل النيابة، فتحدث عن «سفريات متكررة لبن فليس إلى مدينة القدس»، وما حملته من شبهات، حسبه، حول «لقاءات جمعته بمسؤولين في الكيان الإسرائيلي، الذين سلمهم معطيات عن صفقة شراء الطائرات».

من جهته، نفى بن فليس قطعياً وقائع «الخيانة والفساد» التي نسبت إليه، وقال للقاضي إن «كل محاضر الشرطة استندت إلى أشياء مفبركة». مؤكداً أن تنقلاته إلى القدس «كانت لتحقيق حلمي بالصلاة في المسجد الأقصى». أما عن علاقاته المفترضة بمسؤولين إسرائيليين، فقد أوضح بأنه «لا يعدو أن يكون محامياً، فبأي صفة أقيم صلات مع شخصيات أجنبية؟». كما رفض بن فليس اتهامه بـ«استخدام عائدات غسل أموال في حملة انتخابات الرئاسة 2019»، التي خاضها والده.

وزير العدل أثناء عرض تعديلات قانون العقوبات الجديد (البرلمان)

وجاءت هذه المحاكمة بعد يوم واحد من صدور قانون العقوبات الجديد، الذي ينص على سجن يصل إلى المؤبد، وأدناه 30 سنة، ضد كل شخص تثبت ضده تهمة «الخيانة الوطنية المتمثلة في تسريب معلومات، أو وثائق سرية تخص الأمن أو الدفاع الوطني أو الاقتصاد الوطني، عبر وسائل التواصل الاجتماعي لفائدة دولة أجنبية، أو أحد عملائها».


مقالات ذات صلة

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
TT

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)

للمرة الثالثة تستضيف مدينة جنيف السويسرية ما عرفت باجتماعات «المائدة المستديرة» بين القوى السياسية والمدنية السودانية، وتهدف لتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة السودانية، مواصلة للاجتماعين السابقين اللذين نسقتهما منظمة «بروميديشن» الفرنسية، في القاهرة وجنيف، وتهدف الاجتماعات لتحقيق توافق على وقف الحرب عبر التفاوض وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين.

وتشارك في الاجتماعات، التي بدأت يوم الاثنين وتستمر ليومين، كل من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، وتحالف «الكتلة الديمقراطية» الموالية للجيش، وحركات مسلحة تابعة للكتلة، مع إعلان بعض الأطراف مقاطعة هذه الاجتماعات.

وانشقت «الكتلة الديمقراطية» قبل سنوات عن تحالف «قوى الحرية والتغيير» الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بحكومة الرئيس عمر البشير.

وتتكون «الكتلة الديمقراطية» أساساً من حركات مسلحة وقوى سياسية أيدت انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي ناهضه التحالف الرئيس «الحرية والتغيير» الذي تطور بعد الحرب إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم».

وصدرت مواقف متضاربة بين أعضاء تحالف «الكتلة الديمقراطية» تراوحت بين الرفض والقبول للمشاركة في اجتماعات جنيف. وأعلن المتحدث باسم الكتلة، محمد زكريا، الذي ينتمي لـ«حركة العدل والمساواة»، اعتذار كتلته عن المشاركة، بينما

استنكر القيادي في الحزب «الاتحادي الديمقراطي» عمر خلف الله، وهو أيضاً ناطق رسمي باسم «الكتلة الديمقراطية» تصريح زكريا، قائلاً إن الموضوع لم يناقش في قيادة الكتلة، وأكد مشاركتهم في اجتماعات جنيف «من أجل رؤية تعزز المشروع الوطني».

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

تباين مواقف «الكتلة الديمقراطية»

وإزاء مواقف «الكتلة الديمقراطية»، قال قيادي في الكتلة لـ«الشرق الأوسط» إن المشاركة في اجتماعات جنيف كشفت تباينات حادة داخل الكتلة، وأن «حركة العدل والمساواة» بقيادة وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم سنت لنفسها خطاً منفرداً يمكن وصفه بـ«الانشقاق» داخل الكتلة، مضيفاً أن «رفض المشاركة يعبر عن موقف الحركة وليس موقف الكتلة».

وقال القيادي في «تقدم» والأمين السياسي لحزب «المؤتمر السوداني» شريف محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة جنيف السويسرية شهدت صباح يوم الاثنين الاجتماع الرابع لسلسلة الاجتماعات التي تنسقها «بروميديشن»، وينتهي يوم الثلاثاء، ويهدف إلى تقريب المسافات بين القوى المناهضة للحرب وتلك التي انحازت لأحد طرفي القتال، في إشارة إلى الجيش.

ووفقاً للقيادي في «تقدم»، فإن الاجتماعات تعمل على تحقيق توافق على إنهاء الحرب عبر الحلول السلمية التفاوضية، والتي تبدأ بالوصول إلى وقف العدائيات بغرض إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وفتح مسارات آمنة، باعتبارها خطوات تمهيدية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب سلمياً.

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

مشاركة واسعة

وأوضح عثمان أن طيفاً واسعاً من المدنيين يشارك في الاجتماع وعلى رأسهم قيادات تحالف القوى الديمقراطية المدنية الأكبر في البلاد «تقدم»، ويمثلها كل من رئيس حزب «المؤتمر السوداني» عمر الدقير، ورئيس حزب «التجمع الاتحادي» بابكر فيصل، ورئيس «حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي» الهادي إدريس. كما يشارك في الاجتماعات «حزب الأمة القومي»، و«الحزب الاتحادي الأصل» بقيادة جعفر الميرغني، و«التحالف الديمقراطي للعدالة» بقيادة مبارك أردول، و«حركة تحرير السودان - جناح مناوي»، ويمثلها علي ترايو، إضافة لممثلين عن حزب «المؤتمر الشعبي» الإسلامي المنشق عن حزب الرئيس المعزول عمر البشير، و«حزب الأمة – جناح مبارك الفاضل».

وتوقع عثمان توصل المجتمعين لبيان ختامي متوافق عليه بشأن قضيتي إنهاء الحرب سلمياً، ووقف عدائيات إنساني يسهل وصول المساعدات الإنسانية.

وكانت العاصمة المصرية القاهرة قد شهدت في أكتوبر (تشرين الأول) اجتماعاً مماثلاً، توصل إلى بيان ختامي وقعته القوى المشاركة، باستثناء حركة تحرير السودان – مناوي، وحركة العدل والمساواة – جبريل إبراهيم اللتين رفضتا توقيع بيان القاهرة رغم مشاركتهما في الاجتماعات.

و«بروميديشن» منظمة فرنسية مدعومة من الخارجية الفرنسية والخارجية السويسرية، ظلت تلعب أدواراً مستمرة في الشأن السوداني، وعقدت عدداً من اجتماعات المائدة المستديرة بين الفرقاء السودانيين، بدأتها منذ يونيو (حزيران) 2022 بمفاوضات بين حركات مسلحة دارفورية، ثم طورت اجتماعاتها لتشمل القوى السياسية والمدنية السودانية بعد الحرب.